أصبحت عزبة أبو حشيش رقما صحيحا في معادلة العشوائيات في مصر حيث لاوجود لمرافق صالحة في ظل تزايد عدد سكانها وتراكم أكوام القمامة في مداخل الحارات. الأهرام المسائي قامت بجولة داخل العزبة والتقت سكانها للتعرف علي مشاكلهم تقول رضا محمد أبو الفضل من الأهالي: عايزة شقة أعيش فيها وأصرف علي عيالي لكن سرعان ماانهمرت في البكاء وبدأت تحكي معاناتها داخل حجرتها التي لاتتجاوز مترين موضحة أن لديها3 اولاد وزوجها مريض بفيروس( سي) وتعاني هي الأخري من سرطان في أحد ذراعيها كما أنها تعيش في حجرة صغيرة بها سرير واحد يجمع كل أفراد الأسرة. وتوضح أن زوجها قعيد بدون عمل وأن أطفالها في مراحل التعليم وليس لديها أي مصدر للرزق لكنها تعيش علي عطف أهل الخير عليها. ويقول طه عبد الله اسماعيل أحد الأهالي أن لديه6 أبناء ونظرا لضيق مساحة الحجرة فإنهم يتزاحمون من أجل أخذ قسط من النوم بالإضافة الي إضطرارهم للذهاب الي الحنفية المشتركة للحصول علي المياه اللازمة لهم فضلا عن عدم وجود صرف صحي مما يعرضهم للإصابة بأمراض عديدة نتيجة لتراكم أكوام القمامة أمام منازلهم, ويضيف إنهم تقدموا بشكاوي عديدة لكن المسئولين دائما في تجاهل عنهم. وتشكو صباح محمد إبراهيم من انتشار البلطجية في هذه المنطقة حيث تقول أنها تعيش في قلق وخوف علي بناتها خاصة بعد اتهام زوجها وابنها في قضايا ملفقة في شهر مايو2010 أيام فساد العادلي ومعاونيه بالإضافة الي تسلل البلطجية وأرباب السوابق ومتعاطو المخدرات في فترات الليل. وتطالب بتوفير مسكن مناسب ومصدر للرزق تعيش منه حتي تستطيع أن تقوم بواجبها تجاه بناتها. وتشكو نوال رمضان عبد الله60 عاما من حياة العذاب التي تعيشها حيث تقول أن لديها10 أولاد ينامون في عشة مبنية بالخشب كما أنهم يصابون بالعديد من الأمراض نظرا لسقوط الأمطار في فصل الشتاء وطفح الصرف الصحي عليهم وتقول أنها يئست من هذه العيشة لأنها السبب في وقف حال بناتها بالإضافة الي أنهم لايذوقون اللحم إلا في المناسبات والأعياد ولكنهم يصبرون أنفسهم بأكل الفول والطعمية. وتقول صباح جابر معوض من الأهالي أن لديها4 أولاد وزوجها أرزاقي باليومية فكل مليم يحصل عليه تدبر به حياة الأسرة ولكن ظروف الحياة ومتطلباتها أصبحت فوق طاقاتهم, وتضيف أنها حاولت البحث عن عمل ولكنها لم تجد وطرقت كل الأبواب لعرض مشكلتها لكي يساعدها أي مسئول في الحصول علي إعانة لكنها وجدت كل الأبواب مغلقة وختمت كلامها قائلة عايزين نغير عيشتنا.. و في صرخة مدوية تساءلت إيمان ربيع إبراهيم إحدي الأهالي إلي متي سأظل انتظر الحسنة فأنا أتمني أن أعمل في أي عمل أعيش منه حتي أستطيع أن أصرف علي أولادي كما أنني أخشي من المصير المجهول داخل هذه العشش التي دمرت كل حياتنا. أمراض الصدر والفشل الكلوي أشهر أمراض العزبة نتيجة لحرق المخلفات المنتشرة بالمنطقة والمياه الملوثة فبمجرد دخولك العزبة تشعر بأنك علي هامش الحياة صلاح عبد الهادي مريض صدر وكلي ويقول أن المياه التي يشربونها وتختلط بمياه الصرف الصحي عادة تكون مصحوبة بلون الطين وذات رائحة كريهة تشبة رائحة المجاري ويوضح انهم تقدموا بشكاوي عديدة لكن دون جدوي. وتؤكد عبير مصطفي من احدي الاهالي ان معظم الأطفال يولدون بحساسية الصدر بسبب الدخان الناتج عن حرق القمامة بشكل يومي بسبب تكدسها ولجوء الأهالي إلي إلقاء القمامة في الشوارع والتي ساهمت في انتشار العقارب والثعابين التي ظهرت بمعظم بيوت المنطقة مما يصيب الأطفال بالرعب. وتقول حميدة أحمد عبدالحميد من الأهالي انها لا تخرج بناتها الثلاث بمفردهن مطلقا بعد غروب الشمس نظرا لخوفها من حوادث التحرش والاغتصاب المتكررة في المنطقة مشيرة إلي أن أماكن مدمني المخدرات ومختطفي الفتيات معروفة لدي كل سكان المنطقة في عدد من الحارات الضيقة وخلف بيوت محددة. وتقول بخيته سرحان إنه لا فرق بينهم وبين الأموات موضحة انهم يموتون في كل لحظة فعند قدوم فصل الشتاء تهتز جدران الحجرات ويشعرون وكان سقف الحجرات يسقط فوق رؤوسهم, وتضيف انها تخشي ان تموت تحت انقاض بيوتهم ويصبح مصيرهم مثل مصير سكان الدويقة الذين ماتوا تحت انقاض بيوتهم في العشوائيات. ويقول حلمي بيومي60 عاما احد الأهالي انه يعيش هو واسرته في ظروف قاسية جدا خاصة وان لديه3 شباب يعانون من عدم توافر مراكز للشباب للعمل بها بالإضافة إلي عزوفهم عن المشاركة السياسية نتيجة شعورهم بالإحباط وعدم جدوي المشاركة ويطالب بتوفير مسكن مناسب للعيش فيه بدلا من حياة العشش التي سوف تقودهم إلي الموت. وتقول سعدية عبدالرحيم علي من الأهالي انها واطفالها يعيشون في معاناة بسبب الفقر والأمرض التي تنهش اجسادهم كما أن الأطفال ليست لهم اي اماكن للهو سوي الشوارع ومقالب القمامة ففي الحارات الضيقة وعلي أكوام القمامة يتجمع الأطفال للعب رغم المأساة التي يعيشون فيها. وتشكو مستورة عبدالمجيد عبدالمولي من ضيق المكان ومن مستوي المعيشة حيث تقول إن المستوي الذي تعيشه لا يؤهل لتعليم ابنائها لأن التعليم يحتاج إلي مصاريف ونفقات لا تتحملها. وتضيف انها يئست من هذا المكان نتيجة لاصابتهم بالكثير من الأمراض نظرا لتساقط الأتربة من السقف اثناء طهي الطعام تصيبهم بالأمراض والأوبئة بالإضافة إلي طفح المجاري داخل العشش ليل نهار. وتقول حنان محمد إنها أتت مع زوجها إلي القاهرة منذ10 سنوات املا بحياة جديدة موضحة ان اسرتها واجهت صعوبات كثيرة بسبب ضعف راتب زوجها الذي يعمل قهوجي وكثرة المتطلبات الحياتية واضطرت العائلة إلي اللجوء إلي هذه المنطقة حيث قامت ببناء غرفة واضافت اليها أخري بعد سنوات. وتضيف ان الخدمات الصحية منعدمة داخل العزبة فلا توجد مياه للشرب في الكثير من المنازل ولا دورات للمياه تصلح للأسر. ويقول الخبير الاقتصادي ممدوح الولي ان ازمة المناطق العشوائية يتم حلها بطريقة عشوائية فحتي الآن لا يوجد حصر حديث لها حيث ان اخر حصر رسمي قامت به الدولة كان في عام1992 اي منذ16 عاما وخلال هذه الفترة من عام1992 وحتي2008 جدت مناطق عشوائية جديدة ومناطق تمت ازالتها ولم يتم حصرها والأدهي من ذلك ان عشوائيات الريف لم يتم عمل حصر لها رغم أن الريف يعيش به86% من السكان. ويري أن الحل يكمن في تكاتف الجهود بين كل من الجمعيات الأهلية والتعاونيات وشركات الاسكان والتحسين العقاري لكنه اولا يستلزم وقف التوسع العشوائي وهو أمر صعب للغاية نتيجة لتزايد وتوسع العشوائيات. وحول قرار الحكومة بإنشاء صندوق لتمويل مشروعات تطوير العشوائيات والذي أعلن رئيس الحكومة الأسبق عن انه تم ر صد مبلغ500 ألف جنيه كدفعة أولي لتأسيس الصندوق يقول الفكرة جيدة ونواة لا بأس بها لكنه يتساءل من أين للحكومة بهذا المبلغ وهناك عجز في الموازنة العامة للدولة يبلغ90 مليار جنيه. ويضيف انه الف كتابا في عام1993 بعنوان العشش والعشوائيات حذر فيه منذ15 عاما من تضخم مشكلة العشوائيات ويطالب الحكومة بإعلان الطواريء لحل ازمة العشوائيات خاصة وانها تحتاج إلي حل ثلاثي الأبعاد يتمثل في الشق العمراني والاقتصادي والثقافي.