لم يكن الدكتور محمد البرادعي المرشح للرئاسة يمزح حينما أكد أنه يمكن قبول فلول الحزب الوطني في الحياة السياسية بشرط توبتهم واستغفارهم عما فعلوا مع الشعب المصري طوال السنوات الماضية من تزوير متعمد لإرادته في الانتخابات والاستفتاءات المختلفة .. حديث البرادعي لمس الواقع الحزبي الآن .. وتحديدا أحزاب المعارضة التي كانت منبوذة في الماضي وتواجه الآن أكبر حركة تدافع علي الانضمام إليها عقب نجاح الثورة بعدما تحركت كتل كبيرة من أعضاء الحزب الوطني المنحل والتي كانت منضوية قبل أشهر قليلة تحت لواء حزب الوريث المنتظر باتجاه البحث عن بديل فوري للسفينة الغارقة من أجل عدم ضياع الطريق للبرلمان والفوز بالحصانة المطلوبة في كل زمان ومكان . إشارة البرادعي للفلول في سياق لقائه مع الداعية عمرو خالد علي شاشة التليفزيون المصري لم تكن الأولي وإنما سبقتها إشارات أخري جاءت من حزب الوفد الذي ألمح إلي انضمام عدد كبير من الأعضاء السابقين في الوطني خاصة في محافظات الصعيد إلي الحزب ثم الاحتجاجات التي أشعلت التجمع اعتراضا علي عضويتهم . ثم كانت التوصية المثيرة للجدل لمجلس الوفاق الوطني الذي طالب بإصدار قانون بعزلهم سياسيا ومنعهم من ممارسة العمل الحزبي عقابا لهم علي ما اقترفوه في حق الشعب المصري . لقد كان الحزب الوطني نموذجا حيا لحزب السلطة المتسلط علي الناس وأكبر مظلة ضمت المنتفعين من النظام السابق وإن كان ضم علي استحياء بعضا من العقول المفكرة التي حاولت أن تقود ما سمي بعملية الإصلاح داخل الحزب ولكن كل ذلك تم التضحية به علي مذبح توريث جمال مبارك . وبحسب مصادر حزبية اكدت ل"آخر ساعة " قبول عدد من أعضاء الحزب الوطني المنحل خلال الشهور الماضية في أحزاب الوفد والتجمع وهم من الصفوف الخلفية للحزب ولم يكونوا معروفين بنفس درجة رموز ونجوم الحزب الوطني المشهورين والذين كان من السهل عليهم تغيير جلدهم الحزبي بسرعة ولبس ثوب الثورة وقدموا للأحزاب القديمة والجديدة خريطة للواقع الحزبي في المحافظات التي كان الوطني يسيطر عليها في السابق . وفي الحقيقة قدم بعضهم خدمات جليلة لهذه الأحزاب في المحافظات لقربهم من الناخبين بالخدمات التي يقدمونها لهم خاصة في القري والنجوع الفقيرة كما أن معظمهم يمتلك جمعيات أهلية لدرجة أن بعضهم أقاموا حفلات تكريم لبعض شهداء الثورة في دوائرهم وأحيائهم. ونشطت هذه الجمعيات أو بالأحري هؤلاء الأعضاء خلال الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها ملايين المواطنين. فقامت بتوزيع أنابيب بوتاجاز بأسعار لا تتجاوز خمسة جنيهات وثمانية في بعض الأحياء الشعبية مع اشتداد أزمة أنابيب البوتاجاز. ومن قبل الأنابيب وخلال الشتاء الماضي قام عدد من الجمعيات بتوزيع بطاطين لمواجهة برد الشتاء. وعندما بدأت أسعار السلع الغذائية في الارتفاع الكبير نشطت في الأحياء الشعبية حركة توزيع أكياس السكر والأرز. كما ألمحت المصادر إلي وجود تحالف قوي بين فلول الوطني وجماعة الإخوان المسلمين فقد دخل الإخوان علي الخط بعد أن وجدوا أن بعض أعضاء الحزب الوطني يمتلكون فرصة كبيرة للفوز في انتخابات مجلس الشعب القادمة فسعوا للتحالف معهم. وتوحيد جهود توزيع السلع والأنابيب عبر جمعيات أهلية يسيطرون عليها وأيضا كان لحزب الوفد نصيب من تلك التحالفات خاصة في صعيد مصر ورغم نفي حزب التجمع انضمام أحد اعضاء الوطني له إلا أن أحد القيادات بالحزب كشف أن أكثر من 051عضواً سابقاً بالحزب الوطني "المنحل" انضموا خلال الأسابيع الماضية إلي حزب التجمع في القاهرة وعدد من المحافظات، بالتزامن مع بدء التحضير للمؤتمر العام السابع، والذي من المقرر أن يشهد إجراء انتخابات علي جميع المناصب القيادية، وعلي رأسها منصب رئيس الحزب. وعلي عكس المتوقع رحب الدكتور أيمن نور مؤسس حزب الغد بفكرة ضم أعضاء الوطني السابقين رافضا المطالبات الحزبية بإقصاء رموز الحزب الوطني المنحل من الحياة السياسية بناء علي توصية من مجلس الوفاق الوطني بحرمان رموز الوطني من المشاركة في الحياة السياسية وأي انتخابات سواء نيابية أو نقابية لمدة لا تقل عن خمس سنوات.وأبدي نور ترحيبه بانضمامهم لحزب ائتلاف الغد الذي يؤسسه الآن، مشترطا ألا يكون أحدهم قد شغل منصبا بارزا بالوطني المنحل . إلا أن الدكتور أسامة الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة رفض تماما هذه الفكرة مؤكدا أنه رفض انضمام أي من نواب الوطني أو أعضائه لعضوية الجبهة وهذا رفض قاطع مؤكدا أن هناك مخططات جادة من أعضاء الحزب المنحل للانضمام إلي الأحزاب القديمة ومنها حزب الجبهة بهدف خوض الانتخابات البرلمانية مختبئة تحت عباءة الأحزاب التي يثق بها المواطنون والتي شاركت بفاعلية في الثورة . واعترف بيان صادر من حزب التجمع بأن هناك أعضاء سابقين بالحزب الوطني المنحل تسللوا إلي الحزب مؤكدا أنه لن يقبل انضمام الأعضاء السابقين بالحزب الوطني في صفوفه. وشدد البيان علي أن التجمع يري أنه يمتلك اختلافات جذرية مع كل من كان عضوا بالحزب الوطني، ووصفها بأنها اختلافات تضع حاجزا يمنع انضمامهم إليه. وأكد الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أنه من حيث المبدأ لن يقبل بانضمام أي عضو سابق في الحزب الوطني إلي التجمع، وقال: "نحن لنا منطلقات فكرية تختلف تماما عن أفكار أعضاء الحزب الوطني، فنحن حزب اشتراكي وهم ضد الاشتراكية.