المستشار أشرف العشماوى عشرات من الكتب والمؤلفات الجديدة لكبار الكتاب وشباب المبدعين تطالعنا بها كل يوم دور النشر المختلفة فلا نملك الا أن ننشر بعضا منها كل اسبوع لنضعها بين ايديكم في شارع الكتب » زمن الضِّباع« هو العمل الروائي الأول للمستشار »أشرف العشماوي« صدر حديثًا عن مكتبة الدَّار العربية للكتاب. تدور أحداث الرواية في غابة افتراضية غير محدِّدة المكان أو الزمان، أبطالها جميعهم من الحيوانات. وتمتاز بأنها تغوص ببراعة فائقة في كواليس الحكم وعالم السياسة وما يحيط بهما من دسائس ومكائد، قادة الغابة كلهم حاضرون: الأسد ملك الغابة وحاكمها، والثعلب مسئول المعلومات والتقارير بالجزيرة المركزية الذي يعمل تحت إدارته الكثير من الجراء والحمير، وكبير الضباع رئيس الحكومة والمسئول عن إنهاء المظاهرات وأحداث العنف. وفرس النهر الكسول المنافق الذي قفز إلي اعلي درجات سلم الإدارة دون مقتضي وغيرهم كثيرون. تبدأ الرواية أحداثها بإيقاع سريع فيتكشف لنا صراع جماعات القوي والمصالح في الغابة لتحقيق السيطرة عليها، فمن ناحية محاولات الضباع لاستئناس الأسد الذي تمكن كبير الضباع منه حتي حجب عنه بقية حيوانات الغابة المخلصين. ومن ناحية اخري صراع لا ينتهي بين الثعلب العالم ببواطن الأمور وكبير الضباع الذي نشر أتباعه: المرقط والبني والمائل إلي السواد والمخطط وغيرهم كالطاووس والتمساح في أرجاء الغابة وجنبات العرين، فالثعلب خبير المعلومات، يستطيع التنبؤ بما سيقع من أحداث، مما توافر له من معلومات أو أحداث صغيرة لا يقف أمامها الكثيرون، لكنها ذات دلالة في عالم المؤامرات. الأحداث والوقائع والتغيرات بتفاصيلها ومؤامراتها ودسائسها يرويها لنا الثعلب بطل الرواية، وهو شخص مقرَّب جدًّا من الأسد، وبسبب تواجده علي مقربة من صانعي القرار يكون دائماً فريسة للمؤامرات الكثيرة التي تحدث في المملكة وعرضة للمفاجآت التي تتوالي كلما تصاعدت الأحداث. فالضباع تتغوَّل و تسمح لخرتيت بالجلوس علي عرش الغابة وهو يحل بذلك محل الاسد فيصبح كبير الضباع بين ليلة وضحاها معاوناً للخرتيت والرجل الثاني في المملكة، ليستمتع بتحريك الأحداث من وراء الستار حتي تحين له الفرصة لتولي مقاليد الامور بالكامل بمفرده. واللافت للنظر أن بطل الرواية الثعلب يستطيع التنبؤ بما سيقع من أحداث، حيث تتوافر له دائما المعلومات و يتابع بمكره الأمور الصغيرة التي لا يقف أمامها الكثيرون ولكنه بخبرته في عالم المؤامرات يتعامل معها بدهاء أحيانا وببساطة أحيانا أخري وبخوف في كثير من الأحيان خاصة حين يتراءي له أن كلا من الطامحين في الجلوس علي كرسي العرش لهم مآرب أو أغراض شخصية، وأن الصالح العام لم يكن من بين اهتمامات اي منهم، وبالتالي يكون الانهيار الذي جري مؤخرا هو النتيجة الحتمية التي ستأخذنا لها الأحداث بسلاسة ومتعة. هذه الرواية تثير علي المستوي الفني قضية غاية في الأهمية : وهي أنها تستلهم التراث السردي العربي من خلال الحكايات علي لسان الحيوان والطير، وهو تراث عريض في الأدب الهندي ، منذ »كليلة ودمنة« و»منطق الطير« وهي آلية للترميز، وقول الحقيقة دون خوف أو خشية من الحكام، وشاعت عمومًا في أزمنة القهر، حين يلجأ المبدع إلي الرمز أو التصوّف ليكتب بحرية.