روي الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: لما نزلت هذه الآية: "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي" إلي آخر الآية جلس ثابت بن قيس في بيته وقال: أنا من أهل النار. واحتبس عن النبي صلي الله عليه وسلم. فسأل النبي صلي الله عليه وسلم سعد بن معاذ. فقال: يا أبا عمرو. ما شأن ثابت اشتكي؟ قال سعد: إنه لجاري. وما علمت له بشكوي. قال: فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله صلي الله عليه وسلم. فقال ثابت: أنزلت هذه الآية. ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا علي رسول الله صلي الله عليه وسلم. فأنا من أهل النار. فذكر ذلك سعد للنبي صلي الله عليه وسلم فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: بل هو من أهل الجنة. *** وسيدنا ثابت بن قيس بن شماس بن زهير. الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه هو خطيب الأنصار. وخطيب رسول الله صلي الله عليه وسلم المبشر بالجنة. روي الترمذي بإسناد صحيح أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "نعم الرجل ثابت بن قيس" كان رضي الله عنه إذا تحدث وجد الحاضرون لصوته قوة بلا حدة ولا تعمد ولكنها فطرة. كان في غاية الأدب في مجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم. يوقر مجلسه. ولا يتعمد رفع صوته. وكانت آيات القرآن تقع من قلبه وعقله كل موقع. فتؤثر فيه. ويعي ما تهدف إليه. عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم افتقد ثابت ابن قيس. فقال: من يعلم لي علمه؟ فقال رجل: أنا يارسول الله. فذهب فوجده في منزله جالسا منكسا رأسه. فقال: ما شأنك؟ قال: شر. كنت أرفع صوتي فوق صوت رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد حبط عملي. وأنا من أهل النار. فرجع الي رسول الله فأعلمه. قال موسي بن أنس. فرجع اليه والله في المرة الأخيرة ببشارة عظيم. فقال: اذهب فقل له: لست من أهل النار ولكنك من أهل الجنة. وعن أنس رضي الله عنه قال: خطب ثابت بن قيس مقدم رسول الله صلي الله عليه وسلم المدينة فقال: نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا فما لنا؟ قال: الجنة. قالوا: رضينا والمعني نفتديك بأنفسنا وأهلينا وندافع عنك كما ندافع عنهم. ونزود عن ساحتك وحرماتك. فرضي عنهم رسول الله صلي الله عليه وسلم وبايعوه علي ذلك. وكانوا أحق بهذا العهد وأهله. وفي البخاري مختصرا والطبراني مطولا عن أنس رضي الله عنه قال: لما انكشف الناس يوم اليمامة قلت لثابت بن قيس: ألا تري يا عم. ووجدته يتحنط؟ فقال: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلي الله عليه وسلم. بئس ما عودتم أقرانكم. اللهم اني أبرأ اليك مما جاء به هؤلاء المشركون وأعتذر اليك مما صنع هؤلاء ثم قاتل حتي قتل. كان عليه درع نفيسه فمر به رجل مسلم فأخذها. فبينما رجل من المسلمين نائم اتاه ثابت في منامه. فقال: إني أوصيك بوصية. فإياك أن تقول: هذا حلم فتضيعه. إني لما قتلت. أخذ درعي فلان ومنزله في أقصي الناس وعند خبائه فرس تستن وقد كفأ علي الدرع برم. وفوقها رحل فأت خالدا فمره فليأخذها وليقل لأبي بكر ان علي من الدين كذا كذا. وفلان عتيق. فاستيقظ الرجل فأتي خالدا فأخبره فبعث إلي الدرع فأتي بها وحدث أبا بكر برؤياه فأجاز وصيته قالوا: ولا نعلم احدا أوصي بعد موته فأجيزت وصيته غير ثابت رضي الله عنه.