1⁄4 "لن يلدغ المؤمن من جحر مرتين" حديث عظيم لرسول الإسلام العظيم.. ولكن الدولة المصرية تلدغ من الجحر الواحد آلاف المرات. 1⁄4 ولعل حكم محكمة المنيا الثاني الذي حوّل نصف ألف من الإخوان وحلفائهم إلي فضيلة المفتي هو خير مثال علي توريط المحكمة للدولة المصرية ولدغها عشرات المرات دون اتعاظ ولا اعتبار من الطرفين. 1⁄4 فقد تمخض الحكم الأول عن لا شيء.. وسيلغي تقريبا في النقض.. فما المبرر لإحالة نصف ألف في المرة الأولي إلي المفتي ونصف ألف أخري في المرة الثانية سوي الإضرار بسمعة الحكومة والدولة والقضاء. وحصار مصر اقتصادياً وسياسياً دون مبرر. 1⁄4 لقد فجَّر الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات المنيا بتحويل أكثر من ستمائة من الإخوان. علي رأسهم د. محمد بديع وعدد من حلفاء الجماعة. إلي فضيلة المفتي الدكتور شوقي علام لاستطلاع الرأي الشرعي في إعدامهم. موجات من الجدل واللغط والإثارة ليس في مصر فحسب ولكن في العالم كله. وهذه الإحالة الجديدة تثير ضجة جديدة لم يكن لها أي داعي أو مبرر. وتخلق آثارا سلبية شديدة جدا للدولة المصرية كدولة. وللوطن المصري كوطن. وللشعب المصري كشعب. وللحركة الإسلامية التي سيتلقف بعض متطرفيها الحكم ويجعلونه مادة للتهييج والإثارة. ويستغله دعاة التكفير في صنع أجيال جديدة من أهل التكفير والتفجير. 1⁄4 لقد تمخض الحكم الأول الذي قلب الدنيا رأساً علي عقب عن الحكم بإعدام سبعة. وهؤلاء ستأتي محكمة النقض في الغالب لتنقض حكمهم وتعطيهم أحكاما أخري مخففة.. كما هو الشأن والعادة في محكمة النقض المصرية. 1⁄4 أعلم أن جريمة اقتحام قسم مطاي كانت أسوأ ما تكون. وأن قتل نائب مأموره دون ذنب جناه هو سلسلة من الجرائم المركبة. أخطرها هو القتل علي الوظيفة. وهي جريمة لم تحدث في تاريخ الإسلام. ولم يعرف هذا المعني الفقه الإسلامي أبداً.. وكونها حدثت باسم الدين تزيدها بشاعة علي بشاعتها. 1⁄4 ورغم ذلك. كان بوسع القاضي تحديد القتلة الحقيقيين لنائب المأمور والحكم عليهم بالإعدام من البداية مادام يعرفهم. مع استلهام رأي المفتي. بدلا من هذه الضجة الكبيرة التي أضرت بمصر حكومة وشعبا وقضاء. بل أضرت بمصر دوليا. 1⁄4 واليوم تتكرر المأساة بكل تفاصيلها مع عدد أكبر. بينهم مرشد الإخوان الحالي. الذي زج البعض باسمه في كل القضايا من مطروح حتي أسوان دون تدقيق قانوني ودون تعقل أو حكمة. ودون حساب للضرر السياسي والإنساني والدولي بمجرد التلميح أو التلويح بإعدامه. خاصة أن الجميع يعلم علم اليقين أن فضيلة المفتي لن يوافق علي ذلك. لأن د. بديع لم تطأ قدمه هذه البلاد. ولم يحرض علي اقتحام الأقسام أو قتل الضباط.. فضلا عن أن هذا الحكم سيُنقض في النقض. 1⁄4 وقد يتحول هذا الحكم إلي مادة لتهييج كل الدنيا وارتفاع صيحات التكفير والتفجير والثأر والانتقام والسخط واستغلال الأمر للتضييق علي مصر. ووصم القضاء المصري بأنه استفتي المفتي في أكثر من ألف شخص في شهر واحد. مع أن ثلاثة أرباع المتهمين هاربون. ولن يضاروا من الحكم الذي أعتقد أنه سيحولهم إلي قنابل موقوتة يائسة ومحبطة وراغبة في تفجير نفسها بدلا من أن تسلم نفسها طواعية للقضاء.. وهذه هي طريقة تفكير الشباب في هذه السن التي خبرناها من خلال سنوات من القراءة والرصد والمتابعة. ولا يدري أحد لماذا نحكم عليهم الآن؟.. ألم يكن من الممكن تأجيل الحكم حتي يُقبض عليهم؟ 1⁄4 إن القاضي- شاء أو أبي- هو جزء من المجتمع. لن يستطيع أن ينفك عنه. أما الذين يقولون إن المحكمة فعلت ذلك للردع. فأقول لهم: القضاء ليست مهمته الردع ولكن مهمته إقامة العدل. وإنصاف المظلوم. وإعطاء كل ذي حق حقه بتجرد تام دون النظر إلي المحكوم من حيث صفته وانتمائه ووظيفته. فقط تحقيق العدل المجرد للجميع وإعطاء الضمانات القانونية للمتهم.. بصرف النظر عن جريمته.