د. نصر فريد واصل كوكتيل الفتاوي الذي يخرج به شيوخ الفضائيات الدينية جعل الأمر أشبه بخدمة توصيل الفتاوي للمنازل علي طريقة خدمة (الهوم ديليفري) وخصوصا بعد ظهور فتاوي المرحلة السياسية الحرجة التي تعيشها مصر الآن في ظل التطورات السياسية المتلاحقة، الأمر الذي أصاب المواطن المسلم بشيء من الارتباك من هذه الفوضي التي يتسبب فيها رجال يحسبون أنفسهم علي الدين والدين منهم براء. ولعل أغرب الفتاوي التي أثارت جدلا واسعا في الآونة الأخيرة فتوي الشيخ عمر سطوحي رئيس لجنة الدعوة الإسلامية بالأزهر بتحريم الزواج من أعضاء الحزب الوطني المنحل لأنهم غير أمناء ومضيعون للأمانة - علي حد قوله. فتوي ميكي ماوس وفي خضم الفتاوي هناك فتوي قتل أصحاب القنوات الفضائية الإباحية.. وفتوي بأن ميكي ماوس من جنود إبليس والشيطان يجب قتله.. بجانب فتاوي إرضاع الكبير وتحريم كشف المرأة عن وجهها وشعرها لبنات جنسها الأجانب عنها.. وتحريم تقديم الزهور للمريض.. وتحريم تقديم الهدايا للأطفال في أعياد الميلاد لأن هذه الأعياد ليست من الإسلام في شيء.. بالإضافة إلي الفتوي السورية بتحريم نوم المرأة بجوار الحائط بمفردها لأن الحائط ذكر والمرأة أنثي.. إلي غير ذلك من الفتاوي المثيرة للجدل. ولمواكبة الأحداث الجارية صدرت فتاوي تحرم التصويت لليبراليين في الانتخابات البرلمانية التي تجري حاليا.. ويتباري الفتوجية فتارة يكفرون الخروج علي الحاكم مهما أحدث من ظلم وتارة أخري يكفرون الديمقراطية.. وتارة يصدرون فتاوي تتعلق بالانتخابات. وفي هذا السياق.. اتهمت لجنة تقييم ومتابعة الأداء الإعلامي للمرحلة الأولي للانتخابات البرلمانية لعام 2012/2011 بعض الفضائيات الدينية بتوظيف الفتاوي الدينية لدعم بعض المرشحين.. وفتاوي التحريم التي انطلقت في كل مكان لدرجة جعلت المجتمع المصري يشعر بالذعر والخوف علي مدنية الدولة والحريات بشكل عام.. ومن هذه الفتاوي تكفير الديمقراطية وتحريم دخول البرلمان والتشريع بغير ما أنزل الله وتحريم عمل المرأة واعتبار النصاري أهل ذمة وعليهم دفع الجزية.. وضرورة ستر الآثار لأنها عورة.. وتحريم لبس المرأة للكعب العالي. فتاوي الفضائيات والمشكلة قديمة حديثة وتتجدد كلما استجدت الأحداث.. فقد أعلن الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية السابق عن رفضه إجازة الهاتف الإسلامي عندما كان مفتياً.. كما رفض الظهور علي الفضائيات للفتوي لأن الفتوي خاصة وشخصية ولا يجوز عرضها علي العامة والفتوي العامة لابد أن تعرض علي جهة الإفتاء وتنشر فيما بعد. قال: "أنا ضد فتاوي الفضائيات لأنها تضر أكثر مما تنفع وتربك الناس". واعتبر الدكتور واصل أن من يتحدث عن الجزية اليوم جاهل بأحكام الاسلام، مشددا علي أنه لا وجود الآن للجزية، لأن هناك حقوقاً وواجبات متساوية للجميع، مسلمين وغير مسلمين، ولأنها كانت تدفع في الماضي مقابل عدم انخراط غير المسلمين في الجيش. المفتي الحق طرحنا القضية علي الدكتور عبد المعطي بيومي الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية.. قال : لا يجوز أن يفتي إلا من يحفظ القران الكريم ويستطيع أن يعرف الآيات التي تتضمن أحكاما إجمالية والآيات التي تتضمن تفصيلا لهذه الأحكام حتي لا يقف عند آية من الآيات ويكون الحكم مفصلا في آية اخري. أيضا يجب علي من يتصدي للفتوي المعرفة بالسنة النبوية الشريفة والأحاديث الصحيحة والأحاديث الضعيفة ومناسباتها ويكون لديه من الورع ما يمنعه من استخدام هذه الآيات لمصلحة شخصية أو لمصلحة أحد حتي لا يتم توظيف الدين للمصالح الآنية لأن الفتوي تفويض من الله سبحانه وتعالي للشخص ولذا فمن يتعرض للإفتاء لا يجوز أن يخون من فوضه وهو الله وعز وجل.. ولا يمكن استغلال هذا التفويض ليزيف علي الناس دينهم لتحقيق عرض من أعراض الدنيا فهؤلاء عليهم غضب من الله وبئس ما شروا به أنفسهم. جاهز وتفصيل وتشدد الدكتورة ليلي قطب الأستاذة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر الشريف علي أن هذه الفتاوي التفصيل تحدث بلبلة في الناس خاصة في أوساط البسطاء الذين يأخذون الفتوي كما هي من عالم الدين لأنه رجل ثقة لكن هذه الفتاوي التفصيل والمتعددة والمتضاربة تؤدي لعدم الثقة وتجعل الناس في حيرة من أمرهم فمن يصدقون ومن يكذبون .. ولكن المفروض أن تؤخذ الفتوي من أهلها فعالم الفتوي الذي يتصدي لها يجب أن يكون ملما بالقرآن الكريم ومتدبرا له وكذلك بالأحاديث النبوية الشريفة وتفسيرها فهناك شروط للاجتهاد.. ويجب أن يكون من أهل العدل ومشهود له بالورع وليس تابعا للمصالح وملما بسيرة الرسول صلي الله عليه وسلم لأن من يفتي بإثم أوضلالة أو فتوي خاطئة يتحمل وزرها وله عذاب عظيم عند الله.