تجمع مصر حروف اسمها الجميل وتعيد تطريزه علي أطراف منديلها المعطر بالإيمان. تكتب اسمها بالخط الكوفي العريض علي جدار التقوي. مقتبسة روح حروفه من قطرات الندي المتساقطة علي قباب ومآذن مساجد أهل البيت. فتنبت الزهور والخضرة والروعة والسماحة في قلوب الناس فيها. يأخذ الاسم من محبة أهل البيت حرف الميم. ويأخذ من صبرهم علي الشدائد التي تعرضوا لها حرف الصاد. ويأخذ من رأفتهم بالعباد العاشقين لهم حرف الراء. وفجأة يتدلي الاسم بعد أن تلصق حروفه بعضها البعض علي هذا النحو نجفة من الزمرد الأخضر في سقف العالم الإسلامي تنير قلبه وتكشف الظلام عنه وتسحب رواسب الغل من عروقه وشرايينه وتفتح أقفاله التي غلقها الشيطان بالغواية والخطيئة والمعصية. لقد تعرفت مصر علي وجهها في مقام سيدنا الحسين. وقرأت كتاب الشهادة في مقام السيدة زينب. وعرفت مزامير الاستقرار في سيرة السيدة نفيسة. وتنفست عطر الجنة في مسيرة أبنائهم وأحفادهم من أولياء الله الصالحين. وبقيت راضية مرضية بوجودهم علي أرضها دعائم وركائز. لكن. من هم أهل البيت؟ وهل الأهلية تضئ فقط بالقرابة؟. إن الاجابة عن هذا السؤال هي التي ستحدد لنا التعريف الشامل لأهل البيت. لقد سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم: يا رسول الله هل لله أهلون؟ قال: "نعم أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" فلو كانت الأهلية تعني القرابة لقال الرسول الكريم أقرباء الله وأقرباء القرآن. ويقول الله سبحانه وتعالي: "يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا" لم يقل يا أقرباء يثرب. وفي قصة سيدنا نوح يقول سبحانه وتعالي إلي سيدنا نوح: "قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين واهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن".. فلما أبي ابن نوح عليه السلام أن يركب السفينة عندما قال له له أبوه: "يا بني اركب معنا" ولما رست السفينة علي الجودي "اليابسة" قال سيدنا نوح مخاطباً ربه: "ربي إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق" قال الله تعالي: "انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح". من هنا نفهم ان للأهلية معني يسمو علي القرابة. وهي مقدمة ضرورية ونحن نعرف من هم أهل بيت النبي صلي الله عليه وسلم. إن كل من ينتسب إلي النبي صلي الله عليه وسلم عت طريق القرابة من ذرية السيدة فاطمة الزهراء "ابنته" يسمون ذرية. ولا يسمون أهل. ومن صلح من الذرية يسمي العترة لقوله صلي الله عليه وسلم: "وعترتي أهل بيتي" ومن صلح من العترة يسمي الأهل. وهم ذوو الأهلية المؤهلون للانتساب للنبي صلي الله عليه وسلم نسباً إيمانياً. وهذا ليس لرسول الله فقط وإنما لكل المؤمنين لقوله سبحانه وتعالي: ""والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ"". إذن شرط الإلحاق هو الاتباع. وللحديث بقية.