«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج التاريخ أحياء تحت الخطر
المرج يطلق شعار: المخدرات للجميع

الجدار العازل من القمامة يفصل سكان الشارع وحدها السماء قادرة علي إنقاذ مواطنين مصريين لا يجدون إلا الموت حولهم.
"المرج" اسم يحيلك إلي صورة لأرض خضراء فسيحة يلهو فيها أطفال يحملون علي وجوههم ابتسامات ناصعة.. لكنها في مصر عبارة عن منطقة تتجمع فيها القاذورات خلف أبنية قصيرة مصفوفة يفصل بينها شوارع ضيقة، بينما الأرض تحت الأقدام تطفح منها مجاري لتمنحك مزيدا من العفونة بعد أن تختلط برائحة المخدرات المنبعثة من كل الجهات.
جبال من القمامةتمرح فيها الثعابين
السنج وسيلة لفتح الطريق في سوق تجارة السلاح
الشرطة غائبة والحي غير موجود المرض في كل مكان
قررنا فتح ملف أحياء تحت الخطر بعدما تفاقمت المشكلات في العديد من الأحياء الشعبية مما ينذر بثورة أخري من الممكن أن تخرج من تلك المناطق وكانت البداية بحي "المرج" والذي يقع شمال شرق القاهرة وسمي بهذا الاسم لأنه اشتهر بزراعة أشجار النخيل حيث احتوت علي الكثير من الحدائق والزراعات نظرا لطبيعة الأرض التي صلحت لزراعة أجود أنواع النخيل وكانت منذ مدة غير قليلة حتي بداية تسعينات القرن العشرين منطقة ريفية تغلب عليها الزراعة.
حتي ظهرت عليها طفرة عمرانية كبيرة وأختفت الأراضي الزراعية بها تماما وتم مد مترو أنفاق القاهرة إلي محطته الأخيرة المرج الجديدة وأصبحت المرج أحد أحياء القاهرة بعد أن كانت قرية ثم ضاحية صغيرة.
كانت حتي وقت قريب (1993) تحدها من الشرق الترعة السلطوحية والتي ردمت الآن وقصر نعمت هانم والرشاح- ردما أيضا- غربا ومدينة الأندلس جنوبا ومنطقة 23 يوليو شمالا ومنطقة محمد نجيب وقد انفصل حي المرج عن حي السلام في 1994/4/1
ويبلغ عدد السكان التقديري طبقا لآخر إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (543802) نسمة وتبلغ المساحة الكلية للحي 41.96 كم2 أما المساحة المأهولة فتبلغ 7.71 كم2 فقط.
بدأنا جولتنا بحي المرج عندما نزلنا من محطة مترو المرج الجديدة حيث بدأ خط مترو الأنفاق الأول من المرج التي يوجد بها أكبر موقف لسيارات الأجرة بين المحافظات وهي أيضا محطة رئيسية للطريق الدائري ومعبر لمحافظة القليوبية وكان الملاحظ أنه علي الرغم من أهمية تلك المنطقة إلا أنها لا يوجد بها عسكري مرور واحد لتنظيم الحركة المرورية وكان ذلك المنظر بداية العشوائية داخل الحي.
فعلي امتداد سور المترو وجدنا القمامة تحاصره من جميع الجهات فقابلنا أحد ساكني المنطقة وتحدثنا معه عن المشكلات في أهم منطقة بحي المرج فقال لنا إن الحي تحول إلي غابه ولم يعد هناك تطبيق للقانون وأصبح الجميع يلجأ إلي العنف للحصول علي حقوقه وهناك عصابة تسيطر علي كل شيء في المنطقة والأهالي البسيطة لاحول لها ولاقوة فهي تستسلم للأمر الواقع وتريد أن ينتهي يومها علي خير دون مشاكل ووصلنا إلي مانحن فيه الآن بعدما تخلي الأمن والحي والمحافظة عن أدوراهم فتركونا لقمة صغيرة في فم حيتان تفعل ما تشاء دون أن يحاسبها أحد.
فموقف السيارات يسيطر عليه مجموعة من البلطجية ويمارسون جميع أنواع البلطجة علي الركاب والسائقين وعندما يقترب الليل ينتقلون إلي مناطق هادئة ليروعوا المواطنين هناك فحالات السرقة والاغتصاب أصبحت شيئا عاديا بالنسبة لهم ولايكاد يمر يوم دون أن يكون هناك عدة حالات من هذا النوع .
وبعدما سمعنا مايحدث في منطقة رئيسية بالحي بدأت حاستنا الصحفية تأخدنا إلي المناطق العشوائية داخل الحي والذي يضم أربعة أركان أولها الحد الشمالي والذي يتبع محافظة القليوبية والحد الجنوبي التابع لحي عين شمس والحد الشرقي بالقرب من حي السلام و الحد الغربي والذي يتبع محافظة القليوبية.
وكانت البداية بالمرج الغربية والتي يعاني أهلها من عدة مشاكل متلاحقة والتي تتسب في تعريض حياة المواطنين للخطر كل يوم ولم نجد وسيلة مواصلات تأخدنا إلي هناك سوي عربة صغيرة تحمل 8 ركاب وتعرف بال" سوزوكي" وهي أفضل وسيلة مواصلات موجودة بالحي وأثناء سيرنا بالطريق كان هناك عاملان مشتركان القمامة والصرف الصحي حتي وصلنا إلي شارع المهاجرين .
وعلي الرغم من اتساع الشارع إلا أنه يظهر وكأنه شارع صغير للغاية وتمر به سيارة أو اثنتان علي الأكثر فجبال القمامة قسمت الشارع إلي قسمين وأصبح هناك جدار عازل من القمامة يفصل سكان الشارع ورائحة المخدرات تنبعث من كل مكان حولك، والصرف الصحي يغرق المنطقة، والحشرات والأفاعي والثعابين تنتشر كأنها وجدت لنفسها مكانا آمنا للحياة ، وفي وسط كل هذا وجدنا سيدة عجوزا تجلس بجوار القمامة وتقوم بتنظيف حذاء زوجها ولكنه علي مايبدو أن سوء المنطقة جعلتنا نتشكك في كونه حذاء بالأساس بعد أن أصبح قطعة قماش لا لون لها .
وسألناها عن سبب تلك القمامة فرجعت بذاكرتها إلي الوراء بداية من إزالة العشش المبنية في وسط الشارع لإقامة كوبري يصل الدائري بمسطرد وكان ذلك في شهر أغسطس الماضي.
فالعشش بحسب كلامها كانت تؤوي المئات من الأسر البسيطة التي لم يكن لها مسكن ملائم فقرروا بناء مساكن من الطوب والخوص علي الترعة المردومة واستمر هذا الحال قرابة الخمسة عشر عاما.
وكانت العشة الواحدة تكفي لعشرة أفراد أو أكثر وكانت عبارة عن غرفة صغيرة ولايوجد بها حمام خاص بها وإنما كان هناك حمام عمومي يستخدمه الجميع وهو ماكان يسبب مشاكل عديدة بين ساكني تلك العشش وبعد سنوات من المعاناة قررت الحكومة هدم تلك العشش وقدمت الحكومة لها إخطارا بضرورة إخلائها لإقامة الكوبري ووعدتنا محافظة القاهرة بتقديم شقق مناسبة فور إخلائها.
فالحكومة التي قامت بهدم تلك العشش وعوضتنا بشقق أفضل بكثير منها لم تقم بإزالة الهدد وتركته في منتصف الشارع فبعد أن كانت هذه المنطقة محلا سكنيا لأشخاص آدميين أصبحت مأوي للحشرات والأفاعي وامتلأت المنطقة بالقمامة فحتي الآن لاتزال بقايا المنازل موجودة ولم يعد هناك الإ القمامة فهي محيطة بك من كل مكان وارتفاعها كاد أن يقترب من ارتفاع البنايات.
وبعد أن تركتنا تلك السيدة العجوز لكي تخرج همها وهي تقوم بتنظيف الحذاء التقطنا العديد من الصور لنبين هذا الكم الهائل من القمامة وأثناء سيرنا وجدنا جراجا في منتصف الطريق أيضا ووجدنا اريكة وكرسيين متهالكين وكأنهما مكان للضيافة داخل الجراج وكانت هناك سيدة تجلس وبجوارها شحض نائم علي الأريكه ظهر عليه برودة الجو فاقتربنا من السيدة وسألناها عن سبب وجود الجراج في منتصف الشارع فأكدت أن حي المرج قام بتأجيره بطريقة غير شرعية بعد أن تمت إزالة العشش وأنا أعمل أنا وزوجي علي حراسته وكنا نقيم في تلك العشش قبل أن يتم نقلها.
وحتي بعد نقلنا إلي الشقق الجديدة تحاصرنا المشكلات أيضا محافظة القاهرة تأخد إيجارا شهريا قدره 70 جنيها ولكن لا نستطيع دفع هذا المبلغ فزوجي يعمل حارس جراج ويأخد 200 جنيه فقط شهريا وهذا لايكفي لايمكن أن نخرج منها70 جنيها وحتي الآن منذ أربعة أشهر لم ندفع الإيجار ولا نعلم ماذا سيحدث إذا لم نقم بالدفع.
الغريب في الأمر وجود حي المرج في ذلك الشارع وعلي الرغم من هذا لم يساعد في شيء فعند تجولنا في المنطقة لم نجد صندوق قمامة واحدا وكان تبرير معظم الأشخاص أن جامع القمامة لايأتي إلي المنازل فيضطر جميع سكان المنطقة لإلقائها في الشارع وهذا ليس كل شيء فالحي مسئول عن إزالة الهدم الموجود في منتصف الشارع ولكنه لم يقم بذلك ولكن لجأ إلي أساليب ملتوية حيث تعاقد بشكل غير مباشر أو رسمي مع أحد أصحاب الكافتيريات لكي يقوم بإزالة الهدم في منطقة صغيرة مقابل أن يدفع إيجارا لها وعلي الرغم من المخالفة الصريحة لذلك ولكنه يقوم بحمايته وهو ماحدث مع أحد أصحاب أكشاك بيع الملابس.
كما أن المنطقة تعاني العديد من المشكلات الخدمية والحي مسئول عن حلها ولكنه لايتدخل ويترك الأمر يزداد سوءا ولايقوم بحل أي مشكلة إلا عن طريق الرشاوي والتي لم تنته بعد سقوط النظام الفاسد والأهالي لايجدون حلا سوي الدفع ولكن حتي مع ذلك لايجدون حلا لمشكلاتهم.
محمد أبو العلا أحد شباب المنطقة كان يمتلك ورشة شكمانات وسط العشش وبعد إزالتها تم تعويضه بورشة بمنطقة "النهضة العبد 1300" ولكنه استأجر ورشة صغيرة بالقرب من المنطقة ورفض الذهاب إلي تلك المنطقة فهي خالية من السكان ولايوجد بها أي مجال للعمل كما أنه حصل علي الورشة الجديدة مقابل عقد انتفاع ولايحق له توريثه أو تمليكه أو تأجيره ويدفع 200 جنيه كإيجار شهري.
لم تكن تلك الورشة مشكلته الوحيدة ولكن مشكلة الصرف تغطي علي المنطقة بأكملها فالحي قام بتعطيل هذا الشارع لمدة 6 أشهر لإصلاح الصرف ولم نجد أي تغيير فمنذ أيام تم تعطيل الصرف لمدة 6 أيام هذا فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي دوما وبالتالي انقطاع المياه فهذه المنطقة لايوجد بها مولد مياه خاص بها.
ويري أبو العلا أن الوضع الأمني ازداد سوءا خاصة بعدما تم نقل قسم شرطة المرج إلي هذا الشارع والذي كان من المفترض أن يكون رادعا للخارجين علي القانون ولكن ماحدث العكس فدوما مانسمع طلقات نارية فالمشكلات بين العائلات قد تصل إلي حد إطلاق النار ولكن لا أحد يستطيع التدخل أو الإبلاغ عنهم ولكنهم معروفون للحكومة والأجهزة الأمنية.
وأمام تلك القمامة وجدنا محلا يبيع كفتة مشوية علي الفحم إلا أن رائحة القمامة غطت علي رائحة الفحم وقابلنا وليد محمد أحد ساكني المنطقة والذي تمني عودة العشش مرة أخري بعد أن كان يحلم باليوم الذي يتم فيه إزالة العشش مشيرا إلي أن مشكلة القمامة ليست مشكلة الأشخاص ولكنها مشكلة الحكومة التي لم توفر صناديق قمامة لخدمة سكان المنطقة.
ووصل الأمر لدرجة أن ساكني المنطقة يستعينون بكمامات لعدم مقدرتهم علي تحمل رائحة القمامة وطالما تضرر الأطفال من هذه الرائحة وتقدم الأهالي ببلاغات للحي ولكن دون استجابة .
و العديد من سكان المنطقة تعرضوا لحالات اختناق بسبب احتراق أماكن القمامة والتي يخرج منها سحابة سوداء تغطي المنطقة بأكملها وفي كثير من الأحيان يستعين أهالي المنطقة بسيارات المطافي لإخماد تلك الحرائق.
وتعد المواصلات من الأزمات التي يواجهها سكان المنطقة فلايوجد أتوبيس هيئة نقل عام لهذا الطريق فلايوجد سوي الميكروباصات الصغيرة التي تتسبب في حوادث بسبب سرعتها كما أن رداءة الشارع تسببت في إهلاكها وأصبحت غير آدمية ولكنها الوسيلة الوحيدة التي يعتمد عليها سكان تلك المنطقة.
وعند تجولنا في المنطقة لم نجد سوي طوابير مزدحمة أمام مخابر العيش التي تبدأ عملها في الثامنة صباحا وتنهي عملها في الثانية عشرة ظهرا ونادر ماتحصل علي ماتريد في ظل تلك الطوابير، بالإضافة إلي عمليات تهريب الدقيق وبيعه بالسوق السوداء ب80 جنيها بدلا من 8 جنيهات.
وازدادت الطوابير وكأنما لابد من وجود طوابير لتستمر المعيشة في تلك المنطقة فنجد أزمة الأنابيب اشتعلت من جديد في هذه المنطقة فهي مشكلة تهدد الجميع في المنطقة والتي لايوجد بها سوي مخزنين فقط للأنابيب ويبعدان مسافة 15 كيلو عن المنطقة فالأول يوجد في مساكن عين شمس والثاني بمنطقة كوبري محمد نجيب ويخدمان أكثر من 7 مناطق جميعها مكتظة بالسكان.
وهذا البعد ساعد علي تسهيل تجارتها في السوق السوداء فقد وصل سعر الأسطوانة الواحدة 50 جنيها وهو ماأكده محمود إبراهيم أحد التجار فمديرو المخازن يقومون بتفريغ الاسطوانات الكبيرة في أخري صغيرة لبيعها ب35 جنيها .
ولم نكن نتخيل أننا سنتحدث مع تاجر مخدرات ويخبرنا عن أماكن بيعها في المنطقة ولكن القدر أوصلنا إلي رائد سيد وهو أحد تجار المخدرات بالمنطقة حيث كشف لنا عن مكان بيع المخدرات بمنطقة تسمي "جنينة أبو عودة" وهي عبارة عن أرض فضاء كان يمتلكها شخص عربي يدعي الحاج عواد ثم قام ببيعها وتقسيمها ولكنه لم يكن يعرف أنها ستصبح مقرا للتجارة وتداول السلاح والمخدرات فيوميا يتم سماع أصوات طلقات نارية في تلك المنطقة وغالبا ماتكون عمليات تجارب السلاح قبل شرائها.
وغالبا ماتتم عمليات قتل في هذه المنطقة دون أن يشعر بها أحد ولا تستطيع الحكومة الدخول إلي تلك المنطقة فهي محصنة تماما وكأنها منطقة عسكرية ويري رائد أن تجارة المخدرات ليست مشكلة من يقوم بشرائها أو تعاطيها ولكن المشكلة في مكان تعاطي المخدرات ومن وجهة نظره أنه يجب علي الحكومة أن تضبط من يتعاطي المخدرات في الشوارع العامة فقط.
وعلي امتداد هذا الشارع نجد "كوبري الموت" إنه ليس اسما لفيلم رعب جديد بل هو وصف حقيقي لإحدي مشاكل المنطقة فالاسم الحقيقي لهذه الكارثة هو "كوبري محمد نجيب" الذي يربط بين المرج الجديدة والقديمة والذي أصبح بمثابة قنبلة موقوتة مهددة بالانفجار في أي وقت وبعد معاينة ظاهرية بالعين المجردة لهذا الكوبري ودون حاجة لخبير نستطيع القول إن الكوبري معرض للانهيار الكامل بسبب التآكل الذي نال منه فعلي الرغم من الأهمية الكبري له فهو لم يحظ بنظرة من المسئولين.
فالمواطن لا يستطيع عبوره علي الأقدام خوفا من انهياره ورغم ذلك تعبر عليه عربات كبيرة ومقطورات محملة بأكثر من 20 طنا وسائقوها معذورون فهم لا يجدون بديلا له فأسفل الكوبري أسوأ حالا من الكوبري نفسه إنهم مضطرون لذلك.
ودخلنا إلي هذه المنطقة - منطقة الأحرار- بمحمد نجيب و ياليتنا لم ندخل إليها فاقترابك منها يمكن تمييزه بكل سهولة لأنك لا تستطيع أن تفرقها عن أي منطقة نائية ريفية ولعلها أكثر المناطق حيوية في منطقة المرج وذلك لأنها تربط بين أربع مناطق ( المرج القديمة - المرج الجديدة الفلاحة القلج ) و لذلك فلابد من اعتبارها المنطقة صاحبة أعلي نسبة تدهور من بين تلك المناطق .
فور وصولنا إلي هذا المكان وجدنا أشياء لم نكن نتوقع أنها لا تزال موجوده بشوارع القاهرة - كعاصمة - تجد نفسك محاطا بالماشية من كل جهة فعندما تريد التوجه إلي منطقة الفلاحة لا يوجد خيار لديك سوي استقلال تاكسي مثلا لأنه لا يوجد مثل هذه المواصلات هناك بل يمكنك أن تجد حماراً بعربة كارو يساعدك علي الوصول ومن المحتمل ألا تجد عربة خاوية فعندئذ تكون مضطرا إلي ركوب عربة ربع نقل تحتاج فيها السيدة إلي 3 أشخاص علي الأقل من أجل الإمساك بها للصعود لتلك العربة .
إنها رحلة الموت كما أطلق عليها البعض فهذه العربات التي تحدثنا عنها لا تنقلك لمكان عادي بل أنها تسير علي ترعة الرشاح ومن المحتمل أيضا أن تسقط عربتك التي حاربت من أجل ركوبها للوصول لبيتك ولأطفالك و لهذا السبب رفض زميلي أحمد جمال ركوبي تلك العربات و ذهب هو لهذه المنطقة بمفرده وفضلت أنا ركوب التوك توك الذي يعتبره البعض وسيلة نقل الأثرياء هناك.
والتقينا في منطقة الفلاحة والتي تعاني العديد من المشكلات أغلبها موجود في حي المرج كله ولكن تلك المنطقة تشعر وكأنها معزوله عن بقية الحي فلاتذهب إليها سوي عربات الربع نقل وهي أول كارثة إنسانية تواجه أهالي المنطقة فالسيدات والفتيات يعانين من ركوب تلك العربات ووجدت منظرا غريبا للغاية حيث وقف رجل يحاول رفع زوجته لركوب تلك العربة ولكنها لم تستطع حتي جاء أكثر من شخص آخر وساعدها علي ذلك .
وعند وصولنا إلي المنطقة قابلنا رجلا مسنا كان يجلس علي ناصية شارع بمفرده وكأنه يقوم بحراسته كان عرض الشارع لايتجاوز متر ونصف المتر والتصقت العمارات ببعضها البعض ولا تستطيع أي عائلتين في مقابل بعض أن يقوموا بنشر ملابسهم في نفس الوقت وتشعر وكأنهم يعيشون في نفس البيت فلا فاصل بينهم وعلي الرغم من ذلك فإن ارتفاع العقارات في ذلك الشارع يصل إلي الدور السادس والسابع وهو ماينذر بكارثة حقيقة في أي وقت.
وتحدثنا مع عم إبراهيم والذي يعيش في المنطقة منذ 50 عاما واسترجع تاريخ تلك المنطقة والتي كانت عبارة عن أرض زراعية حتي الثمانينات من القرن الماضي وبدأ التوسع العمراني فيها ولكن علي أساس عشوائي فامتلأت المنطقة بالمنازل ولم يعد هناك أماكن للشوارع ولم يتم إدخال شبكة صرف صحي من الحكومة وكانت كلها مجهودات ذاتية من الأهالي وهو ماتسبب في مشكلات الصرف الصحي حتي الآن وحتي بعد قيام الحكومة ببعض الإصلاحات لم تنته مشكلات تلك المنطقة والتي وصلت إلي حد خروج المياه من أسفل المنازل .
وكان يسيطر علي المنطقة مجموعة من كبار رجالها وكانوا يرفضون دخول أي شخص غريب عنها وينتشر السلاح بكثافة في تلك المنطقة فلا يوجد شخص يمشي في الشارع بلا سلاح ولكن هذا الكلام لم يعد موجودا في الوقت الحالي كما أن تلك المنطقة منذ نشأتها لايوجد بها مقلب واحد للقمامة فامتلأت المناطق المجاورة للمنازل بالقمامة فالأهالي يعيشون وسطها وأصبحت جزءا من معيشتهم.
هناك مشكلة أخري يعاني منها سكان تلك المنطقة وهي عدم الرقابة علي المنتجات الغذائية فأغلبها مواد منتهية الصلاحية ويتم بيعها بسعر رخيص كما أننا لاحظنا أثناء تجولنا عدم وجود مدرسة واحدة بتلك المنطقة فأقرب مدرسة تبعد حوالي 10كيلو مترات في منطقة الخصوص وهو مايؤدي إلي زيادة نسبة الأمية في تلك المنطقة .
وتستغل شبكات المحمول غياب الثقافة لدي أكثر سكان تلك المنطقة وتتوسع في بناء محطات تقوية فوق أسطح المنازل وبأسعار منخفضة كما أن هناك كارثة أخري وهي مرور أسلاك الكهرباء وسط المنازل حيث يوجد برج تقوية كهرباء في تلك المنطقة ومن المفترض أن يحظر البناء بالقرب منه ولكن عدم وجود رقابة جعل الأهالي يقومون بالبناء في تلك المناطق بحيث تخترق الأسلاك المباني وهو ماأدي إلي وفاة أكثر من شخص بسببها .
أكثر من 90 شارعا لا يوجد بها صندوق واحد للقمامة لتجدها يوميا إما أمام بيتك أو متجرك أو شقتك وقفنا نتأمل تدافع الأشخاص لإلقاء مخلفاتهم.
نساء و رجال و أطفال يفرغون مايحملونه في منتصف الطريق لأول مرة أشاهد أهرامات من القمامة التي أحاول المرور بصعوبة بجانبها مختنقا برائحتها، أكوام تغلق طريق السير.
" كل هذا الكم من يومين فقط " يخبرنا أحدهم، ويضيف الرائحة تصعد حتي الطوابق العليا والأهالي تعودوا عليها بينما يعاني أصحاب المطاعم والشركات فيقومون- متطوعين - بنقل القمامة علي نفقتهم الخاصة بعد أن تخلي جهاز الحي عن القيام بواجبه .
و لسوء الحظ في ذلك اليوم وكغيره من الأيام كان العبور صعبا وذلك بسبب مياه الصرف التي تجدها حولك من كل مكان فتجد أن منطقة كاملة مقسمة لجزءين يمين المنطقة لا يوجد صرف لديها ودائما الأسطوانات محطمة والأهالي تقوم بعمل صرف خاص بها علي نفقتهم أما الجهة الأخري فالصرف لديها علي رشاح مؤسسة الزكاة وتوحدت مطالب أهالي المنطقة الأولي إلي ضمهم للصرف الحكومي .
قررنا التوغل أكثر من ذلك لنتعرف علي منطقة "العزبة البيضاء " فدوما ما يشتكي سكانها من العديد من المشكلات ولكننا لم نجد سوي " منصور " سائق توك توك متطوعا ليأخذنا إلي ذلك المكان الذي لا توجد له وسائل مواصلات وعلي الطريق لم نجد سوي بالوعات مفتوحة تنتظر الأطفال أثناء عودتهم من مدارسهم وبالفعل أكد لنا منصور أن الحوادث هنا بالعشرات و قد حاول الأهالي إغلاقها مرارا و تكرارا لحماية أبنائهم وتحدثنا إلي السائق في رحلة الوصول إلي العزبة وروي لنا العديد من القصص حول حوادث الاختطاف والقتل فبعض الناس تعتقد أنها عندما تصل إلي بيتها وهي تستقل التوك توك فهي بأمان ولكن هناك بعض الأشخاص يقومون بسرقة التوك توك نفسه مثل ما حدث مع شاب عمره 51سنة منذ أيام فقام البلطجية بإصابته في رأسه و أخذ منه و هو لا حول له ولا قوة وكان ذلك في الرابعة عصرا فكيف الحال إذن في المساء ؟؟ .
وتحدثنا معه عن أوضاع المنطقة في وقت الثورة فالثورة لم تكن مجدية بالنسبة لهم لأنهم كما قال " مش مستنين ثورة عشان نجيب حقنا إحنا بنجيب حقنا بدراعنا " فمن شارك في الثورة هو من شارك في الهجوم علي أقسام الشرطة فتصارع سكان المنطقة من أجل الحصول علي لفافة بانجو أو قطعة حشيش من الأحراز التي توجد داخل القسم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.