رفض جدي زواج والدي من ابنة اخيه دون ابداء أي أسباب. فحلف ابي أن لا يتزوج. حتي الممات. وطال به العمر. حتي جدي مات. شاب أبي ولكن ظل قلبه شبابا ينبض قلبه بالزواج من ابنة عمه وتحقق المراد بزواجه منها بعد طول الانتظار. حتي وصل سنها مثل سنه وقالوا عنهما الناس إنه قد انتهي بهما وقت الإنجاب ولا يبقي بينهما سوي الفضل والإخلاص. ولكن خاب ظن الناس ورزقهما الله بي وغمرتهما السعادة فرحاً بقدومي. بينما تولدت معي إعاقتي وتعانق معها حزني بضعف بصري حتي تلاشي عني. حينئذ تماديت في عتابي لهما. لماذا لم تتزوجا في شبابكما بدلاً من أن تكونا سبباً في معاناتي طيلة حياتي؟ حتي الطبيبة شاركت في إيجاد حزن آخر لازمني منذ ميلادي. حينما أخذت بيدي عند ولادتي. وياليتها لم تأخذ بيدي. أخذتها بعنوة أفقدتها القوة. وظلت يدي مكانها. ولم تواكب مراحل نموي. وأصبحت يساري يميني آكل وأكتب بها وتعود عليها وعوضني الوهاب نور البصيرة فهو الله نور السموات والأرض الذي هداني ببصيرة الحكمة في كل أفعالي وأرضاني ربي بحالي ولم أتواني في شكره وبالتالي لم أشعر لحظة في نفسي بأي انتقاص. وتفوقت علي جميع قرنائي. وآتاني الله منه فضلاً وهي موهبة الصوت العزب الجميل فشدوت به بالابتهالات والأذان والصلوات وأوب معي كل من سمعني ويتسابق البعض أحياناً حتي يعانقني فلم يصبني الكبر لحظة أو امتعاض.. لكن ذات مرة نزغ الشيطان بيني وبين أضلعي كثيراً من الأوقات. ونفث في أذني مرات ومرات. وجعل يبث سمه في قلبي بين حين وآن ويقول لي: مادمت أنك مميز هكذا عن غيرك لمثل هذه الدرجة. فلماذا هيئتك هكذا.. وكذا.. وبسرعة وفي كل مرة يسبق لساني عقلي واستعيذ بالله منه وأرتل في لهفة قوله تعالي: "وقل ربي أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ربي أن يحضرون" "سورة المؤمنون الآية 98". وقوله تعالي: "قال اخسئوا فيها ولا تكملون" "المؤمنون: 108". وفي الحال اهدأ ويزداد صمودي بإيماني واستعيذ بالله من الخناس الذي لم يؤثر لحظة علي ولم يتخبطني أو ينتاب جسدي منه أي مساس. ولكن لم يبق منه إلا بقايا من شيطان إنسي وهو الذي لم يساعدني علي ابقائي علي حياتي كريماً لم أحتاج إلي غيري ويصر علي تجاهلي. بينما إلزام عليه أن يفكر في كل السبل التي يرفع بها عني معاناتي ببحث لعمل شريف لي أو أن يمهد طريق علم أتفوق به علي غيري بقدرة خالقي. حتي أفيد به من حولي وأفوز بما ادخره لي ربي في آخرتي. أنا لي حق علي كل فرد سليم بأن يعينني علي مصاعب الحياة لم تكون هذه من قبيل مساعدة بل واجب أوجبه الله علي كل مسلم. حتي ولو كنت جثة هامدة وظل قلبي يدق بدقات متباعدة فعليهم جميعاً مساعدتي. فقد قال تعالي: "ليس علي الضعفاء ولا علي المرضي ولا علي الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما علي المحسنين من سبيل والله غفور رحيم" "التوبة- 91". صبرت الصبر الجميل ولم يبق لي إلا أن أجني كل ما هو مرضي لي ومعي البرهان والدليل من كتاب ربي وسنة رسوله الرحيم الذي علمه الجليل. تذكروني وأنتم كتاب ربي فالرسول شهيد عليكم فارتقبوا يا أولوا الأشهاد. أنتم حولي وأنا بينكم أتتضرع لله ربي أن يرحم ويعفو عن كل من أهمل في حقي بالرغم أنه لا يقوي علي حساب ربي. فقال تعالي: "ليس علي الأعمي حرج ولا علي الأعرج حرج ولا علي المريض حرج. ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار. ومن يتولي يعذبه عذاباً أليماً" "الفتح- 17". وقد عاتب الله عز وجل سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في شخص أعمي وكان ذلك جلياً في قوله تعالي: "عبس وتولي أن جاءه الأعمي وما يدريك لعله يزكي أو يذكر فتنفعه الذكري" عبس. وجلست أتحدث مع نفسي وتحثني نفسي وأقول لي وترد علي هكذا: أتمني أن أكمل حياتي أنا ومن مثلي في وئام مع غيري دون أن يشعرني أني مختلف عنهم أو هم مميزون عني. بل العكس صحيح. حتي يعبرون للخير الأبدي لابد من الأخذ بيدي بقلب سليم دون أن ألوح بإعاقتي بين المارة وأعرقل سيرهم وأحرك مشاعرهم عنوة بوجودي بدعوي أنهم لا يشعرون بي لا تدفعوا وتزجوا غيري للاشمئزاز منه ومني. أنتم مثلي وأنا مثلكم لا فرق بيننا عند ربنا إلا بشرط كما قال رسولنا الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: "لا فضل أعرابي علي أعجمي إلا بالتقوي". يسروا لنا سبل العيش بعزة نفس تدفعونا أن ندعوا لكم بإكرامكم في الدارين. وعلي التوازي أنصح نفسي وغيري ممن بهم إعاقة لا تعوقهم عن أداء أي عمل أن لا يركنوا لهذه الإعاقة ويضخموا منها في كلامهم أو يبرزوها بكشف ستر الله عليهم ليشتكوا بها الخالق للمخلوق ليستدروا عطف الآخرين وما هم بباغليه بهذا الفعل. بل عليهم مهما إن ضاقت بهم الحياة فعليهم أن يهتدوا بهذه الآية الشامخة في قوله تعالي: "للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم" "البقرة- 273".