بعد أن اكتملت كافة الاستعدادات لقيام استفتاء جنوب السودان والمقرر له يوم 9 من يناير الجاري أكد الرئيس السوداني عمر البشير في الاحتفال بالذكري ال55 لاستقلال السودان أن السلام هو جوهر الاستقلال وأوضح أن تقرير مصير الجنوب يعد أغلي معاني الاستقلال وجدد البشير القبول بنتيجة الاستفتاء وأوضح أن السلام يبقي منتهي الغايات في العلاقات مع أهل الجنوب.. ومن الجدير بالذكر فإن السلام والاستقرار في شمال السودان وجنوبه يمثل أولوية استراتيجية لمصر وأن تحقيق مصالح الشعب السوداني في حفظ الأمن وتعزيز جهود التنمية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ السودان الحديث يمثل أحد أهداف السياسة الخارجية المصرية. ومن هذا المنطلق حرص الرئيس محمد حسني مبارك علي زيارة الخرطوم يوم 21 من ديسمبر الماضي للمشاركة في أعمال القمة بمشاركة العقيد معمر القذافي قائد الثورة الليبية والرئيس عمر البشير رئيس جمهورية السودان والرئيس الموريتاني وبحضور الفريق أول سلفا كير النائب الأول للرئيس السوداني ورئيس حكومة جنوب السودان وذلك بهدف دعم جهود الشريكين السودانيين للتوصل إلي اتفاق حول المسائل العالقة في تنفيذ اتفاق السلام الشامل. وقد أكد أحمد أبوالغيط أن هذه القمة جاءت بناء علي إدراك من القادة المشاركين فيها لمدي أهمية التطورات التي يمر بها السودان في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخه الحديث مع بدء العد التنازلي لموعد الاستفتاء علي مصير جنوب السودان واستحقاقات مرحلتي ما قبل وما بعد الاستفتاء. ما بعد الاستفتاء وفي حقيقة الأمر فإن قمة الخرطوم والتي حرص الرئيس محمد حسني مبارك علي المشاركة في أعمالها استهدفت التأكيد علي إجراء استفتاء الجنوب في مناخ من الحرية والشفافية والمصداقية وبما يعكس إرادة أبناء الجنوب ويمكن الطرفين السودانيين من التوصل إلي تفاهمات لتنفيذ نتائجه.. وفي هذا الإطار حرصت القمة علي بحث نتائج كافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلي التقريب بين شريكي السلام للتوصل إلي تسوية للقضايا العالقة بما في ذلك موضوعات إبيي والمواطنة وترسيم الحدود وتقاسم عوائد النفط.. كما تناولت القمة الرؤية المصرية الليبية لمرحلة ما بعد إجراء الاستفتاء وسبل دعم الشريكين في تسوية باقي القضايا بما يؤمن علاقة قوية بينهما أيا كانت نتيجة الاستفتاء. المصلحة المشتركة وأوضح أحمد أبو الغيط وزير الخارجية بأن الرئيس مبارك بحث خلال زيارته للخرطوم مع شريكي السلام سبل إقامة علاقات قوية بين شمال السودان وجنوبه تستند إلي اعتبارات المصلحة المشتركة في الحفاظ علي السلام والاستقرار وتحقيق التنمية الاقتصادية بحيث يعمل الطرفان سويا علي ترجمة الروابط والمصالح القائمة بينهما من خلال الاتفاق علي أطر التعاون المستقبلي في مختلف المجالات السياسية والتنموية والاقتصادية والاجتماعية وبما يسهم في تنمية شمال السودان وجنوبه ويعزز فرص إقامة علاقات تعاون مع دول الجوار تتأسس علي اعتبارات التاريخ المشترك والمستقبل الواحد. وأكد وزير الخارجية أن الرئيس مبارك بحث مع الزعماء المشاركين في قمة الخرطوم جهود إجلال السلام وتحقيق التسوية الشاملة في دارفور وذلك عبر تشجيع كافة الحركات الدارفورية إلي سرعة الانخراط في مفاوضات السلام وتوقيع اتفاق السلام المنشود. ومع بدء العد التنازلي لتوجه أبناء جنوب السودان إلي صناديق الاقتراع يوم التاسع من يناير الجاري أكد »هايلي منكريوس« ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالسودان أن طرفي اتفاقية السلام أبديا خلال السنوات الست الماضية التزاما بتنفيذ الاتفاقية وأكد الطرفان الشمالي والجنوبي عدم العودة إلي الحرب مرة أخري مهما كانت الظروف. وفي غضون الأيام السابقة علي الاستفتاء وصلت إلي كافة ولايات جنوب السودان كل المواد المتعلقة بعملية الاستفتاء وتم توزيعها علي المقاطعات تمهيدا لانطلاق عملية التصويت كما بدأت قوات الشرطة في الجنوب في نشر عناصرها بكثافة في جوبا وجميع الولاياتالجنوبية العشر لفرض الأمن وبسط سيطرتها علي الأوضاع حتي يتم الانتهاء من إجراء الاستفتاء. وبعد فإن كافة الأنظار تتجه الآن نحو جنوب السودان والجميع يترقب ما سوف تسفر عنه نتائج الاستفتاء وبغض النظر عن هذه النتائج فإن الرؤية المصرية ترتكز علي أهمية وجود علاقة قوية بين الشمال والجنوب وأن تتأسس العلاقات بينهما علي الروابط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمصالح المشتركة وأن تسود علاقات تعاون مع دول الجوار علي اعتبارات التاريخ المشترك والمستقبل الواحد.