مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي علوم ورياضة.. كليات من 60% بالنسبة المئوية    "الجبهة الوطنية" يعقد أول لقاء جماهيري بالإسماعيلية لدعم مرشحته داليا سعد في انتخابات الشيوخ    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    «خدمة المجتمع» بجامعة القاهرة يناقش التكامل بين الدور الأكاديمى والمجتمعى والبيئي    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    "مدبولي" يؤكد أهمية بناء الوعي في تشييد حائط صد ضد نمو الشائعات    تخرج دفعات جديدة من المعينين بالهيئات القضائية والطب الشرعي بالأكاديمية العسكرية    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    ارتفاع أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 24 يوليو 2025 بأسواق المنوفية    المشاط تبحث مع مديرة ITC تعزيز دعم المشروعات الصغيرة والتحول الرقمي    وزير الري يتابع جاهزية المنظومة المائية خلال موسم أقصى الاحتياجات    استكمال أعمال رصف طريق بني غالب- جحدم في أسيوط بتكلفة 17 مليون جنيه    76 مركزاً تقدمتهم مصر بين 2019 و2014 بمؤشر المشروعات المتوسطة والصغيرة.. و«التخطيط»: تمثل 43% من الناتج المحلي الإجمالي وتستوعب ثلث القوى العاملة    مدير الفريق الطبي المتنقل في غزة: طفل من بين كل سبعة يعاني من سوء تغذية حاد    بيان مشترك: مصر ودول عربية وإسلامية تدين مصادقة الكنيست الإسرائيلي على الإعلان الداعي لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة    تايلاند تعلن مقتل وإصابة 23 شخصًا جراء الاشتباكات مع كمبوديا    بعد انضمامه لمنتخب الشباب.. مدافع أرسنال: أحلم بالفوز بالبطولات مع الفراعنة    مصطفى شلبي يودع الزمالك برسالة مؤثرة ويعلن انضمامه للبنك الأهلي    بعد أزمة العروض.. وسام أبو على يودع جماهير الأهلى بطريقته الخاصة    تحليل رقمي.. كيف زاد عدد متابعي وسام أبو علي مليونا رغم حملة إلغاء متابعته؟    القليوبية تُطلق حملة مراكز شباب آمنة للوقاية من حوادث الغرق    منتخب جامعات مصر للتايكوندو يحصد فضية الألعاب الصيفية للجامعات بألمانيا    «الأرصاد» تحذر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد وتستمر حتى الثلاثاء المقبل    جهود قطاع أمن المنافذ بالداخلية خلال 24 ساعة لمواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    إنفوجراف ..فتح باب التظلم من نتيجة الثانوية العامة 2025 الأسبوع المقبل    إصابة رئيس محكمة و3 من أسرته في انقلاب سيارة على طريق الفيوم/ أسيوط الصحراوي    لمست أجزاء من جسدها.. اعترافات سائق تحرش بسيدة فى البساتين    ضبط مالك مخزن كتب مدرسية دون ترخيص بالظاهر    الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم لتحقيق أرباح غير مشروعة    شهدت التحول من الوثنية إلى المسيحية.. الكشف عن بقايا المدينة السكنية الرئيسية بالخارجة    3 أفلام ل محمد حفظي ضمن الاختيارات الرسمية للدورة ال 82 لمهرجان فينيسيا (تفاصيل)    نقابة المهن السينمائية تشيد بمسلسل "فات الميعاد"    «سعد كان خاين وعبد الناصر فاشل».. عمرو أديب يرد على منتقدي ثورة 23 يوليو: "بلد غريبة فعلا"    عمرو الورداني: النجاح ليس ورقة نتيجة بل رحلة ممتدة نحو الفلاح الحقيقي    لو لقيت حاجة اقعدها وقت قد ايه لحين التصرف لنفسي فيها؟.. أمين الفتوى يجيب    علي جمعة يوضح معنى قوله تعالى {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ}    713 ألف خدمة طبية قدمتها مبادرة «100 يوم صحة» خلال أسبوعها الأول في القليوبية    "السبكي" يبحث مع "Abbott" نقل أحدث تقنيات علاج أمراض القلب    لماذا يستيقظ كبار السن مبكرا؟ إليك ما يقوله العلم    تفاصيل عملية دهس قرب بيت ليد.. تسعة مصابين واستنفار إسرائيلي واسع    مصادر: سول تقترح استثمارات تتجاوز 100 مليار دولار بأمريكا في إطار محادثات الرسوم الجمركية    «تطوير التعليم بالوزراء» وأكاديمية الفنون يطلقان مبادرة لاكتشاف وتحويل المواهب إلى مسارات مهنية    الدفاع الجوي الروسي يدمر 39 مسيرة أوكرانية    غدا.. تامر حسني والشامي يشعلان ثاني حفلات مهرجان العلمين    من اكتئاب الشتاء إلى حرارة الصيف.. ما السر في تفضيل بعض الأشخاص لفصل عن الآخر؟    إصابة 4 عمال إثر سقوط مظلة بموقف نجع حمادي في قنا.. وتوجيه عاجل من المحافظ- صور    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    «كتالوج»... الأبوة والأمومة    علي أبو جريشة: عصر ابن النادي انتهى    إيران تحذر مدمرة أميركية في خليج عمان.. والبنتاغون يرد    حماس تسلم ردها على مقترح وقف إطلاق النار بقطاع غزة إلى الوسطاء    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    اليوم، تعديلات جديدة في مواعيد تشغيل القطار الكهربائي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    92 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال آخر جلسات الأسبوع    هل انتهت الأزمة؟ خطوة جديدة من وسام أبو علي بعد أيام من غلق حسابه على إنستجرام    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    هل يجوز أخذ مكافأة على مال وجدته ضائعًا في الشارع؟..أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لحظة وعي
في »زمن الضباع« أشرف العشماوي يرصد :غريزة نهش الأوطان
نشر في آخر ساعة يوم 19 - 07 - 2011

يشرق.. ويغرب.. يسطع ويخفت.. يبزغ ويغيب.. يدنو ويبتعد.. هو الأسد المتوج دوما بالقوة، الجسارة، الشموخ والنبل، وفي عصور الانحطاط يتواري فلا نراه علي عرشه ولا بداخلنا ويصبح البقاء للأفسد، للأكثر دناءة وخسة وليس البقاء للأقوي كما صكت شريعة الغاب فكان الإحلال الدميم الجهنمي، فلقد تجاوزنا حتي غريزة الحيوان من خلال الشر المتعاظم والجشع المروع.. فالحيوانات تحظي بفضيلة الشبع وتابعه العزوف..
أما الإنسان في هذا الزمان وهذا المكان يحاكي الضباع أدنأ الحيوانات وأقبحها فهو يلتهم الجثث، مصاب (بالنيقروفاج) أي يقتات علي الجيفة، هذا ما أبرزه الأديب أشرف العشماوي من خلال روايته الأولي والبديعة (زمن الضباع) ولقد اختار دنيا الحيوان الموشاة بالرموز، الإسقاطات والحكمة الأبدية، لتبعث إلي ذاكرتنا (كليلة ودمنة) وهذا العالم المسحور.. حيث الحيوانات تنطق بالقيم والنقائص التي تجسد رحيق الوجود فكليلة ودمنة و(زمن الضباع) صنوان. ولقد استوحاها وترجمها ابن المقفع من الأصل السنسكريتي، البرهمي (بيد باي) ومن بعده الفرنسي لافونتين..
ولقد بدأ أشرف العشماوي في كتابة روايته في 2003 ومن ثم كانت روحه تموج بالثورة قبيل اندلاعها وانتهي منها عشية تلك الصحوة الشعبية وهذا هو حال الأدب فهو حامل النبوءات وأستدعي (ثرثرة فوق النيل) سطرها نجيب محفوظ قبيل الهزيمة بعام أي 66 ودون دليلو تنبأ بهجمات 11سبتمبر في إبداعاته ومن ثم ف(زمن الضباع) رشحت لجائزة بوكر. ليال ثلاثة منجومة أنفقتها أتأمل الغابة، الواحة، الصحاري، الأحراش، المزرعة والبراري التي شيدها الأديب النابغ فيجتاحني الأسي الحزن المجدول بالشجن وأنا أرقب الأسد يغوص في سكرات المغيب، يكاد يبتلعه العدم، فعلي أعتاب الفناء يفقد خصائصه وآه من وباء فقدان الخصائص عندما يفقد الإنسان إنسانيته ليتحول إلي غول ينهش ليس لرأب لوعة الجوع ولكن لافتراس وتدمير كل ما هو مليح في الوجود وهكذا فمن الآن فصاعدا يحكم الغابة الخرتيت المنزوع المشاعر، الضمير، العقل.. جلده سميك، ذهنه غائب« وأستدعي مسرحية (الخرتيت) ليونسكو.. حيث يرصد تحول شعب بأسره إلي خراتيت وتلك هي ثمرة الشمولية، حيث يفسد الطغاة كل شيء من حولهم فلا أحد يفسد بمفرده، فتتحول الرعية إلي غنائم وسبايا، هوام، جرذان وحشرات من اليسير تلويثها وامتطاؤها.
ومن بعد الخرتيت يحكم الضبع وها هو البطل الذي اختاره المبدع ثعلب متوحد، تفترسه الغربة وسط الضباع، الذئاب، اللئام، الخنازير، محاصر ينفطر فؤاده لما آل إليه الوطن الذي طالما شغف به، هذا الوطن المؤطر بالمؤامرات والمكائد وصفقات البيع المشبوهة من قبل أكثر الكائنات وحشية، قسوة وخسة وتلك الأغلبية الصامدة، الصامتة الغارقة في الهوان، الجهل، الجوع. ها هو الثعلب المتوحد يسعي لتحقيق العدالة، الإصلاح، التنوير، هو البطل الحديث، المعاصر بامتياز فيلوذ بالدهاء، المكر، المعرفة، الذكاء، فضيلة العمل، ينازل الردة المتفشية.. العجز الجاثم علي الرعية التي أنهكها وسلب روحها الفساد المقيم، وهو تارة يلعب دور المتفرج وتارة المشارك فهو يلوذ أحيانا بالصمت من أجل البقاء، يراوغ لينجو ليبقي وسط الوحوش الضارية، الكاسرة وأحيانا ينطلق الأسد الكامن بداخله فيدلف في سجال جسور مع أعداء الحياة، يقاوم الاكتئاب والانقباض الثمرة المعطوبة للوطن الذي تتقوض أركانه بفعل تلك الكائنات المسعورة، المشوهة وهم كثر. وربما اختار العشماوي الثعلب الساخر ليكون هو البطل في عصرنا هذا كي لا يُكسر، فربما لو ظل الأسد هو البطل لكان من الأسهل سحقه فهذا هو زمن الحيلة، المناورة الليونة وليس القوة السافرة، الباطشة.. فالثعلب يريد النجاة ويتساءل هل الذي يتلفح ببطانة السوء هو أسد حقيقي أم مزيف.. وتغيب الأنثي عن »زمن الضباع«، فلا مجال في هذا العالم البشع للجمال والعشق، الملاحة، النعومة.. الخصوبة.. فالأيام جرداء، جدباء، نافقة. وأستدعي الحرافيش لنجيب محفوظ حيث يحاول الثعلب في الخاتمة إيقاظ العوام، البسطاء، الضحايا ليتولوا مقاليد الأمور فيقول في ص 242: »هذه الواحة مقبرة للمصلحين من قبلك«.. »أنت رومانسي حالم«.. »فقد نفيق من غفلتنا ونزأر في وجه الضباع، أما أنت بقاؤك هنا يعني هلاكك اتركنا نعتمد علي أنفسنا ولو مرة واحدة، دعنا نجرب ونفشل«.. »ويكفي أنك أرشدتنا إلي بداية الطريق«.. وأذكر »أنا سلطان قانون الوجود« ليوسف إدريس: »الغابة ليس فيها إلا المخوف والخائف« و»البطل مثل اللابطل والميت كالحي والحي كالميت والمومس كالفاضلة والحرامي كالشريف، الأمس كالغد، الأمل كاليأس إن البطل لا يولد وحده البطل يخلق وكي يوجد ويعيش لابد أن يترعرع في ظل إحساس عام بضرورة البطولة، بروعة البطولة بتفرد البطولة، لا توجد بطولة بلا جو عام تلعن فيه اللابطولة، تجتث كالحشائش الضارة منه وتجتث معها حشائش سامة أخري كالجبن، كالتفاهة، كالنفاق.. كالكذب. أما حين ينجح الجميع، المجتهد والغشاش والمزور والأبله والنابغ.. حين يصبح لا فرق، لا أعلي ولا أسفل، حين تمضي الحياة بلا امتحان لا يرسب أحد ولا يتفوق أحد حين يحدث هذا ماذا يبقي من الإنسان«.. وزمن الضباع لها مستويان في القراءة فيمكن مضاهاة أحداثها. بما يمر به وطننا.. »طاغية« اقترف كل الكبائر وأفدحها جريمة إفساد شعب سوف يتجاوز المأساة، ومستوي آخر للقراءة وهو أدب كوني حكاء لقضايا الإنسان يحلق فوق أطر الأزمنة، الأمكنة، والأشخاص والمضاهاة بالواقع القريب ومن خلال الخاتمة يهب أشرف العشماوي القارئ الأمل فالشروق يتهادي والفجر قادم والثعلب ينتصر علي الضبع ولكنه يدفع الثمن ندبة في عنقه وغصة في روحه بطعم الانتصار. زمن الضباع استغاثة، صرخة أدبية مدوية استبقت الحاضر حبلي بالثورة من المستشار القانوني لوزارة الآثار القاضي ورئيس نيابة أمن الدولة سابقا والأديب الواعد أشرف العشماوي.. جعلني أستدعي جبران »أنا غريب«، وفي الغربة وحدة قاسية، ووحشة موجعة غير أنها تجعلني أفكر أبدا بوطن سحري لا أعرفه وتملأ أحلامي بأشباح أرض قصية ما رأتها عيني«. و»من الناس من يماثل الأرنب بضعف قلبه، ومنهم من يماثل الثعلب باحتياله وفيهم من يضارع الأفعي بخبثه، ولكن قل بينهم من له سلامة الأرنب وذكاء الثعلب وحكمة الأفعي«.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.