حذر العلماء المشاركون في ندوة الجمعية الشرعية من تحول ورقة الأقليات إلي وسيلة لتفتيت العالم الإسلامي ومنها ما يتم الشهر القادم مع إجراء استفتاء تقرير مصير جنوب السودان الذي يعد وسيلة لحصار مصر وبدا التخطيط له منذ أيام الاحتلال الانجليزي .. وأكدوا أن تحديد مستقبل السودان بصفة خاصة يعد جزءا من التخطيط لوضع خطة شاملة لمستقبل المنطقة العربية والإفريقية والإسلامية بصفة عامة.. وحذروا من تداعيات هذا الانفصال وما سيتبعه من مخاطر وكوارث اقتصادية وسياسية وأمنية علي دول المنطقة ومصر بصفة خاصة في بداية الندوة تحدث الدكتور محمد مختار جمعة الوكيل العلمي للجمعية فعرض لوسائل الأعداء في النيل من الأمة الإسلامية ومنها الحصار الاقتصادي والغزو الثقافي والضربات العسكرية ومنع تزويد المسلمين بالعلم والتكنولوجيا إلي جانب الحملات الإعلامية المحبطة والعمل علي تفتيت الكيانات بتقسيمها وتجزئتها حتي لا تقوم لها قائمة في مواجهة الصهيونية العالمية ومن تداعيات قرار انفصال جنوب السودان وتحويل المسلمين في الجنوب إلي رعايا دولة مسيحية بعد أن كانوا رعايا دولة مسلمة يؤدون شعائرهم بحرية في مساجدهم ومكاتبهم في ظل هذه الدولة المسلمة. فسيتم التضييق عليهم وعلي تأدية شعائرهم بل سيعزلون عن محيطهم العربي والإسلامي. ورقة الأقليات تحدث الدكتور محمد المختار المهدي الرئيس العام للجمعية الشرعية وعضو مجمع البحوث الإسلامية عن الصراع بين الحق والباطل مؤكدا أن هذا الصراع والتنازع سنة من سنن الله في كونه وهو قائم منذ بدأت الحياة علي الأرض وسيظل إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها. والقرآن الكريم يشير إلي هذا المعني في قوله تعالي "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها ا سم الله كثيرا" وقال تعالي "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيّى عَزِيزى" .وبالتالي فإن الصراع القائم في السودان ليس المحطة الأولي ولن تكون الأخيرة يستخدم الغرب ورقة الأقليات لبث الفرقة والنزاع والصراع في الدول العربية والإسلامية وأصبحت هذه وسيلتهم الجديدة لتفكيك وتجزيء هذه الدول. وأوضح أن الصهيونية العالمية كانت ولا تزال هي اليد الخفية وراء كل مشكلات وبؤر الصراع والتوتر في العالم الإسلامي لأن الصهيونية العالمية حددت أهدافها منذ زمن بعيد لتقسيم العالم الإسلامي وتفتيته لتبقي هي المهيمنة والمسيطرة علي العالم الإسلامي. ولم يعد ما تقوم به إسرائيل خفيا ويعلن قادتها نهارا جهارا عن خططهم ويأتي الكلام علي ألسنتهم صريحا حيث يقول أحد قادة إسرائيل في محاضرة ألقاها في سبتمبر 2008 وهو مسئول الأمن الداخلي السابق "دختر": السودان بموارده ومساحته الشاسعة وعدد سكانه يمكن أن يصبح دولة إقليمية قوية منافسة لمصر والعراق والسعودية. وانهي كلامه بالتأكيد أن انفصال جنوب السودان هو تهديد مباشر لأمن مصر. وأن انفصاله أيضا عبء استراتيجي كبير لأن انقسام جنوب السودان سيمثل حاجزا بين مصر وشمال السودان وبين الدول الإفريقية خاصة أن السودان بشماله وجنوبه كان يمثل امتدادًا استراتيجيا خطيرًا لمصر. ولهذا فطن الأعداء منذ اللحظة الأولي إلي أن إثارة الفتن والصراعات في السودان تعتبر المقدمة الحقيقية لزعزعة الأمن القومي المصري.. وقال الدكتور محمد عمارة عضو مجمع البحوث الإسلامية وإن ما يحدث في قضية حق جنوب السودان في تقرير مصيره والانفصال عن السودان هو خرق لمبادئ الأممالمتحدة التي تجعل حق تقرير المصير خاصًا بالدول التي كانت تحت الاستعمار وخرق أيضًا لمبادئ منظمة الوحدة الإفريقية التي تجعل حق تقرير المصير ممنوعاً لعدم تغيير الحدود التي أقرها الاستعمار.وما يحدث هو تطبيق للمعايير المزدوجة علي الدول. فالعرب والمسلمون يحرمون من حقهم في تقرير المصير وغير العرب والمسلمين يعطون حق تقرير المصير. بل وتجزأ الدول الإسلامية ويتم تقسيمها. ولهذا عمل الغرب علي إغلاق هذه البوابة أمام العروبة والإسلام. لا يبرئ الدكتور عمارة المسئولين في شمال السودان من ارتكاب خطأ كبير في التوقيع علي مبدأ الاستفتاء في اتفاقية نيفاشا ويري أن السودان أخطأ مرتين حينما قرر حق تقرير المصير بناء علي اتفاقية 1953م باستقلالهم عن مصر والآن تكرر هذا الخطأ مع انفصال الجنوبيين عن السودان. ولا يمكن إنكار الدور الصهيوني في مشكلة السودان ضمن تخطيط الاستعمار لضمان بقاء إسرائيل واستمرار سيطرتها وهيمنتها علي العالم العربي والإسلامي وينهي الدكتور عمارة من حديثه حول دور إسرائيل في التخطيط لتقسيم العالم الإسلامي بالإشارة إلي أن ما تقوم به إسرائيل مخطط وليس مؤامرة. ودور إسرائيل في جنوب السودان ودارفور معلن وصدرت فيه كتب. وما يحدث في جنوب السودان ينتظر تكراره ليست فقط في السودان ولكن في كل البلاد الإفريقية. مخاطر بالجملة واوضح المؤرخ الإسلامي الدكتور عبدالحليم عويس رئيس تحرير التبيان ان أسباب المشكلة وجذورها منذ ايام الاحتلال البريطاني كان يعمل ويخطط بذكاء لفصل جنوب السودان وفي هذا الصدد عملت السياسة البريطانية علي تقليل الوجود الشمالي في جنوب السودان. وعملت علي إضعاف الثقافة العربية والعمل علي منع انتشار الإسلام في جنوب السودان. وشجعوا الموظفين في المديريات علي تعلم اللهجات المحلية وأقاموا مدارس تبشيرية. وكان شعارهم في ذلك أن بريطانيا المسيحية لا يمكن أن تساعد في سياسة انتشار الإسلام في جنوب السودان.وكان لإهمال النظام السوداني للجنوب أثره الكبير في تفاقم المشكلة حيث تركزت السلطة والمال في منطقة الشمال وغاب العدل وتوزيع الثروات بين كل مناطق الدولة. وكشف الدكتور عويس انه إذا كان لانفصال جنوب السودان أثره ومخاطره علي مصر بصفة خاصة والعالم العربي والإسلامي بصفة عامة فإن لهذا الانفصال مخاطره وخسائره أيضا علي أمريكا وعلي جنوب السودان. لأنه بانفصال الجنوب ستصبح السودان معقلاً للقاعدة وغيرها من الطوائف وملاذًا للفارين منهم من أفغانستان وباكستان وغيرها. وبالتالي إذا كانت أمريكا قد أنفقت ثلث ثروتها في حروبها في العراق وأفغانستان فمن المتوقع أن تنفق أمريكا الثلثين الآخرين في أحراش السودان وجنوبها .كما أن انفصال السودان هو كارثة محققة علي كل جنوبي لأن القبائل تتنافس في الجنوب علي كل شيء علي الزعامة والمال.. ومحاولة تجميعهم سيكون شبه مستحيل.