في الشدة تختبر معادن البشر. وما أكثر الشدائد التي مرت بي وبزوجي . أزمات ومشاكل ومحن وابتلاءات تأتي فرادي أحيانا وجماعات في أخري لتمحو كل بريق ضوء يمكن أن ينير لنا الحياة . ما إن نجتاز إحداها حتي نفاجأ بأخري . بدأت بأزمة صحية عاني منها زوجي تفاقمت علي إثرها الديون . بعت كل ما أمتلك لسدادها . اقترضت من إخوتي ووالدتي فعلت المستحيل حتي وفقني الله وخرجت من هذه الأزمة. وكافأ الله تعبي بشفاء زوجي والذي اعترف أن وقوفي بجانبه وصمودي كان له بالغ الأثر في معاونته علي اجتياز محنة مرضه. كان شفاؤه الجائزة التي منحني الله إياها علي صبري ودعائي هكذا كان يردد زوجي أمام الجميع اعترافا بفضل لم أكن أراه إلا واجبا ولم أكد أشعر بالراحة إثر شفاء زوجي من مرضه حتي ابتلاني الله بأزمة أخري بتصدع المنزل الذي يؤوينا وكان علينا البحث عن آخر ولم يكن الأمر سهلا في ظل ارتفاع أسعار الشقق وضيق يدنا. لم يكن أمامي سوي الصبر وتدبير حال أسرتي عشنا علي الكفاف حتي نجحت في تدبير مبلغ معقول لم يكن بالطبع يكفي ومرة أخري مد أهلي لي يد المساعدة فكانت مساعدتهم طوق نجاة لي ولأسرتي ودينا في رقبتي وزوجي كان ذلك هو شعوره والذي اعترف به صراحة مؤكدا أنه لولاهم لتحولت حياته إلي جحيم . لا أعرف لماذا نسي كلماته تلك ولماذا فشل في أول اختبار يكشف معادن البشر. لماذا لم يقف بجانبي مثلما فعلت لماذا تخلي عني لماذا لم يصبر مثلي وجاءت ردود أفعاله تعكس ضيقا وتذمرا وجحودا. لم يتحمل المرض الذي ابتلاني الله به لم يتذكر مافعلته في سنوات مرضه فكانت الشكوي والتذمر والضيق والإهمال . كان يتركني بالساعات الطويلة دون أن يسأل عن أحوالي كان يبدي مللا إذا ماطلبت منه مساعدتي كان يدعي النوم ليتهرب من خدمتي ويتجاهل آلامي . ماهذا الجحود؟ وماهذه البشاعة التي بدا عليها؟ وماتلك القسوة الكامنة في نفسه؟ لأول مرة أشعر بالندم علي كل مافعلته من أجله . شعرت كم كنت حمقاء أن أعطي من لايستحق. من وقفت بجانبه في محنته وتركني وحيدة في محنتي. لم أجد سوي الله معينا لجأت إليه ودعوته أن يقف بجانبي وأن يشفيني وكان كرمه واسعا فاستجاب لدعائي وعافاني من مرضي بعدما كشف لي عن معدن زوجي وهو ماجعلني أفكرجديا في الطلاق لم أعد أطيق الحياة مع ذلك الإنسان الجاحد الأناني الذي لاتربطني به سوي ذكريات أليمة. مايشجعني علي قراري هذا أنني لم أرزق بأولاد منه وأعترف للمرة الأولي أن السبب في عدم إنجابي يرجع إلي عقم زوجي والذي لم أفصح لأحد عن سره حتي لأقرب الناس إلي. كم أشعر الآن بالحمق والظلم.. لن يقلل من ضيقي هذا سوي الطلاق . قرار أراه عين الصواب ويراه أهلي منتهي الجنون تري أينا المخطئ وأينا علي صواب ؟ لصاحبة هذه الرسالة اقول : حكمنا علي الأمور غالبا مايكون نسبيا وكما يقولون ماحك جلدك مثل ظفرك فوحدك من عاني الآلام ووحدك من تجرع المرارة ومهما كانت مشاركة الأهل ومساندتهم إلا أن الإحساس بالعذاب وبآلام المحن لايستطيع أحد أن يشعر به إلا أنت . فوحدك من عاني وتألم ووحدك من له القدرة علي اتخاذ قرار يري فيه راحته. لاأستطيع أمام كم الجحود الذي بدا عليه زوجك، ادعاء الحكمة والنصح أوبث كلمات تدفع للحفاظ علي البيت وعدم خرابه . مايشجعني علي ذلك عدم وجود أولاد أحيانا يكون لوجودهم دافع وضاغط لاستمرار بعضنا في حياة لايري فيها سعادته وتحمل مانكره . لن أنصحك بالاستمرار وإعطاء فرصة أخري فيكفي سنوات عطاء بلا مقابل وأقل مكافأة لك هي التماس الراحة والهدوء في سنواتك القادمة وعسي الله أن يعوضك فيها خيرا .