متي نبتعد عن التقليد الأعمي؟ متي يكون لنا الفكر الخاص بنا والذي من خلاله يمكن أن نقدم ما يتناسب معنا ومع مجتمعاتنا ويفيد هذه المجتمعات؟ وماذا تستفيد مصر ويستفيد العرب من البرامج المنقولة حرفيا من البرامج الأوروبية والتي تتناسب مع المجتمعات الغربية بعاداتها وتقاليدها ولا تتناسب معنا؟ اسئلة فرضتها مجموعة كبيرة من الاعلانات التي بشرتنا بقدوم برنامج عربي جديد بأحد القنوات العربية الكبيرة وحينما وصلنا الي ساعة الصفر لانطلاق البرنامج فوجئت ببرنامج مسخ تحت اسم arabs got talent وهو برنامج يحاكي تماما برنامج أمريكي يبحث عن المواهب في الغناء والرقص.. وبعد أن شاهدت البرنامج قلت.. من المستفيد من عرض هذا البرنامج؟ ووجدت ان المستفيدين من البرنامج هم كل من يعمل بالبرنامج أو يظهر فيه فقط وفقط لا غير.. أما المشاهد المصري والعربي فما مدي استفادته من برنامج يظهر فيه المتسابقون يغنون أو يرقصون ويظهرون فيه مواهبهم في هذا المجال.. فإذا ما حالفهم الحظ وفازوا كانت الفائدة خاصة بهم دون أي فائدة علي المشاهد وكنت أنتظرأن يكون البرنامج للمواهب في العلوم التطبيقية مثلا ومعها العلوم الاجتماعية التي تفيد المجتمع من خلال اختراعات أو ابتكارات جديدة أو أبحاث تناقش مشاكل المجتمع المصري والعربي وتضع لها الحلول للخروج من العديد من المشاكل التي نعاني منها.. ولكن للأسف ان الأفكار في الساحة الاعلامية العربية نضبت وأصبحنا نسير وراء الغرب في كل شيء فإذا ما تخلصوا علي سبيل المثال من ملابسهم حاكيناهم وتخلصنا من ملابسنا وإذا ما ألقوا بأنفسهم في البحر ألقينا بأنفسنا في البحر.. لأننا نجري دائما وراء التقاليع الغربية دون النظر الي وجه الاستفادة أو عدم الاستفادة منها.. المهم أن نقلد وهي عادة قبيحة ألصقناها بأنفسنا.. علما بأن معطياتنا الحياتية تختلف تماما عن معطيات الحياة الغربية.. ورغم ذلك فهم يقدمون برامج مسابقات في المعلومات العامة ويقدمون برامج ناجحة جدا في معاني الكلمات للشباب وكذلك في الاختراعات والابتكارات.. وتركنا هذا كله لنجيش الجيوش الاعلامية والأموال وشباب العرب من أجل برنامج عن المواهب في الغناء والرقص.. فهل بالغناء والرقص ستتقدم بلادنا؟ وهل بالغناء والرقص سندافع عن بلادنا؟ وهل بالغناء والرقص سنحل مشاكلنا الاقتصادية؟ وهل نحن في حاجة إلي مغنين وراقصين جدد؟ ان الساحة المصرية والعربية امتلأت بهذه النوعيات التي أصبحت أكبر من الهم علي القلب.. فإذا ما فتحت الحنفية وجدت إما راقصا أو راقصة أو مغنيا أو مغنية.. وأصبح هذا المجال مهنة لمن لا مهنة له.. ونحن الآن لسنا بحاجة الي أمثال هؤلاء ولكننا في حاجة ماسة الي عقول متعلمة تفكر في تطوير الحياة العملية والاجتماعية في مصر والوطن العربي.. واعتقد اننا لم نصل بعد الي الرفاهية التي تجعلنا نحذو حذو الغرب في برامجهم المرفهة جدا.