في جلسة ساخنة بمجلس الشوري برئاسة الدكتور أحمد فهمي رئيس المجلس فتح ملف الصحافة القومية بحكم تبعيتها للمجلس وذلك من خلال مناقشة التقرير المبدئي للجنة المشتركة من لجنة الثقافة والإعلام والسياحة وهيئات مكاتب لجان الدستورية والاقتصادية والقوي البشرية عن معايير وضوابط اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية لدورة جديدة واستيضاح كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للمؤسسات القومية بما يكفل استقلالها وإعادتها إلي رسالتها السامية في ظل ثورة 25 يناير التي أزاحت الاستبداد والطغيان الأمر الذي يترتب عليه تطهير هذه المؤسسات من أذناب مبارك وإعادة حق الصحفيين في اختيار أفضل العناصر لإدارة هذه المؤسسات لتتبوأ مكان الصدارة محليا وإقليميا ولتصبح قادرة علي سداد ديونها وتحقيق أرباح توزع حصة منها علي العاملين. وأوضح التقرير أن المؤسسات الصحفية القومية تمتلك كنوزا وافرة من الصحفيين والإداريين والفنيين إلا أن نظام المخلوع أطلق أيدي رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير في تلك المؤسسات فحولوها إلي ملكية خاصة يديرونها كيفما يشاءون دون رقيب أو حسيب حتي أن ميزانيات تلك المؤسسات لم يكن يعلم بها أحد. أشار التقرير الذي عرضه النائب فتحي شهاب الدين رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس أن الترقيات والتعيينات في المؤسسات القومية تتم دون معايير واضحة باستثناء الولاء للنظام الحاكم والتزلف لرؤساء التحرير وبسبب ذلك تم إبعاد الكثير من الكفاءات المهنية التي هجر بعضها تلك المؤسسات إلي صحف خاصة أو إلي صحف خارج حدود الوطن وعن الجانب المالي والاقتصادي أوضح التقرير أن بعض المؤسسات أوضاعها الاقتصادية صعبة وبعضها يصل إلي حد الإفلاس وأن سياسة الشراء والاستثمار في المؤسسات الصحفية تتم بلا مراقب ولا أحد يعرف من المستفيد من شراء ماكينات الطباعة العملاقة وبناء الأبراج العالية بمئات الملايين لا يستفاد منها وكذلك استيراد أفخر أنواع الأثاث والسيارات والتوسع في إصدارات جديدة دون دراسات جدوي اقتصادية تؤكد حاجة السوق وكذلك الإبقاء علي إصدارت قائمة تحقق خسائر متراكمة. وأشار التقرير إلي بعض المؤشرات التي من شأنها أن تدق ناقوس الخطر ومنها أن المؤسسات الصحفية القومية تعاني من صغر رؤوس أموالها حيث تبلغ رؤوس أموال المؤسسات الصحفية العشرة حوالي 500 مليون جنيه حتي أن أكبر مؤسسة صحفية في الشرق الأوسط وهي مؤسسة الأهرام يبلغ رأس مالها 150 مليون جنيه فقط وهو نفس رقم رأسمال مؤسسة أخبار اليوم ورأسمال وكالة أنباء الشرق الأوسط 50 مليون جنيه. وعن الخسائر المستمرة التي حققتها 7 مؤسسات خلال السنوات الماضية وبلغ إجمالي خسائر المؤسسات السبع خلال آخر عام مالي متاح 440 مليون جنيه وذلك في مؤسسات دار المعارف ودار التحرير ودار الهلال ووكالة أنباء الشرق الأوسط ودار التعاون ودار الشعب التابعين حاليا للشركة القومية للتوزيع وكانت أعلي الخسائر خلال عام 2011 بدار المعارف بنحو 223 مليون جنيه ودار التحرير 92 مليون ودار الهلال بنحو 44مليون وأشار التقرير أيضا إلي أن إجمالي الخسائر المتراكمة بالمؤسسات الصحفية القومية السبع خلال السنوات الماضية 3.530 مليار جنيه. وحدد التقرير معايير وضوابط اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية لدورة جديدة، والتي حددتها اللجنة في ثماني معايير، بالإضافة إلي أربع شروط عامة. وتضمنت المعايير والضوابط أولا: أن يكون ذا كفاءة مهنية وإدارية، وأن يكون لديه القدرة علي التطوير والابتكار والإدارة الرشيدة والقدرة علي النهوض بالصحيفة والانتقال بها إلي مرحلة المكاسب والأرباح والقدرة علي المنافسة. ثانيا: أن يقدم برنامج رؤية واضحة للنهوض بالمؤسسة صحفيا وإداريا وماليا واجتماعيا، وثالثا: أن يتمتع بسمعة طيبة وسيرة حسنة بين زملائه، وأن يكون نظيف اليد ولم يتورط في وقائع فساد أو سوء إدارة أو إهدار للمال العام أو أي قضايا مخلة بالشرف. رابعا: ألا يكون ممن تسري عليهم النصوص القانونية الخاصة بإفساد الحياة السياسية، وخامسا: ألا يكون قد تعرض لجزاء تأديبي من خلال نقابة الصحفيين، سادسا: ألا يكون ممن طبع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وألا يكون ممن لهم علاقات مشبوهة مع جهات أجنبية تتآمر علي مصر وشعبها، سابعا: أن يكون متقنا للغة العربية وملما بلغة أجنبية، وأن يكون ذا ثقافة واسعة ومستوعبا لمقتضيات العصر، وأن يقدم أرشيفا صحفيا يحتوي فكره ورؤاه وتصوراته وإبداعاته وسيرة ذاتية يقدم فيها تعريفا بخبراته والمهام التي تولاها خلال سنوات خدمته، وأخيرا: ألا يكون قد مارس خلط الإعلان بالتحرير أو العمل كمستشار إعلامي لمسئول حكومي أو رجل أعمال أو شركة أو مصلحة محلية أو أجنبية، وذلك إعمالا لقانوني تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1966 ونقابة الصحفيين رقم 76 لسنة 1970 وميثاق الشرف الصحفي. أما الشروط العامة التي وضعتها اللجنة فكانت أربع أولها، ألا يزيد عمره علي 60 عاما، وثانيها أن يكون ذا خبرة بالمجال الصحفي لا تقل عن 15 سنة، وثالثا أن يكون قد أمضي السنوات العشرة الأخيرة متصلة بالعمل في ذات المؤسسة، ورابعا أن يكون القرار محددا بثلاث سنوات تجدد مرة واحدة فقط، علي أن يتم مراجعة أرقام التوزيع والعلاقات المهنية كل عام. ومن جانبهم شن أعضاء المجلس أثناء المناقشات هجوما عنيفا علي ما وصفوه ب"فساد" المؤسسات الصحفية القومية، وما بها من إهدار مال عام، وطالب النواب، بإحالة مخالفات المؤسسات القومية، للنائب العام، للتحقيق فيها. كما انتقدوا إسراف هذه المؤسسات في تقديم الهدايا لرموز النظام السابق، والتي بلغت في عام واحد 110 ملايين جنيه، مشددين علي ضرورة إحالة رؤساء تلك المؤسسات لنيابة أمن الدولة ومحاكمتهم بتهمة الاستيلاء علي المال العام. وقال الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشوري إن الهدف ليس مجرد استبدال أشخاص بآخرين، وإنما تطوير المؤسسات وجعلها قادرة علي القيام بدورها في المجتمع وتقويم الانحرافات السابقة بها. وأشار النواب إلي أن أصابع النظام السابق لا تزال تعمل في المؤسسات القومية، وفي الوقت الذي تحقق فيه الصحف الخاصة مكاسب ضخمة تواصل المؤسسات القومية خسائرها، لافتين إلي أن المطلوب هو إعطاء الفرصة للكفاءات، وأن تنشر السير الذاتية للمرشحين الجدد للمناصب علي زملائهم في المؤسسات.