2 مليار دولار تنفقها إسرائيل سنويا علي البحوث الزراعية مقابل 20 مليون جنيه بمصر الطماطم الموجودة في مصر إسرائيلية تستورد بأختام هولندية وقبرصية جاءت أزمة الطماطم الإسرائيلية مثل قمة جبل الثلج المدفون في الماء، مثل ملف التغلغل الإسرائيلي في مجال الزراعة المصري المستتر فيه أكثر من الظاهر، تتخفي فيه الحقائق بعد أن ترتدي ألف ثوب، وحراسة مشددة من قبل مسئولين سابقين ضربت ستارا من السرية علي أمر يمس صحة كل مواطن مصري. وهو ملف قديم بدأ بعد وصول الرئيس المخلوع مبارك إلي سدة الحكم في عام1981م عندها تم تفعيل ما انطوت عليه معاهدة السلام وإتفاقية كامب ديفيد من أسرار، وبدأت عمليات التطبيع العلنية وفي الخفاء أكثر، وإذا كان المثقفون وقفوا أمام تيار التطبيع الثقافي فإن التطبيع الزراعي الأخطر علي مستقبل الوطن لم يجد من يتصدي له. تعد إسرائيل في الواقع من أكثر الدول تطورا في مجال الزراعة علي مستوي العالم، وتلك حقيقة لا يجب أن نغفل عنها ونحن أصحاب أقدم حضارة زراعية في العالم، فقد بلغت صادرات إسرائيل الزراعية 5 مليارات دولار في عام 2010، وتستغل إسرائيل المياه العربية التي تسيطر عليها والأراضي التي احتلتها منذ عام 7691م، وتطبق إسرائيل وسائل متطورة من الهندسة الوراثية وغيرها وتدخل معاملها البحثية في شراكة مع كبري مراكز البحث الأوروبية والامريكية بدعم من حكومات تلك الدول رعاية لطفلهم المدلل إسرائيل. وتحت بند التبادل التجاري والتعاون المشترك بدأت إسرائيل في مد مصر بالمبيدت والتقاوي، وهو أمر لم ينكره وزير الزراعة الحالي الدكتور أيمن أبو حديد الذي أكد في تصريحات لقناة "أون تي في" عدم وجود تعاون بين المصريين والإسرائيليين في مجال الزراعة منذ توليه الوزارة وهوأمر يعني أن التعاون كان موجودا ومعروفا من قبل، وأضاف أنه في وقت من الأوقات كانت مصر تسير نحو التطبيع بشكل محدود في الزراعة وكان لأغراض محددة لمعرفة معلومات في سبيل "اتقاء شرهم ومعرفة علمهم". ولكن ليس هناك برنامج واضح وموسع لتبادل الخبراء لأن الخبراء في مصر أكثر من إسرائيل فهناك فرق بين ما تنتجه مصر وإسرائيل في الزراعة لأنها تزرع في صوب زجاجية مكيفة الهواء بتكنولوجيا عالية بتكاليف باهظة تؤدي بالتبعية إلي ارتفاع سعر المنتج. التطبيع مع إسرائيل استثار جمعية »بيطريون بلا حدود« فأصدروا بياناً طالبوا فيه بوقف التطبيع مع إسرائيل في قطاع الزراعة والثروة الحيوانية وحذروا من تدهور الثروة الحيوانية في منطقة النوبارية بسبب المشاريع المشتركة بين وزارتي الزراعة المصرية والإسرائيلية. مؤكدين أن التطبيع أدي إلي تدمير زراعة القطن في مصر خاصة طويل التيلة بالإضافة إلي تدمير زراعة محاصيل الخضر والفاكهة بسبب استيراد بذورها من إسرائيل. وأشار إلي أن البيطريين بوزارة الزراعة الذين يسافرون إلي إسرائيل لا يتم ختم جواز سفرهم بتأشيرة الدخول الإسرائيلية. موضحا أن الخبراء الإسرائيليين ينتشرون بمزارع الثروة الحيوانية بمنطقة النوبارية بالبحيرة تحت شعار "السلام يبدأ من الحظيرة". وقال د. مدحت محفوظ-خبير الأسمدة والمبيدات: إسرائيل متقدمة جدا في مجال الزراعة علي مستوي العالم من حيث التقاوي والمبيدات الزراعية، كذلك هي من الدول الأولي في استخدام تقنيات الزراعة التي تعني باستخدام الأدوات الزراعية المختلفة، وهم أبرز من أبدع في مجال الري بالتنقيط. وفي عصر الانفتاح كان من بنود السلام التعاون في مختلف المجالات وعلي رأسها الزراعة حيث تم نقل العديد من التقاوي والمبيدات وطرق الزراعة الإسرائيلية إلي مصر، حتي في حقبة التسعينيات كنت تجد أدوات زراعية وماكينات مكتوبا عليها بلد المنشأ "إسرائيل"، وهو أمر تم تلافيه فيما بعد من خلال فتح فروع للشركات الإسرائيلية في هولندا وعدد من الدول الأوروبية التي أصبحت بمثابة الوسيط الذي نستورد منه الماكينات الزراعية الإسرائيلية. وأضاف محفوظ: المشكلة ليست في إسرائيل التي اهتمت بجعلنا سوقا تبيع فيه منتجاتها، لكن المشكلة تكمن فينا نحن، فلأننا علي عدم دراية بما نستورده من إسرائيل، ونجهل كيف نحكم عليه لو فيه ضرر لن نعلمه، ومن هنا تأتي الخطورة، فلعدم دراية الكثيرين بالتكنيك الإسرائيلي في الزراعة لا يمكن اكتشافه بسهولة، فمثلا إسرائيل لها مشروعات كثيرة تحت اسماء وهمية تظهر من خلال المعدات المستخدمة وتكنيكات الزراعة المستخدمة ولا يعرفها إلا المتخصص والخبير. ويقول د. محمود عمارة الخبير في الاقتصاد السياسي تعليقا علي أزمة الطماطم الإسرائيلية إن مصر رابع دولة منتجة للطماطم في العالم بينما تأتي إسرائيل في المرتبة الأربعين عالميا ولكن النقطة الأهم هي الاقتصاديات الزاعية في إسرائيل وقدرتها علي توصيل الطماطم إلي مصر بأسعار متدنية جدا. يرجع ذلك إلي أربع نقاط أساسية أولها أنها منتج لتقاوي الطماطم لأن البحوث الزراعية لديهم يصرف عليها سنويا 2 مليار دولار سنويا.. أما نحن فنصرف 20 مليون جنيه تضيع معظمها علي رواتب الموظفين. بالإضافة إلي أن إنتاجية الفدان في إسرائيل تبلغ 80 طنا، لذا فسعرها يكون متدنيا جدا بينما هنا في مصر يقولون إن إنتاجية الفدان 40 طنا والحقيقة أنها 22 طنا فقط أي أن إنتاجية إسرائيل للفدان أربعة أضعاف إنتاجنا. ويضيف: الأخطر من ذلك أن تقاوي الطماطم الموجودة في مصر إسرائيلية يتم استيرادها بأختام هولندية وقبرصية أو يتم تهربيها عن طريق الأفراد. في ظل هذه المعطيات اذا افترضنا أن شخصا يريد أن يزرع طماطم في أي أراض صحراوية في الفيوم مثلا سيواجه ملايين العقبات وكأن زراعة الطماطم في مصر ممنوعة. ولكن مع هذا يشكر الفلاح المصري الذي يزرع نصف وربع فدان حتي تصل مصر إلي رابع دولة في العالم في إنتاج الطماطم في العالم ولكن يتلف معظمها أثناء النقل والتخزين بعكس الطماطم الإسرائيلية التي تستطيع أن تصمد لمدة شهر والمواطن المصري الغلبان مضطر أن يشتري هذه الطماطم الرخيصة لذا فيجب أن أنتج التقاوي الخاصة بنا فأسعار كيلو بذرة الطماطم يصل إلي 30 ألف جنيه. ويضيف أن من ضمن أسباب انخفاض أسعار الطماطم الإسرائيلية أنه عند التصدير أحيانا يكون هناك عدد من الشحنات التي لاتصدر وللتخلص منها يتم توريدها إلي أي سوق في حاجة إليها بهذه الأسعار المنخفضة جدا لذا من المستحيل أن تبقي أسعار هذه الطماطم الإسرائيلية كما هي . وأكد أن هذه الطماطم تم تهربيها عن طريق غزة لأنه من المستحيل لهذه الطماطم أن تدخل الاتحاد الأوروبي لأن المنتجات التي تدخله تكون لها مواصفات خاصة.