سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
علي طريقة »البرلماني الصغير« و»ابني رئيس جمهورية« أطفال الثورة يشاركون!
تطوير التعليم والقضاء علي البطالة أبرز أحلامهم
»محمود« كون فريقا لتنظيف شارعه و»هند«أنشأت صفحة علي الفيس بوك لتبسيط المصطلحات السياسية
كانت ثورة يناير 2011 بمثابة الساحر العجيب الذي استطاع تفجير طاقات المصريين السياسية ويخرج رغباتهم تلك من القمقم الذي كمنت بداخله طيلة الثلاثين عاما الماضية ليخرجوا إلي الشوارع عن بكرة أبيهم لإسقاط نظام سياسي دمر أحلامهم وقهرهم ولم يكن الشباب والرجال وحدهم من نزلوا إلي الميدان بل انضمت إليهم النساء أيضا لتقف المرأة جنبا إلي جنب مع زوجها ليطالبوا بحياة كريمة لهم ولأبنائهم . الغريب أن الأطفال انضموا إلي قائمة المتظاهرين ووقفوا في اللجان الشعبية ليحموا حياتهم وحياة ذويهم طيلة أيام الثورة العصيبة كما قاموا برسم جداريات للثورة فهاهو أحد الأطفال الذي استشهد والده يوم جمعة الغضب في 28 يناير 2011 يصور والده كملاك يطير بجناحيه وهو يحمل علم مصر وتلك طفلة صممت علي المشاركة في كورال أطفال الثورة وشدت بصوتها أحلي الأنغام ودعت لمصر بسداد خطاها وتهيئة كل الخير لأبنائها. وبالطبع تغيرت أولوياتهم من مشاهدة برامج الكارتون واللعب إلي المطالبة بمستقبل كريم وحياة سعيدة كباقي أطفال العالم المتقدم وسادتهم حالة من الثقة بالنفس الشديدة شجعتهم علي خوض معترك الحياة السياسية علي الفيس بوك مثلهم مثل باقي الشعب المصري ويدشنون صفحات تحمل اسم "السياسي الصغير" يعرضون بها كل مايدور بخلجاتهم ويدعون إلي النزول للشارع للمشاركة في احتفال مصر بالذكري الثانية لثورة يناير ويتطرق بعضهم لذكر مالم يتحقق من مطالب الثورة إلي الآن وضرورة القصاص العادل للشهداء الذين لايعرفون أعدادهم الحقيقية حتي تلك اللحظة كما يطالب بعضهم بعودة البرلمان الصغير الذي اشتهر في التسعينيات من القرن الماضي وكان له دور توعوي كبير واستطاع غرس بذور الديمقراطية بين الأطفال الذين لم تتعد أعمارهم الخامسة عشر ربيعا . وقد تم تطبيق تلك الفكرة بالفعل بالاسكندرية بعد ثورة ينايرحيث قامت إحدي الجمعيات الحقوقية بتبني مبادرة البرلماني الصغير القائمة علي أسس الاختلاف الفعال والديمقراطية الحقة لتدعم أحلام الطفل في أن يكون نائبا عن دائرته ليستطيع دحض مشكلاتها والعوائق التي تقف في وجه التنمية ويحقق مايتمناه لبلدته الصغيرة. ولم تكن فكرة إعداد برلماني صغير هي أقصي مايكافأ به الطفل المصري بل وصل التفكير إلي سبل إعداده ليكون رئيس جمهورية يوما من الأيام علي غرار أطفال أمريكا والذين يتم إعدادهم لتحمل تلك المسئولية وكيف يكون قادرا علي تحمل هموم وطن بأسره فقد قامت إحدي دور الحضانة بإطلاق مبادرة أسمتها "ابني رئيس جمهورية"لتأهيل الطفل منذ سنواته الأولي لأن يكون قائدا وزعيما بتنمية مهاراته المختلفة وبناء شخصية قوية تؤهله لحمل راية وطن في يوم من الأيام بعد أن لاحظت "هنا رضوان"المشرفة علي تلك الحضانة بأنه لايوجد إلي الآن شخص مناسب لتولي منصب الرئيس علي حد قولها . "آخرساعة"رصدت مايفكر فيه هؤلاء السياسيون الصغار ومايتمنونه لبلادهم الأيام القادمة وكيفية تنمية مهاراتهم المختلفة ليكونوا قادرين علي إدارة شعب ووطن بأسره .. البداية كانت مع محمود ذلك الطفل الذي لم يتجاوز عمره العاشرة ولكنه يتميز بحدس عال وشخصية قوية تحوز إعجابك منذ اللحظات الأولي لحديثك معه، فهو يتمتع بثقافة سياسية عالية وتحليل للأحداث التي تدور حوله وقد شارك مع والديه في ثورة يناير ونزل إلي الميدان منذ اليوم الأول لها وصمم علي ألا يعود لبيته حتي نجاح تلك الثورة التي استشعر أهميتها في تحديد مستقبله القادم ورسم ملامحه. وبعد الثورة شعر أبواه بتغير تصرفاته كليا واختلاف اهتماماته عن سابقتها فأصبح يطالب بحقوقه داخل الأسرة كفرد من أفرادها وزاد سقف مطالباته حيث قام بتكوين مجموعة من أطفال العمارة التي يقطنون بها لبحث مشكلاتها وسبل حلولها وقاموا بتقسيم الأعمال عليهم بالتساوي من تنظيف لمدخل العمارة وزراعة بعض أشجار الزينة وسقي أحواض الزرع وغيرها من الأعمال الأخري والرائع أنهم طالبوا الأهل بإخلاء سطح العمارة ليكون مقر تجمعهم الأسبوعي ليناقشوا المشكلات التي واجهتهم طوال الأسبوع والتفكير بسبل حلها . وتطرقت جلساتهم هذه للحديث عما يدور بمصر وتقييمهم للشخصيات العامة التي ظهرت علي السطح وأيهم يتمتع بكاريزما سياسية تجذب الناس إليه . وإذا كان محمود قد ضرب مثلا رائعا للطفل المسئول قوي الشخصية فإن "هند"تلك الفتاة الريفية التي تعيش بإحدي قري الفيوم ويتجاوز عمرها الاثني عشر قد اهتمت هي الأخري بعقد حلقات تثقيف سياسي لقريناتها من خلال صفحتها علي الفيس بوك لتبسيط قواعد السياسة المعقدة وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم والفرق بين السلطات المختلفة بالدولة وقد نجحت تلك الفكرة حتي وصل عدد زوار صفحتها إلي مئات الزوار من الأطفال والشباب الذين وجدوا بصفحتها أسلوبا سهلا يفهمون به قواعد السياسة المعقدة بالإضافة إلي الحديث عن أمنياتهم القادمة لبلادهم من تحسين مستوي التعليم وتطبيق أحدث أساليب التكنولوجيا بالمدارس أسوة بالدول المتقدمة وتوفير فرص عمل لذويهم وضمان مستقبل أفضل لهم حتي لايكبروا هم الآخرون وينضموا لطابور العاطلين. وبعد أن استعرضنا فيما يفكر فيه أطفال مصر وملامح مستقبلهم القادم كما يتوقعونه قمنا باستعراض آراء الخبراء التربويين وأساتذة الطب النفسي عن التغيرات التي طرأت علي شخصية الطفل المصري وكيفية بناء مهاراته المختلفة ليكون قادرا علي إدارة وطن بأسره. تقول الدكتورة دعاء راجح أستاذ التربية والمستشارة التربوية:الطفل المصري يختلف عن باقي أطفال العالم من حيث قوة شخصيته وقدرته علي القيادة وقد دأب النظام البائد علي قتل كل تلك الصفات به حتي جاءت الثورة وشاهد الطفل والديه أو أقاربه ينزلون للميدان رافعين شعار التغيير وإسقاط ذلك النظام الفاشي فنزل معهم وشاهد بعضهم بأم عينيه الشهداء يتساقطون تلو الآخر وهم يهتفون بحياة بلادهم فترسخت بداخلهم فكرة حب الوطن وبذل الرخيص والغالي لأجله وزادهم فرحا بتنحي الفرعون وإقبال بلادهم علي جو يتسم بالحرية إلي حد ما وقد كانت هذه الأحداث لها عظيم الأثر في تنمية مهاراتهم وإقبالهم علي تثقيف أنفسهم وعلي القراءة بنهم وحب شديد وقد أجريت دراسة استطلاعية حول فيما يفكر به أطفال مصر بعد الثورة وعن معلوماتهم التاريخية فوجدنا نتائج مذهلة حيث إن الأطفال زادت معلوماتهم التاريخية وقاموا بإثرائها أكثر. وعن التجارب التي ظهرت لتنمية قدرات الطفل كالبرلمان الصغير وغيرها قالت:بالطبع كل تلك التجارب لها عظيم الأثر في تنمية قدرات الطفل التي تتمثل بدورها في الثقة بالنفس والقدرة علي التحدث والتعبير عن الرأي بمنتهي الوضوح والطلاقة، والنظر إلي مصلحة المجموع قبل المصلحة الشخصية، والقدرة علي الدخول في المناورات السياسية بحكمة، والاختلاط بالناس والإحساس بمشكلاتهم والتعايش معهم، وكذلك القدرة علي القيادة الجماهيرية نحو تحقيق الأهداف، والتنبؤ المستقبلي، والقدرة علي الحوار والعمل في فريق وتقبل الآخر. وبالطبع كل هذا يأتي عن طريق تشجيع الطفل من بداية حياته علي التعبير الصريح عن نفسه ورؤيته للأحداث، ويكون التشجيع بالطلب منه ومساعدته علي الاختيار اللغوي والتعبير الدقيق ومدح هذا الأمر فيه، واحترام ما يعبر عنه وعدم السخرية منه ليكون هذا الأمر مع مرور الأيام من صميم شخصيته. وتستكمل راجح قائلة:كما أن هناك بعض النشاطات التي لابد من غرسها بداخل الطفل حتي يكون سياسيا ناجحا اهمها تعويده علي مساعدة الفقراء عن طريق كل السبل المختلفة لغرس حب الوطن بداخله بالإضافة إلي تعرفه علي كل مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية بمعان ببسطة ودور كل مؤسسة منها كما لابد من تعويده علي التعبير عن آرائه بمنتهي الحرية كذلك رأيه في القضايا العامة كما لابد من الاهتمام بالانتخابات الطلابية من قبل إدارات المدارس المختلفة ليكون نموذجا مصغرا للدور البرلماني بكل شيء. يتفق معها الدكتور محمد أحمد عويضة أستاذ الطب النفسي جامعة الأزهر: لاشك أن ثورة 25 يناير جعلت الأطفال يتوحدون مع روح الثورة، حيث أصبحوا أكثر قدرة علي التعبير عن أنفسهم ورفض ما لا يريدونه ولا يرغبونه وباتوا أقل رغبة في الاستسلام للعنف المباشر أو غير المباشر من قبل الأسرة وقد أصبح شباب الثورة مثلا أعلي لهم في ذلك وفي مقابل ذلك ظهر جليا قدرتهم علي تحمل المسئولية وزاد تفاخرهم بأنهم اقتربوا من مرحلة الشباب، فأصبحوا أكثر إقبالا علي مذاكرتهم وتحصيل دروسهم، وأكثر وعيا وفهما للحياة من حولهم وأصبحوا أكثر اهتماما بالسياسة والتاريخ ومستقبل الحريات. ويؤكد الدكتور عويضة أنه قد حدث بالفعل تغيير في البيوت المصرية، فإذا كان الشباب هم الذين قادوا الثورة في الشارع، فالذي يقود التغيير الآن في البيوت المصرية هم الأطفال، وهما معا ضمانة لوجود ديمقراطية حقيقية داخل البيوت المصرية وليس في الشارع المصري فقط. ولكن من واجب الأسر المصرية ويمثلها الأب والأم (كنظام اجتماعي) لابد لها من التغيير والتشرب بروح ثورة 25 يناير وعدم مواجهة تمرد أطفالنا بالعنف، لانه لن يجدي بل سيولد عنفا مضادا سيؤدي إلي كسرهم إذا ما خرجوا عن طوعنا تماما، أو يصبحون شخصيات مشوهة عند الكبر إذا ما انصاعوا للأوامر تماما وهم لها كارهون. وحول كيفية تدعيم مهارات الأطفال يري عويضة: أن من أهم تلك السبل تعزيز قدرة الطفل علي الاطلاع وتعزيز الجوانب المعرفية عنده لتحفيزه بعد ذلك علي أخذ القرارات المصيرية فهم أصبحوا صناع القرار والاهتمام بمايسمي بالتربية السياسية منذ نعومة أظافرهم حتي يتعرفوا علي حقوقهم وواجباتهم بعد ذلك.