في الثانية صباحا من يوم الأحد الثالث من يوليو عام 7791 تم اختطاف الشيخ الذهبي من منزله في ضاحية حلوان علي يد أفراد تنظيم "جماعة المسلمين " أو التكفير والهجرة الذي كان يتزعمه "شكري مصطفي " وبعد يومين من اختطاف الشيخ الذي كان قد تصدي لأفكار شكري التكفيرية وتولاها بالشرح والتفنيد ، توصل رجال الأمن إلي مكان احتجازه في فيلا مستأجرة بشارع الهرم، كان الشيخ ملقي علي سرير بعد أن فارق الحياة ومصاب بطلق ناري في عينه اليسري ، ولم يكن اختيار إطلاق النار علي العين اليسري صدفة وإنما له أساس عقائدي لدي شكري مصطفي زعيم التنظيم الذي كان قد أفتي بأن العين اليسري هي العين التي ينظر بها الشيطان . !! وفي يوم الإثنين 2 مايو عام 1102 أعلن الرئيس الأمريكي مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في منزل بباكستان وأن من قام بتنفيذ العملية عدد محدود من رجال العمليات الخاصة، قوبل الخبر بدهشة واسعة في العالم كله ، حتي إن البعض شكك في خبر مقتله ، وما هي إلا ساعات قليلة وبدأ تسريب الأخبار حول ظروف مقتله التي بدأت بمعركة اشتبكت فيها القوات الأمريكية الخاصة مع حراس بن لادن بعد انزالها بطائرة هليوكوبتر في مجمع "أبوت آباد" علي بعد 05 كيلو مترا شمالي العاصمة الباكستانية إسلام آباد في عملية شارك فيها حوالي 52جنديا استغرقت 04دقيقة وقيل إن المنزل كان خاليا من وسائل الاتصال وهو أمر غير مستغرب علي بن لادن الذي كان يعتمد في اتصالاته أثناء إقامته في أفغانستان علي تبادل الرسائل باستخدام الصقور بدلا من الحمام الزاجل ، كما كان يعتمد علي "الرسل " من البشر في نقل تعليماته ، وبعد وصول القوات الخاصة إلي داخل المنزل تم القبض علي زعيم القاعدة مع زوجتيه وعدد من أبنائه ثم إطلاق النار عليه، وجاء إطلاق النار عليه بطريقة اعتبرها كثيرون شديدة الوحشية ليثير ردود فعل غاضبة في العالم الإسلامي ، فلقد فصل مابين اعتقاله ومقتله وهو أعزل عشر دقائق كاملة تلقي بعدها رصاصة في العين اليسري أمام ابنته التي لم تتعد من العمر اثني عشر عاما ، ويبدو أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تشترك مع بعض ما قال به شكري مصطفي من أن العين اليسري ينظر بها الشيطان ، ولم تتوقف الإدارة الأمريكية عند هذا الحد ولكنها ابتكرت طريقة فريدة للتخلص من جسد بن لادن بإلقائه في البحر بعد وضع أثقال عليه حتي لايطفو ويدفن في قاع البحر ، ولم ينسوا أن يطمئنوا العالم الإسلامي بأنه تم قراءة ما يلزم من آيات القرآن علي جسده وتكفينه حسب الشريعة الإسلامية ، ولم يكد ينتهي مسلسل الإثارة الأمريكي في تعاملهم مع عدوهم الأول حتي بدأت ردود الفعل الغاضبة تجتاح العالمين العربي والإسلامي في صورة مظاهرات للتنديد بطريقة التخلص من جسد بن لادن المنافي لكل الأديان وحقوق الإنسان، ولأن الطريقة التي أعلن فيها عن مقتله حملت الكثير من التشفي والانتقام دفع هذا الأمر بعض المنتمين إلي تنظيم الجهاد إلي أن أسامة بن لادن لم يقتل برصاص القوات الخاصة الأمريكية كما أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ولكنه قتل علي يد حراسه وأن ذلك جاء تنفيذا لوصية بن لادن حيث كان دائما ما يوصي اثنين من حراسه بأن يتوليا إطلاق النار عليه في حالة محاصرته أو محاولة قتله من قبل أي جهة من الجهات التي تطلب رأسه حتي لايقع في أسر القوات الأمريكية ويتعرض للتعذيب ، ورغم أن هذا الأمر قد يكون صحيحا إلا أنه لم يقض علي حالة الغضب التي دفعت شيخ الأزهر أحمد الطيب بأن يعلن بأن مقتل بن لادن وتزامن مع تعليق شيخ الأزهر المفتي السابق الدكتور نصر فريد واصل الذي اعتبر بن لادن شهيدا ، لم تهتم الإدارة الأمريكية كثيرا بما قد يثيره مقتل بن لادن بهذه الطريقة من غضب المسلمين وهو أمر شبيه بمشهد إعدام صدام حسين في صباح أول أيام عيد الأضحي ، فكثير من المسلمين هم غير مؤيدين لبن لادن ولصدام ولكن طريقة موت الاثنين خلقت حالة من التعاطف معهما ، قابلها حالة من الفرحة العارمة اجتاحت الولاياتالمتحدةالأمريكية عبر عنها المواطن الأمريكي الذي كان قد نذر بأن يطلق لحيته بعد الهجوم علي البرجين في سبتمبر 1002حتي يتم إلقاء القبض علي بن لادن ، وتم تحقيق نذره ووفي بوعده وقام بحلق لحيته بعد مقتل بن لادن ، العدو الأول للولايات المتحدةالأمريكية . ولد بن لادن في السعودية عام 7591.. لأم سورية وترتيب أسامة بين إخوته 71 من بين 25 أخا وأختا من أبناء المقاول الشهير محمد عوض بن لادن ، عرف عن بن لادن تواضعه وخجله الشديد في طفولته ، درس بن لادن في جامعة الملك عبد العزيز في جدة وتخرج ببكالوريوس في الاقتصاد ، بعد وفاة بن لادن الأب إثراصطدام طائرته بجبل الطائف تولي من بعده ابنه سالم الإشراف علي أعماله وإدارة ثروته التي بلغت 009مليون دولار وكان عمر أسامة وقتها 9سنوات ، وفي عام 9791غزا الاتحاد السوفيتي أفغانستان ، وفي عام 4891.. أسس أسامة منظمة دعوية " مركز الخدمات " وقاعدة تدريب علي فنون القتال والعمليات المسلحة باسم " معسكر الفاروق" لدعم وتمويل المجهود الحربي للمجاهدين الأفغان ، ودعمت وقتها المركز والمعسكر الولاياتالمتحدةالأمريكية والسعودية ومصر وعدد من دول العالم ، وفي عام 8891نظم أسامة عمله بإنشاء قاعدة بيانات للمجاهدين سجل فيها كل من شارك في المركز والمعسكر ، وبانسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان تم اطلاق لقب البطل علي بن لادن ، وخاصة في السعودية ، ولكن سرعان ما ضاع هذا البريق حين هاجم بن لادن التواجد الأمريكي في السعودية أيام الغزو العراقي للكويت عام 0991.. بل وهاجم النظام السعودي لسماحه بتواجد القوات الأمريكية التي وصفها بن لادن بالمادية والفاسدة ، وأدي تلاشي الدعم السعودي إلي خروج بن لادن إلي السودان ،التي غادرها إلي أفغانستان عام 6991بعد وصول طالبان للحكم، وهناك أعلن الحرب علي أمريكا، وبعدها التقي بأيمن الظواهري زعيم تنظيم الجهاد ، وأطلق الاثنان فتوي تدعو إلي جهاد وقتل الأمريكان في أي مكان ، وإلي إجلائهم من المسجد الأقصي ، وتعددت العمليات التي حملت بصمات تنظيم القاعدة في تفجيرات الخبر وتفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام ، ثم تفجير البارجة " كول " أمام سواحل اليمن ، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وجهت الولاياتالمتحدة أصابع الاتهام إلي بن لادن وتنظيم القاعدة ، بعد أن أثني أسامة علي منفذي العملية ، وتتابعت بعد ذلك محاولات الحصول علي أدلة تثبت تورط بن لادن من خلال شرائط فيديو ظهر بها بعض المشاركين في عملية التفجير ، وكان من بينها تسجيل يصور بن لادن مع عدد من معاونيه وهو مندهش لكمية الخراب التي حلت في مكان التفجير وأنها فاقت توقعاته وحساباته واستخدم هذا الشريط كدليل علي تورط بن لادن وعلمه وتخطيطه لهدم البرجين ، وأدي عدم استجابة طالبان للولايات المتحدةالأمريكية بتسليم بن لادن لمحاكمته علي تهديده للأمن الأمريكي إلي تعرض أفغانستان لحرب أطاحت بحكومة طالبان وأصبح بن لادن المطلوب الأول علي مستوي العالم ، ورغم ذلك أثارت الطريقة التي قتل بها غضب الكثيرين .وبدا ذلك واضحا من المظاهرات التي خرجت يوم الجمعة وتحركت في الشارع المصري لترصد غضب قطاع من المصريين حتي ولو كانوا علي خلاف فكري معه ، والأمر الأكثر خطورة هو في مدي استعداد شباب السلفيين ، والشباب الذين لهم توجهات دينية بدون أن يكون لهم إطار فكري محدد ينتمون إليه في إمكانية وقوعهم بين أيادي تدفعهم لارتكاب أعمال عنف وتخريب للانتقام من مقتل بن لادن، وهو الأمر الذي يشرحه الدكتور رفعت سيد أحمد الخبير في مجال الجماعات الإسلامية والتنظيمات وقال: ستحمل الأيام القادمة الكثير من الأحداث بعد مقتل بن لادن والطريقة التي تم تنفيذ القتل بها والتخلص من جثته وهي الطريقة التي أثارت استياء العالم الإسلامي لوجود حالة من التشفي والانتقام ظهرت بوضوح في أسلوب قتله وهو أمر ليس له علاقة بالأديان علي الإطلاق ، مما خلق حالة هائلة من التعاطف مع بن لادن ولن نتعجب إذا أدت هذه الحالة إلي وجود مبررات لأفكار بن لادن التي كانت مرفوضة شرعا ودينا إلي وقت قريب ، وأتوقع أن تزداد شراسة تنظيم القاعدة مع تجنيد لبعض عناصر التيار السلفي في مصر خاصة مع وجود حالة الظهور الواضح للتيار مع التراخي الأمني . وإذا كان حديث الدكتور سيد لا يحمل كثيرا من التفاؤل فإن حديث المفكر الإسلامي منصور الرفاعي عبيد كان يحمل كثيرا من الغضب وهو يتحدث عن مقتل بن لادن وعن التشابه ما بين تطرف شكري مصطفي وجماعته وما بين التطرف الأمريكي لأن أهل الشر دائما ما يفكرون بنفس الطريقة والأسلوب وأستاذهم هو الشيطان الملعون ، ويبدأ حديثه بتساؤل عن أسباب تطرف بن لادن ومن الذي دفعه لسلوك هذا الطريق ،؟ أليست هي أمريكا نفسها التي استباحت الأراضي العربية ، أليس هي التي أوجدت بؤر التوتر في العالم الإسلامي ، فتصرفها بهذه الطريقة مع بن لادن هو أمر يفضح تطرفها وإلا لماذا لم تقبض عليه وتحاكمه وتثبت عليه كل ما اتهمته به حتي حادث البرجين الذي ما زال يحمل كثيرا من التساؤلات حول حقيقة تنفيذه، وحول إمكانية مشاركة بن لادن له من عدمه ، وإلي جانب كل ذلك فطريقة قتله غير الإنسانية كشفت عن الوجه القبيح لأمريكا ، وكشفت طريقة التخلص من جثته عن فقدان الشعور وعدم الاستجابة لتعاليم الأديان ، وعدم الاعتراف بكرامة جسد الإنسان ، ودليل علي الوحشية والهمجية .