القرآن هو كلام الله حقا الذي أعجز العلماء البلغاء وحير الفصحاء. وهل بعد أن سجد فحول العرب الذين كانت السيادة فيهم بالفصاحة والبلاغة. يأتي قوم أعجام ينكرون. وإنما مثلهم وما هم فيه كما قال الشاعر: كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهي قرنه الوعل عجبا! أبعد أن يعاديه أهل الفصاحة والبلاغة عداوة أدت إلي سفك الدماء. والاجتهاد في إثبات نقيصة له. فلم يتمكنوا من ذلك وعجزوا. يقوم الأعجام يثبتون نقائصه؟ إنما ذلك من فساد المزاج الذي يجعل الحلو مراً في الذوق . والجاهل يري العصا في الماء كأنها معوجة. ويري الأرض تجري أمامه وهو راكب علي القطار. فيتيقن أنه ساكن والأرض ماشية. وهكذا مريض القلب فاقد العقل المحروم من نور الحكمة يقول وهو جاهل: إني يمكنني أن أعيب عصا موسي. وأنقص يد عيسي ابن مريم عليهما السلام. وأنتقد كلام الرسول العظيم الذي بشر به كل رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم. وأعجز كلامه فصحاء العالم بأجمعه. وبلغاء بني الإنسان بأكملهم. حتي بلغ من سجود العقل له أنه لا يزال منذ أنزل علي قلبه " ونطق به لسانه صلوات الله وسلامه عليه غضا نضرا طريا. تجدد أسراره وتشرق أنواره في كل مكان وزمان. تغترف العلماء من فيضه الهاطل. ونوره المتلأليء أسرار حكم. لم تكن تظهر من قبل. وينكشف لهم دقائق علوم وغوامض فهوم وأنوار شموس. لم تكن تلوح من قبل. ولا يزال غيثا هاطلا وموردا عذبا لكل ذي قلب سليم. لا تظهر خواص الكائنات في أي زمان إلا وقد أشار إليها. ولا تخترع مخترعات في أي مكان إلا وقد نبه عنها. ولا يترقي الإنسان في مراقي الحضارة والعمران إلا وكان به الرقي. ولا يسعد الإنسان بالإنسان إلا وكانت به السعادة. يجهلون مغازي أساليب العرب ومدلول ألفاظهم. وأنواع البديع في تعبيرهم. وما يدل عليه اللفظ بالمطابقة أو بالالتزام. أو بالتضمين. بل ويجهلون مراجع الضمائر. بل ويجهلون مقامات الكلام فيما يدل علي التكلم أو علي الخطاب أو الغيبة. بل ويجهلون استعمال الفصاحة والتفنن في التعبير والتوسعة في الإفادة والبيان والتجوز بأنواعه من الكناية والمجاز والتشبيه والاستعارة. كل ذلك يجهلونه. فمن يجهل كل تلك المفاهيم والمعالم وهو عجمي الأصل بعيد عن اللغة وأهلها. كيف يدنس هذا الشرف العلي والمجد الرفيع بأن يدعي أنه يفهمه. وأنه يمكنه أن ينتقد عليه أو ينكره.. ولا حول ولا قوة إلا بالله, وللحديث بقية.