ألقي مجلس الشعب بعضاً من المياه الباردة علي حالة الغليان والاحتقان المشتعلة داخل أروقة نقابة المحامين منذ نحو الأسبوعين، بموافقته علي إرجاء مناقشة مشروع تعديل بعض أحكام قانون المحاماة المقدم من النواب إبراهيم أبو شادي وعلي عطوة وعمر هريدي، والأخير هو أمين صندوق النقابة بالإضافة لكونه أمين لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالمجلس.. كانت الأحداث قد تصاعدت بين شريحة كبيرة من المحامين عقب صدور تقرير اللجنة التشريعية بالموافقة علي مشروع تعديل بعض بنود قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1987 وتعديلاته الواردة في القانون 197 لسنة 2008 وإدراجه في جدول أعمال المجلس لمناقشته في الجلسة العامة صباح السبت الماضي.. غير أن طلباً تقدمت به الدكتورة آمال عثمان، رئيسة اللجنة التشريعية، بضرورة إعادة مشروع القانون إلي اللجنة مرة أخري لمزيد من الدراسة والبحث ومراعاة اعتراضات المحامين المثارة حوله، دفع الدكتور فتحي سرور، رئيس المجلس، للتأكيد علي ضرورة حضور نقيب المحامين، حمدي خليفة، للمناقشات قبل البت في التعديلات: "لا يعقل أن ينظر المجلس تعديلاً متعلق بنقابة المحامين دون الاستماع لرأي النقيب المنتحب".. سرور انتقد في معرض حديثه عن الجدل المثار حول تعديلات قانون المحاماة، إقدام المحامي والنائب المستقل، علاء عبدالمنعم، علي تقديم بلاغ للنائب العام لما وصفه الأخير بالتدليس علي مجلس الشعب عبر محاولة تمرير قانون علي غير رغبة أصحاب الأرواب السوداء، ما رد عليه رئيس المجلس قائلاً: "انت نائب.. وافعل ما شئت هنا".. قالها بحسم وهو يشير إلي قاعة المجلس.. من جانبه لفت النائب علاء عبدالمنعم إلي أن القانون قد تمت مناقشته في اللجنة التشريعية بسرعة شديدة، وكانت الدكتورة آمال عثمان، رئيسة اللجنة قد طالبت بمزيد من البحث فيه، وهو ما أكد عليه أيضاً الدكتور زكريا عزمي بأنه ليس هناك ما يبرر الاستعجال في حسم أمر المشروع ومن ثم فلابد من استطلاع رأي النقابة فيه للتأكد من مراعاته لمصلحة المحامين وموافقة مجلس النقابة والنقابات الفرعية عليه، إلا أن الجميع فوجئ – والكلام لايزال لعبدالمنعم - بورود خطاب موقع من نقيب المحامين يؤكد الموافقة علي التعديلات المقترحة، مع العلم أن مجلس النقابة لم ينعقد منذ 10 فبراير الماضي في حين أن اجتماع اللجنة التشريعة التي شهدت المناقشات حول القانون كانت في العاشر من مايو الجاري.. وتتركز اعتراضات المحامين علي مشروع التعديلات المقترحة للمواد 128 و129 و131 و132 والفقرة الثانية من المادة 137 من قانون المحاماة علي مضاعفة عدد أعضاء الجمعية العمومية غير العادية الذين يتقدمون بطلب لسحب الثقة من النقيب أو عضو أو أكثر من أعضاء مجلس النقابة أو لأي سبب آخر من 500 عضو إلي 3000 عضو ينتمون لعشر نقابات فرعية وبما لا يقل عن مائة عضو من كل نقابة، وبشرط التصديق علي توقيعاتهم من النقابة الفرعية المختصة.. علي أن يشترط لصحة انعقادها حضور عدد لا يقل عن عشرة آلاف عضو بدلاً من ألف وخمسمائة عضو بحسب القانون القديم.. وتتضمن التعديلات المقترحة أيضاً قصر عدد أعضاء مجلس النقابة (بدون النقيب)علي 31 عضواً فقط ممثلين عن كل محكمة ابتدائية في جميع المحافظات الجمهورية، فيما استبعد مقاعد الخمسة عشر عضواً الذين يمثلون المستوي العام ومقيدون أمام محكمة الاستئناف كما هو الحال في المجلس الحالي، فيما رفضت اللجنة التشريعية الاقتراح المقدم بشأن عدم ضرورة اشتغال المترشح لمنصب نقيب المحامين بالمهنة أكثر من عشرين سنة متصلة، وإن وافقت علي جواز ترشح محام غير مستقل (لا يملك مكتب خاص ويعمل بالشركات المدنية) لمقعد النقيب.. كما تقرر تحصيل مقابل حضور المحامين تمغة محاماة علي التوكيلات التي يصدرها المتقاضون للمحامين بمبلغ 2 جنيه، واشترط النواب عدم تحميلها للموكلين. وقد أثارت تلك التعديلات غضب غالبية التيارات داخل نقابة المحامين واتهم أعضاء المجلس وروابط المحامين مثل "محامون بلا قيود" و"معاً" و"لجنة الشريعة الإسلامية" وغيرها مقدمي مشروع التعديل بالتلاعب بمصالح المحامين، والدفع نحو زيادة الأعباء المادية عليهم دون إضافة مكتسبات جديدة سواء لهم كأعضاء أو للمهنة. فيما أكد نقيب المحامين السابق، سامح عاشور، أن التعديل مقصود به التلاعب بالمحامين، وفتح الطريق لسيطرة الحزب الوطني الذي ينتمي إليه خليفة علي النقابة وعلي منصب النقيب، علي حد قوله. منتصر الزيات يعد أحد متزعمي جبهة الرفض للقانون يؤكد افتقاد التعديلات الذي طرح فجأة للمرجعية التي تحصنه فالمقدم الرئيسي للمشروع صاحب مصلحة باعتباره عضوا بمجلس نقابة المحامين وأمينا للصندوق وباعتباره عضواً بحزب الأغلبية، وهو الحزب الوطني وأمين سر اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، النائب عمر هريدي، وهو ما نفاه الأخير جملة وتفصيلاً، مضيفاً بقوله أن المحامين وبناءً علي تجربة في أشد الحاجة لهذه التعديلات مواكبة للتطور والتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.. يأتي هذا بينما أكد النقيب حمدي خليفة طرحه التعديلات المقترحة منذ عدة أشهر عبر الصحافة والإعلام والمواقع الالكترونية وإرسالها أيضاً للنقابات الفرعية وتوجيه رسائل sms .. مضيفاً بقوله: "ومن ثم تم تشكيل لجنة لصياغته وتلقينا عددا من ردود المحامين كانت محل اعتبار عند صياغة القانون".. نافياً أن يكون صاحب مصلحة في التعديلات أو أنه يسعي لتحصين نفسه من محاولات سحب الثقة منه".. مشيراً إلي أنه قرر عرض القانون مرة أخري بجلسات استماع وجدد التزامه بأن تطلب النقابة من مجلس الشعب إرجاء عرضه إذا رغب المحامون ذلك حتي تنتهي جلسات الاستماع للمرة الثانية سواء طالت هذه الجلسات أو قصرت حسبما يترآي للفئة الرافضة للمشروع وحتي نثبت لهم أو لغيرهم أننا لسنا بأصحاب مصلحة في هذا القانون فمصلحتنا هي مصلحة المحامين..