نشرت مجلة «The National Interest» مقالا للكاتب دانيال سويفت، يدعو فيه إلى ضرورة إنشاء نموذج شراكة تجارية جديدة بين الولاياتالمتحدة والدول الإفريقية لتحويل سلاسل الإمداد الرئيسية للصناعات الخفيفة ونقلها من الصين إلى إفريقيا، وذلك بهدف تقليل الاعتماد المفرط على الصين فى السلع الحيوية والمعادن، وحماية سلاسل الإمداد الأمريكية من الاضطرابات والمخاطر الجيوسياسية المحتملة.. نعرض من المقال ما يلى: بداية، ينصح كاتب المقال دانيال سويفت الإدارة الأمريكية بعقد اتفاق اقتصادى جديد مع الدول الإفريقية لحماية سلاسل الإمداد الأمريكية من الصين، خاصة بعد انتهاء العمل ب «قانون النمو والفرص فى إفريقيا» (AGOA)، وهو قانون أمريكى يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادى فى إفريقيا عبر منح الدول المؤهلة وصولًا معفى من الرسوم الجمركية لآلاف السلع إلى السوق الأمريكية. مخاطر الاعتماد المفرط على الصين يوضح سويفت أن سيطرة الصين - شبه الكاملة - على العديد من المعادن والمُدخلات الحيوية اللازمة لإنتاج بطاريات الليثيوم أيون، وحوالى 95% من المعالجة العالمية للجرافيت المستخدم فى صناعة البطاريات، يؤثر على كل شىء، من المركبات الكهربائية إلى طائرات F-35 المقاتلة. الخطر لم يتوقف عند هذا الحد فنظام الرعاية الصحية الأمريكى يعتمد -أيضًا - على الصين. تُعد الصين المصدر الوحيد ل 20% من المكونات الصيدلانية الفعالة فى الأدوية الأمريكية، و45% من المواد الأولية الرئيسية، ونصف معدات الحماية الشخصية (PPE) التى يستخدمها مقدمو الرعاية الأمريكيون. هذا يعنى أن الصدمات المستقبلية من الصين - سواء كانت ضوابط على الصادرات، أو هجومًا على تايوان، أو قيودًا مستهدفة - ستترك الأمريكيين عرضة للخطر. الفرص التى تتيحها إفريقيا يشير كاتب المقال إلى عدد من الأمثلة التى تدعم وجهة نظره فى نقل سلاسل الإمداد الأمريكية (لبعض الصناعات) من الصين إلى إفريقيا، أولا: خلال فترة عمله كدبلوماسى أمريكى فى إفريقيا، ولاحقًا كرئيس لمبادرة رئاسية لزيادة التجارة والاستثمار بين إفريقيا والولاياتالمتحدة، ساعد الكاتب مُصنِّعًا طبيًا مقره فى أوهايو على تغيير مورد الإبر الطبية من الصين إلى كينيا، حيث تم إنتاج الإبر نفسها بتكلفة أقل وجودة أعلى. كما يرى سويفت أن لدى الدول الإفريقية رغبة قوية للتوسع ليس فقط فى التعدين، ولكن أيضًا فى معالجة المعادن الحيوية. سيؤدى هذا التوسع إلى الحصول على المزيد من الإيرادات وخلق المزيد من الوظائف. إطار الشراكة التجارية الجديدة من شأن إطار تجارى أمريكى - إفريقى جديد أن يوسع هذه الديناميكية عبر القطاعات الأساسية لسلاسل الإمداد الأمريكية، بدءًا من توفير دخول معفى من الرسوم الجمركية للسلع المحددة التى تحل محل الواردات الصينية. يجب أن يرتبط هذا الوصول ب شروط واضحة توافق عليها الحكومات الشريكة تتمثل فى النقاط التالية: - إنهاء التعاون الدفاعى مع الأنظمة الخاضعة للعقوبات الأمريكية. - التعاون مع ضوابط التصدير والعقوبات الأمريكية لمنع الشحن العابر. - السماح بوصول متبادل للسلع الأمريكية إلى أسواقها. - تلبية معايير الشفافية، مثل الكشف عن الملكية النفعية، وعلنية العقود، وتحديث الجمارك. الدول التى تُخلّ بهذه القواعد قد تواجه تعليق أو سحب الإعفاءات الممنوحة لبعض منتجاتها، فى حين يمكن للدول التى تُظهر التزامًا جزئيًا أن تُدرج ضمن «مسار العتبة» بهدف تشجيعها على تحقيق المزيد من التقدم. وينبغى للإدارة الأمريكية توجيه جزء من أموال المساعدات الخارجية لتقديم الدعم الفنى اللازم لمتابعة تنفيذ هذه الشروط وتطويرها. ينبغى أن يدعم التمويل الإنمائى الأمريكى هذا التوجّه الاستراتيجى، من خلال قيام مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية (DFC) بإعطاء الأولوية للمشروعات التى تُسهم فى تقليص الاعتماد على الواردات الصينية، وتقديم أدوات تمويل مرنة تشمل التأمين، والقروض، وحصص الملكية منخفضة التكلفة للشركات الإفريقية القادرة على تلبية متطلبات السوق الأمريكية. كما يُفترض أن يقوم الكونجرس الأمريكى بتفويض وتمويل النسخة المُحدَّثة من مبادرة «ازدهار إفريقيا» (Prosper Africa Initiative)، لتحديد المشاريع القابلة للتمويل واتفاقيات الشراء التى تتماشى مع الاحتياجات الاقتصادية والدفاعية للولايات المتحدة، إضافة إلى تخصيص تمويل متعدد السنوات لدعم المساعدة الفنية اللازمة لتنفيذها. فى ظل تحذيرات قادة الاستخبارات الأمريكية من احتمال وقوع غزو صينى لتايوان خلال العامين المقبلين، يتعيّن على الولاياتالمتحدة البدء فورًا فى الاستعداد لاحتمال حدوث اضطرابات واسعة فى سلاسل الإمداد العالمية. ورغم أن تركيز الجهود على بناء سلاسل إمداد بديلة فى إفريقيا قد لا يضمن القضاء الكامل على المخاطر، فإنه يمثل خطوة استراتيجية يمكن أن تُشكل نموذجًا لتوسيع مصادر التوريد لتشمل أمريكا اللاتينية ومناطق أخرى، بما يعزّز المرونة الاقتصادية الأمريكية على المدى الطويل. خلاصة القول، إن عقد شراكة تجارية جديدة مع إفريقيا يعد فرصة ذهبية لتقليل الاعتماد على الصين مع تعزيز الحلفاء، وإذا تم ذلك بشكل صحيح، فإنه يمنح الكونجرس طريقة قابلة للتطبيق سياسيًا لحماية المستهلكين الأمريكيين، ودعم الاقتصادات الإفريقية، وتقويض القوة الاقتصادية الصينية. مراجعة وتحرير: وفاء هانى عمر النص الأصلي https://tinyurl.com/5hbnfr9r