بين الحين والآخر وفي ظني أن ذلك يتم كرد فعل يكثر الكلام حول حقيقة المهدي المنتظر. ويعلن بعض الدعاة إنكارهم لهذا الأمر ويحاولون الاستدلال علي ذلك بأدلة مختلفة. ولي في هذا الأمر توضيح موجز: أولاً: يجب ألا يكون تصرفات بعض الناس سببا في إنكار ما يثبت بالشرع وتقوم عليه الأدلة. فلا يجب علينا من إدعاءات الشيعة في المهدي المنتظر وأنه بالسرداب منذ قرون عدة. ولا إدعاء أحد في عصر من العصور أنه المهدي المنتظر. ولا يجب أن يكون هذا أو ذاك سببا في حدوث رد فعل بإنكار الأخبار بأن مهديا منتظرا سيكون في أخر الزمان وأن رسول الله صلي الله عليه وسلم أخبر بذلك. ثانيا: القول بأن أحاديث المهدي المنتظر لم ترد عند البخاري ومسلم رحمهما الله لا يعني أن الأحاديث باطلة أو مكذوبة أو ضعيفة. فإن أحدا من أهل العلم لم يخبر يوما أن ما ليس في البخاري ومسلم يعد ضعيفا أو مكذوبا. ولا البخاري أو مسلم اشترطا أن يوردا كل الصحيح. وبعض المنتقدين لما ورد حول المهدي المنتظر يكتفي بالقول في رد هذه الدعوي أن الأحاديث الخاصة به لم ترد في البخاري أو مسلم وهو قول حق ولكنه نصف الحقيقة. ثالثا: إن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر وردت عن أكثر من عشرين صحابيا منهم الإمام علي وأم سلمة وأبوداوود الخدري وابن مسعود وغيرهم عند الإمام أحمد والترمذي وأبودواود والنسائي وابن ماجة والحاكم وابن أبي شيبة وغيرهم وبعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف بل فيها من الموضوع وقد حكم أهل الصنعة علي كل حديث بما يوافق قواعد العلم. ونجد أن بعض العلماء أشار إلي تواتر الخبر منهم الإمام ابن القيم والسخاوي والسيوطي وابن حجر والبيهقي والملا علي القاري وغيرهم فكيف ندعي بعد ذلك أن هذا وهم أو خيال أو كلام باطل؟ رابعاً: إن واجب العلماء والدعاة والخطباء والأئمة تجليه الأمور بحقائقها وضوابطها في اتزان يحبط قول الغالين من أي اتجاه. فليس الانكار وسيلة لحدوث الشبهات ونشر البدع ولكن إظهار الحق هو الذي سيرشد الكثير للبعد عن الخرافات والبدع وأقوال أهل الغلو في أي أمر. خامسا: إن المنهج العلمي في الغيبيات ليس تحقيقها ولكن في أمرين: 1- الإيمان بها. 2- التعامل معها عند ظهورها بما ورد في الأحاديث والأدلة الشرعية. فليس الدعاء بتفريج كرب ما يدعي الشيعة أنه المهدي المنتظر ليس هذا الدعاء عبادة دل عليها الشرع. ولا الجلوس عند مكان يدعون أنه بداخله أو غير ذلك من أمور ليست مشروعة. وكذلك أن يظهر شخص يقول عن نفسه: انا المهدي المنتظر. سادسا: ما ورد في الأحاديث يفيد أن في زمان ما سيكون هناك عبد من عبيد الله اسمه "محمد بن عبدالله" من ولد فاطمة. من ولد العباس. من آل البيت. وأنه سيعيد للحق مكانته. يحكم بشرع الله. يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا. كما دلت في أكثرها أن في زمانه سينزل المسيح عيسي بن مريم عليه السلام وفي هذا الزمان أيضا سيقتل الدجال مدعي الألوهية. سابعا: وإنني أتساءل ماذا في أمر هذه الأحاديث مما يثير البلبلة أو الفساد أو الضلال؟ أمر ككل الأمور مثل إخبار أن الظعينة "المرأة المنفردة بدون أحد معها" تخرج من حضرموت إلي البيت لا تخشي إلا الله والذئب علي غنمها. والإخبار أن جزيرة العرب ستعود مروجا خضراء. ثامنا: إن أخطاء الناس في تأويل وتفسير الأحاديث ومحاولة ربط الأمور الغيبية بالأحداث الجارية دون فقه كهذا الذي تكلم عن السفيان وأخذ يلوي أعناق الأدلة ليجعلها لصدام حسين علاوة علي بطلان الورقة التي وجدت. أو هؤلاء الذين ادعوا أن القحطاني هو المهدي المنتظر واستباحوا الحرم. وها هو القحطاني وصدام قد ماتا ولم يتحقق العدل الذي يملأ الأرض فهذا وهم يقع فيه أناس ليسوا من أهل العلم. وأحب أن أقول: ربما اعراض العلماء عن التفسير الصحيح لهذه الغيبيات يوقع البعض في هذا الباطل وذاك التوهم. تاسعا: ومما أسعدني جدا أنه عام 1400 ه الموافق 1980م حينما حدثت فتنة القحطاني في مكةالمكرمة انبري بعض الكتاب لنفي وجود وعد بالمهدي المنتظر فما كان من العالم الجليل الشيخ ابن باز وغيره إلا أن اظهروا الحق وتكلموا أن أخطاء هؤلاء يجب ألا تؤدي إلي إنكار الثابت بالسنة. عاشرا: أدعو أصحاب الفضيلة العلماء والفقهاء والخطباء. والأئمة أن يعرفوا الناس بكل جوانب الدين. وأن الدين يلزمنا بالعمل بما بين من الواجبات مع ترك المحرمات مع توجيه الناس إلي الإيمان الحق والاخلاق الفاضلة. وحسن العلاقة بالله وكتاب الله ووجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. مع ما يلزم المسلم ليقوم بواجب الدعوة إلي الله والتجمع علي الأصول وقبول ساحة الخلاف فيما يحتمل.