لمواجهة مافيا الاحتكارات جاء قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا بإنشاء أكبر بورصة للخضر والفاكهة بمصر والشرق الأوسط التي يجري حاليا البدء في إقامتها علي مساحة 57 فدانا بمنطقة التحرير بمركز بدر بمحافظة البحيرة باستثمارات تقدر بمليار جنيه. إنشاء بورصة للخضر والفاكهة خطوة مهمة علي الطريق الصحيح طال انتظارها، ووفقا للخبراء فإن هذا المشروع الرائد سيكون له الأثر في ضبط الأسواق من حيث السعر والجودة والقضاء علي الممارسات الاحتكارية الخاصة بتسويق الحاصلات الزراعية مما يترتب عليه مردود إيجابي في مصلحة المواطن والاقتصاد القومي. اللافت أن المشروع سيسهم في تقليل الفاقد الزراعي والحد من المخزون الراكد وتكاليف النقل من خلال إقامة منطقة صناعية تضم 20 قطعة يقام عليها الصناعات الزراعية التي تعتمد علي الإنتاج الزراعي ومنها صناعة المركزات والعصائر والمربات وغيرها من الصناعات الزراعية فضلاً عن إتاحة مستلزمات التسويق المحلي والتصدير من أدوات تعبئة وغيرها. تمثل البورصة السلعية بحسب دراسات جدوي منطقة لوجستية حيث تحتوي علي مساحات خاصة بالشحن والتفريغ والتخزين إضافة إلي تضمنها معملا مجهزاً بأحدث أجهزة التحليل الكيميائية لتحليل عينات من السلع الواردة للبورصة حتي يتم إصدار شهادة الجودة واعتماد صاحب المحصول المسوق بالبورصة ويعد هذا المعمل ثاني معمل متخصص معتمد. يقول علي محمود أحد تجار الخضر والفاكهة بسوق العبور إن إنشاء بورصة للخضر والفاكهة خطوة صحيحة ستؤدي إلي تنظيم سوق الخضار وتمنع التلاعب من قبل بعض التجار والموردين ،لكنه ربط نجاح البورصة بالتزام المزارعين والفلاحين بالمواصفات المطلوبة لأصناف الخضار والفاكهة وأيضا التزام التجار بالسعر المحدد للسلعة، بينما يقول سعداوي قاسم بأنه لم يسمع من قبل عن بورصة للخضر والفاكهة لكن إذا كان الهدف ضبط الأسواق وعدم التلاعب فهذا شيء جيد نشجعه وعلينا أن ننتظر لحين بدء تشغيل المشروع ووقتها نحكم عليه. وتم اختيار محافظة البحيرة لإنشاء مشروع بورصة الخضر والفاكهة، كما تؤكد المهندسة نادية عبدة محافظ البحيرة، يعود لما تتمتع به المحافظة من إمكانيات ومقومات ومزايا رئيسية والتي منها زيادة حجم المساحة المنزرعة في التحرير والنوبارية التي تصل لنحو مليون فدان تمثل أكثر من 15٪ من إجمالي حجم مساحة الأرض المنزرعة علي مستوي الجمهورية، مشيرة إلي أن محافظة البحيرة تضم أعدادا كبيرة من محطات الفرز والتعبئة لمحاصيل الخضر والفاكهة يصل عددها لنحو 49 محطة تمثل نحو 34٪ من إجمالي محطات فرز وتعبئة محاصيل الخضر والفاكهة علي مستوي الجمهورية. أضافت، أن مشروع بورصة الخضر والفاكهة سيمنع أي ممارسات احتكارية ويضبط الأسعار ويراقب جودة المنتجات الزراعية مما يؤدي إلي تدعيم آليات السوق الحرة بين العرض والطلب تحقيقا لاستقرارالأسعار علي مدار العام، لافتة إلي أنه من خلال البورصة سيتم الحصول علي معلومات جغرافية دقيقة عن حجم الإنتاج وتطور الأسعار وتوافر السلع مما سيكون له الأثر في التخطيط الزراعي والصناعي وأيضا الاستيراد والتصدير. وأوضحت محافظ البحيرة، أنه يجري الآن إعداد دراسات جدوي خاصة بمشروع البورصة من خلال استخراج التراخيص اللازمة وتم إدراج المشروع علي موقع الهيئة العامة للاستثمار وتم التعاقد مع شركة وادي بالنيل للمقاولات والاستثمارات العقارية لتنفيذ المشروع. ويؤكد المحاسب فتحي مرسي رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بمحافظة البحيرة ونائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية تم اختيار منطقة التحرير بمركز بدر بمحافظة البحيرة تحديدا لأنها تنتج ما يصل إلي 70٪ من إنتاج الخضر والفاكهة علي مستوي الجمهورية فضلا عن وقوع المنطقة بين محورين مهمين للنقل الطريق الصحراوي الدولي والزراعي حيث تصل المسافة بين موقع البورصة والمحورين 40 كيلو متراً، لافتا إلي أن مشروع إنشاء بورصة زراعية للخضر والفاكهة يأتي في إطار ماتقوم به مصر من تصدير الخضراوات والفاكهة للأسواق الخارجية سواء العربية أو الأجنبية، وأن إنشاء هذه البورصة سيكون له عامل أساسي كبير في خفض الأسعار أمام المستهلك إلي النصف بنسبة تقترب من 50٪ من خلال تقليص حلقات التداول من المنتج حتي المستهلك إضافة إلي منع أي احتكارات يقوم بعرضها التجار. أضاف، أن بورصة الخضر والفاكهة ستقوم بدور في إعادة الثقة في الإنتاج الزراعي المصدر للأسواق الخارجية كما ستعيد الثقة للمستهلك خلال مدة زمنية لا تتجاوز 5 سنوات بعد بدء العمل بها إضافة إلي الحفاظ علي الخضر والفاكهة وتوفير الهدر الذي يصل ما بين 13 إلي 18٪ بسبب كثرة حلقات التداول والنقل فضلا عن زيادة الصادرات للخارج. ويشير رئيس الغرفة التجارية بالبحيرة، إلي أن مشروع بورصة الخضر والفاكهة يتكلف نحو مليار جنيه، ويوفر نحو 5 آلاف فرصة عمل مباشرة إضافة إلي 20 ألف فرصة عمل غير مباشرة فضلًا عن إسهام المشروع في الحد من التجارة العشوائية من خلال توفير 680 وكالة لاستيعاب التجار العشوائيين إضافة إلي ذلك أن المشروع سيقوم بتوفير معارض تصل إلي 120 معرضا و130 ثلاجة للخضر والفاكهة ونحو 50 محطة تصدير لزيادة الصادرات الزراعية من الخضر والفاكهة. وأكد خبراء الزراعة أن إنشاء بورصة للخضر والفاكهة خطوة مهمة علي الطريق الصحيح تأخرت كثيرا من أجل ضبط أسعار السوق المبالغ فيها من قبل التجار، حيث قال الدكتور سعد نصار أستاذ الاقتصاد الزراعي مستشار وزير الزراعة إن مشروع إنشاء بورصة للخضر والفاكهة خطوة مهمة للسلع الزراعية وهناك خطة وضعتها وزارة الزراعة لإنشاء بورصات للمحاصيل الزراعية وأيضا للحبوب والقطن، موضحا أن إجمالي إنتاج مصر من الخضر والفاكهة يصل إلي 30مليون طن وأن التصدير يصل إلي 3٫2 مليون طن وهذه النسبة ضئيلة جدا بالمقارنة بإجمالي الإنتاج وأن نصيب الاتحاد الأوروبي من إجمالي الصادرات يصل إلي 40٪ وأن القيمة من عائد الصادرات الزراعية يصل إلي 4.7 مليار دولار سنويًا موزعة إلي 2.1 مليار دولار خضراوات وفاكهة طازجة و2٫6 مليار دولار خضراوات وفاكهة مصنعة. أضاف، أن مشروع بورصة الخضر والفاكهة سيسهم في زيادة حجم الصادرات من الخضر والفاكهة إلي 20٪ سنوياً علاوة علي ذلك عدم وجود بورصات زراعية بالمنطقة ومنافسة للبورصة الزراعية المصرية، موضحًا أنه إذا أردنا زيادة صادراتنا من الخضر والفاكهة فهذا يحتاج إلي قيام صغار الفلاحين والمزارعين باتباع الممارسات المطلوبة في الصادرات الزراعية خاصة الخضر والفاكهة، حيث يلاحظ أن معظم صغار المزارعين ليست لديهم الخبرة الكافية في إمكانية اتباع المواصفات المطلوبة الخاصة بالصادرات الزراعية والتي تشترطها الأسواق الخارجية المستوردة. وأوضح نصار، أن وزارة الزراعة تسعي لإنشاء بورصات زراعية خاصه بالحبوب لأن مصر تعد من كبار منتجي الحبوب ب20 مليون طن من القمح والذرة والأرز والشعير، لافتا إلي أنه رغم هذا الإنتاج من الحبوب إلا أنه لا يكفي احتياجاتنا حيث نستورد 7 ملايين طن ذرة و6 ملايين طن قمح. الدكتور شعبان سالم مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعي، أكد علي عدة خطوات مهمة لنجاح مشروع بورصة الخضر والفاكهة تتمثل في حرية المساومة علي الأسعار وحرية التنافس بين البائع والمشتري إضافة إلي توافر المعلومات والبيانات الخاصة بالسلعة مع وجود سماسرة تكون مهمتهم عقد الصفقات وفقا للعملاء سواء بائعين أومشترين إضافة إلي وجود أعضاء من كبار التجار في السلعة وذلك لإحداث تنظيم بالسوق ويشترط في هولاء أن يكونوا أعضاء في مجالس إدارات البورصة وان يتم اختيار أعضاء في البورصات الأجنبية مهمتهم عقد الصفقات للدول أو التجارالمناوبين عنهم، مشيرا إلي أن هذه الخطوات مهمة لنجاح البورصة ، فالبورصة سوق للتداول علي سلعة غير موجودة. أما الدكتور حمدي الصوالحي أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث، فيري أن البورصات الزراعية تجارة للحاصلات الزراعية في الدول المتقدمة أوربا وامريكا، لافتا إلي أن البورصات تتضمن نظاميين للشراء نظام يتعلق بالتعاقد علي بضاعة حاضرة وفي نفس الوقت يكون الاستلام في وقت لاحق، والنظام الثاني يتمثل في التعاقد علي بضاعة عاجلة حيث يوجد في البورصات نظام يلبي الاحتياجات العاجلة بعد قيام المشتري بسداد القيمة للبائع، وأوضح أن وجود بورصة للخضر والفاكهة ينشط حركة التجارة للحاصلات ويضعف أو يقلل من احتكار التجار، لافتا إلي أن البورصة وإدارتها تحتاج لخبرة وكفاءة خاصة في ظل مانشهده من عدم توافر المعلومات والبيانات في مصر مما يعرضها لمشاكل ومخاطر لأن الدول المتقدمة التي بها بورصات زراعية تمتلك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية وإنتاجها أكبر، مشيرًا إلي أن نجاح البورصة يشترط ارتباطها بموانئ الشحن ومخازن السلع وتضمينها قاعدة بيانات وأن يكون من مهامها التجارة الخارجية سواء استيراد أو تصدير.