في خضم الأحداث والتطورات المتلاحقة في المنطقة العربية والتي جاء علي قمتها تفاقم مظاهر التدخل الإيراني في عدد من الدول العربية بما يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي في منطقة الخليج وبالتالي الأمن القومي العربي علي وجه العموم جاء انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة في مقر الجامعة العربية يوم 19 من نوفمبر الجاري ليكون بمثابة تحذير لإيران من مغبة التدخل في الشئون الداخلية لدول المنطقة والتعبير عن التضامن الكامل مع السعودية وتأييد كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها القومي. وقد أكد البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب الرفض التام لسياسات التخريب الإيرانية وزعزعة الاستقرار في المنطقة وأعربوا عن وقوفهم خلف المملكة العربية السعودية ضد التجاوزات الإيرانية التي باتت تهدد أمنها وأمن دول الخليج والمنطقة. وفي نفس الوقت حذر وزراء الخارجية العرب إيران من استمرارها في التدخل بالشئون الداخلية لدول المنطقة وبضرورة وقف دعمها لميليشيات الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان والتوقف عن إثارة القلاقل في البحرين والالتزام بتطبيق سياسة حسن الجوار. وأكد البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ بالقاهرة أنه تم تكليف المجموعة العربية في الأممالمتحدة لإجراء الاتصالات اللازمة لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة التهديدات الإيرانية لدول المنطقة. رسالة عداء إيرانية الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط أوضح خلال كلمته التي ألقاها أمام وزراء الخارجية العرب المجتمعين لبحث سبل التصدي للتهديدات الإيرانية للمنطقة بأن الصاروخ الذي أطلقته ميليشيات الحوثي علي منطقة مطار العاصمة بالمملكة العربية السعودية يوم 4 من نوفمبر الحالي والذي نجحت قوات الدفاع الجوي السعودية في التصدي له هو مجرد الحلقة الأخطر في سلسلة طالت من التجاوزات والتدخلات في الشئون الداخلية وممارسة التخريب ونشر الفتنة مؤكدا أنه ليس أمامنا في مواجهة هذا الحدث الخطير سوي أن نسمي الأشياء بأسمائها.. وأوضح أبو الغيط أن الصاروخ الذي استهدف مطار الرياضإيراني الصنع وهو رسالة عداء إيرانية واضحة وهي رسالة غير مقبولة شكلا أو مضمونا مؤكدا أن الدول العربية تعتز بسيادتها وهي قادرة علي الدفاع عن استقرارها وأمنها ولن تقبل أن تعيش رهينة الخوف أو تحت ظل الترهيب. ووفقا لكلمة الأمين العام للجامعة العربية فإن التدخلات الإيرانية لم تقف عند هذا الحد وهناك وقائع مثبتة لأعمال تخريبية وإرهابية آخرها تفجير أنابيب النفط بالبحرين يوم 10 نوفمبر الجاري بخلاف وقائع مثبتة أخري لشبكات تجسس وتخريب في العديد من الدول العربية من بينها الكويت والسعودية والبحرين والأردن ومصر والمغرب والسودان بخلاف دعمها وتمويلها للميليشيات المسلحة في أكثر من مكان بالعالم العربي. واستنكر أبوالغيط التصريحات الاستعلائية والتحريضية والعدائية الصادرة من القيادات الإيرانية مطالبا إيران بضرورة مراجعة مواقفها إزاء الدول العربية والامتناع عن استخدام القوة أو التلويح بها والالتزام بعلاقات تقوم علي حسن الجوار.. إن الخطة الإيرانية لم تعد خافية علي أحد فطهران وفقا لما صرح به أبوالغيط في كلمته تسعي لأن يكون اليمن شوكة في خاصرة المملكة العربية السعودية والخليج وهذه السياسة الإيرانية هي السبب الأول لإطالة أمد النزاع اليمني والشعب اليمني هو أول ضحاياها وهو من يدفع الثمن من حاضره ومستقبله. وأكد أبوالغيط في ختام كلمته أن استقرار العالم العربي كل متكامل وأمن دوله بنيان مترابط، وقد آن الأوان أن يتحمل كل طرف مسئولية أفعاله وأن تنعم هذه المنطقة باستقرار حقيقي بعيدا عن التأجيج الطائفي والإرهاب وحروب الميليشيات وفوضي السلاح وآن الأوان أن تتخلص منطقتنا من مظاهر العنف والطائفية. ثلاثة مبادئ أساسية وشدد سامح شكري وزير الخارجية في كلمته خلال الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب علي إدانة مصر بأشد العبارات للاعتداءات التي تعرضت لها المملكة العربية السعودية مؤخرا من ميليشيات الحوثي وكذلك العمل الإرهابي الذي استهدف أنبوب النفط بالبحرين.. مشيرا إلي أن المساس بأمن دول الخليج الشقيقة خط أحمر والتزام مصر بدعم أمن واستقرار دول الخليج هو تطبيق عملي لمبدأ راسخ من مبادئ الأمن القومي المصري وهو الرفض القاطع لأي محاولة من أي طرف إقليمي لزعزعة استقرار الدول العربية والتدخل في شئونها.. وأضاف شكري أن أي تقييم دقيق وصريح للوضع العربي الحالي يظهر بجلاء أن هناك محاولات مستمرة للتدخل في الشئون الداخلية لعدد من الدول العربية سواء من خلال محاولة تحريك أطراف داخلية محسوبة علي قوي إقليمية معينة أو من خلال التواجد غير الشرعي لقوات عسكرية غير عربية علي أراضي الدول العربية وعلينا جميعا مسئولية واضحة للتصدي لجميع هذه التدخلات بدون استثناء.. وقال شكري أن إيران عليها مسئولية لا شك فيها لاحترام سيادة الدول العربية والامتناع عن التدخل في شئونها والسعي لإقامة علاقات جوار أساسها احترام سيادة الدول العربية ومبدأ المواطنة وتجنب إذكاء النعرات الطائفية والعرقية والمذهبية. وأكد وزير الخارجية المصري أن موقف مصر في هذا الصدد واضح كل الوضوح ومبني علي 3 مبادئ أساسية لا تقبل المساومة أولها الحفاظ علي استقرار وسلامة مؤسسة الدولة الوطنية القائمة علي قاعدة المواطنة الكاملة وعدم قبول أي محاولة لاختراق الدولة الوطنية وزعزعة استقرارها. وشدد وزير الخارجية سامح شكري علي أن أي شكل من التواجد الأجنبي غير المشروع علي أي أرض عربية من خلال محاولة إقامة قواعد عسكرية أو الاعتماد علي قوي محلية ذات ولاء خارجي أو دعم عمل التنظيمات الإرهابية هو أمر مرفوض شكلا ومضمونا ولا يمكن التسامح معه أياً تكن الذرائع ولابد من اتخاذ إجراءات واضحة وقوية تنزع فتيل التوترات الموجودة بالمنطقة وتجنب مخاطر الصراعات المسلحة والصدامات الطائفية وهو ثاني مبدأ لا يقبل المساومة. وعن المبدأ الثالث قال شكري إن مبدأ حسن الجوار وإقامة علاقات تعاون بين الدول العربية ودول الجوار بما فيها إيران هو أمر مطلوب وضروري ولكن له شروط لا يستقيم بدونها فلا تستقيم علاقات الجوار إلا بالتوقف الكامل عن أي محاولة لتصدير أيديولوچيات أو دعم ميليشيات خارجة علي القانون أو تنظيمات إرهابية وكيانات طائفية.. وأشار شكري إلي أن الدول العربية لم تتوقف يوما عن التأكيد علي اهتمامها بإقامة علاقات حسن الجوار وبالمقابل فإنه علي دول الجوار العربي وفي مقدمتها إيران أن تلتزم باحترام سيادة الدول العربية وتمتنع عن التدخل في الشئون الداخلية لها والكف عن تهديداتها والتوقف فورا ونهائيا عن تقديم أي دعم للميليشيات والجماعات المسلحة والإرهابية في جميع الدول العربية.. المملكة لن تصمت وفي سياق متصل قال عادل الجبير وزير الخارجية السعودي إن الاستجابة السريعة لعقد الاجتماع كانت نتاج استشعار الدول العربية للمخاطر التي تتعرض لها المنطقة وشدد وزير الخارجية السعودي في كلمته علي أهمية الوقوف بجدية مع شعوبنا ودولنا العربية للتصدي للسياسات الإيرانية مؤكدا أن أي تراخ بالتعامل مع سياسات إيران العدوانية تجاهنا سوف يشجعها علي الاستمرار في هذه السياسة.. وشدد الجبير علي أن المملكة العربية السعودية لن تصمت علي استهدافها من قبل الجارة ولن تقف مكتوفة الأيدي مشيرا إلي أننا تعاملنا بأمان معها حتي اعتدت وساعدت علي إشعال النار في المنطقة العربية.. وعلي جانب آخر قال الشيخ خالد بن أحمد الخليفة وزير الخارجية البحريني إن بلاده تحملت آلاف الجرحي بسبب الممارسات الإيرانية وتفجير خط أنبوب النفط في المنامة يأتي ضمن سلسلة اعتداءات إيرانية علي البلاد مشيرا إلي أن التهديد الإيراني يشكل خطرا كبيرا يستهدف دولنا العربية والصاروخ الذي استهدف الرياض لم يكن هو الصاروخ الأول... وقال وزير الخارجية البحريني إن لبنان هو الآخر يتعرض لسيطرة تامة من قبل حزب الله وعلي الدول العربية التصدي لذلك لأن الحزب يشكل تحديا للأمن القومي العربي.. وتساءل وزير الخارجية البحريني قائلا: إن التساؤل الأهم في هذا الاجتماع اليوم هو هل آليات العمل العربي المشترك قادرة علي صيانة الأمن القومي العربي أم لا؟ وأجاب موضحا إن تعاون دول الخليج مع الترتيبات الأمنية الدولية تساهم في حماية أمن الخليج أكثر من آليات العمل العربي المشترك.. وهذا يؤكد أهمية وضع النقاط علي الحروف في مثل هذا الاجتماع فيما يتعلق بدعم فعالية آليات العمل العربي المشترك وجعلها قادرة علي القيام بالمسئولية كاملة دون الحاجة للاعتماد علي أي دعم دولي أو خارجي.