• المعلم الأثري الذي بُني في عهد الملك توتاليا الرابع قبل أكثر من 3200 عام لا يزال يقاوم الجفاف ويجذب الزوار بعمقه التاريخي وجماله المعماري • رئيس جمعية الثقافة والسياحة في بيشهير، مصطفى بيوك قفالي، للأناضول: - المياه في هذا المعلم الأثري لم تتوقف عن الجريان منذ أكثر من 3200 عام - أصبح موطنا لبعض أنواع الأسماك النادرة التي كانت تعيش في بحيرة بيشهير - الحثيون كانوا يؤمنون بقدسية الماء وبأنه رمز للبركة والحياة، ولهذا أقاموا هذا المعبد بعد أكثر من 3 آلاف عام على تشييده، لا يزال "نُصُب المياه الحثّي" في منطقة "إفلاطون بنار" بولاية قونيا التركية (وسط)، يتحدى آثار الجفاف الناجم عن التغيرات المناخية، محافظا على تدفق مياهه الصافية منذ أكثر من 3200 عام. **تحفة مائية من زمن الحثيين يقع النصب في قضاء بيشهير، وقد شُيّد في العصر الحثي المتأخر عام 1200 قبل الميلاد، بأمر من الملك توتاليا الرابع. وهو واحد من أروع الآثار المائية التي تركها الحثيون. بُني النصب فوق نبع طبيعي، على شكل حوض حجري ضخم يضم جدرانا تزيّنها نقوش بارزة تمثّل آلهة وآلهات حثّية، ما يعكس رؤية تلك الحضارة لقدسية الماء ومكانته الروحية. النصب يتّخذ شكلا مستطيلا، وقد أُنشئ من كتل بازلتية من حجر الأنديزيت، نُحتت بدقة لتتداخل معا بانسجام مذهل، في مشهد يبرز براعة المهندسين الحثّيين في فن النحت والعمارة. ويُعتبر "إفلاطون بنار" مميزا عن سائر المعابد الصخرية في الأناضول بفضل تصميمه كمعبد مفتوح في الهواء الطلق، يجمع بين الطابع المعماري والرمزية الدينية في آن واحد. **كشف أثري أعاد كتابة تاريخ النصب وحتى عام 1837، كان يُعتقد أن ارتفاع النصب يبلغ 3.5 أمتار فقط، لكن الحفريات الأثرية التي أجرتها مديرية متاحف قونيا بين عامي 1996 و2001 كشفت أن ارتفاعه الحقيقي يصل إلى 7 أمتار. وأظهرت الاكتشافات أيضا وجود حوض مقدس متصل بالنصب بعرض 30 مترا وطول 34 مترا، كان يُستخدم لتجميع المياه العذبة القادمة من الينابيع الطبيعية. وتحمل واجهة النصب 19 لوحا حجريا منقوشا بصور متنوعة لآلهة، وحيوانات، ورموز دينية تعبّر عن مفهوم الخصب والوفرة لدى الحثيين. ويبعد النصب نحو 4 كيلومترات عن قرية صادق حاجي، وما يزال إلى اليوم يستقبل الزوار والسياح الذين يأتون لمشاهدة هذا الأثر الفريد، حيث تتجمّع مياهه في الحوض لتُستخدم بطريقة مدروسة تُتيح الحفاظ عليها خلال أشهر الجفاف. في عام 2014، أُدرج "نصب إفلاطون بنار" على القائمة المؤقتة للتراث العالمي لدى منظمة اليونسكو تحت اسم "المعبد الحثي المقدس للمياه"، تقديرا لقيمته التاريخية والهندسية. **رمز للخصب والتنوع الطبيعي ويقول رئيس جمعية الثقافة والسياحة في بيشهير، مصطفى بيوك قفالي، في حديثه لوكالة الأناضول: "المياه هنا لم تتوقف عن الجريان منذ أكثر من 3200 عام. يمكن القول إن هذا النبع يتحدى الجفاف بفضل وفرة مياهه الطبيعية. ولهذا السبب يستقبل النصب زوارا من داخل تركيا وخارجها على مدار العام". وأضاف بيوك قفالي أن "النبع ما زال يمدّ بحيرة بيشهير بكميات محدودة من المياه، مشيرا إلى أن الحثيين كانوا يؤمنون بقدسية الماء وبأنه رمز للبركة والحياة، ولهذا أقاموا هذا المعبد تكريما للآلهة وشكرا على النعمة". وأوضح أن الحوض الذي يتجمّع فيه الماء أصبح موطنا لبعض أنواع الأسماك النادرة التي كانت تعيش في بحيرة بيشهير. وقال: "هذه الأسماك التي فرت من البحيرة وجدت في الحوض مأوى طبيعيا، ولذلك يمكننا القول إن هذا المكان لا يحفظ فقط تاريخ الحثيين، بل يحافظ أيضا على التنوع البيولوجي في المنطقة".