زيادة الاستثمار في السبائك "المصريون اشتروا 60 طن ذهب العام الماضي"    تعرف على أسعار اللحوم اليوم الثلاثاء 23-4-2024    أسعار الأسمنت اليوم الثلاثاء 23 - 4 - 2024 في الأسواق    وصول 311 شاحنة مساعدات لغزة عبر معبري رفح وكرم أبو سالم    عصابة القتلة تضحى برئيس الاستخبارات.. استقالة أهارون حاليفا معترفا بالفشل    الجيش الأوكراني: خسائر روسيا القتالية في أوكرانيا ترتفع إلى 461 ألفًا    أخبار مصر: تطبيق زيادة أسعار السجائر و4 نصائح من الأرصاد للحماية من الموجة الحارة، استثناء 8 أنشطة تجارية من مواعيد الغلق بالتوقيت الصيفي    الإسماعيلي: ندفع بأحمد الشيخ تدريجيا لهذا السبب.. ونجهز اللاعبين للأهلي    «الأرصاد» تحذر من حالة الطقس اليوم الثلاثاء 23-4-2024 والموجة الحارة لمدة 72 ساعة    حالة الطرق اليوم، زحام مروري بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    بعد قليل.. استكمال محاكمة المتهمين في قضية فساد الري    ندوة بجامعة القاهرة لتشجيع وتوجيه الباحثين لخدمة المجتمع وحل المشكلات من وجهة نظر جغرافية    وول ستريت تتعافى وارتفاع داو جونز 200 نقطة وخروج S&P500 من دائرة الخسارة    ماليزيا.. تصادم طائرتين هيليكوبتر وسقوط 10 قتلى    أزمة لبن الأطفال في مصر.. توفر بدائل وتحركات لتحديد أسعار الأدوية    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الثلاثاء 23 أبريل 2024    مصرع عامل غرقًا بمياه الترعة في سوهاج    مُسن يطلق النار على عامل بسوهاج والسبب "مسقى مياه"    مصر تستهدف زيادة إيرادات ضريبة السجائر والتبغ بنحو 10 مليارات جنيه في 2024-2025    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 23-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بدرية طلبة تشارك جمهورها فرحة حناء ابنتها وتعلن موعد زفافها (صور)    نيللي كريم تظهر مع أبطال مسلسل ب100 وش.. وتعلق: «العصابة رجعت»    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    بالأرقام.. تفاصيل توزيع مخصصات الأجور في الموازنة الجديدة 2025 (جداول)    بدون حرمان أو ذهاب للجيم.. 5 طرق طبيعية لإنقاص وزنك بسهولة    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    اعتقال متظاهرين مؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريكية (فيديو)    إزالة 14 حالة تعد بمركز ومدينة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية    لبنان.. شهيد جراء قصف طيران الجيش الإسرائيلي سيارة في محيط بلدة عدلون    ملتقى القاهرة الأدبي.. هشام أصلان: القاهرة مدينة ملهمة بالرغم من قسوتها    اتحاد الكرة يوضح حقيقة وقف الدعم المادي لمشروع «فيفا فورورد»    مصرع عامل دهسه قطار الصعيد في مزلقان سمالوط بالمنيا    رسميا.. التعليم تعلن مواصفات امتحانات الترم الثاني لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي    أستاذ مناعة يحذر من الباراسيتامول: يسبب تراكم السموم.. ويؤثر على عضلة القلب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام عطلة شم النسيم 2024 للقطاعين بعد ترحيل عيد العمال    بعد وفاته في تركيا، من هو رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني؟    بلينكن ينفي "ازدواجية المعايير" في تطبيق القانون الأمريكي    بشرى سارة لجمهور النادي الأهلي بشأن إصابات الفريق    عاجل.. صفقة كبرى على رادار الأهلي الصيف المقبل    رئيس الوزراء يهنئ وزير الدفاع بعيد تحرير سيناء سيناء    نصائح مهمة لمرضى الجهاز التنفسي والحساسية خلال الطقس اليوم    إمام عاشور مطلوب في التعاون السعودي.. والأهلي يوافق بشرط    الكونجرس يشعر بالخطر.. أسامة كمال: الرهان على الأجيال الجديدة    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    خلال ساعات العمل.. أطعمة تجعل الجسم أكثر نشاطا وحيوية    عبدالجليل: دور مدير الكرة في الأهلي ليس الاعتراض على الحكام    «فلسطين توثق المجازر».. فعاليات متعددة في رابع أيام مهرجان أسوان (تعرف عليها)    علي هامش انعقاد مؤتمر الاتحاد العربي.. 11 دولة عربية في ضيافة النقابة العامة للغزل والنسيج بالقاهرة    المصري البورسعيدي: نستنكر تصريحات رئيس إنبي.. واتحاد الكرة برأنا    الشرطة تداهم أوكار الكيف.. سقوط 85 ديلر مخدرات في الإسكندرية    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    علي جمعة عن سبب تقديم برنامج نور الدين: ربنا هيحاسبني على سكوتي    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23 أبريل في محافظات مصر    مصرع شخص وإصابة 2 في تصادم 3 تريلات نقل بالوادي الجديد    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص الرسالة التي اغتالت الشيخ الذهبي«الي أبو مصعب ألقي الخضار في ترعة المريوطية»
المستشار ماهر الجندي يواصل حكايات الإرهاب من واقع القضايا :

· كتيب صغير أصدره وزير الأوقاف « الذهبي »لكشف زيف أفكار جماعة شكري مصطفي وإنحرافها عن الإسلام مقدمة لاغتياله رصاصة في العين اليسري من طبنجة ضابط مباحث ترك الداخلية وفضل الانضمام لجماعة إرهابية
بعد أن فرغت من الحديث في الحلقة السابقة عن حركة الإخوان المسلمين أبدأ في الحديث - وعلي مدار الحلقات التالية - حول أخطر التنظيمات الارهابية السرية التي ظهرت في مصر خلال حقبة السبعينيات والثمانينيات، واتخذت من الدين ستارا يبيت من خلفه الإثم وتدبر باسمه الجريمة، ومن العنف الدامي سبيلا لتحقيق أهدافها في الوصول إلي سلطة الحكم والاطاحة بها بالقوة وتنصيب قادتها من القتلة والسفاحين حكاما للبلاد وعلي العباد، ويفرضون علي الناس فرضا ما شاء لهم من أفكار مضللة وأوضاع مزرية ويدخلون في الإسلام من يشاءون ويخرجون منه من لا يشاءون.
ففي تلك الحقبة الزمنية عانت مصر كثيرا من ويلات هذه التنظيمات الارهابية، بين نفوس أزهقت ودماء أهدرت وزروع دمرت وفتن انتشرت وقيم اندثرت، لكن الله بعنايته قد حفظ مصر من شر هؤلاء الارهابيين، فانقلبوا علي أعقابهم خاسرين ، ولعل كان من أبرز تلك التنظيمات الارهابية الخطيرة التي أطلت برأسها كالافعي وراحت تحاول أن تنفث سمها الزعاف علي أرض الكنانة، في غضون الحقبة الزمنية المذكورة، تنظيم التكفير والهجرة الخاص «بجماعة المسلمين» وتنظيم «الكلية الفنية العسكرية» وتنظيم «الجهاد» وتنظيم «الناجون من النار».
وسوف أطلق العنان للتاريخ لكي تحكي لنا صفحاته ومن واقع ملفات أخطر القضايا في تاريخ مصر، حكاية هذه التنظيمات الارهابية.. ومصر فقد عايشتها محققا ثم ممثلا للاتهام أمام محكمة أمن الدولة العليا.
«التكفير والهجرة»
انشق زعيمها شكري أحمد مصطفي عن الإخوان وزعم لنفسه الوصاية علي الإسلام.. كل من آمن بدعوته فهو مسلم آمن وكل من خالفه فهو كافر يحل دمه.. شكري مصطفي زعيم الجماعة، من مواليد 1/6/1942 أبوتيج - أسيوط خريج كلية الزراعة جامعة أسيوط اعتقل في 9/11/1965ضمن الخلايا الإخوانية لتنظيم سيد قطب وتم الإفراج عنه في 16/10/1965 ضمن من شملهم القرار السياسي للرئيس السادات بالإفراج عمن تبقي في المعتقل من المعتقلين وكان عددهم 118 معتقلا.
أثناء وجوده بالمعتقل أعتنق أفكار سيد قطب التكفيرية التي نشرها في كتابه «معالم في الطريق» فانشق عن الإخوان وعن تنظيم سيد قطب وانفرد لنفسه بفكرة الدعوة إلي الهجرة من مصر إلي أرض الله الواسعة ، إما إلي جبال شعاب باليمن أو إلي أرض اليونان القريبة - تيمنا بالآية الكريمة «وأعتزلكم وما تدعون من دون الله».
الصدفة.. وحدها كانت وراء الكشف عن شكري وجماعته الضالة ، ففي مطلع عام 1974 وأثناء مرور أحد الخفراء بالبر الغربي بمدينة المنيا شاهد وبمحض الصدفة مجموعة من الشباب يتخذون من منخفض جبلي مقرا لاقامتهم وساحة لممارسة بعض الألعاب الرياضية والتدريبات العسكرية، فلما أبصروه أطلقوا عليه نيران أسلحتهم لارهابه فعاد بخفي حنين هاربا منهم وبادر إلي إبلاغ الشرطة التي داهمت موقعهم وقامت بضبطهم بما في حوذتهم من أسلحة نارية وبيضاء «بنادق لي انفلد وطبنجات ماركة حلوان وسيوف، ومطاوي قرن غزال وجنازير» فضلا عن مستلزمات الإعاشة التي كانت معهم.
وقد باشرت نيابة أمن الدولة العليا التحقيق علي الفور مع المتهمين وعلي رأسهم زعيمهم شكري أحمد مصطفي ونائبه صفوت الزيني فيلسوف الجماعة، وكنت وقتذاك الوكيل الأول لنيابة أمن الدولة العليا، وشاركت في التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة مع المتهمين ومن بينهم فيلسوف الجماعة.
وفي التحقيقات تعمد زعيم الجماعة وكذلك فيلسوفها عدم الكشف كاملا عن ابعاد هذا التنظيم ومخططاته وأهدافه، وإنما اكتفيا بالقول باعتناقهما وباقي أعضاء التنظيم فكرا يقوم علي تكفير الحاكم ووصف المجتمع بالجاهلية، وأنهم طالما ليس لديهم القدرة المادية والاستطاعة العددية علي التغيير فإنهم يعتزلون المجتمع بصفة مؤقتة ويهجرونه إلي أرض الله الواسعة حتي إذا ما قويت شوكتهم وتهيأت لهم القوة والقدرة عادوا إلي البلاد فاتحين.
ولذلك اكتفت النيابة العامة بأن وجهت إلي شكري أحمد مصطفي الاتهام بتأليف جماعة منظمة تدعو إلي مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة، كما وجهت إلي باقي المتهمين الآخرين تهمة الانضمام إلي هذه الجماعة المناهضة، كما ارتأت النيابة العامة تقديم عدد منهم إلي المحاكمة ، حيث صدرت ضدهم أحكام بالسجن تتراوح بين السنة والثلاث سنوات.
تصعيد الجماعة من مواقفها العدائية تجاه السلطة يكشف عن عدم مصداقيتها في أفكارها
إلا أن التنظيم قد راح بعد ذلك يصعد من مواقفه العدائية ضد السلطة ، حيث بدأ ينشر دعوته بين الشباب بصفة خاصة، وكم كان مذهلا أن أعدادا غير قليلة من هذا الشباب بدأوا يكفرون آباءهم وأمهاتهم وإخوانهم، ويتركون منازلهم - ومن بينهم فتيات - للإقامة في أطراف المدن، في غرف صغيرة يستأجرونها، بل إن الكثيرين منهم وكان من بينهم أطباء ومهندسون وصيادلة تركوا أعمالهم في هذا المجتمع الجاهلي!، وأخذوا يمارسون مهنا أخري كباعة جائلين.
وقد حدث أن انشق فريق عنها، إلا أن قيادة الجماعة تصدت للمنشقين وأنزلت بهم اعتداءات جسيمة، وخصصت مجموعات منها للتوجه إلي منازل المنشقين في ساعات متأخرة من الليل للاعتداء عليهم بالجنازير والمطاوي وتهديدهم بتصفيتهم جسديا أن لم يعودوا إلي صفوف الجماعة.
وفي شهر ديسمبر 1976 أخطرت أجهزة الأمن النيابة العامة بتقرير شامل عن حركة هذه الجماعة من حيث هيكلها التنظيمي ومستويات تشكيلها السري بدءا من مجلس الشوري حتي مستوياتها القاعدية، وما تعد له من أعمال عدائية غير مشروعة وما وفرته من إمكانات لتنفيذ أغراضها، وبناء علي هذا التقرير الخطير أصدرت النيابة العامة أمرا بالقبض علي عدد كبير من أعضاء الجماعة وتم فعلا تنفيذ ذلك، بينما تمكن البعض الآخر من الهروب وكان علي رأس الهاربين زعيم الجماعة شكري أحمد مصطفي.
وقد كشفت الجماعة عن أبعاد فكرها التكفيري الذي وضع أساسه زعيمها في مجموعة الإصدارات والنشرات السرية، كان من أهمها كتاب «التبين» الذي تحدث فيه عن أسلوب الحكم علي الأفراد والمجتمع وكتابه في موضوع «الإصرار»، ثم كتابه عن الجانب الإيجابي في الإسلام.
ومن خلال تلك الاصدارات السرية لزعيم الجماعة أعلن عن أفكاره التكفيرية ومنهجه في تطبيقها، وكان من أبرز ركائز تلك الأفكار المنحرفة:
قوله بتكفير كل من لا ينضم للجماعة.. فكل مسلم بلغته دعوتهم ولم ينضم إليهم ويبايع زعيمهم خليفة للمسلمين وحاكما لهم، فهو كافر حتي ولو كان هذا المسلم يؤدي كل ما عليه من طاعات ويتجنب المعاصي والآثام.
قوله بأن المعاصي شرك بالله تعالي.. ويتساوي عنده في ذلك أي معصية سواء أكانت كبيرة أو صغيرة، فكلاهما شرك بالله تعالي، أي أن كل الذنوب كبائر وهي بمثابة شرك بالله تعالي.
قوله بأن أداء طاعة واحدة مفروضة تسقط بقية الطاعات الأخري التي يؤديها المسلم، إذ لابد أن تؤدي جميع الطاعات المفروضة مجتمعة وإلا فكأنها لم تكن.
قوله بتكفير كل مسلم يصر علي المعصية، وبأن الظالم والفاسق كافر، فكلمتا فسق وظلم مرادفتان لكلمة كفر، وأن الظالم والفاسق يعنيان الكافر ولا يمكن أن يكونا وصفا للمسلم.
قوله بان الذين حكمت عليهم الجماعة بالكفر حلال دماؤهم وأموالهم وأعراضهم، فقد زعم أن هؤلاء «مستحقون للقتل سواء أكانوا جماعة أو فرادي ولا فرق».
كما يدعو فكر الجماعة إلي تحريم طلب العلم وتحريم التعليم حتي في أدني صوره، إذ يقول زعيم الجماعة «لم نجد رسول الله يفتتح الكتاتيب والمعاهد لتعليم المسلمين الكتابة والحساب، وإنما أذن رسول الله في التعليم بقدر الحاجة والضرورة لكتابة القرآن»، ويقول :«وقد ثبت أن الأعلم بالله والاتقي له هو الأقل علما بأمور الدنيا».
قوله بتحريم الصلاة في المساجد، علي زعم «بأن المساجد التي تصح فيها الصلاة هي المساجد التي أسست علي التقوي من أول يوم، وهي - في نظره - أربعة مساجد، بيت الله الحرام في مكة والمسجد الأقصي ومسجد رسول الله ومسجد قباء، أما بالنسبة لمصر فإنه لا توجد مساجد تصح فيها الصلاة، إلا مسجد عمر بن العاص لأنه بني في عهد الخلافة الإسلامية.
زعمه بأن صلاة الجمعة لا تجوز لجماعته المسلمة «فإن نودي لصلاة الجمعة من مناد غير خاضع للجماعة والجماعة غير باسطة سلطانها علي هذا المسجد فلا فريضة للجمعة عندنا - حتي ولو كان المسجد الحرام»
كما حرم زعيم الجماعة الالتحاق بالجيش وحث علي الفرار من خدمته إذا يقول «إذا اقتضي الأمر دخول اليهود أو غيرهم فإن الحركة حينئذ ينبغي ألا تبني علي القتال في صفوف الجيش المصري، وإنما علي الهرب في أي مكان آمن» وأضاف: «إن خطتنا هي الفرار من العدو الوافد تماما كالفرار من العدو المحلي وليست مواجهته».
قوله بتحريم المرأة التي تدخل جماعته علي زوجها، لأنه كافر طالما أنه يرفض الانضمام إلي الجماعة مثلها، ومن ثم فإنها لا تحل له من بعد وتصبح في حكم المطلقة للاختلاف في العقيدة، ولا نمانع مطلقات إذا رغبت في الزواج من أن تتزوج من رجل آخر في الجماعة.
وكان من أخطر الآراء التي اعتنقتها الجماعة زعمها بعدم ثبوت القرآن، إذ يقول زعيمها: «القرآن ليس قطعي الثبوت من الناحية النظرية المطلقة، ولكنه عمليا في أعلي درجات الثبوت التي تكفي لعبادة الله».
وتدعي الجماعة أن زعيمها هو الهادي إلي الأمة، جعل علي رأس المسلمين ليكون إماما لهم وحاكما عليهم، ويعلل زعيم الجماعة ذلك بقوله «إن الله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم، فهداني برحمة منه إلي ما أعتقد أنه دين الله، ثم هدي بي من شاء من عباده فاتبعوني أئتمارا بأمر الله واعتصاما بحبله» واستند في ذلك إلي الآية الكريمة «أفمن يهدي إلي الحق أحق أن يتبع».
كانت هذه هي ركائز الأفكار المضللة والمفاهيم المنحرفة التي أطلقها شكري أحمد مصطفي وتمكن من إقناع الكثيرين بها وتأسيسا عليها أنشأ جماعته التي عرفت «بجماعة التكفير والهجرة».
وكانت وزارة الأوقاف - عندما كان المرحوم الدكتور محمد حسين الذهبي وزيرا لها - قد أصدرت كتيبا غداة انطلاق تلك الأفكار المضللة من جماعة التكفير والهجرة، فندت فيه مبادئ هذه الجماعة ومدي بعدها عن جوهر الإسلام بمبادئه السمحة العفيفة، كتب الوزير مقدمته بنفسه، التي فضح فيها اساليبها ونبه إلي ضرورة حماية الشباب من أفكارها المنحرفة وانتشال أعضائها من الهاوية التي يتردون فيها.
هذا الكتيب كان يحمل عنوان «قبسات من هدي الإسلام»، وقد نشر عام 1975 وقام بإعداده أعضاء المكتب الفني لنشر الدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف.
قال الدكتور الذهبي في تقديم الكتاب: «يبدو أن فريقاً من المتطرفين الذين يسعون في الأرض فساداً، ولا يريدون لمصر استقراراً، قد استغلوا في هذا الشباب حماس الدين، فآتوهم من هذا الجانب، وصوروا لهم المجتمع الذي يعيشون فيه بأنه مجتمع كافر، تجب مقاومته ولا تجوز معايشته، فلجأ منهم من لجأ إلي الثورة والعنف، واعتزل منهم من اعتزل جماعة المسلمين، وآووا إلي المغارات والكهوف، ورفض هؤلاء وأولئك المجتمع الذي ينتمون إليه لأنه في نظرهم مجتمع كافر!!».
وأما الكتيب فقد تحدث عن معني الإيمان في الإسلام وقال إن أحكام الإسلام تجري علي كل من ينطق بشهادة لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وليس لنا أن نبحث في مدي صدق شهادته، فذلك مرتبط بما استشعر بقلبه وهو أمر لا سبيل للكشف عنه أو التثبت منه، فهو من شأن الذي يعلم السر وأخفي، والمجمع عليه من أهل الإسلام أن الذي يعصم ماله ودمه بالشهادتين فهو المسلم، وأن من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه مثقال ذرة من خير ليس مشركاً، والكافر والمشرك سواء، بل لقد ذهب النبي صلي الله عليه وسلم إلي أبعد من ذلك، فقد قبل إسلام الناس الذين دخلوا في دين الله أفواجاً من العرب المستعربين ومن الأرقاء دون اجراء ما يفيد التأكد من أن كل فرد منهم قد فهم معني الشهادتين، فليس هناك اشتراط أن تكون أعمال الشخص مصدقة لشهادته حتي يحكم بإسلامه وعدم كفره، إن الشخص يعتبر مسلماً في ذات اللحظة التي ينطق فيها بالشهادتين، وقد كان أبو طالب عم النبي يحتضر علي فراش الموت والرسول عليه الصلاة والسلام يلح عليه أن ينطق بالشهادتين حتي يشهد له بها عند الله.
ويقول الكتيب أيضاً، إنه مدام مرتكب الكبيرة ليس كافراً، فعلي الذين يوزعون الإيمان والكفر علي الناس، أن يراجعوا أنفسهم مرات ومرات، وإلا باءوا بإثم مارموا به غيرهم عملاً بقول الرسول الكريم «لا يرمي رجل رجلاً بالفسق أو يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك» ويقول كذلك، أن من أهم أسس الدعوة الإسلامية، أن يتحسس الداعي أدواء المجتمع وينصت لشكاياته ولا يضيق بها ولا ييأس من علاجها، ولذلك فإن قراره من الميدان هروب من الواجب، وتلك نقيصة لا تقبل من أصحاب الدعوات وجريمة في حق المجتمع لا يرضي عنها الله، وأن من أسس الدعوة الإسلامية أيضاً الموعظة الحسنة، فهي لون من ألوان الحكمة ومظهر من مظاهرها.

وكان عقاب الجماعة.. للذهبي الاختطاف والاغتيال
وخلال شهر يوليو 1977 أبلغت مديرية أمن القاهرة بأن شابين توجها إلي منزل الشيخ محمد حسين الذهبي بحلوان، وانتحلا صفة رجال الشرطة، وقاما باقتياده إلي خارج المنزل، ولما تصدت لهما قوة الحراسة المعينة علي المنزل، قاما باطلاق الأعيرة النارية تجاه القوة، وتمكنا بذلك من وضعه داخل سيارة والفرار بها، بينما شاءت الأقدار أن تتعطل السيارة الأخري التي كانت مع المختطفين، واستطاع حرس الشيخ الذهبي من القبض علي سائقها وسلموه إلي رجال مباحث أمن الدولة.

بيان الجماعة الجرئ الصادر عقب اختطاف الذهبي من منزله
وقد أصدرت الجماعة بياناً أذاعته وكالات الأنباء اعترفت فيه بمسئوليتها عن حادث اختطاف الشيخ الذهبي من منزله ليلاً وأن لهم مطالب لدي الدولة مقابل الافراج عنه، وقد انصبت هذه المطالب علي الافراج عن جميع المضبوطين من أعضاء الجماعة، ودفع مبلغ مائة وخمسين ألف جنيه للجماعة تعويضاً عما أصابها من أضرار بسبب الاجراءات الأمنية السابق اتخاذها حيالهم، واعتبار القضايا السابق اتهام أعضائها فيها كأن لم تكن، وأن تذيع الحكومة عبر وسائل الإعلام بياناً تقول فيه بوضوح إن المجتمع في حاجة إلي تغيير لنظام الحكم الذي لا يأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية.
وبالطبع فقد رفضت الدولة مطالب الجماعة كاملة.

الصدفة وحدها أيضاً.. هي التي قادت إلي ضبط الجناة الإرهابيين
تحركت أجهزة الأمن - بتخطيط من مباحث أمن الدولة - حيث تمكنت من ضبط العديد من أعضاء الجماعة الضالة، وبمداهمة أوكارهم تم العثور علي كمية كبيرة من الأسلحة البيضاء «سيوف - مطاوي - جنازير.. الخ» كما تم ضبط أوراق ووثائق تنظيمية علي درجة كبيرة من الأهمية والخطورة وعدد من السيارات، والتوصل إلي بعض الشقق التي اتخذتها الجماعة مقاراً سرياً لها.
وقد كشفت مراقبة أجهزة الأمن لتحركات الشقيق الأصغر «10 سنوات» لصفوت الزيني فيلسوف الجماعة عن أن هذا الصبي كان حلقة الاتصال بين زعيم الجماعة وأعضائها، وأنه يتردد علي بعض المواقع والتي تبين من مداهمة احدها وجود آثار تدل علي وجود زعيم الجماعة، حيث عثر علي «جريدة الأهرام» الصادرة في نفس اليوم كما عثر علي خطاب أعده المذكور لأعضاء جماعته يتضمن خطة تحركهم ويطالبهم بالاعداد لها.
ويقول اللواء فؤاد علام - في كتابه: «الإخوان.. وأنا «ص395» وباستمرار المراقبة أمكن تحديد محل اقامة شكري أحمد مصطفي في شقة بمنطقة عزبة النخل ناحية المرج، وأعدت القوات المناسبة واقتحمنا الشقة حيث تم ضبطه في حوالي الساعة 10ص واصطحبناه إلي قسم الزيتون وأخطرنا القيادات وحضر اللواء نبوي إسماعيل نائب وزير الداخلية واللواء حسن أبوباشا مدير مباحث أمن الدولة ، حيث قاما بمحاولة استجوابه علي عجل في مكتب مأمور القسم، وكان شكري مغروراً في حديثه حتي أنه أعلن أنه سيرث الأرض ومن عليها، وأن أحداً من الناس لا يمكنه أن يمسه بسوء نظراً لأنه محفوظ بالعناية الإلهية، وصور في حديثه أنه المهدي المنتظر الذي سيحرر العالم الإسلامي من العبودية وسيعيد للإسلام مجده وسيقيم الخلافة مرة أخري»، وذكر أن أحد الضباط قد تمكن من ضبط ورقة كان أحد عناصر التنظيم يحاول ابتلاعها ساعة القبض عليه جري نصها علي «إلي أبومصعب عليكم نقل الخضار في عربة يد بعد أن تضعوا فيه كمية وافرة من النشادر وأن تتوجهوا به إلي ترعة المريوطية وتلقوه بها - التوقيع أبوسعد» وتشير رموز هذه الرسالة إلي احتمال قيام الجماعة بقتل الشيخ الذهبي ومحاولة التخلص من جثته، ويضيف اللواء علام إلي أنه تبين أن عضو الجماعة محمد عبدالمقصود السيد غازي هو المعني بشخص أبومصعب، وباستجوابه اعترف بأن الشيخ الذهبي موجود بشقة بشارع الهرم خلف صيدلية الجهاد، وبمداهمة هذه الشقة تبين وجود جثة الشيخ الذهبي ملقاة علي أحد الأسرة مصاباً بطلق ناري في عينه اليسري أصابت المخ وتسببت في وفاته، وأسفرت التحريات عن أن ضابط الشرطة طارق عبدالعليم هو الذي قتل الشيخ الذهبي.
ويضيف اللواء علام، إن قرار اللواء نبوي إسماعيل نائب وزير الداخلية باحالة هذا الضابط للاستيداع ونقله إلي بني سويف بسبب اتهام ظالم له أثبت التحقيق براءته منه كان هو الدافع القوي علي هروبه من خدمة الشرطة وانخراطه في نشاط جماعة التكفير والهجرة وقيامه بقتل الشيخ الذهبي انتقاماً من قسوة وزارة الداخلية معه.
وقد كشفت المضبوطات التنظيمية للجماعة، عن أنها كانت وراء حادث التفجير بسينما «سفنكس» بالدقي، وكانت تعد لتفجير محطة أتوبيس العتبة، ونسف مقار مباحث أمن الدولة، كما تبين أنها أقدمت علي تصفية بعض المنشقين عنها جسدياً والحاق الاعتداءات الجسيمة بالبعض الآخر، علي زعم من أن هؤلاء مرتدون عن دين الإسلام فحل قتلهم.

وأخيراً.. كانت العاقبة هي إعدام زعيم التنظيم شنقاً.. مع ثلاثة من أعوانه
باشرت النيابة العامة التحقيق في حادث مقتل الشيخ الذهبي والجرائم التي ارتكبها هذا التنظيم الإرهابي، لكن سرعان ما أصدر الرئيس السادات توجيهاته بأن يتولي القضاء العسكري التحقيق مع المتهمين ومحاكمتهم، فباشرت النيابة العسكرية التحقيق مع زعيم التنظيم وقادته وبعض أعضائه وقدمت كل من ثبت تورطه في هذا الحادث إلي المحاكمة العسكرية - في القضية رقم 6 لسنة 1977 أمن دولة عسكرية عليا - بعد أن نسبت إلي المتهمين فيها - وعددهم 54 متهماً - كان علي رأسهم شكري أحمد مصطفي الاتهام بارتكاب جناية قتل الدكتور محمد حسين الذهبي عمداً مع سبق الاصرار والترصد، والاشتراك في ارتكاب هذه الجريمة البشعة والاتهام بمحاولة قلب نظام الحكم بالقوة، والتخابر مع دولة أجنبية في زمن حرب.
وبتاريخ 30/11/1977 أصدرت المحكمة العسكرية العليا حكمها بإعدام شكري أحمد مصطفي، ماهر عبدالعزيز بكري، محمد عبدالمقصود السيد غازي وأحمد طارق عبدالعليم «ضابط الشرطة» كما أصدرت أحكاماً علي باقي المتهمين من أعضاء التنظيم تتراوح بين الاشغال الشاقة المؤبدة والسجن.

وهكذا.. فقد جنت علي هذا الزعيم المفتون وعلي رفاق اثمه واجرامه أفكاره التكفيرية وأحلامه الخيالية، بتوليه الخلافة الإسلامية وأوصلته إلي حبل المشنقة، مثلما جنت في السابق علي سيد قطب أفكاره التكفيرية وأوصلته إلي حبل المشنقة.
حقاً.. إنها حكاية ثانية من الواقع الأليم.. لتنظيم إرهابي آخر أثيم.. لعل هذا الجيل من شباب مصر يتخذ منها العظة والعبرة والدرس المبين.. فما كانت دعوة هؤلاء القوم المارقين إلا عدواناً علي الإسلام والمسلمين.. وهذا البلد الأمين.. وللحديث بقية في العدد القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.