رغم التوترات التي هيمنت عليه مرورا بالظلال التي ألقتها عليه تفجيرات مانشستر، ثم خبر وفاة الممثل البريطاني روجر مور، يبقي مهرجان كان عرسا للسينما يطغي عليه الطابع الاحتفالي، وتخليدا لذكري مرور 70 عاما علي انطلاقه، رُصِّعت السعفة الذهبية للمرة الأولي هذه السنة بالألماس، وأُسدل الستار علي مهرجان كان السينمائي الذي انطلق في 17 مايو، في حفل قدمته الممثلة الإيطالية مونيكا بيلوتشي، وفاز فيلم »المربع» للمخرج السويدي روبن أوستلوند بالسعفة الذهبية. اختتمت فعاليات الدورة السبعين لمهرجان كان السينمائي الدولي، في حفل قدمته الممثلة الإيطالية مونيكا بيلوتشي وقدم فيه المغني بنجمان بيولي وصلة موسيقية، ودارت فعاليات المهرجان هذا العام بين موعدين مهمين في فرنسا، انتهي أولهما في 7 مايو مع انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا جديدا للبلاد، في حين ينطلق الثاني، الانتخابات التشريعية، في 11 يونيو. حفل الختام شهده جمهور كبير من السينمائيين والفنانين وضيوف النخبة في مسرح لوميير، وهو القصر الرئيسي للمهرجان، وكانت الدورة قد بدأت بداية قوية واعدة، لكنها سرعان ما انحدرت بشكل أثار استياء الكثيرين، بسبب تدني مستوي الكثير من الأفلام المشاركة في المسابقة رغم أن اختيارها جري بدقة كبيرة من بين الآلاف من الأفلام التي تقدمت للمهرجان. وجاء توزيع الجوائز كالتالي: - فاز فيلم »المربع» للسويدي روبن أوستلوند بالسعفة الذهبية. يروي الفيلم قصة كريستيان، وهو رجل مطلق وأب لطفلين يحب الاعتناء بهما. يعمل كريستيان كأمين إحدي متاحف الفن المعاصر، وهو أيضا من أولئك الذين يقودون سيارات كهربائية ويساندون القضايا الإنسانية الكبري. نتابع في الفيلم تحضيرات كريستيان للمعرض المقبل الذي يحمل عنوان »المربع»، وهدفه تذكير الناس بواجبهم تجاه الآخرين وحفزهم علي الاهتمام بهم. لكن يصعب أحيانا أن يوافق سلوكك القيم التي تدافع عنها، فحين يسرق هاتف كريستيان لم يكن رد فعله مشرفا... في نفس الوقت تطلق وكالة اتصال المتحف حملة إعلانية مدهشة ل»المربع»، نتجت عنها ردود فعل غير منتظرة وغرق كريستيان في أزمة وجودية. - أما الجائزة الكبري وهي ثاني أهم جوائز المهرجان فكانت من نصيب فيلم »120 خفقة في الدقيقة» للفرنسي روبين كامبيللو. - وفازت الألمانية الأمريكية ديان كروجر بطلة فيلم »من العدم» للألماني من أصل تركي فاتح أكين بجائزة أفضل ممثلة في هذه الدورة 70 من مهرجان كان. - فاز بالتساوي فيلما »لم تكن أبدا حقا هنا» للبريطانية لين رامسيه و»قتل الأيل المقدس» لليوناني يورجس لانتيموس» بجائزة أفضل سيناريو. - ونال الممثل الأمريكي جواكين فينيكس جائزة أفضل ممثل عن دور البطولة في فيلم »لم تكن أبدا حقا هنا» للبريطانية لين رامسيه. - فاز بجائزة أفضل إخراج فيلم »الفرائس» للأمريكية صوفيا كوبولا. - من جهته فاز فيلم »بلا حب» للروسي أندري زفياجينتساف بجائزة لجنة التحكيم. واختار مهرجان كان في هذه الدورة وبمناسبة مرور سبعين عاما علي إطلاقه، إسناد جائزة خاصة استثنائيا للممثلة الأمريكية نيكول كيدمان، وترأس لجنة التحكيم هذا العام المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار. تصدر خلال المهرجان عدة مطبوعات منها »سكرين إنترناشيونال» البريطانية، و»الفيلم الفرنسي» الفرنسية، والمجلتان تخصصان استطلاعا يوميا لعدد مختار من النقاد السينمائيين يمنحون الأفلام علامات تقديرية. والملاحظ أن نقاد المجلة الفرنسية يتحمسون كثيرا للفيلم الفرنسي »120 دقة قلب في الدقيقة» للمخرج روبين كامبيللو، الذي يصور حملة تنظمها وتقودها مجموعة من الشباب المثليين المصابين بمرض فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز) ضد إحدي الشركات العملاقة لإنتاج الأدوية، بسبب تقاعسها في الكشف عمّا قطعته من خطوات حتي الآن من أجل التوصل إلي علاج ناجع للمرض الخطير. الفيلم السويدي »المربع» الفائز بالسعفة الذهبية، يعاني هذا الفيلم من التكرار والترهل والفراغ في المعالجة الدرامية، مع غلبة الحوارات التي لا تتوقف ثانية واحدة، وبروز الشكل الدعائي الفظ، وتجريد الشخصيات من الطابع الإنساني، بحيث إننا لا نستطيع التعاطف معها، كما يستغرق طويلا في تصوير مشاهد الجنس المثلي بين اثنين من الشباب المصابين بالمرض ليدلل علي توفر الإرادة لديهما، والقدرة علي مقاومة المرض بالحب حتي اللحظة الأخيرة، حسب ما يريد الفيلم أن يقول، ولكنه يقول هذا عن طريق جرأة في التصوير تصل إلي حد الصدمة، وإفراط بلا معني في تصوير الجانب الحسي. ورغم الدعاية المحيطة بالفيلم، فقد انشق حوله النقاد، بل وحتي نقاد مجلة »الفيلم الفرنسي» أنفسهم، فمنحه بعضهم نقطة واحدة أو ثلاث نقاط، لكن هناك ستة من بين 15 ناقدا منحوه السعفة الذهبية، وظل بالتالي في صدارة التوقعات بالفوز بهذه الجائزة، خاصة مع وجود المخرج الإسباني ألمودوفار في رئاسة لجنة التحكيم، وهو معروف بمثليته الجنسية وتعاطفه المحتمل مع موضوع الفيلم. والحقيقة أن هذا فيلم من أفلام الموضوع بالدرجة الأساسية، أي أن ما يلفت الأنظار إليه هو موضوعه الذي يصور علي نحو صادم معاناة مرضي الإيدز وتقاعس المؤسسة الرسمية في السعي للتوصل إلي علاج له. في تصريح مدوٍ، انتقدت الممثلة المكسيكية سلمي حايك بشدة الأوساط السينمائية الأمريكية. وكشفت خبايا هوليوود، معتبرة أن عاصمة صناعة الأفلام في العالم تعامل النساء، مثل قردة السيرك، وتريد التخلص منهن إن تبين أنهن يتمتعن بالذكاء. فخلال طاولة مستديرة نظمت علي هامش مهرجان كان للفيلم، حملت الممثلة والمنتجة علي العنف والنزعة الذكورية في هوليوود، حيث يعتبر البعض الممثلات الشابات لعبة في أيديهم. وأوضحت الممثلة صاحبة الأصول اللبنانية أنه »يقولون أوجدوا لي قرداً، وربما نحقق المال. وبعد ذلك يدركون أن هذا القرد يحسن الحساب فيحكمون عليه بالقتل». وأضافت »صحيح أنه قد يكون من الأسهل علي النساء الجميلات الحصول علي دور إلا أنه لأمر فظيع أن يفكر المرء أن المرأة الجميلة ستكون غبية بالضرورة»، إلي ذلك، رأت الممثلة البالغة 50 عاماً أن هذا خطأ استراتيجي نظراً إلي القدرة الاقتصادية للسوق النسائية. وأوضحت »هم لا يدركون أهمية الجمهور النسائي. لقد أُهملنا لفترة طويلة جداً، بحيث لا يعرفون ما نريد أن نري علي الشاشة»، ولم يفلت مهرجان كان من سهامها أيضا، إذ إنه لم يمنح جائزة السعفة الذهبية إلا مرة واحدة إلي امرأة هي النيوزيلندية جاين كامبيون عن فيلم »ذي بيانو» العام 1993. يُذكر أن السعفة المصنوعة من 118 جراما من الذهب الخالص رُصِّعت هذا العام ب 167 ألماسة يبلغ وزنها الإجمالي 0.694 قيراط وصارت أشبه بغبار نجوم متناثر علي أوراق السعفة وساقها، وذلك احتفاء بمرور70 عاماً علي انطلاق المهرجان.