في تصريح لافت.. كشفت السفارة الأمريكية في العاصمة العراقيةبغداد، أن الفساد ينتشر بصورة مخيفة في جميع مفاصل النظام الإيراني، بداية من قمته وقالت السفارة إن ممتلكات المرشد الإيراني الأعلي علي خامنئي الذي يصور نفسه أمام شعبه والعالم بأنه فقير ونصير الفقراء تقدر بنحو 200 مليار دولار بينما يعيش ملايين الإيرانيين تحت خط الفقر، بسبب الوضع الاقتصادي الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم منذ قيام الثورة ضد الشاه منذ 40 عاماً. ما ذكرته السفارة الأمريكية في العراق، ما هو إلا تأكيد لعدة تقارير سابقة كان أبرزها ما أعلنته وكالة رويتر في تحقيق استقصائي أجرته منذ عامين، من أن المنظمة التابعة لخامنئي تتحكم في إمبراطورية اقتصادية ضخمة، تحت اسم: هيئة تنفيذ أوامر الإمام أو كما تعرف في إيران وخارجها بالاسم المختصر »ستاد» وخلال الأعوام القليلة الماضية تحولت تلك المنظمة لكيان اقتصادي عملاق، يمتلك حصصا مقدرة في كافة قطاعات الاقتصاد الإيراني بدءا من التجارة اليومية لمصافي النفط والمؤسسات الخيرية والبنوك إضافة لتملكها الكثير من العقارات في كافة أنحاء إيران وتلك المنظمة التي تعد كيانا موازيا للاقتصاد الرسمي الإيراني هي كيان مستقل تماما عن البرلمان وميزانية الدولة، ولا يحق لأي جهة إيرانية رقابية مساءلتها ب: من أين لك هذا؟! ولذا.. فرضت وزارة الخزانة الأمريكية حسب »NN عقوبات عليها منذ نحو 6 سنوات وهو مايعني خضوعها للعقوبات الاقتصادية الصارمة التي فرضتها أمريكا علي إيران منذ عهد الرئيس أوباما وحتي الآن.. والتي ستتضاعف مع حلول يوم الثاني من مايو، بإلغاء الاستثناءات التي كانت تمنح لبعض الشركات الدولية والدول في استيراد النفط الإيراني. وعلي جانب آخر.. يمثل الحرس الثوري الإيراني والمنظمات التابعة له، ذراعا أخري للنظام وللمرشد الأعلي نفسه في السيطرة علي نسبة لا بأس بها من الاقتصاد الإيراني الكلي وهو مادفع وزارة الخزانة الأمريكية ووزارة الخارجية الأمريكية، لوضعه علي قائمة العقوبات المفروضة علي إيران منذ أقل من 3 أسابيع فقط. والحرس.. تم إنشاؤه عام 1979 بعد اندلاع الثورة الإيرانية علي الشاه وكان الغرض هو الخوف من الثورة المضادة ومن هنا كان القرار الذي أصدره المرشد المؤسس للنظام أية الله الخوميني، في 22 أبريل من نفس العام، بإنشاء جيش حراس الثورة الإسلامية، والذي أضفت المادة 150 من دستور إيران الشرعية علي وجوده، وكان اسمه في بداياته هو جيش المستضعفين كبديل وكيان مواز للجيش النظامي الإيراني، وكحامٍ لنظام الملالي ومدافعا عنه في الداخل والخارج، ومايهمنا هنا وحسب صحيفة التايمز البريطانية هو أن الحرس الثوري الإيراني تحول لغول اقتصاد عملاق ويتعزز وجوده أكثر علي الأرض في العام 1990 بإنشاء مقر »خاتم الأنبياء لإعادة البناء» والذي أخذ علي عاتقه مسئولية إدارة الأنشطة الاقتصادية للحرس الثوري والتي ظهرت أكثر في تحكم في نحو ثلث ماتستورده إيران من الخارج من خلال إنشائه الموانئ والمراسي البحرية والمطارات علي شواطئ الخليج العربي المرفأ الأساسي للاستيراد والتصدير الإيراني، إضافة لعدة مطارات في مدن كبري داخل العاصمة الإيرانيةطهران، آلت كلها كتبعية للحرس بعد انتقالها من وزارة المواصلات، وخلال العقود الأربعة السابقة.. استحوذت مؤسسات الحرس الثوري الاقتصادية، علي نصيب الأسد من صفقات بناء المطارات والأنفاق والطرق خاصة في طهران. إضافة لنشاطه الملحوظ كما تقول مجلة فورين بوليسي الأمريكية من خلال المؤسسات التعاونية والأنشطة الاقتصادية في مجالات عدة منها: صناعات النفط والغاز خاصة علي بحر قزوين والمناجم والتجارة الخارجية والإسكان والصناعات التحويلية والزراعية والنقل البري والبحري وصناعة السيارات والبنوك.. وحسب معلومات منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة وهي كبري أذرع المعارضة الإيرانية في الخارج.. فإن بعض المصادر تقول إن منظمة خاتم الأنبياء تضم عدة آلاف من الشركات ويعمل بها مئات الآلاف من الإيرانيين وكعمالة رسمية وموسمية يعمل عدة ملايين آخرين. وتحمل تلك المؤسسات عبارات مطاطة أبرزها: أنها تقوم بما يطلق عليه الاقتصاد المقاوم الذي يقوده الجنرال قاسم رستمي وكان وزيراً للنفط في حكومة أحمدي نجاد عام 2013 واختارته وقتها مجلة فورين بوليسي ضمن أقوي 200 شخصية بالعالم بصفته الوظيفية، وقد أضيف اسمه هو الآخر للقائمة السوداء لكل من أمريكا وأوروبا وأستراليا، بصفته رئيسا لمنظمة أو مقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري الإيراني. وحسب مجاهدي خلق فإن خاتم الأنبياء تستحوذ علي ما يقدر بنحو 12 مليار دولار من خلال شركاتها التي تقوم بالأساس في العمل بعقود رسمية تابعة للحكومة وعن طريق التحكم في التنقل الداخلي خاصة بين المدن الإيرانية، وعدد من القطارات الفاخرة التي تعمل علي خطوط السكك الحديدية في طول إيران وعرضها كما تمتلك سلاسل ضخمة لتوزيع السلع والمواد الغذائية عن طريق مايعرف بالقطاع التعاوني. وإضافة لذلك.. توجد كيانات أخري موازية للاقتصاد الإيراني الرسمي، وتابعة للحرس الثوري أو للمرشد الأعلي الإيراني نفسه، وأبرزها، مؤسسة العقبة الرضوية التي سيطر عليها متشددون إيرانيون مقربون من خامنئي والتي تسيطر علي مشروعات بناء الطرق ومد خطوط السكك الحديدية بصفة أساسية وتلك الكيانات تسيطر أيضا علي قطاع الاتصالات الإيراني بحصص مقدرة وتمثل صناديق لدعم الحرس الثوري الإيراني والقوات الخاصة المعروفة ب الباسيج أو قوات فيلق القدس التي يقودها الجنرال قاسم سليماني والتي لها أدوار عسكرية داخل وخارج إيران خاصة في العراق وسوريا.. أما قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري فيقوم بالسيطرة علي كل تلك الكيانات التي تنافس واقعيا اقتصاد الدولة، وفي ذات الوقت أدي ذلك لخضوعها للعقوبات التي فرضتها كل من الخزانة ووزارة الخارجية الأمريكية وبلدان أخري حول العالم وهو ما يعني ضغطا متزايدا علي كافة المجالات الاقتصادية التي ينشط فيها الحرس الثوري وأجهزته والمتعاونون معه، كما أن سيطرة تلك الجهات علي عصب الاقتصاد الإيراني تمثل أهم العقبات أمام التنمية وجذب رؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية، وهو ما يمثل خنقا إضافيا للنظام الذي يزداد غني في مقابل شعبه الذي يزداد فقرا، ومعاناة شبه يومية مع الفقر والبطالة والتضخم.