1.7 مليار دولار غرامة على مصر لعدم تصدير الغاز لإسرائيل حكم الغرفة التجارية الدولية في سويسرا الخاص بتعويض شركة الكهرباء الإسرائيلية وشركة شرق المتوسط عن توقف إمداد الغازات المصرية، وإلزام الهيئة المصرية العامة للبترول بسداد نحو 1.7 مليار دولار لصالح الشركة الإسرائيلية، يفتح الباب أمام مناقشة ملف قضايا التحكيم التجاري الدولي المقامة ضد مصر، التي تقدر بنحو30 قضية بمجمل تعويضات تصل لنحو 35 مليار دولار. وتشكل قضية التعويضات الدولية خطورة كبيرة علي الاقتصاد المصري لأن الكثير من القضايا يحكم فيها لصالح المستثمر مما يعني خسارة مصر ما يصل لنحو 15 قضية في السنة الواحدة الأمر الذي يجعلها تتكبد غرامات تصل لمليارات الدولارات، وبحسب تقارير دولية صدرت في عام 2014 تحتل مصر المرتبة الرابعة عالميا والأولي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كطرف مرفوع ضده قضايا تحكيم دولي. وتعليقا علي حكم الغرفة التجارية الدولية الصادر الخاص بتعويض شركة الكهرباء الإسرائيلية أكدت الهيئات المصرية المتضررة والمتمثلة في الهيئة المصرية العامة للبترول، والشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس"، حقهما المطلق في اتخاذ الإجراءات القانونية لبطلان حكم تحكيم غرفة التجارة الدولية (icc) بسويسرا بتغريمهما، والطعن عليه وفقا للقانون السويسري، وشددت الجهات المصرية المتضررة علي أنها بدأت في اتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد قرار التحكيم الدولي رسمياً. اللافت للنظر أن المادة 14 في عقد استيراد مصر للغاز الإسرائيلي بحسب مصدر قانوني بالهيئة العامة للبترول تنص علي أنه في حالات الاختلاف المادي يلجأ الي التحكيم الداخلي، وليس التحكيم الدولي، ولذلك نلاحظ أن العقد ينص علي أنه في حالة عدم قيام الشركة الإسرائيلية "إي.إم.جي" بسداد المستحقات الخاصة بالهيئة العامة للبترول، والشركة القابضة "إيجاس"، مقابل الغاز المصري، الذي يتم توريده يحق للجانب المصري إنهاء العقد مباشرة دون ما يكون هناك أي شروط جزائية، مما يمثل ثغرة قانونية في حكم التحكيم الدولي، وهو ما يتيح قبول الطعن علي الحكم. شرط مكتوب الدكتور علي الغتيت، رئيس الجمعية المصرية للقانون الدولي، يري أنه إذا كان هناك شرط مكتوب في العقد بأن يتم اللجوء إلي مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي في حالة وجود نزاع، نتساءل لماذا قبلت الهيئات المصرية البقاء في سويسرا أكثر من ثلاث سنوات دون اعتراض؟، فإذا كان هناك إصرار علي حقوقهم بأن يكون التحكيم في القاهرة ولجأ الطرف الآخر إلي جنيف فهذا يعد سببا من أسباب البطلان، لافتاً إلي أن الجهات المصرية المتضررة المتمثلة في الهيئة العامة للبترول والشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" تمتلك أوراقا تستطيع أن تستخدمها لبطلان قرارالتحكيم، شريطة أن يتم هذا بشكل احترافي وبكفاءة عالية، لافتا إلي عدم وجود استئناف في النزاع لدي المحكمة التي أصدرت الحكم لأن التحكيم الدولي في هذه المسالة حكمه نهائي. وأوضح أنه يمكن الاستئناف في حالة إذا توافرت أسباب بطلان الحكم كوجود عيوب إجرائية تبرهن البطلان، وعدم توافر الضمانات، التي قد يكون المحكمون قد أخلوا بها، فإذا توافرت هذه الأسباب يمكن الطعن علي الحكم الصادر، مطالبا هيئة الدفاع التي تمثل الجهات المصرية المتضررة بمراقبة الطرف الآخر الذي قد يلجأ لتنفيذ الحكم في أي دولة قد تكون متعاونة مع الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم، وتكون بينهما اتفاقيات خاصة فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام الصادرة، وهذا الأمر يمثل خطورة شديدة. وقائع قانونية وقال الغتيت، إن هذه المسائل القانونية دقيقة للغاية، ولا يجوز لأحد أن يتصدي للحديث عنها إلا المكتب المسئول عن الدفاع عن مصر لأنه يمتلك المعلومات الكافية فضلا عن القائمين علي حقوق الشركات المصرية، لذلك فتعجل التعليق من قبل غير القانونيين من المسئولين في مصر دون معرفة، ودون وجود بيانات دقيقة، يمثل ضررا وخطورة كبيرة، لأن كلام المسئولين يؤخذ علي أنه وقائع قانونية قد يستغلها الطرف الآخر "الخصم". من جانبه، يري المستشار محمود الخراشي، رئيس شعبة القانون الدولي بقسم المنازعات، أن المنازعات الخارجية بالهيئة قسمان قسم يتعلق بالمنازعات أمام المحاكم التجارية، وقسم خاص بالتقاضي التجاري، مضيفاً أن التقاضي في الاستثمار يمثل خطرا كبيرا، لافتا إلي أنه بعد ثورة 25 يناير وصل عدد قضايا النزاع إلي 37 قضية بما يقدر بنحو100 مليار جنيه تتضمن إنذارات ودعوات مقامة، وبموجب ذلك احتلت مصرالمركز الثالت عالميا في المنازعات الاستثمارية بعد الأرجنتين وفنزويلا. وأشار إلي وجود أخطاء في صياغة العقود مع المستثمرين الأجانب، التي يلجأ بعدها إلي التحكيم الدولي، مضيفاً "حذرنا من هذه الأخطاء التي وقعت فيها الحكومات السابقة، إضافة إلي سوء صياغة عقود الاستثمار الثنائي، التي وصلت لنحو 103 عقود، مؤكداً أن مصر ليس بها نموذج عقد استثمار ثنائي صحيح، مشيرا إلي أن الجهات الإدارية بالتنسيق مع الأجهزة الإدارية تقوم بصياغة عقود الاستثمار، وبعدها تتم مراجعتها من مجلس الدولة. التعويض إجباري الدكتور مصطفي سالم، أستاذ قانون الاستثمار الدولي، يؤكد أن أحكام القضاء الدولي نصت علي أن أي مخالفة ترتكب من قبل أي طرف من الأطراف ضد الالتزام العقدي تستلزم التعويض علي الفور ضد من قام بارتكاب المخالفة، ولا توجد أي أعذار في قضايا التحكيم التجاري الدولي تبرر الامتناع عن تنفيذ العقد بمخالفة نصوصه، واستنادا لهذا المبدأ حكمت المحكمة بالتعويض الذي يعادل الضرر الذي لحق بالشركات المدعية من جراء وقف الشركات المصرية تصدير الغاز، مشيرا في هذا الصدد إلي الأحكام القضائية التي صدرت من محاكم القضاء الإداري بمنع تصدير الغاز المصري إلي إسرائيل، وإلغاء جميع الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، إضافة إلي المناخ السياسي، ومحاكمات حسين سالم، ووزير البترول الأسبق، واتهامهما بالمسئولية عن التعاقدات مع الشركات المدعية إضراراً بالمال العام، ولم تثبت صحة هذه الاتهامات التي وجهت إليهما لذلك كان من الطبيعي الاستمرار في قضية التحكيم الدولي. وأوضح مصطفي، أن مصر موقفها القانوني سيئ فيما يتعلق بنوعية هذه الأحكام والقضايا، وكان من الواجب علينا أن نلجأ للتسوية الودية بعيدا عن القضاء، مشيرا إلي أن مكاتب المحاماة الأجنبية التي تقوم بتمثيلنا في الخارج تتحصل علي الأتعاب سواء كسبنا القضية أم خسرناها، ولذلك من حق الشعب ومجلس النواب، وفقا للدستور، أن يسأل هيئة البترول عن المبالغ التي حصلت عليها مكاتب المحاماة الأجنبية كأتعاب للدفاع عن مصر في مثل هذه القضايا، مُطالبا بمحاسبة المقصرين في هذه القضايا. قضايا سياج كانت مصر قد خاضت من قبل غمار معركة تحكيم دولي في قضايا سياج الشهيرة، وحصلت وقتها الحكومة المصرية علي أحكام لصالحها حيث مثل الحكومة المصرية في هذه القضايا المفكر الكبير الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، والمستشار أحمد حسان، المستشار القانوني لهيئة التنمية السياحية الأسبق، الذي يؤكد ل"آخرساعة"، أن قضايا التحكيم الدولي يجب التعامل معها بجدية، وأن يكون هناك استعداد واحتراف مهني لأن الخصم دائما ما يكون علي هذه الدرجة من الاستعداد والمهنية، داعياً إلي الاستفادة من تجربة حكم قضية سياج مع هيئة التنمية السياحية، الذي صدر الحكم فيه لصالح الحكومة المصرية. وشدد حسان علي وجود حالة تربص بمصر خاصة فيما يتعلق بدوائر التحكيم الدولي حيث نجد محامين متحصصين في القضايا التي تقيمها شركات أجنبية أو حتي مستثمرون ضد الحكومة المصرية، وهؤلاء دائما في مرافعاتهم يوجهون اتهامات للحكومة المصرية بأنها لا تلتزم بتعهداتها، لافتا إلي أن قبول الذهاب إلي التحكيم الدولي في أي نزاع استثماري أصبح يمثل خطورة كبيرة، واللجوء إلي التسويات من خلال التفاوض المباشر مع الأطراف المتنازعة يمكن أن يكون حلاً أفضل، وأقل تكلفة، مشيرا إلي ضرورة أن تقوم الهيئات المصرية سواء الهيئة العامة للبترول والشركة القابضة للغازات الطبيعية إيجاس برفع دعوي بطلان الحكم استناد إلي عوامل منها أن الطرف الإسرائيلي لجأ إلي التحكيم قبل وقف إمدادات الغاز فعليا إضافة إلي المماطلة في سداد المستحقات المالية لدي الطرف المصري، فضلا عن استخدام ورقة التفجيرات التي لحقت بخط نقل الغاز أثناء حالة الفوضي الأمنية التي شهدتها مصر، التي وصلت لأكثر من 20 تفجيراً، وكل هذا من شأنه أن يساعد في بطلان الحكم.