يقول الشيخ السبكي عن خواص الذكر ص146: ومن خواص الذكر إذا داوم المريد عليه أن يصل أثره إلي جميع الأعضاء ويظهر تصرفه في الجوارح والأعضاء فإذا وصل إلي عضو يحدث فيه ضربان مثل ضربان العروق النافضة وتكثر الاختلاجات حتي لا يبقي منه جزء من لحمه ولا من عظمه إلا ويجد فيه حركة واختلاجا وقد تقوي مع الملازمة علي الذكر حتي تصدر أصواتا وكلاما حتي يسمع العبد من جميع جوارحه وأجزائه أصواتا بل يسمع من قبله لله أسماء وأذكارا لم يسمعها قط من أحد ولا رآها في كتاب بعبارات مختلفة وألسن متتابعة لم يسمعها ملك ولا آدمي. وفي ذكر القلب والاستحضار يرد علي الذاكر أحوال يتوهم أنه يربو ويعظم حتي كأنه أكبر من كل شيء ثم يرد عليه من الحق قهر من الخوف فيرجع إلي حاله الأول. وهنا يخاف عليه من النفس والشيطان فيقصر في الذكر بالتصريح فترجع فتأخذ روزنة قلبه في الانسداد كما أخذت في الانفتاح بالتجريد حتي تنسيه بالكلية. فيكون تحت القهقري والعياذ بالله تعالي فيقع في الهلاك إذ الرجوع بعد الإقبال يوقع في شدة الأهوال: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمي" طه: 124 ومن عرف طريقا ثم أعرض عنه عذبه الله عذابا أليما وهذا أقبح من الامتناع عن الشروع إذ مثله مثل من كفر بعد أن آمن وللحديث بقية إن شاء الله تعالي.