بآلات كشف المعادن نجحت إسرائيل في منع دخول الفلسطينيين إلي المسجد الأقصي، تفتيشات انتقائية لم تحظ بموافقة الجهات الفلسطينية التي رأت أن ما يحدث هو تهويد للمسجد الأقصي. تعنت الدولة العبرية دفع آلاف الفلسطينيين إلي المرابطة حول المسجد الأقصي بهدف التراجع عن هذه الإجراءات إلا أن الشرطة الإسرائيلية ووزير الأمن الداخلي »جلعاد أردان» عاقدان العزم علي إبقائها. بينما عزز الجيش الإسرائيلي قواته في الضفة الغربية، والقدس خوفا من حدوث انتفاضة فلسطينية جديدة وطرحت المنظومة الأمنية الإسرائيلية لوجود لخشيتهم من نشوب الفوضي، وهو ما جعل الحكومة الإسرائيلية مستعدة للرد علي إطلاق القذائف من قطاع غزة وإجراء وقفات احتجاجية بمبادرة حماس بالقرب من الجدار الأمني. أما الجلسة الطارئة التي عقدها مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والخارجية »الكابينيت» فقد أفضت إلي تبني موقف الشرطة الإسرائيلية ووزير الأمن الداخلي إبقاء التدابير الأمنية الجديدة في الحرم القدسي الشريف. وجاء في البيان أن »الكابينت» أعطي الشرطة الإسرائيلية صلاحيات بشأن وضع أجهزة كشف المعادن في الحرم القدسي الشريف، من أجل ضمان الأمن في المكان المقدس، والحفاظ علي حرية الوصول إليه، في الوقت الذي أعرب ممثلو الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام »الشاباك» عن دعمهم لإزالة أجهزة كشف المعادن، وعارضت الشرطة الإسرائيلية ووزير الأمن الداخلي ووزراء حزب »البيت اليهودي» إزالة التدابير الأمنية، وقالوا إن إزالة أجهزة كشف المعادن في ظل التهديدات بالتصعيد من جانب أطراف متشددة لا سيما الحركة الإسلامية ستعد انتصارا لهذه الجهات. وذكرت صحيفة »يديعوت أحرونوت» علي موقعها الإلكتروني أنه تم التوصل إلي هذا القرار بعد مناقشات مطولة أجراها مجلس الوزراء الأمني المصغر الليلة الماضية أسفرت عن إسناد مسؤولية إزالة أو إبقاء أجهزة الكشف عن المعادن في الموقع إلي الشرطة، وعقب مناقشات مجلس الوزراء التي جرت عقب عودة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من زيارة رسمية إلي أوروبا، صدر بيان جاء فيه: »إسرائيل ملزمة بالحفاظ علي الوضع الراهن علي جبل الهيكل وحرية الوصول إلي الأماكن المقدسة، وإسرائيل ملزمة بحماية سلامة جميع المصلين والزوار علي جبل الهيكل». ونقلت الصحيفة عن رئيس شرطة منطقة القدس »يورام هاليفي» قراره باتخاذ إجراءات أخري مثل إرسال عدة آلاف آخرين من ضباط الشرطة لحراسة الموقع تحسبا ل »يوم الغضب» الذي أعلنه الفلسطينيون قبل صلاة الجمعة، إضافة إلي فرض قيود علي دخول البلدة القديمة والحرم القدسي (جبل الهيكل) بالنسبة إلي الرجال البالغين من العمر 50 عاما وما فوق، بينما يسمح للنساء من جميع الأعمار بالدخول كالمعتاد. واتخذت القوات الأمنية الإسرائيلية من الشرطة والجيش أماكنها أمام وحول المسجد وهو ما جعل الوضع يشتعل أكثر. يأتي ذلك في الوقت الذي قتل فيه 3 فلسطينيين خلال مواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية في مناطق مختلفة في القدس علي خلفية التوتر حول التدابير الأمنية الجديدة الخاصة بالحرم القدسي الشريف. ونشب خلاف في الرأي بين الشاباك والشرطة فيما يتعلق بإعادة جثث المواطنين العرب الإسرائيليين الثلاثة، من مدينة أم الفحم، حيث نفذوا عملية إطلاق النيران في باحة الحرم القدسي الشريف، فالشرطة تدعم إرجاء إعادة الجثث حتي أقصي موعد ممكن. وذكرت الشرطة الإسرائيلية أن الأوضاع في القدس ومحيطها متدهورة بعد أن قام فلسطينيون بإلقاء حجارة وزجاجات حارقة علي قوات الشرطة في القدس، وأصيب أربعة رجال شرطة. وقام شاب فلسطيني يدعي عمر العبد مساء الجمعة الماضي بعملية طعن بعد أن تسلل إلي بيت عائلة يهودية في مستوطنة حلميش الواقعة بالقرب من رام الله، حيث طعن رجلا وابنه وبنته وكتب الفلسطيني البالغ من العمر 19 عاما، علي صفحة فيسبوك الخاصة به أنه أقدم علي العملية علي خلفية الأحداث الأخيرة في الأٌقصي. وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي »أفجدور ليبرمان» خلال لقائه مع قادة الجيش أن منزل عائلة الفلسطيني منفذ عملية الطعن سيتم هدمه في أسرع وقت. وأجري وزير الدفاع الإسرائيلي مشاورات مع كبار القادة العسكريين في الضفة الغربية وقال المهاجم الأسير في إيدي الاحتلال أن العملية جاءت علي خلفية التصعيد الإسرائيلي، وقال والد الفلسطيني عمر العبد منفذ عملية الطعن إنه يعتقد أن تصاعد حدة التوتر بشأن حرية الوصول إلي المسجد الأقصي كان الدافع وراء قيام ابنه بالعملية الفدائية، فيما دعا ليبرمان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإدانة الهجوم ووصفه بأنه »مذبحة». وقد داهمت القوات الإسرائيلية السبت الماضي منزل الفلسطيني الذي طعن ثلاثة إسرائيليين وقيدت خروج الفلسطينيين من مسقط رأسه قرية كوبر في الضفة الغربيةالمحتلة، وأغلقت جرافة إسرائيلية مدخل القرية التي يسكنها نحو ستة آلاف مواطن بالسواتر الترابية، في حين ألقي عشرات الشبان الحجارة باتجاه الجرافة والقوة العسكرية التي ترافقها ورد الجنود بإطلاق قنابل غاز مسيل للدموع وأعيرة مطاطية. وقال مسؤول عسكري إن منفذ العملية متعاطف مع حركة حماس، لافتا إلي أنه ذكر في التحقيقات الأولي معه إنه اقتني السكين قبل يومين وإنه أراد أن ينفذ عملية من أجل الأقصي، ونشرت حركة حماس بيانا رحبت من خلاله بالعملية وبصاحبها. وكانت جهات فلسطينية قد نادت إلي »جمعة غضب» علي خلفية التدابير الأمنية الجديدة التي فرضتها إسرائيل في الحرم القدسي الشريف بعد العملية التي أودت بحياة شرطيين إسرائيليين. ونشرت بعض المواقع الإسرائيلية عدة تفسيرات لما حدث في المسجد الأقصي من وجهة نظرهم فيقولون: إن بعض الأشخاص يتحججون بحرية العبادة، ويقولون إن ما تقوم به إسرائيل هو تضييق علي الفلسطينيين في حريتهم، وتعتبر هذه هي النقطة الأكثر تداولا في مواقع الأخبار لكن الفلسطينيين كانوا يصلون في المسجد الأقصي ولم يمنعهم أحد من ذلك بدليل اعترافهم بأنها المرة الأولي منذ عام 1969 التي يغلق فيها المسجد أمام رواده، والذي تسبب فيه الفلسطينيون أنفسهم، فلو لم تحدث تلك العملية الإرهابية لما قررت إسرائيل غلق المسجد، ولكنهم يتغاضون عن السبب الرئيسي ولا يرون إلا هذا الجزء من القضية. ويردون علي من يقولون أن تركيز بوابات تفتيش إلكترونية اعتداء علي حرية الفلسطينيين في العبادة، قائلين: هل فعلت إسرائيل شيئا غير موجود لدي العرب والمسلمين أنفسهم؟ لا.. فهناك الكثير من المساجد في الكثير من الدول العربية والإسلامية التي تتركز أمامها نقاط حماية تخضع المصلين إلي التفتيش قبل دخولهم للصلاة. ومن ناحية أخري مقتل أفراد الشرطة الإسرائيليين في تلك الحادثة الإرهابية يضع المسؤولية القانونية علي عاتق الحكومة والدولة الإسرائيلية ويجبرهم علي التحقيق والبحث والتقصي ومعاقبة الجناة. ويقول د. سامي الإمام أستاذ الديانة اليهودية: حرام أن يترك الفلسطينيون وحدهم في مواجهة هذا العدو الغاشم، الذي يتعامل مع البشر وكأنهم عبيد لا حق لهم في مقدساتهم، وكان من الطبيعي لو أننا نريد الدفاع عنه بإرادة قوية، وبغض النظر عن المشكلات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية، كان من الطبيعي أن تتبني جهات مسئولة ترتيب مظاهرات واحتجاجات أمام سفارات الكيان الصهيوني في أنحاء العالم - لا أقول مظاهرات تخريبية بل احتجاجات مشروعة لأن شرطة الاحتلال تتصرف بوقاحة معهودة عنها والذي يشجعها علي ذلك هو خواء العقل العربي والإسلامي عن طرق المواجهة - غير العنيفة - التي ينتصر بها حين تشرح القضية أمام الرأي العام العالمي، خاصة الشعوب دون الحكومات. ويشهد علي ذلك تصرفات الصهاينة الجبناء في ساحات الأقصي وهي أراض فلسطينية ومقدسات تشهد سجلات العالم بإسلاميتها! فلماذا لا نتحرك بهذه الطريقة ؟ لماذا لا نتحرك حتي علي المستوي الشعبي الشريف الذي يؤازر حكوماته ويدعمها في مواجهة هؤلاء الصهاينة.