محافظ المنيا يناقش ملفات التعليم والصحة والطرق.. ويوجه بتقديم المساعدات اللازمة للمواطنين    الدخان الأبيض يعلن بدء رحلة بابا الفاتيكان الجديد.. الأجراس تدق والاحتفالات تملأ الشوارع    التعليم: بدء العام الدراسي الجديد في المدارس الدولية 7 سبتمبر المقبل    بسبب «المخدرات».. أب ينهي حياة ابنه بضربة فأس على رأسه في أسيوط    لمواليد برج الجدي.. اعرف حظك في الأسبوع الثاني من مايو 2025    طرح برومو فيلم «المشروع X» ل كريم عبدالعزيز.. والمخرج يعلق:«حلم عملت عليه لسنوات»    رابط نتيجة الاختبارات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف معلم مساعد مادة رياضيات    جيش الاحتلال يواجه صعوبات في إخلاء جنوده من منطقة الاشتباك مع المقاومة الفلسطينية    والا: اتفاق محتمل لتولي صندوق إغاثة غزة مهمة إدخال وتوزيع المساعدات بعيدا عن حماس    حرب الإبادة    ياسر إدريس رئيسا لبعثة مصر في دورة التضامن الإسلامي بالسعودية    أعمال شغب واعتقال 44 شخصاً خلال احتفالات جماهير باريس سان جيرمان بتأهله لنهائي دوري الأبطال    تشكيل مباراة أفريقيا الوسطى وغانا في أمم أفريقيا للشباب    الرياضية تكشف موعد انضمام ماركوس ليوناردو لتدريبات الهلال    خبراء يحذرون: الزمن هو الخطر الحقيقي في النزاع النووي الهندي الباكستاني    تكريم رئيس هيئة النيابة الإدارية خلال احتفالية كلية الحقوق جامعة القاهرة    مصرع شخص دهسته سيارة محملة بأسطوانات البوتاجاز بقنا    «رسالة حاسمة قبل دقيقة من وفاتها».. النيابة تكشف تحقيقات واقعة طالبة الزقازيق    اختيار رئيس جهاز حماية المنافسة لعضوية المجلس المُسير لشبكة المنافسة الدولية    تذبذب أسعار الذهب في منتصف تعاملات الخميس 8 مايو    النجم العالمى مينا مسعود يزور مدينة الإنتاج الإعلامى ويشيد بإمكانياتها    في عيد الوالدين، قافلة الثقافة الكورية تزور مكتبة مصر العامة ببورسعيد    الجونة السينمائي يعلن عن برنامج مميز بالجناح المصري في مهرجان كان    مدبولي: «أورام طنطا الجديد» يسهم بشكل كبير في تحسين نسب الشفاء    تاج الدين: الربو أحد أكثر الأمراض المزمنة غير المعدية شيوعا.. ويتسبب في 450 ألف حالة وفاة سنويا    الحكومة: أسعار جلسات الغسيل الكلوى ثابتة دون زيادة وتقدم مجانًا للمرضى    وزير الاتصالات: إتاحة 180 خدمة حكومية عبر منصة مصر الرقمية    محافظة الجيزة ترفع 150 طن مخلفات في حملات نظافة مكبرة    اختتام فعاليات مؤتمر تنظيم الاتصالات لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بالقاهرة    لدخول السوق الرئيسي.. بدء اكتتاب زيادة رأسمال بريمير هيلثكير في البورصة    رفع درجة الاستعداد بمدارس البحيرة استعدادا لاستقبال امتحانات الفصل الدراسي الثاني    الفنان محمد عبد السيد يعلن وفاة والده    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    الكرملين: الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمر    عضو مجلس المحامين بجنوب الجيزة يثبت الإضراب أمام محكمة أكتوبر (صور)    وزير قطاع الأعمال يبحث مع سفير إندونيسيا فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري    محافظ مطروح يتفقد تصميمات الرامبات لتيسير التعامل مع طلبات ذوي الهمم    محافظ الفيوم يتابع أنشطة فرع الثقافة في أبريل    بغرض السرقة.. الإعدام شنقًا للمتهمين بقتل شاب في قنا    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    الهلال السعودي يرصد 160 مليون يورو لضم ثنائي ليفربول    كرة يد - الاتحاد يكرم باستور علي هامش مواجهة مصر الودية ضد البرازيل    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    أشرف عبدالباقي: يجب تقديم بدائل درامية لجذب الجمهور دون التنازل عن القيم أو الرسالة (صور)    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    مراكب وورد ومسيرات طلابية في احتفالات العيد القومي لمحافظة دمياط    اختناق 4 أشخاص في حريق بمكبس كراتين خردة بسوهاج    أسقف المنيا للخارجية الأمريكية: الرئيس السيسي يرعى حرية العبادة (صور)    وزير الصحة يستقبل نقيب التمريض لبحث تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب بهيش داخل أرض فضاء بالصف.. صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناصر .. السادات.. عرفات.. ياسين
حوائط غزة .. لن تسقط القلاع
نشر في آخر ساعة يوم 20 - 03 - 2012

من الفجر الي الفجر رحلتنا إلي قطاع غزة نعيش 3 ساعات مع الصامدين تحت قصف (الزنانة) لا يخشون الاستشهاد.. في كل ثانية ويتغلبون يوميا علي مشاكل المياه والكهرباء والتلفزيون يحلمون بعودة كل أرض فلسطين و6ملايين من اللاجئين .. فكانت هذه المعايشة.
مصر.. في قلب كل شبر عربي
من الدرجة الرخامية الأولي لعشرين أخري من سلم يرفعك لأعلي تخطف عينيك علي يمين باب المجلس التشريعي الفلسطيني اللوحة الرخامية المحفورة بالأسود والاسم.
(بسم الله الرحمن الرحيم في عهد فخامة الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة.. أناب سيادته السيد أنور السادات لافتتاح أول مجلس تشريعي لقطاع غزة في يوم السبت 24 من شعبان 1337 ه الموافق 15 من مارس 1958 م فريق أ.ح محمد حسن عبد اللطيف الحاكم الإداري العام لقطاع غزة).
وبعد ثوان من ذلك الشعور الجميل الذي ينتابك فور ابتعادك عن مصر ولو لمسافة 40 كم فقط من منفذ رفح البري إلي هنا ولو بزمن لم يزد علي 45 دقيقة بفرحة وفخر العثور علي أي رائحة من مصر ودورها العربي تتأمل قليلا أنها نفذت بعد 6 سنوات من ثورة يوليو 1952 و4 سنوات من انتخاب ناصر رئيسا وبعد عامين من دحر العدوان الثلاثي 1956 .
يتسع وجدانك لقراءة اللوحة المجاورة
(بسم الله الرحمن الرحيم، في عهد فخامة الرئيس - ياسر عرفات، رئيس دولة فلسطين.. تم بعون الله تعالي ترميم مبني المجلس التشريعي حيث قام فخامة الرئيس عرفات بافتتاحه-يوم الاثنين 26 ذي الحجة1415 ه الموافق 15 مايو1995 م ).
فتفهم أنها نفذت بعد عام من دخول ياسر عرفات للقطاع من معبر رفح بعد إعلان قيام الدولة الفلسطينية واتفاق أوسلو (1993).
وصلنا إلي هنا علي طريق صلاح الدين الأيوبي (محرر القدس) والذي يبدأ من قلب مدينة رفح المصرية ويمتد عبر الزمن إلي قلب قطاع غزة طريق رئيسي يمتد من الجنوب إلي أقصي الشمال والذي قطعه سلك شائك لم يقطع التواصل عام 1982 بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء بعد نصر أكتوبر 1973.
معنا في الزيارة السريعة وفد الاتحاد البرلماني العربي التابع لجامعة الدول العربية وقد جاء بمساعدات قيمتها 140 ألف دولار مقدمة من قطر وسلطنة عمان علي 7 سيارات نقل تحمل 28 طنا من مستلزمات طبية للمصابين و1200 زي مدرسي وحقائب كتب للتلاميذ اليتامي وقد اختاروا هذه من المساعدات لأن المواد الغذائية لا تعبر إلا من المنفذين الإسرائيليين ففضلوا المنفذ المصري لتكون التأشيرة مصرية عربية وهي القافلة الثالثة للبرلمان للقطاع (في 2009 و2010).
معنا د. عبدالقادر السماري رئيس لجنة تسيير المساعدات ومدني برادعي وهما من الجزائر ومسلم العنشي من عمان.
والاتحاد البرلماني العربي فكرة طرحت في قمة 1974 وأنشئ في قمة الجزائر 2005 ليمثل الشعوب العربية ويضم 4 أعضاء بينهم سيدة عضوة من 22برلمانا عربيا ومقره الدائم دمشق ونقل مؤقتا للقاهرة نظرا لتعليق عضوية سوريا اعتراضا علي الأحداث الدامية ضد المواطنين ويتم تشكيله كل 4 سنوات ويرأسه حاليا علي الدقباسي من الكويت وبه 4 أعضاء مصريين هم د.عصام العريان ومحمد سعيد إدريس والنائبة عزة الجرف وفي انتظار عضو من مجلس الشوري.
تم في منفذ رفح الفلسطيني تسليم المعونات في احتفال بسيط عبر فيه أحمد أبو بحر رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة عن شكر أهالي القطاع وعاهد الجميع علي الصمود حتي تحرير كل التراب الفلسطيني وعاصمته القدس وطالب الأمة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي مساندة غزة حتي يعود 6 ملايين لاجئ وقال نحن لانخاف إلا الله وعبر د.عبد القادر عن سعادته بتوصيل رسالة أن ما يحدث في العالم العربي من ثورات الربيع لا ينسينا فلسطين كما أن العدوان لايخيفنا ولا يمنعنا من المجيء لأهلنا وأن البرلمان العربي باسم الشعوب العربية يدعم المصالحة الفلسطينية.
مع معبر رفح هناك 6 معابر تتحكم بها إسرائيل تستخدم للنقل البري من شاحنات وباصات وسيارات. وقد أشرفت إسرائيل علي معبر رفح من عام 1982 حتي 2005 ثم عادت له بعد عامين عند فوز حماس بالانتخابات التشريعية وسيطرت علي القطاع فأغلقته إسرائيل لمدة 6 أشهر ثم فتح بشكل دائما مع الثورة المصرية في يناير 2011.
ساعة ونصف هي الوقت الباقي لعودتنا للمعبر المصري الذي يغلق يوم الخميس في الخامسة مساء وإجازته الجمعة وينتظرنا ساعة إضافية وكانت حرارة اللقاء مع أعضاء المجلس وإسماعيل هنية رئيس الوزراء الذي أكد عمق العلاقات مع مصر وأن هناك تنسيقا كاملا في كل الملفات وأن العلاقات حاليا أفضل مما كانت ووجه شكرا خاصا لمجلس الشعب المصري وموقفه من العدوان الإسرائيلي والتهديد بإبعاد السفير الإسرائيلي وقال إننا في مشهد عملاق وأن العدوان سيتحطم علي صخرة صمود غزة وأن وحدة الشعب تحتل أولوية العمل الفلسطيني وأن توافق الدوحة محل بحث ويحتاج المزيد من الوقت وسيري النور وأن أمير قطر قدم 250 مليون دولار لإعادة إعمار غزة ويتم حاليا الاجتماع بين مسئولي الجانبين لبدء العمل ويقدم مجسما للمسجد الأقصي هدية لرئيس الوفد.
توافق الدوحة وقع بقطر في مايو 2011 واتفق علي تكوين حكومة توافق وطني برئاسة محمود عباس.
أمسكت بيده وسط الزحام في سؤال عن مشاعره الشخصية وهو يقف علي منبر الأزهر فتملأ وجهه سعادة طاغية وهو ينقل الرد من همس إلي إعلان فرح للحاضرين ..لم أكن أعرف إن كنت في حلم أم في علم لكن ذلك يؤكد أنه من الأزهر سيتم تحرير القدس بإذن الله.
وكان هنية قد اعتلي منبر الأزهر عقب صلاة جمعة تحرير القدس في 24 فبراير الماضي وأعلن عن رفضه الاعتراف بإسرائيل وهو شرطها لتعترف بحكومة حماس ورددها 3 مرات لن نعترف.. لن نعترف.. لن نعترف.
في الثالثة من بعد ظهر الخميس.. كان أول لقائي بالجانب الفلسطيني لخط الحدود المصري وقد عشت موضوعات صحفية عديدة في جانبه المصري متشوقا لرؤية الفلسطيني فأخذت أرصد كل التفاصيل..
(أهلا بكم في فلسطين) أول كلمة علي بوابة المعبر الفلسطيني تلقاها فور عبورك المنفذ المصري الذي تلحظ هندسة مبانيه الهرمية تحمل تواصل التاريخ والاستمرار علي هذه الأرض وقبة مسجده المماثلة لقبة المسجد الأقصي لتجد المنفذ الفلسطيني وهو في الأصل إسرائيلي حتي عام 2005 مقاما من حوائط معدنية سابقة التجهيز كأنه معسكر سريع يزال في أي وقت دون خسائر في التكلفة وتسعد بيافطة فلسطينية عن مشروع إعادة تطوير المنفذ ومبانيه فأراه بعيون المستقبل من مبان حجرية تعيش أبد الدهر ثم تشاهد سيارات أجرة صفراء إسرائيلية الصنع تكمل منظومة النقل الذي يتولاه ما بين المنفذين شركة شرق الدلتا من مصر وشركة إيليا الطيبة من فلسطين.
خارج البوابة وعبر زجاج السيارة التي تسابق الريح لضيق الوقت في طقس بارد ينذر بالأمطار رصدت سريعا.. الطريق الأسفلتي قديم وضيق وحفره عميقة لكن الحركة عليه في منتهي السرعة رغم برك المياه العديدة يافطة سوبرماركت تعلن عن وجود كروت شحن مصرية فشركات المحمول الثلاث تلتقط هنا في الطقس الصحو أما في الغيوم فلم نستقبل أي رسالة وكذا في ظهور الطيران الإسرائيلي كما أوقفت إحدي الشركات لدواع أمنية.. الخضرة تغطي كل المساحات حولك.. علي اليسار مسجد صلاح الدين.. معظم المنازل من دور أو اثنين بالطوب الإسمنتي الرمادي وتظهر بعض عمارات حديثة أعلاها قرميد أحمر لدواعي الأمطار.
علي الحوائط عبارات مكتوبة.. أهلا وسهلا.. صلي علي النبي .. لاتنسي ذكر الله.. حماس تجمع ولا تفرق تصون ولا تبدد.. حركة المقاومة الفلسطينية وكتائب صلاح الدين يجددون العهد.. أسرانا البواسل عليكم الصمود وعلينا الوفاء.. عاشت حركة الأحرار في ذكري انطلاقها الرابع.. حماس تبرق بالتحية للأسير القسامي.. سنواصل النضال.. معا لوحدة الوطن.. للقدس إنا قادمون.. عدة محطات بنزين وغاز شبه خالية إلا من واحدة كان عليها زحام شديد وأخذ بعضهم يلوح لنا بسبب سياراتنا الرسمية وتظهر علي أعمدة الإضاءة رايات خضراء شعار حماس ورايات حمراء للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفي بعض المناطق علم فلسطين ألوانه الأخضر والأحمر والأسود والأبيض ولم أرصد أي شيء لمنظمة فتح اللهم إلا صورة بالزيت لياسر عرفات علي حائط في مدخل غزة ومعه صورة للشيخ أحمد ياسين وقالوا لايختلف أحد علي أبو عمار وعن مشاعرهم علي الأقل تجاه فتح عقب أحدهم (مشاعر إيه أصبح بينا دم ).. يافطة كبيرة بالصور في أحد الميادين لشهداء الدحدوح ..وتظهر أشجار السنط الضخمة قالوا زرعت من أيام الحكم العسكري المصري بعد 1948 وقد شاخت وسقط بعضها علي السيارات فيتم إزالتها حاليا واخترقنا تجمعا كبيرا للأهالي يتابعون ذلك.
قبيل غزة نعبر واديها علي كوبري حديث بعد تدميره عقب أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شليط 2006 وقد أفرج عنه 2011.. محلات لسيارات ملاكي حديثة.. الشوارع أقرب لشوارع مدينة العريش بنفس الروح والتنظيم والزحام من سيارات مختلفة وعربات كارو وموتوسيكلات.. الملفت رغم السرعة الشديدة أن أحدا لايخرج عن مسارة وقد اعتادوا السرعة فأشفقت علي تلميذة بحقيبة مدرسية ثقيلة علي ظهرها وهي تجاهد لتعبر قبل سيارتنا دون أن يتوتر أحد مثلي.. محلات أفران.. سوبر ماركت .. محلات ملابس ومطاعم فلسطينية وأمريكية شهيرة .. حياة كاملة..
علي مدخل غزة إشارة إلي موقع كان حاجزا إسرئيليا استشهد عنده الطفل محمد الدرة .
غزة تمتد بعمق 3 كم إلي البحر شرقا و4 كم مع الجدار الإسرائيلي غربا علي اليمين إحدي 10 محررات تمثل 40 ٪ من مساحة القطاع تم استثمار أرضها في زراعة الفواكه وبعضها للمساكن والاسم هو البديل الفلسطيني لما كان يعرف بالمستوطنات التي أنشئت بعد 1967 وأزيلت 2005.. وتجمعات أغنام.. علي اليمين المجمع الإسلامي الذي اغتيل أمامه الشيخ أحمد ياسين وقد أعيد بناؤه لكن مأذنته الثانية المحطمة قمتها تقول إنه قد قصف من جديد.. مجموعة عمارات مرتفعة لأكثر من 6 أدوار واجهتها ثقوب سوداء ودخان من القصف ..مستشفي الهلال الأحمر الفلسطيني يتم صب أساسات ثلثه. وقد قصف مع مجمع الوزارات الذي تحطمت مبانيه تماما في عام 2009 ( معركة غزة).. ثم مبني جامعة الأزهر علي اليسار والجامعة الإسلامية علي اليمين ووسط مدينة غزة يقع مبني المجلس التشريعي الفلسطيني.
في طريق العودة كان الرصد السريع عن الحياة في القطاع عرفت من أحمد بسيسو ومحمد المناعة وبعض مواطنين آخرين أن العملة الداخلية هي الشيكل الإسرائيلي والدولار والدينار الأردني الذي اعتادوا التعامل به منذ الاحتلال عام 1967 وأصبح العملة العربية التي يلتزمون بها في شراء الأراضي ومهر الزوجات فالاثنان (عرض) لا تتدخل فيه غير عملة عربية وهناك مثل فلسطيني يقول (عاوز تحب .. حب بالدينار) وأن هناك كثيرا من الزوجات مصريات فهن الغالبية بين غير الفلسطينيات وأن الشيكل يوازي 130 قرشا مصريا ويستخدم الجنيه المصري في معبر رفح فقط أما متوسط الأجور فهو 3 آلاف شيكل تعادل 700 دولار لكن تكاليف الحياة غالية فإيجار الشقة 300 دولار وكيلو الفراخ 30 جنيها مصريا ودرزة الخبر من 50 رغيفا صغيرا بعشرة جنيهات وقال أحدهم أن دول العالم بها رادارات لرصد الطيران وصفارات إنذار والاثنان غير موجودين عندنا فلذلك نتوقع القصف الجوي في أي لحظة وليس لدينا خنادق فنحن في بيوتنا وأعمالنا أو في الشارع والقصف في أي وقت أو مكان ولانغير حياتنا عنده نكمل يومنا العادي اللهم أن فضول الكثيرين يدفعهم للتجمع لتقديم المساعدة ومعرفة ما حدث وذلك ليلا ونهارا فقد يتم قصف موتوسيكل علي طريق في زحام النهار لأنه يحمل ماسورة مياه لعمله ويضحك أحدهم علي صوت أزيز الطائرات الإسرائيلية بدون طيار ويسمونها الزنانة لما تحدثه من أزيز من أنه لا يستطيع النوم إلا علي صوتها وسألت عن فترات الهدوء فأجابوا (ومن إمتي فيه هدوء) وقد تأتي أكثر من مرة في اليوم وعندما يقصفون أحد المطلوبين لايهمهم مقتل أسرته ولا جيرانه وفي المرة الأخيرة مزق تلميذ لنصفين وانتظرت أمه علي جانب الطريق حتي توقف الزن ثم جمعت أشلاءه وأوضحوا أن كل احتياجاتهم تأتي من مصر ويحاولون تحقيق الاكتفاء الذاتي للمواد الغذائية وأن كل الأسعار ترتفع في شهر رمضان وأن كيلو اللحوم 25 شيكلا وكذلك زيت الزيتون وأن أشهر منتجاتهم الجبنة النابلسية من لبن الماعز ومعظم ملابسهم من تركيا والصين ويفخرون بالكابتن رمزي صالح حارس مرمي النادي الأهلي المصري ووالدته مصرية وأن تعبئة أنبوبة البوتاجاز مائة جنيه وسعر الأنبوبة نفسها مائة دولار ويستخدم الغاز للطعام فقط فالاستخدامات الأخري بالسخان الكهربائي ومياه الشرب من محطات التحلية 250 لترا بعشرة شيكلات وباقي الاستخدامات من آبار منزلية مالحه يستخدم البعض فلاتر لاستخدامها في طهو الطعام وأن متوسط استهلاك الكهرباء شهريا 60 دولارا.
وقالوا إن إسماعيل هنيه مايزال يقيم في مخيم الشاطئ للاجئين ويقول: (جئت من الشعب وسأبقي مع الشعب) وأن مشكلتهم الحالية هي الكهرباء من قلة الواصل من سولار من مصر وهو ضروري لتشغيل محطة الكهرباء التي تنتج 80 ميجا ويحتاج القطاع 350 ميجا وأن معظم البيوت بها مولدات خاصة لكنها تتأثر بوجود السولار لذلك وأحيانا تكون هناك مشكلة في ضخ المياه في الخط العمومي لانقطاع الكهرباء وتأتي الزنانة فينقطع التليفزيون لكنا نعيش ونصمد.
يكشف لي د. نافذ المدهون أمين عام المجلس التشريعي الفلسطيني جانبا من مشكلة الطاقة فالجانب الإسرائيلي قلص كمية الغاز من 250 طنا يومياً إلي 40 أو 60 طنا ومحطة الكهرباء تحتاج 400 ألف لتر سولار يومياً، و18 مليون لتر في الشهر و20 مليون لتر للسيارات والمواطنين و6 ملايين لتر بنزين عادي وسوبر والمتوفر لايكفي 02٪ من الاحتياجات ويستهلك القطاع 200 ميجاوات لكهرباء نصفها من محطة غزة، والثاني من شركة الكهرباء الإسرائيلية. وتنتج محطة غزة (140) ميجاوات، وقد تعرضت للقصف في 2006. فأصبحت قدرتها80 ميجاوات.ويحتاج القطاع 350 ميجاوات. فنضطر لقطع التيار 8 ساعات صباحا ومثلها مساء ووصل الأمر حاليا الي 15 ساعة.
ووفر الصليب الأحمر 1500 لتر للمستشفيات لإنقاذ حضانات الأطفال ومرضي الفشل الكلوي. يضخ السولار المصري بشكل رسمي من مارس الحالي. وافقت مصر علي إمداد القطاع 450 طن سولار يوميا في عشر سيارات صهريج حتي يتم مد خط ثابت مع الربط مع الشبكة الكهربائية المصرية بعد فصل شبكة القطاع عن الشبكة الإسرائيلية وقد تم رفع جهد الكهرباء المصري من 17 الي 22 ميجاوات ويتم في نفس الوقت رفع كفاءة محطة كهرباء الشيخ زويد بحوالي 40 ميجاوات إضافية تخصص لقطاع غزة بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية.
المجلس التشريعي الفلسطيني تم انتخابه عام 1996 ثم في 2006 يضم 132 عضوا ويرأسه د.عزيز دويك الذي تم اعتقاله في الضفة الغربية في 20 يناير 2012.
المعروف أن حماس فازت بالأغلبية في انتخابات التشريعية 2006 فشكلت الحكومة ثم سيطرة علي القطاع عام 2007 ففرض عليه الحصار وعقوبات بوقف تسليم الضرائب (55 مليون دولار شهرياً. وتقنين دخول الوقود والكهرباء والمواد الغذائية ومواد البناء ومنع الصيد في عمق البحر، وغلق المعابر والسماح بإدخال 84 صنفاً من أربعة آلاف رغم أن السلع والبضائع محجوزة في الموانئ الإسرائيلية واندلعت اضطرابات بين أنصار فتح وحماس وتمت تهدئة رعتها السعودية (اتفاق مكة) ثم سيطرت حماس علي المقرات الأمنية في غزة في 2007.
في 2008 نجح متضامنون دوليون في كسر الحصار عن طريق البحر لكنه فشل عام 2010 .
في عصر الجمعة 10 مارس الحالي بدأ التصعيد العسكري الأخير بقيام الطائرات الإسرائيلية بقصف سيارة الشيخ زهير القيسي الأمين العام للجان المقاومة الشعبية ومعه نسيبه محمود حنن وكان أسيرا تم تحريره وهو من مدينة نابلس وشخص ثالث وذلك في منطقة تل الهوي في غرب غزة فردت سرايا القدس وكتائب الأقصي وألوية صلاح الدين بإطلاق الصواريخ علي جنوب إسرائيل والذي استمر لمدة أربعة أيام راح ضحيته 25 شهيدا وأصيب 100 وتم تدخل مصر في هدنة تمت الاتفاق عليها في القاهرة لينفذ فجر الثلاثاء 13 مارس ووافقت فيه إسرائيل لأول مرة علي وقف الاغتيالات لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن عن استمرار قتل الإرهابيين فقامت الطائرات بقصف مجمع أخشاب في الأربعاء قبيل وصولنا واستمرت مساء الخميس عقب خروجنا ومستمر حتي إشعار آخر ووصل عدد الصواريخ الفلسطينية أكثر من 200 .
قطاع غزة مساحته 360 كيلومترا مربعا وتعداد سكانه مليون ونصف مليون أغلبهم من لاجئي حرب 1948وهو من أكثر مناطق العالم اكتظاظا يتكون من 5 محافظات، ويضم ثمانية مخيمات ومدينة غزة أكبر مدنه سكانها نصف مليون نسمة.
من الفجر إلي الفجر كانت رحلتنا من أمام الجامعة العربية بالتحرير وانتهي عندها ورغم الإرهاق كانت سعادة بزيارتي الأولي للقطاع وما واجهناه من إجراءات منذ وصولنا إلي منفذ رفح المصري في الثانية عشرة ظهرا وفي خلفيتنا حساسية العمل فيه وما يجاوره من مشاكل أنفاق وتهريب تؤثر بالقطع في قوة تركيز رجال الجوازات والجمارك وعذرنا انفعالهم وتأخرنا للثالثة عصرا رغم تأكيدنا بالعودة في نفس اليوم وطمعنا في وقت إضافي للصحفيين لنتمكن من لقاء أهالي غزة وهم يستحقون واتفقنا وديا علي ساعة فكنا نلهث في غزة وراء العمل ونطير بالسيارات لنصل في السادسة إلا ربعا لنجد المنفذ قد أغلق ويواجه السائق الفلسطيني الذي تقدم مترا في اتجاه المعبر المصري دون الإذن لوما شديدا ثم يأتينا ضابط شرطة مصري في منتهي التهذيب يطلب من د عبد القادر الاستراحة عشر دقائق في المنفذ الفلسطيني الذي ختم لنا بالمغادرة ويستقبلنا الفلسطينيون بكل الود لنجد معبرنا قد أغلق تماما حتي صباح السبت لتفاجئنا مشاكل مالية لبعضنا وارتباطات عمل وأسرة وحالة قلق استمرت ساعتين واتصالات بمصر والسلطة الفلسطينية فأمامنا ليلتان ويومان وأبدي الفلسطينيون ترحيبا باستضافتنا وعرض رئيس الوفد تحمل أي تكاليف لكننا لم نستوعب ألا ندخل بلدنا ويسمح لنا بالدخول في الثامنه لنواجه إجراءات إعادة تشغيل الكمبيوتر وحضور المسئولين والتدقيق في البيانات والصور والضيق البادي وإن لم يكن صراحة حتي خرجنا في العاشرة مساء لنواجه 3 حالات صحية شديدة في الوفد الإعلامي نتوقف في المساعيد للأدوية والمشروبات تهدئ المعدة المضطربة وينظف السائق أرضية الأتوبيس ويطفئ الأنوار لاندري بأنفسنا إلا في القاهرة عند الفجر فقد غرقنا في نوم عميق.
في الثامنة وعشر دقائق مساء الخميس 15مارس كنا في حضن المنفذ المصري ليسمع الجميع أزيز الطائرات الإسرائيلية التي نفذت عدوانا جديدا علي غزة في نفس التوقيت تماما.
رغم إرهاق الوصول والقلق تذكرت آخر جملة علي جدران المنفذ الفلسطيني وسط الظلام..
لن تسقط القلاع..
مصر.. في قلب كل شبر عربي
من الدرجة الرخامية الأولي لعشرين أخري من سلم يرفعك لأعلي تخطف عينيك علي يمين باب المجلس التشريعي الفلسطيني اللوحة الرخامية المحفورة بالأسود والاسم.
(بسم الله الرحمن الرحيم في عهد فخامة الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة.. أناب سيادته السيد أنور السادات لافتتاح أول مجلس تشريعي لقطاع غزة في يوم السبت 24 من شعبان 1337 ه الموافق 15 من مارس 1958 م فريق أ.ح محمد حسن عبد اللطيف الحاكم الإداري العام لقطاع غزة).
وبعد ثوان من ذلك الشعور الجميل الذي ينتابك فور ابتعادك عن مصر ولو لمسافة 40 كم فقط من منفذ رفح البري إلي هنا ولو بزمن لم يزد علي 45 دقيقة بفرحة وفخر العثور علي أي رائحة من مصر ودورها العربي تتأمل قليلا أنها نفذت بعد 6 سنوات من ثورة يوليو 1952 و4 سنوات من انتخاب ناصر رئيسا وبعد عامين من دحر العدوان الثلاثي 1956 .
يتسع وجدانك لقراءة اللوحة المجاورة
(بسم الله الرحمن الرحيم، في عهد فخامة الرئيس - ياسر عرفات، رئيس دولة فلسطين.. تم بعون الله تعالي ترميم مبني المجلس التشريعي حيث قام فخامة الرئيس عرفات بافتتاحه-يوم الاثنين 26 ذي الحجة1415 ه الموافق 15 مايو1995 م ).
فتفهم أنها نفذت بعد عام من دخول ياسر عرفات للقطاع من معبر رفح بعد إعلان قيام الدولة الفلسطينية واتفاق أوسلو (1993).
وصلنا إلي هنا علي طريق صلاح الدين الأيوبي (محرر القدس) والذي يبدأ من قلب مدينة رفح المصرية ويمتد عبر الزمن إلي قلب قطاع غزة طريق رئيسي يمتد من الجنوب إلي أقصي الشمال والذي قطعه سلك شائك لم يقطع التواصل عام 1982 بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء بعد نصر أكتوبر 1973.
معنا في الزيارة السريعة وفد الاتحاد البرلماني العربي التابع لجامعة الدول العربية وقد جاء بمساعدات قيمتها 140 ألف دولار مقدمة من قطر وسلطنة عمان علي 7 سيارات نقل تحمل 28 طنا من مستلزمات طبية للمصابين و1200 زي مدرسي وحقائب كتب للتلاميذ اليتامي وقد اختاروا هذه من المساعدات لأن المواد الغذائية لا تعبر إلا من المنفذين الإسرائيليين ففضلوا المنفذ المصري لتكون التأشيرة مصرية عربية وهي القافلة الثالثة للبرلمان للقطاع (في 2009 و2010).
معنا د. عبدالقادر السماري رئيس لجنة تسيير المساعدات ومدني برادعي وهما من الجزائر ومسلم العنشي من عمان.
والاتحاد البرلماني العربي فكرة طرحت في قمة 1974 وأنشئ في قمة الجزائر 2005 ليمثل الشعوب العربية ويضم 4 أعضاء بينهم سيدة عضوة من 22برلمانا عربيا ومقره الدائم دمشق ونقل مؤقتا للقاهرة نظرا لتعليق عضوية سوريا اعتراضا علي الأحداث الدامية ضد المواطنين ويتم تشكيله كل 4 سنوات ويرأسه حاليا علي الدقباسي من الكويت وبه 4 أعضاء مصريين هم د.عصام العريان ومحمد سعيد إدريس والنائبة عزة الجرف وفي انتظار عضو من مجلس الشوري.
تم في منفذ رفح الفلسطيني تسليم المعونات في احتفال بسيط عبر فيه أحمد أبو بحر رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة عن شكر أهالي القطاع وعاهد الجميع علي الصمود حتي تحرير كل التراب الفلسطيني وعاصمته القدس وطالب الأمة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي مساندة غزة حتي يعود 6 ملايين لاجئ وقال نحن لانخاف إلا الله وعبر د.عبد القادر عن سعادته بتوصيل رسالة أن ما يحدث في العالم العربي من ثورات الربيع لا ينسينا فلسطين كما أن العدوان لايخيفنا ولا يمنعنا من المجيء لأهلنا وأن البرلمان العربي باسم الشعوب العربية يدعم المصالحة الفلسطينية.
مع معبر رفح هناك 6 معابر تتحكم بها إسرائيل تستخدم للنقل البري من شاحنات وباصات وسيارات. وقد أشرفت إسرائيل علي معبر رفح من عام 1982 حتي 2005 ثم عادت له بعد عامين عند فوز حماس بالانتخابات التشريعية وسيطرت علي القطاع فأغلقته إسرائيل لمدة 6 أشهر ثم فتح بشكل دائما مع الثورة المصرية في يناير 2011.
ساعة ونصف هي الوقت الباقي لعودتنا للمعبر المصري الذي يغلق يوم الخميس في الخامسة مساء وإجازته الجمعة وينتظرنا ساعة إضافية وكانت حرارة اللقاء مع أعضاء المجلس وإسماعيل هنية رئيس الوزراء الذي أكد عمق العلاقات مع مصر وأن هناك تنسيقا كاملا في كل الملفات وأن العلاقات حاليا أفضل مما كانت ووجه شكرا خاصا لمجلس الشعب المصري وموقفه من العدوان الإسرائيلي والتهديد بإبعاد السفير الإسرائيلي وقال إننا في مشهد عملاق وأن العدوان سيتحطم علي صخرة صمود غزة وأن وحدة الشعب تحتل أولوية العمل الفلسطيني وأن توافق الدوحة محل بحث ويحتاج المزيد من الوقت وسيري النور وأن أمير قطر قدم 250 مليون دولار لإعادة إعمار غزة ويتم حاليا الاجتماع بين مسئولي الجانبين لبدء العمل ويقدم مجسما للمسجد الأقصي هدية لرئيس الوفد.
توافق الدوحة وقع بقطر في مايو 2011 واتفق علي تكوين حكومة توافق وطني برئاسة محمود عباس.
أمسكت بيده وسط الزحام في سؤال عن مشاعره الشخصية وهو يقف علي منبر الأزهر فتملأ وجهه سعادة طاغية وهو ينقل الرد من همس إلي إعلان فرح للحاضرين ..لم أكن أعرف إن كنت في حلم أم في علم لكن ذلك يؤكد أنه من الأزهر سيتم تحرير القدس بإذن الله.
وكان هنية قد اعتلي منبر الأزهر عقب صلاة جمعة تحرير القدس في 24 فبراير الماضي وأعلن عن رفضه الاعتراف بإسرائيل وهو شرطها لتعترف بحكومة حماس ورددها 3 مرات لن نعترف.. لن نعترف.. لن نعترف.
في الثالثة من بعد ظهر الخميس.. كان أول لقائي بالجانب الفلسطيني لخط الحدود المصري وقد عشت موضوعات صحفية عديدة في جانبه المصري متشوقا لرؤية الفلسطيني فأخذت أرصد كل التفاصيل..
(أهلا بكم في فلسطين) أول كلمة علي بوابة المعبر الفلسطيني تلقاها فور عبورك المنفذ المصري الذي تلحظ هندسة مبانيه الهرمية تحمل تواصل التاريخ والاستمرار علي هذه الأرض وقبة مسجده المماثلة لقبة المسجد الأقصي لتجد المنفذ الفلسطيني وهو في الأصل إسرائيلي حتي عام 2005 مقاما من حوائط معدنية سابقة التجهيز كأنه معسكر سريع يزال في أي وقت دون خسائر في التكلفة وتسعد بيافطة فلسطينية عن مشروع إعادة تطوير المنفذ ومبانيه فأراه بعيون المستقبل من مبان حجرية تعيش أبد الدهر ثم تشاهد سيارات أجرة صفراء إسرائيلية الصنع تكمل منظومة النقل الذي يتولاه ما بين المنفذين شركة شرق الدلتا من مصر وشركة إيليا الطيبة من فلسطين.
خارج البوابة وعبر زجاج السيارة التي تسابق الريح لضيق الوقت في طقس بارد ينذر بالأمطار رصدت سريعا.. الطريق الأسفلتي قديم وضيق وحفره عميقة لكن الحركة عليه في منتهي السرعة رغم برك المياه العديدة يافطة سوبرماركت تعلن عن وجود كروت شحن مصرية فشركات المحمول الثلاث تلتقط هنا في الطقس الصحو أما في الغيوم فلم نستقبل أي رسالة وكذا في ظهور الطيران الإسرائيلي كما أوقفت إحدي الشركات لدواع أمنية.. الخضرة تغطي كل المساحات حولك.. علي اليسار مسجد صلاح الدين.. معظم المنازل من دور أو اثنين بالطوب الإسمنتي الرمادي وتظهر بعض عمارات حديثة أعلاها قرميد أحمر لدواعي الأمطار.
علي الحوائط عبارات مكتوبة.. أهلا وسهلا.. صلي علي النبي .. لاتنسي ذكر الله.. حماس تجمع ولا تفرق تصون ولا تبدد.. حركة المقاومة الفلسطينية وكتائب صلاح الدين يجددون العهد.. أسرانا البواسل عليكم الصمود وعلينا الوفاء.. عاشت حركة الأحرار في ذكري انطلاقها الرابع.. حماس تبرق بالتحية للأسير القسامي.. سنواصل النضال.. معا لوحدة الوطن.. للقدس إنا قادمون.. عدة محطات بنزين وغاز شبه خالية إلا من واحدة كان عليها زحام شديد وأخذ بعضهم يلوح لنا بسبب سياراتنا الرسمية وتظهر علي أعمدة الإضاءة رايات خضراء شعار حماس ورايات حمراء للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفي بعض المناطق علم فلسطين ألوانه الأخضر والأحمر والأسود والأبيض ولم أرصد أي شيء لمنظمة فتح اللهم إلا صورة بالزيت لياسر عرفات علي حائط في مدخل غزة ومعه صورة للشيخ أحمد ياسين وقالوا لايختلف أحد علي أبو عمار وعن مشاعرهم علي الأقل تجاه فتح عقب أحدهم (مشاعر إيه أصبح بينا دم ).. يافطة كبيرة بالصور في أحد الميادين لشهداء الدحدوح ..وتظهر أشجار السنط الضخمة قالوا زرعت من أيام الحكم العسكري المصري بعد 1948 وقد شاخت وسقط بعضها علي السيارات فيتم إزالتها حاليا واخترقنا تجمعا كبيرا للأهالي يتابعون ذلك.
قبيل غزة نعبر واديها علي كوبري حديث بعد تدميره عقب أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شليط 2006 وقد أفرج عنه 2011.. محلات لسيارات ملاكي حديثة.. الشوارع أقرب لشوارع مدينة العريش بنفس الروح والتنظيم والزحام من سيارات مختلفة وعربات كارو وموتوسيكلات.. الملفت رغم السرعة الشديدة أن أحدا لايخرج عن مسارة وقد اعتادوا السرعة فأشفقت علي تلميذة بحقيبة مدرسية ثقيلة علي ظهرها وهي تجاهد لتعبر قبل سيارتنا دون أن يتوتر أحد مثلي.. محلات أفران.. سوبر ماركت .. محلات ملابس ومطاعم فلسطينية وأمريكية شهيرة .. حياة كاملة..
علي مدخل غزة إشارة إلي موقع كان حاجزا إسرئيليا استشهد عنده الطفل محمد الدرة .
غزة تمتد بعمق 3 كم إلي البحر شرقا و4 كم مع الجدار الإسرائيلي غربا علي اليمين إحدي 10 محررات تمثل 40 ٪ من مساحة القطاع تم استثمار أرضها في زراعة الفواكه وبعضها للمساكن والاسم هو البديل الفلسطيني لما كان يعرف بالمستوطنات التي أنشئت بعد 1967 وأزيلت 2005.. وتجمعات أغنام.. علي اليمين المجمع الإسلامي الذي اغتيل أمامه الشيخ أحمد ياسين وقد أعيد بناؤه لكن مأذنته الثانية المحطمة قمتها تقول إنه قد قصف من جديد.. مجموعة عمارات مرتفعة لأكثر من 6 أدوار واجهتها ثقوب سوداء ودخان من القصف ..مستشفي الهلال الأحمر الفلسطيني يتم صب أساسات ثلثه. وقد قصف مع مجمع الوزارات الذي تحطمت مبانيه تماما في عام 2009 ( معركة غزة).. ثم مبني جامعة الأزهر علي اليسار والجامعة الإسلامية علي اليمين ووسط مدينة غزة يقع مبني المجلس التشريعي الفلسطيني.
في طريق العودة كان الرصد السريع عن الحياة في القطاع عرفت من أحمد بسيسو ومحمد المناعة وبعض مواطنين آخرين أن العملة الداخلية هي الشيكل الإسرائيلي والدولار والدينار الأردني الذي اعتادوا التعامل به منذ الاحتلال عام 1967 وأصبح العملة العربية التي يلتزمون بها في شراء الأراضي ومهر الزوجات فالاثنان (عرض) لا تتدخل فيه غير عملة عربية وهناك مثل فلسطيني يقول (عاوز تحب .. حب بالدينار) وأن هناك كثيرا من الزوجات مصريات فهن الغالبية بين غير الفلسطينيات وأن الشيكل يوازي 130 قرشا مصريا ويستخدم الجنيه المصري في معبر رفح فقط أما متوسط الأجور فهو 3 آلاف شيكل تعادل 700 دولار لكن تكاليف الحياة غالية فإيجار الشقة 300 دولار وكيلو الفراخ 30 جنيها مصريا ودرزة الخبر من 50 رغيفا صغيرا بعشرة جنيهات وقال أحدهم أن دول العالم بها رادارات لرصد الطيران وصفارات إنذار والاثنان غير موجودين عندنا فلذلك نتوقع القصف الجوي في أي لحظة وليس لدينا خنادق فنحن في بيوتنا وأعمالنا أو في الشارع والقصف في أي وقت أو مكان ولانغير حياتنا عنده نكمل يومنا العادي اللهم أن فضول الكثيرين يدفعهم للتجمع لتقديم المساعدة ومعرفة ما حدث وذلك ليلا ونهارا فقد يتم قصف موتوسيكل علي طريق في زحام النهار لأنه يحمل ماسورة مياه لعمله ويضحك أحدهم علي صوت أزيز الطائرات الإسرائيلية بدون طيار ويسمونها الزنانة لما تحدثه من أزيز من أنه لا يستطيع النوم إلا علي صوتها وسألت عن فترات الهدوء فأجابوا (ومن إمتي فيه هدوء) وقد تأتي أكثر من مرة في اليوم وعندما يقصفون أحد المطلوبين لايهمهم مقتل أسرته ولا جيرانه وفي المرة الأخيرة مزق تلميذ لنصفين وانتظرت أمه علي جانب الطريق حتي توقف الزن ثم جمعت أشلاءه وأوضحوا أن كل احتياجاتهم تأتي من مصر ويحاولون تحقيق الاكتفاء الذاتي للمواد الغذائية وأن كل الأسعار ترتفع في شهر رمضان وأن كيلو اللحوم 25 شيكلا وكذلك زيت الزيتون وأن أشهر منتجاتهم الجبنة النابلسية من لبن الماعز ومعظم ملابسهم من تركيا والصين ويفخرون بالكابتن رمزي صالح حارس مرمي النادي الأهلي المصري ووالدته مصرية وأن تعبئة أنبوبة البوتاجاز مائة جنيه وسعر الأنبوبة نفسها مائة دولار ويستخدم الغاز للطعام فقط فالاستخدامات الأخري بالسخان الكهربائي ومياه الشرب من محطات التحلية 250 لترا بعشرة شيكلات وباقي الاستخدامات من آبار منزلية مالحه يستخدم البعض فلاتر لاستخدامها في طهو الطعام وأن متوسط استهلاك الكهرباء شهريا 60 دولارا.
وقالوا إن إسماعيل هنيه مايزال يقيم في مخيم الشاطئ للاجئين ويقول: (جئت من الشعب وسأبقي مع الشعب) وأن مشكلتهم الحالية هي الكهرباء من قلة الواصل من سولار من مصر وهو ضروري لتشغيل محطة الكهرباء التي تنتج 80 ميجا ويحتاج القطاع 350 ميجا وأن معظم البيوت بها مولدات خاصة لكنها تتأثر بوجود السولار لذلك وأحيانا تكون هناك مشكلة في ضخ المياه في الخط العمومي لانقطاع الكهرباء وتأتي الزنانة فينقطع التليفزيون لكنا نعيش ونصمد.
يكشف لي د. نافذ المدهون أمين عام المجلس التشريعي الفلسطيني جانبا من مشكلة الطاقة فالجانب الإسرائيلي قلص كمية الغاز من 250 طنا يومياً إلي 40 أو 60 طنا ومحطة الكهرباء تحتاج 400 ألف لتر سولار يومياً، و18 مليون لتر في الشهر و20 مليون لتر للسيارات والمواطنين و6 ملايين لتر بنزين عادي وسوبر والمتوفر لايكفي 02٪ من الاحتياجات ويستهلك القطاع 200 ميجاوات لكهرباء نصفها من محطة غزة، والثاني من شركة الكهرباء الإسرائيلية. وتنتج محطة غزة (140) ميجاوات، وقد تعرضت للقصف في 2006. فأصبحت قدرتها80 ميجاوات.ويحتاج القطاع 350 ميجاوات. فنضطر لقطع التيار 8 ساعات صباحا ومثلها مساء ووصل الأمر حاليا الي 15 ساعة.
ووفر الصليب الأحمر 1500 لتر للمستشفيات لإنقاذ حضانات الأطفال ومرضي الفشل الكلوي. يضخ السولار المصري بشكل رسمي من مارس الحالي. وافقت مصر علي إمداد القطاع 450 طن سولار يوميا في عشر سيارات صهريج حتي يتم مد خط ثابت مع الربط مع الشبكة الكهربائية المصرية بعد فصل شبكة القطاع عن الشبكة الإسرائيلية وقد تم رفع جهد الكهرباء المصري من 17 الي 22 ميجاوات ويتم في نفس الوقت رفع كفاءة محطة كهرباء الشيخ زويد بحوالي 40 ميجاوات إضافية تخصص لقطاع غزة بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية.
المجلس التشريعي الفلسطيني تم انتخابه عام 1996 ثم في 2006 يضم 132 عضوا ويرأسه د.عزيز دويك الذي تم اعتقاله في الضفة الغربية في 20 يناير 2012.
المعروف أن حماس فازت بالأغلبية في انتخابات التشريعية 2006 فشكلت الحكومة ثم سيطرة علي القطاع عام 2007 ففرض عليه الحصار وعقوبات بوقف تسليم الضرائب (55 مليون دولار شهرياً. وتقنين دخول الوقود والكهرباء والمواد الغذائية ومواد البناء ومنع الصيد في عمق البحر، وغلق المعابر والسماح بإدخال 84 صنفاً من أربعة آلاف رغم أن السلع والبضائع محجوزة في الموانئ الإسرائيلية واندلعت اضطرابات بين أنصار فتح وحماس وتمت تهدئة رعتها السعودية (اتفاق مكة) ثم سيطرت حماس علي المقرات الأمنية في غزة في 2007.
في 2008 نجح متضامنون دوليون في كسر الحصار عن طريق البحر لكنه فشل عام 2010 .
في عصر الجمعة 10 مارس الحالي بدأ التصعيد العسكري الأخير بقيام الطائرات الإسرائيلية بقصف سيارة الشيخ زهير القيسي الأمين العام للجان المقاومة الشعبية ومعه نسيبه محمود حنن وكان أسيرا تم تحريره وهو من مدينة نابلس وشخص ثالث وذلك في منطقة تل الهوي في غرب غزة فردت سرايا القدس وكتائب الأقصي وألوية صلاح الدين بإطلاق الصواريخ علي جنوب إسرائيل والذي استمر لمدة أربعة أيام راح ضحيته 25 شهيدا وأصيب 100 وتم تدخل مصر في هدنة تمت الاتفاق عليها في القاهرة لينفذ فجر الثلاثاء 13 مارس ووافقت فيه إسرائيل لأول مرة علي وقف الاغتيالات لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن عن استمرار قتل الإرهابيين فقامت الطائرات بقصف مجمع أخشاب في الأربعاء قبيل وصولنا واستمرت مساء الخميس عقب خروجنا ومستمر حتي إشعار آخر ووصل عدد الصواريخ الفلسطينية أكثر من 200 .
قطاع غزة مساحته 360 كيلومترا مربعا وتعداد سكانه مليون ونصف مليون أغلبهم من لاجئي حرب 1948وهو من أكثر مناطق العالم اكتظاظا يتكون من 5 محافظات، ويضم ثمانية مخيمات ومدينة غزة أكبر مدنه سكانها نصف مليون نسمة.
من الفجر إلي الفجر كانت رحلتنا من أمام الجامعة العربية بالتحرير وانتهي عندها ورغم الإرهاق كانت سعادة بزيارتي الأولي للقطاع وما واجهناه من إجراءات منذ وصولنا إلي منفذ رفح المصري في الثانية عشرة ظهرا وفي خلفيتنا حساسية العمل فيه وما يجاوره من مشاكل أنفاق وتهريب تؤثر بالقطع في قوة تركيز رجال الجوازات والجمارك وعذرنا انفعالهم وتأخرنا للثالثة عصرا رغم تأكيدنا بالعودة في نفس اليوم وطمعنا في وقت إضافي للصحفيين لنتمكن من لقاء أهالي غزة وهم يستحقون واتفقنا وديا علي ساعة فكنا نلهث في غزة وراء العمل ونطير بالسيارات لنصل في السادسة إلا ربعا لنجد المنفذ قد أغلق ويواجه السائق الفلسطيني الذي تقدم مترا في اتجاه المعبر المصري دون الإذن لوما شديدا ثم يأتينا ضابط شرطة مصري في منتهي التهذيب يطلب من د عبد القادر الاستراحة عشر دقائق في المنفذ الفلسطيني الذي ختم لنا بالمغادرة ويستقبلنا الفلسطينيون بكل الود لنجد معبرنا قد أغلق تماما حتي صباح السبت لتفاجئنا مشاكل مالية لبعضنا وارتباطات عمل وأسرة وحالة قلق استمرت ساعتين واتصالات بمصر والسلطة الفلسطينية فأمامنا ليلتان ويومان وأبدي الفلسطينيون ترحيبا باستضافتنا وعرض رئيس الوفد تحمل أي تكاليف لكننا لم نستوعب ألا ندخل بلدنا ويسمح لنا بالدخول في الثامنه لنواجه إجراءات إعادة تشغيل الكمبيوتر وحضور المسئولين والتدقيق في البيانات والصور والضيق البادي وإن لم يكن صراحة حتي خرجنا في العاشرة مساء لنواجه 3 حالات صحية شديدة في الوفد الإعلامي نتوقف في المساعيد للأدوية والمشروبات تهدئ المعدة المضطربة وينظف السائق أرضية الأتوبيس ويطفئ الأنوار لاندري بأنفسنا إلا في القاهرة عند الفجر فقد غرقنا في نوم عميق.
في الثامنة وعشر دقائق مساء الخميس 15مارس كنا في حضن المنفذ المصري ليسمع الجميع أزيز الطائرات الإسرائيلية التي نفذت عدوانا جديدا علي غزة في نفس التوقيت تماما.
رغم إرهاق الوصول والقلق تذكرت آخر جملة علي جدران المنفذ الفلسطيني وسط الظلام..
لن تسقط القلاع..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.