مصر تفوز بعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للفترة 2026-2028    محافظ الغربية يوجه باستمرار تقديم الخدمات وتوفير سبل الراحة لزوار عروس الدلتا خلال احتفالات المولد الأحمدي    صندوق النقد: اتفاق غزة يفتح آفاقًا لانتعاش اقتصادي إقليمي    أسقفية الخدمات عضو التحالف الوطني تُنفذ قافلة طبية للأطفال بمركز تنمية الأسرة والطفل    قائمة حديثة.. تعرف على أكثر وأقل المحافظات المصرية إنجابا    صندوق النقد: اتفاق السلام في غزة يتيح فرصة لانتعاش اقتصادي دائم    نيمار يقترب من الدوري الإيطالي مجانا    الأهلي يبدأ مفاوضات تجديد عقد حسين الشحات وينفي شائعات علاجه بالبلازما    رضا عبد العال: المنتخب مالعبش كرة من أيام حسن شحاتة.. والتأهل لكأس العالم 2026 "مش إنجاز"    إنفانتينو يشيد باتفاق وقف الحرب في غزة: كرة القدم تساهم في نشر السلام    بالأسماء.. إصابة 13 شخصًا إثر تصادم ميكروباص مع بيجو في قنا    استجابة ل«أهل مصر».. قرار جديد من تعليم قنا بعد احتجاجات أولياء الأمور: إعادة العمل بنظام "الثانوية العامة منازل"    بناء سور حول كوبرى قنطرة حواس بأسيوط بعد انقلاب تروسيكل راح ضحيته 5 تلاميذ    بعد وفاة 5 طلاب إثر انقلاب تروسيكل بمنقباد.. أهالي القرية يشيدون سورًا على نفقتهم    مكتبة مصر العامة بالأقصر تحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية للعام الثاني على التوالي    نقابة الموسيقيين: مصر راعية السلام والدرع المنيع لحماية الحق والعدالة    هل تمويل الشقة من البنك يُعد ربا؟.. "الإفتاء" توضح    بدء استقبال المواطنين للحصول على تطعيمات الأنفلونزا الموسمية بالمنوفية    وكيل صحة بنى سويف يحيل طاقم النوبتجية بمركز حضانات سدس للتحقيق    مدير مكتب تأهيل الخصوص في تزوير كروت ذوي الإعاقة: «طلعتها لناس مكنش ليهم محل إقامة عندي» (نص التحقيقات)    الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام    عضو بحزب النهضة الفرنسي: اعتراف باريس بفلسطين مهّد لتوافق أوروبي بشأن حل الدولتين(فيديو)    طريقة عمل شيبسي صحي في المنزل.. بدون أضرار    خبر في الجول - الزمالك يعتذر عن عدم المشاركة في البطولة العربية لسيدات الطائرة    في هذا الموعد.. محمد فؤاد يستعد لإحياء حفل غنائي ضخم في بغداد    «منتصف النهار» يبرز الإشادات الدولية بدور مصر في وقف الحرب على غزة    أرقام تفصيلية.. إطلاق سراح 3985 أسيرا فلسطينيا خلال صفقات التبادل    نادي أدب البادية يواصل فعالياته في بئر العبد في شمال سيناء    ميريهان حسين: «أصور فيلم جديد مع هاني سلامة.. واسمه الحارس»| خاص    عاهل الأردن يبحث تعزيز التعاون مع إيطاليا وهنغاريا وسلوفينيا خلال جولة أوروبية    تناولت مادة مجهولة.. مصرع طالبة في الصعايدة بقنا    البلوجر مونلي في التحقيقات: شاركت في لايفات سوزي الأردنية مقابل 15 ألف جنيه    وكيل شباب ورياضة الجيزة يتابع تطوير مركز شباب الديسمي لخدمة المتضررين من السيول    موقف البنك الأهلي من رحيل أسامة فيصل للقلعة الحمراء    رئيس جامعة القاهرة: إتاحة أحدث الإمكانات والمعامل لطلاب "الأهلية" لتلقي أرقى الخبرات    مكاسب مالية وحب جديد.. الأبراج الأكثر حظًا نهايات عام 2025    احتفالا بذكرى انتصارات أكتوبر.. الرقابة الإدارية تنظم ندوة حول مكافحة الفساد ببورسعيد    ب36 شخصية رفيعة.. قارة آسيا تتصدر الحاصلين على قلادة النيل    كيف تقدم نماذج الذكاء الاصطناعي أفكارًا مميتة للمستخدمين؟ دراسة تحذر من التلاعب بالأسئلة    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 يبدأ يوم 23 الشهر الجاري    دار الإفتاء توضح حكم ارتداء الأساور للرجال.. متى يكون جائزًا ومتى يُمنع؟    كامل الوزير يسلم شهادات التحقق من تقارير البصمة الكربونية ل6 شركات محلية    المرجان ب240 جنيهًا.. قائمة أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    «الصحة» تنظم يوما علميًا للتعريف بالأدلة الاسترشادية بمستشفى المطرية التعليمي    المدرب العام للمنتخب: شريف ليس في حساباتنا.. ونحتاج للاعب يخلق الفرص لنفسه    ماكرون: الأسابيع والأشهر المقبلة ستشهد هجمات إرهابية وزعزعة للاستقرار    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    عمر عبد العزيز وشيرى عادل لجنة تحكيم مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا    الحركة الوطنية: قمة شرم الشيخ نقطة تحول استراتيجية.. وتأكيد على ريادة مصر    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    إثيوبيا ترد على تصريحات الرئيس السيسي: مستعدون للانخراط في مفاوضات مسئولة    تصفيات كأس العالم - رأسية فولتماده تمنح ألمانيا الفوز على إيرلندا الشمالية وصدارة المجموعة    «اليونسكو» تكرم الدكتور نصرالدين العبيد مدير «أكساد»    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



{فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} (1): أعظم خصائص القرآن
نشر في الفجر يوم 16 - 06 - 2014

اتسم القرآن بجمعه بين أمرين عظيمين، لم يجتمعا للكتب السماوية قبله: الإعجاز والمنهجية، والسمتان تعكسان شيئاً من العظمة القرآنية:

السمة الأولى: القرآن معجزة متجددة:

القرآن الكريم هو المعجِز الخالد المتجدد الذي لا تنقضي عجائبه، وأدلة ذلك كثيرة، ومن الأدلة الإجمالية على ذلك:

الدليل الأول: قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت:41 -42).
و{عزيز} هنا تحتمل المعاني الأربعة الآتية:

المعنى الأول: غالب لمن رام تغييره أو تحريفه على ما قرره النسفي: عزيز أي: منيع الجناب محمي بحماية الله {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ} التبديل أو التناقض {مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} أي: بوجه من الوجوه.

المعنى الثاني: غالب معارضيه فلا يمكن معارضته أو الإتيان بمثله على ما قرره ابن كثير: لا يرام أن يأتي أحد بمثله.

المعنى الثالث: غالب بِالحجة لمن كذب به.

المعنى الرابع: غالب بالفضل لما سواه من الكتب من حيث إِنَّ الغلبةَ تستلزم التفضل والتفَوق، وغالبٌ لبلغاء العرب إذ أعجزهم عن معارضة سورةٍ منه، ويكون حكيماً مثل صفَة منزله، وقرر هذين المعنيين الأخيرين الطاهر بن عاشور.

ويمكن إضافة معنى خامساً وهو أنه غالب جميع الدساتير والمناهج التي يراد منها إسعاد البشر، فلا توجد السعادة إلا فيه، ولذا جعل الله القرآن العظيم مفتاح آلائه، ومصباح قلوب أوليائه، وربيعهم الذي يهيم به كل منهم في رياض برحائه، ودليل الصدق، وبرهان الحق أمام الحائر المتردد أو المبطل المرتكس في جفائه.

الدليل الثاني: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} (النساء:174):

هذه الآية عجيبة عظيمة تجمع أفانين من المعاني الفخيمة:

- فالقرآن برهان وحجة على أعدائه وخصومه من المنكرين، ونور لأتباعه من السائلين المتحيرين.

- والقرآن برهان للعقول والمفاهيم والأفكار، ونور للقلوب والعواطف والأبصار.

ولذا قال ابن كثير: "يقول تعالَى مخاطباً جمِيع الناس ومخبراً بأنه قَد جاءهم منه برهان عظيم، وهو الدليل القَاطع للعذر، والحجة المزيلة للشبهة؛ ولهذا قال: {وَأَنزلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} أَي: ضياء واضحًا على الحق، قَال ابن جريج وغيره: وهو القرآن"، فالبرهان هو الحجة الواضحة الفاصلَة، وميزة برهان القرآن أنه لم يقترن بزمان ولا مكان، بل إنه برهان على اختلاف الأعصار، وتنوع الأمصار، ولذا قال فيه البوصيري:


لم تقترن بزمانٍ وهي تخبرنا عن المعاد وعن عادٍ وعن إرم
دامت لدينا ففاقت كل معجزةٍ من النبيين إذ جاءت ولم تدم
محكماتٌ فَما تبقِين من شبهٍ لذي شقَاقٍ ولا يبغين من حكم
ما حوربت قَط إِلا عاد من حربٍ أعدى الأعادِي إليها ملقي السلم
ردت بلاغتها دعوٰى معارضها رد الغيور يد الجاني عن الحرم
لها معانٍ كموج البحر في مدد وفوق جوهره في الْحسن والقيم
فما تعد ولا تحصٰى عجائبها ولا تسام على الإكثار بالسأم
قَرت بها عين قَاريهَا فقلت له لقَد ظفرت بحبل الله فاعتصم
إن تتلها خيفَة من حر نار لظىٰ أطفأت حر لَظىٰ من وردها الشبم

الدليل الثالث: في "الصحيحين" عن أبِي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (ما من الأنبياء نبي إِلا أعطي ما مثله آمن عليه الْبشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله لَي، فَأرجو أن أكونَ أكثرهم تابعاً يوم القيامة).

قال ابن حجر في بيان الحديث لتجدد المعجزة القرآنية: "المعجزات الماضية كانت حسية تشاهد بالأبصار، كناقة صالح، وعصا موسى، ومعجزة القرآن تشاهد بالبصيرة فيكون من يتبعه لأجلها أكثر؛ لأن الذي يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهده، والذي يشاهد بعين العقل باق يشاهده كل من جاء بعد الأول مستمراً".

وبين ابن حجر سر ترتيب قوله: (فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة) على معجزة القرآن فقال: "رتَّب هذا الكلام على ما تقدم من معجزة القرآن المستمرة؛ لكثرة فائدته، وعموم نفعه، لاشتماله على الدعوة والحجة والإخبار بما سيكون، فعم نفعه من حضر ومن غاب، ومن وجد ومن سيوجد، فحسن ترتيب الرجوى المذكورة على ذلك، وهذه الرجوى قد تحققت فإنه أكثر الأنبياء تبعاً".

السمة الثانية: القرآن دستور الحياة الكونية السعيدة:

فقد أنزله الله تعالى:

1) هادياً الناس سبل السلام، ومخرجاً للعباد من الظلمات إلى النور، وهادياً إلى الصراط المستقيم في كل الأمور الحياتية {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (المائدة:16).

2) وليس يهدي فقط للأمر القويم، بل لما هو أقوم {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (الإسراء:9).

3) وجعله مبيناً متعدد الطرق في تنمية المجتمعات وتزكية الأفراد والجماعات بالخيرات والصالحات {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} (النور:34)، فالقرآن منهج دائم عاصم.

القرآن منهج دائم عاصم:

عوفيت الأمة الإسلامية مادامت متمسكة بالقرآن من أعظم دائين يبيدان الأمم، ويزيلان وجودها الحضاري:

داء الضلالة الفكرية والثقافية، وهذا داء عقلي.

وداء الهلاك والاستئصال، وهذا داء جسدي يجتاح الأفراد والأمة.

وقد يتساءل متسائل: كيف يمكن أن تعافى أمة الإسلام وهي أشد ما تكون سوءاً في حياتها، يعلو سطحها الخسار، ويرفرف في واقعها البوار، ويرى المرء البؤس في مجموعها كأنها بين الأمم بقايا دمار؟

والجواب واضح للمنصفين من أولي الألباب: سبب ذلك بعدها عن القرآن بل إن الحياة المعاصرة في الأمة الإسلامية تشهد أمراً شيطانياً كئيباً حيث تعقد مؤتمرات القمم، ومؤامرات الظالمين والظُلَم لمناقشة ممارسة مزيد من السبل والطرق لإقصاء القرآن عن سبيل بني الإنسان.

وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يبين كيف يعصم القرآن حياة المتبعين له من الداءين المذكورين، فيحكي أبو شريح الخزاعي -فيما رواه ابن أبي شيبة وابن حبان-: قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أبشروا وأبشروا. أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله)؟ قالوا: نعم، قال: (فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تضلوا، ولن تهلكوا بعده أبدا).

واهاً لهم كيف ابتعدوا عن القرآن، ثم حاولوا إبعاده عمن يريده من كل مُتعَبٍ مضنىً حيران، فأشقوا أنفسهم، وأحدثوا الجراح الغائرة في جسد أمتهم فهم يعمهون..{يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} (يس:30)..على أن ذلك لا يمكن أن يحجب نوره عن الآفاق، ونسماته الرائعة من الارتفاع والإشراق، وبيناته من إزاحة الظلمات عن القلوب الحائرة حينما كانت تغدو حزينة لا ولي لها ولا واق.. ولذا قال فيه نقولا حنا الذي أسلم بعد قراءته للقرآن:

يقولون ما آياتُه، ضلَّ سعيُهم وآياتُه - ليست تُعدّ - عِظام
كفى معجزُ الفرقان للناس آيةً علا وسما كالنجم ليس يُرام
فكلُّ بليغٍ عنده ظلّ صامتًا كأنّ على الأفواه صُرَّ كِمام
كفى نصره فرداً تعاديه أمةٌ ومن ينصر الرحمن كيف يضام
وشاء إله العرش بالناس رحمة وأن يتلاشى حقدهم وخصام
ففرق ما بين الضلالة والهدى بفرقان نور لم يَشُبْهُ قتام
أتاهم بقرآن السلام رسولُه فطاف بأرجاء البلاد سلام
كتاب هدى لا ريب فيه مشرع وللسلم والعمران فيه دِعام
مفصلةٌ آياته عربية فِصاح بها عز البيان عظام
تجاوب أصداء التلاوة في قبا فشق لها في المشرقين إمام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.