القطع الجائر للنخيل علي طريق القنطرة العريش تقع مدينة بئر العبد إحد مراكز محافظة شمال سيناء .. كان من المفترض أن هذه الأيام تدر علي شبابها ربحا وفيرا من عملهم في تجارة سعف النخيل الذي يتم تصديره إلي اليهود في مختلف دول العالم وخاصة إسرائيل لكن قرار وزير الزراعة بوقف تصدير السعف الذي يعتبر مقدسا في العقيدة اليهودية، ولا غني عنه في الاحتفالات والأعياد الدينية، وضع إسرائيل في أزمة حقيقية مع اقتراب الاحتفال بأعياد المظال أوالبهجة في الأول من أكتوبر ، حيث تستمر الاحتفالات لمدة سبعة أيام، ويحتفل اليهود فيه بذكري خيمة السعف التي أقامها العبرانيون أثناء رحلة الخروج من مصر، بينما يأتي سعف النخيل بالنسبة إلي إسرائيل في المرتبة الأولي علي أساس أنه يأتي من أرض سيناء المقدسة. ويستخدم اليهود سعف النخيل في تزيين المعابد والمنازل، ويقبلون علي تناول "الجمار" أو قلب النخلة، الذي يتميز بطعم حلو، ويعتقدون أنه يجلب لهم البركة والخير الوفير.. بينما يؤرخ سالم عنتر ، نائب رئيس شعبة المصدريين في الغرفة التجارية السابق تجارة سعف النخيل في مصر بعام 1984 ويقول : يحرص الكيان العبري علي الاستيراد في عيدي "السعف" و"المظال"، وهم يفضلون سعف النخيل المزروع في أراضي سيناء، وفي حالة عدم الكفاية تحصل عليه إسرائيل من أماكن أخري في مصر، ومنها واحة سيوة في شرق البلاد. ويضيف: لا يتوقف تصدير سعف النخيل علي إسرائيل لكنه أيضا لبلاد أخري مثل: امريكا والأرجنتين وكندا وأغلب الدول التي ينتشر فيها اليهود. ويستطرد: عام 1993 صدر قرار من وزارة الزراعة في عهد يوسف والي بعدم تصدير سعف النخيل الابيض" الجّمار" خوفا علي النخلة من الموت. نسأله إن كان السعف يؤثر بشكل فعلي علي صحة النخلة فيقول: كل الذي يؤخذ من الجريدة لا يزيد عن 80 سم ، ولا يشكل أي ضرر علي النخيل، أما المصدر فيثمن السعفة ب2.5 دولار. أما السعفة التي يتم تصديرها فلابد أن تمتاز بمواصفات خاصة، منها ألا تكون السعفة نضرة، وألا تكون مصابة بسوس النخيل، وأن تكون قريبة من قلب النخلة، وألا تكون متربة. ونفي سالم أن يكون التجار مازلوا يقومون بنزع "جمار" النخيل، قائلا: إن نزع الجمار معناه موت النخلة تماماً، لأنها لن تكون قادرة علي إنتاج السعف أو البلح. وقال: سبق أن أمر المحافظ منير شاش عام 1985 بتشكيل لجنة لدراسة الظاهرة من جامعة قناة السويس والاسكندرية ، وأقرت اللجنة بعدم وجود أي ضرر للنخلة بل أكدت أن برعم النخل يحتاج الي الضوء من أجل عملية البناء الضوئي ، فنقوم بنزع جريدة وترك الأخري من أجل اتمام عملية النمو. وهو ما جعله يستغرب قراراً من الحكومة بمنع تصدير سعف النخيل لمدة عامين دون استناد إلي أسباب علمية او منطقية ولكن بناء علي قرار عشوائي من محافظ شمال سيناء، خاصة مع وجود طلب شديد علي سعف النخيل في الوقت الحالي. يشفق سالم علي العمال وطلبة المدارس الذين كانوا يستفيدون بعائد مادي كبير أثناء الموسم ، نظرا إلي أنه يأتي مع بداية الدراسة فيسهم في الحد من غلاء المعيشة والبطالة وهو ما جعل الألاف منهم مضارين بعد وقف التصدير.. يذكر سالم أنهم كانوا يقومون بتصدير مليون و نصف مليون سعفة مؤكدا أن مصرتربح من وراء هذه الكمية حوالي 3 ملايين دولار سنويا وقال: ووفق التقديرات تستورد إسرائيل نحو 40٪ من سعف النخيل سنوياً أي ما يتراوح بين 450 و 700 ألف سعفة. وعن المحافظات الأخري التي تمتهن أيضا هذه التجارة قال سالم: يتم تصدير سعف النخيل من محافظات دمياط والاسماعيلية والفيوم والواحات لأن سعف نخيل شمال سيناء لا يكفي وحده، وأمريكا تحتل المرتبة الاولي في استيراد سعف النخيل وتأتي اسرائيل في المرتبة الرابعة وفق المستندات. ويتعجب سالم أن حكومة تعترف بإسرائيل وتصدر لها الغاز وتوقفت عن تصدير السعف بوجه خاص ويضيف: وياليت الأمر يقتصر علي اسرائيل لكن حظر الاستيراد يشمل جميع الدول. إسرائيل ليست وحدها المتضررة من القرار، ولكن الولاياتالمتحدةالأمريكية وغالبية دول شرق أوروبا حسبما يقول الدكتور فؤاد منصور الخبير في مركز البحوث الزراعية الأكثر تضرراً لأن اليهود المقيمين فيها يعتبرون أن سعف نخيل سيناء مقدس، ويرمز إلي أرض الميعاد، وبدونه لا تكتمل فرحتهم بأعيادهم. وقال: إن اليهود قد يضطرون إلي إلغاء احتفالاتهم في حال عدم توافر السعف الكافي لتزيين المعابد وإقامة الصلوات فيها. مشيراً إلي أن القرار المصري بحظر تصدير السعف لم يكن مقصودًا منه إسرائيل أو أي دولة أخري، ولكن الهدف منه الحفاظ علي ثروة مصر من النخيل، لاسيما بعد انخفاض إنتاجية النخلة الواحدة بمعدل 50٪ بسبب القطع الجائر للسعف ونزع الجمار أو قلبها منها. ولفت منصور إلي أن مصر تمتلك نحو نحو 1.5 مليون نخلة، منها 500 ألف نخلة في سيناء، يتعرض سعفها للقطع الجائر، مما يؤدي إلي إصابتها بسوس النخيل.