باريس تعلم سر وفاة الرئيس الفلسطيني إلا أنها آثرت الصمت ! وثائق جديدة تكشف سر مقتل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مسموماً.. أسرار يزاح عنها الستار وتسرد بالتفاصيل بعد ظهور أدلة جديدة توصلت إليها قناة الجزيرة القطرية بناء علي تحقيق أجرته لشهور واعتمدت فيه علي نتائج فحوصات أحد المعامل السويسرية للمتعلقات الشخصية للرئيس الراحل، التي سلمتها قرينته سهي عرفات لفريق القناة.. تقارير تظهر وملفات تفتح، بعد ثماني سنوات من وفاة أبو عمار، تثير الشكوك والتساؤلات حول توقيت كشفها وتعيد المطالبة بسرعة التحقيق في هذه القضية التي لاتزال لغزاً حتي الآن. كشف التحقيق الذي أجرته القناة طيلة تسعة أشهر العثور علي مستويات عالية من مادة البولونيوم المشع والسام في الأغراض الشخصية لعرفات التي استعملها قبل وفاته بفترة وجيزة، وجاء ذلك وفقاً لتقرير معمل بمدينة لوزان السويسرية بعد فحص عينات بيولوجية تم أخذها من فرشاة الأسنان الخاصة بالرئيس الراحل وقبعته وملابسه. وجاء أن المتعلقات كان بها بقع دماء وعرق، تم تسليمها للعاملين علي التحقيق من قبل زوجته السيدة سهي عرفات. وعندما حلل الأطباء لم يعثروا علي أثر للسموم التقليدية، ولهذا تحول اهتمامهم إلي مواد أكثر غموضاً من بينها البولونيوم وهو مادة عالية الإشعاع وسامة بحيث تكفي كمية صغيرة منه لإطلاق أشعة قاتلة، ولا يمكن إنتاجها إلا في مفاعل نووي. وبالفعل تم العثور علي مستويات عالية من البولونيوم في العينات التي تم فحصها وفقاً لأطباء المعمل. وقد استبعد الأطباء في لوزان مجموعة من الأسباب المحتملة لوفاة عرفات، بناء علي ملفه الطبي الذي سلمته سهي للجزيرة. وقال مدير المركز الجامعي للطب الشرعي باتريس مانجين إن الأمر ليس تليفا كبدياً، ولا توجد آثار لسرطان أو لوكيميا، بالنسبة للإيدز أو الفيروس المسبب له، ليست هناك أعراض لهذه الأمور، مما يعني أن التقارير الطبية حول وفاة عرفات الصادرة عام 4002 كانت مجرد شائعات غير صحيحة. وبحسب الباحثين في لوزان فإن عرفات كان بصحة جيدة إلي أن شعر فجأة بالمرض في أكتوبر 4002 وتوفي في نوفمبر في مستشفي بيرسي بباريس من نفس العام. وأشار التقرير إلي رفض الأطباء الفرنسيين تسليم عينات دم وبول للرئيس الفلسطيني الراحل، حيث أبلغ الأطباء في فرنسا زوجته بأنه تم التخلص من العينات. كما أشار التحقيق إلي أن محاولة التحدث مع عدد من الأطباء الذين عالجوا عرفات باءت بالفشل، وذلك بسبب رفضهم بحجة أنها أسرار عسكرية. وأشار أيضا إلي أن أطباء من تونس ومصر رفضوا أيضاً إجراء مقابلات معهم في التقرير. ونظرا لعدم توفر المساعدة من الجهات التي أشرفت علي معالجة عرفات، فقد قرر مدير الطب الشرعي في لوزان أنه لم يعثر علي أدلة تؤكد نظريات المؤامرة، كما أن النتائج التي توصل إليها الأطباء تعتمد علي وثائق وليس علي تحليل مباشر لعينات يمكن التوصل من خلالها إلي نتائج موثوقة. ومع ذلك، فإنه ومن أجل الجزم بأن ذلك كان سبب الوفاة ويقول الأطباء إنهم بحاجة لمزيد من التحاليل لعظام الراحل أبو عمار أو للتربة المحيطة برفاته، لذا يجب إخراج جثته، بيد أن ذلك بحاجة إلي مصادقة السلطة الفلسطينية، وكذلك مصادقة إسرائيل علي إخراج العينات من الضفة الغربية. فقد وافقت السلطة الفلسطينية علي إعادة فتح التحقيق لمعرفة أسباب وفاة الزعيم الفلسطيني، وقال صائب عريقات مساعد الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس إنه سيتم استخراج الجثة بمجرد أن تعطي السلطات الدينية موافقتها وأقارب الرئيس عرفات علي ذلك. وأضاف أن الفلسطينيين يسعون لفتح تحقيق دولي حول مقتل أبو عمار علي غرار التحقيق الذي فتحته الأممالمتحدة حول مقتل رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري. ومن ناحية أخري طالبت سهي عرفات، النائب العام الفلسطيني العمل علي إصدار أمر لاستخراج جثة زوجها لفحص مستويات البولونيوم فيها وفي التربة المحيطة بها، وذلك بهدف الوصول إلي الحقيقة كاملة، لأن ذلك حق للشعب الفلسطيني والعرب والمسلمين، وواجب عليها كزوجة وأم وشريكة لعرفات علي مدي عشرين عاماً أن يحصل ذلك. ودعا وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام إلي عقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية لتشكيل لجنة تحقيق دولية في ظروف وفاة عرفات. فعندما مات الرئيس عرفات كثر الجدل حول وفاته، لم يتمكن الفريق الطبي من تشخيص مرضه بشكل واضحٍ وصريح إلا أنه كان هناك الشك بوجود شيء غامض، كما أن تقرير المستشفي الفرنسي العسكري الذي كان يعالج فيها قبل وفاته ذكر أن حالته لا يمكن تفسرها، ووفقاً لما نشرته صحيفة لوكانا رانشيني الفرنسية عام 2005 أن معهد مقاومة الجريمة التابع للحرس الوطني الفرنسي نفي وجود مادة سامة معروفة في دم عرفات ولكنه لم ينف حالة التسمم بشكل قاطع. فظروف وفاة الزعيم الفلسطيني تبعث علي الشك والريبة، حتي إعلان نبأ وفاة أبو عمار وكأنه كان معلوم قبل أن ينفذ قضاء الله، فالتلفزيون الإسرائيلي كان أول من أعلن موته دماغياً قبل حوالي أسبوعٍ من وفاته رسمياً، ثم دخلت وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة في صراع مع التصريحات الرسمية الفلسطينية بخصوص الإعلان عن وفاته. وأعلن رئيس وزراء لوكسمبورج عن وفاة عرفات قبل إعلانها رسمياً، وعندما سُئل عن مصدره قال إنها مصادر إسرائيلية، والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش أيضاً قدم تعازيه في عرفات قبل وفاته رسمياً. ومع كل هذا ألم يكون غريباً أن يطوي الملف دون التدقيق والتحقق من أسباب الوفاة. وفي رد سريع علي ما كشفته الفضائية القطرية من أسرار جديدة حول موت أبو عمار، أعلن حسن خريشة، عضو لجنة التحقيق في مقتل الرئيس الفلسطيني لإحدي الصحف السعودية، عن تورط قيادات رفيعة المستوي في السلطة الفلسطينية في هذه العملية من خلال قيامها بإيصال مادة البلونيوم المشع إلي مقر المقاطعة برام الله أثناء حصاره من قبل الاحتلال الإسرائيلي. وأثار النائب الفلسطيني الشكوك حول توقيت الإفصاح عن مثل هذه المعلومات والهدف والسبب الحقيقي من إعلانها، خاصة أن أطرافاً كثيرة عربية ودولية طالبت مراراً وتكراراً بالتحقيق في مقتل عرفات، إلا أن اللجان التي تشكلت من أجل التحقيق في هذه القضية واجهت عراقيل كثيرة. وبالرغم من تبين أن المرض الذي أصيب به أبو عمار وأودي بحياته، وهو تكسير في خلايا الدم الحمراء، الذي يشبه إلي حد كبير تلك الحالة التي تعرض لها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل عام 7991 بعد محاولة اغتياله الفاشلة بالسم في الأردن من قبل الاحتلال الصهيوني. وأضاف خريشه أن من بين هذه العراقيل منع الطبيب الخاص بعرفات من المثول أمام لجان التحقيق، كما منعوا الفريقين الطبيين المصري والتونسي من الإدلاء بشهادتهما للجان حتي لا يتمكن أحد من الكشف عن الشخصيات المتورطة في قتله والتي نفذت عملية الاغتيال وهي مقربة بشكل كبير من الزعيم الفلسطيني الراحل. ويري خريشه أن فتح هذا الملف الآن وبشكل مفاجئ أربك حسابات الأطراف الخفية التي شاركت في العملية، فالإفصاح عن مثل هذه التقارير الطبية في هذا التوقيت الذي هي لعبة سياسية علي حد وصفه، تهدف لابتزاز السلطة وإخضاعها لطلبات محددة هي في الأساس مصالح بعيدة عن جوهر كشف حقيقة مقتل عرفات، كما حصل في ملفي وثائق المفاوضات والفساد المالي والإداري. وتري الصحفية الروسية كسينيا سيتلوفا أن ما قامت به قناة الجزيرة من بثها للفيلم الوثائقي حول موت أبو عمار ماهو إلا حملة لتشوية سمعة القيادة الفلسطينية الحالية لآن فتح الملف قد يتسبب في ضربة قاسية للرئيس الفلسطيني محمود عباس وكذلك حركة فتح التي يتزعمها لتقاعسهم عن المطالبة بالتحقيق في موت زعيمها فور إعلان وفاته في باريس وظلت صامتة طيلة هذه المدة مما تزيد من الشكوك وتوجه أصابع الاتهام إليها. وتضيف كسينيا قائلة إلي أن قطر تغذي هذه العملية من خلال عرضها المستمر لصور الرئيس الفلسطيني مع القادة العرب المخلوعين، ومع المسئولين الإسرائيليين، خاصة أنها دولة تعمل الآن علي الإطاحة بحكومات العديد من الدول العربية من خلال تمويلها لثورات الربيع العربي. ومع أن الجزيرة لم تتهم إسرائيل مباشرة في التسبب في وفاة عرفات إنما أوضحت أن مثل هذه الإشاعات ما كانت لتصل إلي حاجات عرفات إلا بواسطة جهة كبيرة مثل دولة. فيما نفي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي علاقة لإسرائيل بقتل أبو عمار وقال إن اتهام قناة الجزيرة لتل أبيب عار تماماً من الصحة. وأضاف إلي أن مواصلة اتهام إسرائيل سيجعلها ترد بنشر ما تعرفه في الموضوع. وتجاهل الإسرائيليون الظروف التي كانت قد أحاطت بموت عرفات، حيث إن إسرائيل بقيادة أرئيل شارون رئيس حكومتها، آنذاك، شنت حرباً عسكرية عام 2002 وانتهت بحصار طويل علي مقره في المقاطعة قامت خلاله الدبابات الإسرائيلية بهدم جدران محيطة بمكتبه واحتلت غرفا في المقاطعة ملاصقة للمكتب. والتقطت ميكروفونات الصحافيين همسة من وزير الدفاع في حينه، شاؤول موفاز، بإذن شارون، أنه يجب التخلص من عرفات. وعن المادة المشعة، قال إيلي كارمون الخبير الإسرائيلي المتخصص في الهندسة الكيميائية إن فترة نصف عمر البولونيوم، التي وجدت في متعلقات عرفات، 831 يوماً مما يعني أن نصف ما تبقي من الرماد يتحلل كل أربعة أشهر ونصف تقريباً، فبعد مرور 8 سنوات علي وفاة عرفات فإنه ينبغي أكتشاف مستويات منخفضة، إلا أن أطباء المعمل السويسري وجدوا هذه المادة المشعة بمستويات عالية مما يعني أن أحدا ماقام بوضعها في وقت لاحق. وتسأل إذا كانت سهي عرفات احتفظت بأشياء زوجها الملوثة البولونيوم طيلة هذه الفترة وقدمتها للمركز البحثي فلماذا لم تتعرض هي الأخري للتسمم منها. فيما نشر موقع »هايوم« الإخباري الإسرائيلي نقلا عن قناة التليفزيون اللبنانية قصة مثيرة حول تسميم الرئيس عرفات علي يد أسير فلسطيني تم تجنيده من قبل قوات الأمن الإسرائيلية. وجاءت اعترافات الأسير من خلال شريط فيديو تم تصويره عام 6002 في سجن فتسيعوت ويظهر أسير فلسطيني يتم استجوابه من قبل أسير فلسطيني آخر حيث يعترف فيه الأول بأنه تم الدفع به لدس السم في طعام أبوعمار في الوقت الذي كان محاصرا في مقاطعة رام الله. كما اعترف الأسير بأنه تلقي تدريبات عديدة في الجيش الإسرائيلي مع مجموعة من الفلسطينيين عام 2002 وقام بعدها من خلال مساعدة بعض المتعاونين معه بإقناع أحد الطباخين بوضع السم لعرفات.. وأكد الأسير أنه تلقي تهديدات من قبل الإسرائيليين بالقضاء عليه في حال عدم تنفيذ العملية.