مُسلسل الفشل الكبير الذي تعرض له قانون الانتخابات، وفي ظل الصعوبة البالغة التي تواجهها الحكومة مٌمثلة في لجنة الإصلاح التشريعي لتمرير قانون خال من العوار، ومُرضي لجميع الأطراف، دشنت مجموعة من الأحزاب مُبادرة موحدة لتعديل قوانين الانتخابات لتُقدم مُقترحاً نهائياً تأخذ به الحكومة، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات حول جدوي تلك المُبادرة، ومدي قيمتها في الوقت الراهن، وهل سيكون مصيرها مُشابهاً للحوارات التي عقدتها الحكومة والأحزاب سابقاً، أم ستُقدم فعلاً نموذجاً قانونياً متوافقاً عليه من جميع الأطراف، وحتي إذا حدث الأخير، فأيهما سيُقر قانون الأحزاب أم قانون لجنة الإصلاح التشريعي؟. حزب المحافظين، كان قد دعا لاجتماع الأسبوع الماضي بحضور عدد من الأحزاب أبرزها الوفد، والتجمع، والمؤتمر، والحركة الوطنية، لإطلاق مباردة «المشروع الموحد لقانون الانتخابات»، في محاولة منهم لتوحيد مطلبهم بشأن تعديل قانون الانتخابات، وتستعد الأحزاب الآن للتقدم بمقترحاتها للمبادرة خلال ورش العمل التي من المقرر أن تبدأ العمل فيها غدا الأربعاء 14 مايو وتستمر حتي 16 من نفس الشهر. ووصل عدد الأحزاب المشاركة في هذه المبادرة الآن إلي 36 حزباً من تيارات مختلفة أبرزهم الوفد والتجمع والنور ومصر القوية والإصلاح والنهضة والحركة الوطنية والمؤتمر، وقال أحد أعضاء لجنة إصلاح البنية التشريعية إن اللجنة ستشارك في هذه المبادرة بهدف توحيد مطالب الأحزاب والقوي السياسية والتوصل إلي صيغة موحدة حول تعديلات قوانين الانتخابات، مُشيراً إلي أن هدف لجنة إصلاح البنية التشريعية من الانضمام إلي هذه المبادرة هو إنقاذ البرلمان من محاولة الحل للمرة الثالثة في تاريخه. وتباينت مقترحات الأحزاب حيث اقترح حزب التجمع زيادة عدد مقاعد الفردي إلي 25 مقعدا وزيادة عدد القوائم إلي 8 قوائم مطلقة. من جانبه، قال عبدالناصر قنديل، أمين الشئون النيابية بحزب التجمع، إن الحزب سيشارك في ورش العمل التي ستعقدها تنسيقية مبادرة المشروع الموحد لتعديلات قوانين الانتخابات التي تبدأ غداً الأربعاء، وأوضح أن الحزب سيتقدم بمقترحين خلال ورش العمل لهذه المبادرة، بحيث يتمثل المقترح الأول في زيادة عدد المقاعد الفردية في مجلس النواب المقبل إلي 25 مقعدا بدون أن يكون هناك أي تعديل أو دمج في الدوائر الانتخابية. وأشار إلي أن المقترح الثاني للحزب سيتمثل في زيادة عدد القوائم الانتخابية إلي 8 قوائم مغلقة، بحيث تضم كل قائمة 15 مرشحا، مما يساهم في تمثيل الفئات المهمشة الستة طبقا للدستور. فيما اقترح حزب التحالف الشعبي أن تجري الانتخابات البرلمانية المقبلة من خلال نظام انتخابي 40 % فردي و 40 % قائمة نسبية للأحزاب المستقلين و20 % للقائمة المطلقة التي تضم الفئات الستة المميزة التي نص عليها الدستور. وقال عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي إن المقترحات لن تخرج عن المقترح الذي تقدم به الحزب من قبل وتم الاتفاق عليه من جانب أحزاب البنية التشريعية. هذه المبادره لم تسلم من الهجوم والانتقادات، وفي تصريح له قال اللواء سامح سيف اليزل، عضو اللجنة التنسيقية لقائمة «في حب مصر»، إن القائمة لا تعترض علي محاولة الأحزاب للوصول إلي مطلب واحد بشأن تعديل قانون الانتخابات، مضيفًا: «لكنها محاولة متأخرة، وكان يجب أن تكون علي التوالي بعد إعلان المحكمة الدستورية لقرارها بشأن تأجيل الانتخابات».. أضاف سيف اليزل، أن المحاولات للتعديلات الآن تعد تعطيلا للأمور بعد انتهائها، مندهشًا: «أتعجب من تعجل الأحزاب ومطالبتها طول الوقت باستعجال إجراء الانتخابات البرلمانية، وفي الوقت ذاته تهتم بأمور من شأنها تأخيرها». من جانبه قال الدكتور شوقي السيد، الخبير القانوني، إن مبادرة «المشروع الموحد» للأحزاب لتعديل القانون مضيعة للوقت، مشيرا إلي أن وقت تعديل قانون الانتخابات قد انتهي. أضاف شوقي السيد في تصريحات له أن الأحزاب السياسية تصر علي السير عكس الاتجاه، وهو ما لا يجب أن يحدث خلال المرحلة الحالية التي تحتاج فيها البلاد للاستقرار، لافتا إلي أنه علي الأحزاب تجهيز نفسها للانتخابات البرلمانية وليس إعلان مبادرات لتعديل القانون. وفي بيان لأمين تنظيم حزب المحافظين صاحب المبادرة أكد الدكتور بشري شلش أن المبادرة ليست من باب التصادم مع اللجنة المنوط بها إجراء التعديلات، ولكنها تأتي في إطار ضمان التعجيل بانتخابات البرلمان وضمانها الخروج بمشروع لا يعتريه عوار دستوري. أضاف البيان أن حزب المحافظين أدرك أن اللجنة في حرج شديد إذا ما أخذت برأي أحد الأحزاب دون غيرها في سياق تعديل المواد المطعون عليها وإلا تكون قد غلبت رؤية حزب علي آخر وأثارت أزمة بين الأحزاب السياسية فآثرت أن تتجاوز كل الاقتراحات ومن ثم كان واجب علي الأحزاب السياسية تقديم رؤية موحدة لتفادي هذا الحرج.. تابع البيان أن المبادرة تأتي بمثابة جمعية عمومية للأحزاب السياسية المصرية للخروج من الأزمة وتهدف إلي استكمال مؤسسات الدولة الدستورية والاستحقاق الأخير في خريطة المستقبل حتي تستقر باقي مؤسسات الدولة وعلي رأسها مؤسسة الرئاسة دعماً لها وتكاملاً معها، إعمالاً لإرادة الشعب الذي اختار الرئيس السيسي، والذي يعد نجاحه إثباتا لنجاح اختيار الشعب المصري وفي القلب من الأحزاب السياسية والذي من بينهم تنسيقية المبادرة.