انتهينا في العدد السابق عند قولنا بأن شرط الإلحاق هو الاتباع. ونستكمل بتوفيق الله فنقول: لم يلحق ابن سيدنا نوح بأبيه لأنه فقدَ شرط الإلحاق والاتباع ¢ يا بني اركب معنا ولا تكن من الكافرين قال سآوي إلي جبل يعصمني من الماء ¢ فطالما فقد شرط الاتباع فإنه يفقد الأهلية. وكأن الأهلية تأتي بعد التصفية علي مرحلتين: - المرحلة الأولي: من صلح من الذرية أو علي الأقل لم يخالف ما أمر به الله ورسوله. ثم المرحلة الثانية: من صلح من العترة. هؤلاء هم أهل بيت النبي المؤهلون لحمل الأمانة وإبلاغ الرسالة. وكذلك أهل كل مهنة المؤهلون للقيام بها. يقول سبحانه وتعالي: ¢وكانوا أحق بها وأهلها ¢ ويقول سبحانه وتعالي: ¢ جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم¢ هنا يستفيد الابن من صلاح أبيه ويلحق به إذا اتبعه لأنه عندئذي يكون أهلاً لذلك. أما غير المتبع فإنه يفقد الأهلية. لا أهلية له مهما كان موقعه من الذرية. لذلك لا تحزن لو لم يكن في جيبك بطاقة من نقابة الأشراف. فهناك طريق آخر للانتساب لأهل البيت وهو طريق الإيمان. فالنبي صلي الله عليه وسلم لا يمكن أن يقصر هذا الشرف علي أعضاء هذه النقابة فربما فسق بعضهم. وربما أساءوا للذرية. كلنا أبناء آدم. وآدم نبي. فهل كل من خرج من ذريته له شرف النبوة؟ هناك مدخل آخر للحصول علي شرف الانتساب إلي أهل البيت. المدخل الإيماني الذي دخل منه سلمان الفارسي. وبلال بن رباح الحبشي. وصهيب الرومي. فقد منحهم رسول الله شرف النسب إليه رغم أنهم ليسوا من ذريته. ليسوا من ذرية السيدة فاطمة الزهراء. قال صلي الله عليه وسلم: ¢سلمان منا أهل البيت¢ وقال: ¢بلال منا أهل البيت¢ وقال : ¢صهيب منا أهل البيت¢ وقال شاعر من زمن قديم : "عليك بتقوي الله ما كنت سالماً .. ولا تترك التقوي اتكالاً علي نسب" لقد فاز بالتكريم سلمان الفارسي. وخلد في النار أبو لهب. وهو عم النبي. فلم تنفعه عمومته للنبي. وسلمان الفارسي لم يحرمه أنه ليس من ذرية النبي من شرف الانتساب إليه. يقول سبحانه وتعالي : ¢النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم¢ فإذا كان أزواج النبي أمهات المؤمنين فهذا انتساب إلي رسول الله نسباً إيمانياً. معناه أن نسبهم آلي آل رسول الله. فيسمون آل البيت. لنسبهم إلي رسول الله بالإيمان. وفي النهاية يجمع الطرفين - بالإيمان وبالذرية الصالحة - تحت مسمي واحد هو أهل البيت. لا يدخل أحد تحت هذا الشرف إلا بالإيمان واتباع رسول الله ولو كان من ذريته لقوله صلي الله عليه وسلم: ¢ من أطاعني دخل الجنة ولو كان عبداً حبشياً. ومن عصاني دخل النار ولو كان شريفاً قرشياً ¢ وبهذا الإيمان وبحب جارف ينتسب المصريون إلي أهل البيت. فهم منهم. وفي رعايتهم. ولهذا كان مقامهم الأخير ومستقرهم في مصر. وللحديث بقية.