* أحد المواطنين سأل دار الافتاء عن مدي جواز الخلوة الشرعية بين المسجون وزوجته أو العكس. وهل هناك مدة معينة حددها الشرع لحرمان الزوج من زوجته؟ وما هذ المدة التي إذا ابتعد الزوج فيها عن زوجته فإنه يحق لها طلب الطلاق؟ ** فأجاب الدكتور علي جمعة محمد: سبق لدار الافتاء المصرية أن وجه إليها هذا السؤال. وصدرت الفتوي كما يلي: راعي الإسلام إشباع الحاجات المادية والروحية للحفاظ علي أمن واستقرار المجتمع. وهذا من مظاهر الوسطية والتوازن في الشريعة الغراء. كما ان شخصية العقوبة مبدأ من مبادئ الإسلام. فلا يؤخذ شخص بجريرة غيره مهما كانت القرابة. وفي ذلك يقول تعالي: "ولا تزر وازرة وزر أخري" وقد جعل الشرع الشريف لكل من الزوجين حقوقاً وواجبات تجاه الآخر. ومن هذه الحقوق المعاشرة الزوجية بمعناها الخاص. فذهب جمهور الفقاء إلي أن من حق الزوجة علي زوجها أن يعاشرها مرة في كل طهر أو شهر علي الأقل ما لم يكن عذر شرعي يحول بينه وبينها. لقوله تعالي: "فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله" "البقرة 222" وذهب الإمام الشافعي إلي أن ذلك حق له كسائر الحقوق لا يجب عليه. فإذا كان الزوج في سفر ولم يكن لديه عذر مانع من رجوعه إلي زوجته فإن الإمام أحمد ذهب الي توقيت إتيان الرجل زوجته في هذه الحالة بستة أشهر. فقد سئل: كيف يغيب الرجل عن زوجته؟ قال: ستة أشهر يكتب إليه فإن أبي أن يرجع إليها وعجزت هي عن الذهاب إليه مع محرم فرق الحاكم بينهما. وحجته في ذلك ما روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه سأل ابنته أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها: كم تصبر المرأة علي زوجها: فقالت: خمسة أشهر أو ستة أشهر. فوقت الناس في مغازيهم ستة أشهر يسيرون شهراً ويقيمون أربعة أشهر ويسيرون راجعين شهراً. وفي جميع الأحوال فإنه علي الزوج شرعاً أن يحصن زوجته ويعفها حسب حاجتها في التحصين. وفي ذلك يقول الإمام الغزالي رحمه الله: وينبغي أن يأتيها الزوج في كل أربع ليال مرة فهو أعدل. لأن عدد النساء أربعة فجاز التأخير إلي هذا الحد. وعليه أن يزيد أو ينقص حسب حاجتها في التحصن. فإن تحصينها واجب. فقه السنة 2/121. ولأهمية هذا الحق جعله الرسول صلي الله عليه وآله وسلم من الصدقات التي يثيب الله عليها. فقال: "وفي بضع أحدكم صدقة: قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر. فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر". رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه. وفي واقعة السؤال وبناء علي ما سبق: فإنه يجوز شرعاً اختلاء المسجون بزوجته وكذلك الزوجة المسجونة بزوجها لممارسة الحقوق الشرعية الخاصة بالزوجين. وذلك لأن العقوبة في الإسلام شخصية لا تتعدي الجاني إلي غيره. أما بالنسبة للسؤال عن حرمان الزوج من زوجته وهل هناك مدة حددها الشرع لذلك؟ فقد نص الفقهاء علي أن التعزيز يكون بضرب أو صفع أو حبس أو نفي أو قيام من مجلس أو كشف رأس أو تسويد وجه أو حلق رأس لمن يكرهه أو اركاب الحمار منكوساً والدوران به علي هذه الهيئة بين الناس أو تهديده بأنواع العقوبات. ولا يجوز التعزيز بحلق اللحية أو قطع طرف أو جرح. وحصرهم هذا بين اجماعهم علي عدم جواز حرمان الرجل من أهله علي سبيل التعزيز. وعلي ذلك وفي واقعة السؤال: فليس هناك ما يمنع شرعاً من إجازة التقاء المسجون بزوجته أو العكس. ومدة البعد بين الزوجين التي تبيح طلب التطليق عند تضرر الزوجة هي سنة أو ما زاد عليها طبقاً للمعمول به أمام المحاكم المصرية. وليس هناك تعزيز في الشريعة بحرمان الشخص من زوجته حيث كان ذلك خاصاً برسو الله صلي الله عليه وآله وسلم في قصة المخلفين. والأمر كله راجع الي جهة الإدارة لفعل ما تراه صالحا للمجتمع من المنع أو الاباحة. والله سبحانه وتعالي أعلم.