أطفال غزة يدفعون ثمن حماقة حماس ومزايدات تركيا غير أن قرار نتنياهو وُصف بالدليل علي الفشل من قبل البعض في إسرائيل، فالكاتب والمحلل أكيفا إلدار رئيس تحرير موقع AL-Monitor المختص بشئون الشرق الأوسط كتب قائلاً: إنه إخفاق في استراتيجية نتنياهو لأنه لم يكن يريد هذا.. نتنياهو رجل يحسب كل شيء بالورقة والقلم و يكون حريصاً جداً حينما يكون مقبلاً علي أي مجازفة و لا يهوي الذهاب إلي الحرب ويوضح أوفير الزبيرج المحلل بمجموعة الأزمات الدولية: نتنياهو لم يتورط في أي عملية برية في الثلاث فترات التي تولي فيها رئاسة وزراء إسرائيل، بينما سلفه إيهود أولمرت ورط جيشه في حرب ضد حزب الله في يوليو 2006 وفي قطاع غزة في عملية الرصاص المصبوب في 2008-2009. نتنياهو لا يبدو أنه يفضل القضاء علي حماس، من ناحية لأنه لا يريد أن يترك المجال لجماعات أكثر تشدداً مثل الجهاد الإسلامي، ومن ناحية للإبقاء علي حالة الانقسام في الشارع الفلسطيني وللمماطلة والتسويف في مفاوضات السلام التي تجريها تل أبيب مع السلطة الفلسطينية من وقت لآخر والتعلل بأن الرئيس محمود عباس بأنه لا يمثل جموع الفلسطينين وبالتالي لا يمكن التوصل معه لتسوية نهائية،كما لا يرغب نتنياهو في فقدان تعاطف المجتمع الدولي الذي يتفاوض حالياً مع إيران في العاصمة النمساوية فيينا بشأن برنامجها النووي. لذا أمسك نتنياهو بعرض وقف إطلاق النار الذي قدمته مصر وتعامل معه بجدية، قبل أن ترفضه حماس بتوصيات تركية. تنازلات مؤلمة وتقول صحيفة لوموند الفرنسية اليومية نقلاً عن مراسلتها في القدس إن رئيس الوزراء الإسرائيلي قبل بتنازلات صعبة، بعد جهد كبير من الدبلوماسية المصرية لوقف العدوان علي المدنيين العزل الذين لا تشكل دماؤهم أي أهمية لحماس، فاقتنع نتنياهو بدراسة ملفات الأسري المفرج عنهم في صفقة جلعاد شاليط والذين تم إعادة توقيفهم في يونيو الماضي، وكان مقرراً أن يدرس كل حالة بشكل منفصل، كما كان مستعداً لتحويل الأموال الفلسطينية المجمدة لدي بنك تل أبيب المركزي بما يسمح بدفع رواتب 40 ألف موظف فلسطيني مستثني منهم 17 ألف مجند بكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس. لوموند الفرنسية تري في تحليلها للأحداث الجارية بالشرق الأوسط، أن حماس، التي فقدت الكثير من شعبيتها علي مستوي الشارع العربي عموماً بسبب تحولها لأداة في يد ملالي إيران الذين استخدموها، مع حركة الجهاد الإسلامي، علي مدي السنوات التسع المنصرمة كأداة لتشتيت أنظار العالم عن برنامجهم النووي، ولإظهار طهران أمام الغرب علي أنها تمتلك مفاتيح الحل والربط في كثير من دول المنطقة، فإذا كانت إيران تلعب بكارت الأغلبية الشيعية في العراق وحزب الله في لبنان، ونظام الأسد في سوريا، فإنها تقدم دعماً لوجيستياً مدروساً لحماس وللجماعات المرتبطة بها أيدولوجياً كأنصار بيت المقدس في سيناء كنوع من الانتقام علي إسقاط نظام حكم الإخوان الذين رددوا غير مرة أن الثورة الإيرانية والإمام الخميني مصدر إلهام لهم، غير أن ثورة ال30 من يونيو أطاحت بكل مخططاتهم، لذا فإن افتعال حماس للأزمات مع إسرائيل من وقت لآخر يأتي لتحسين صورتها بالعزف علي وتر المقاومة ضد الاحتلال، كما أن تركيا بزعامة أردوغان الذي يقدم نفسه للإدارة الأمريكية علي أنه الخليفة المنتظر وحامي حمي الإسلام السني ولا يتوقف عن المزايدة وتوجيه الاتهامات لمصر بالتخاذل بينما هو يملك، بعد الولاياتالمتحدة، ثاني أكبر قوة عسكرية في حلف شمال الأطلنطي. صحيفة النوفل أوبسرفاتور الفرنسية أيضاً، لا تفصل مفاوضات إيران الدائرة مع المجتمع الدولي في جنيف بخصوص برنامجها النووي عن الوضع في غزة، وقالت إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما بات يتعامل مع الوضع في الشرق الأوسط بمنطق فلتذهب الأيدولوجيا إلي الجحيم.. مصلحتنا في أن نتقارب مع الإيرانيين ، وطبقاً لما جاء في الصحيفة الفرنسية ، فإن الإدارة الأمريكية تعمل علي نقل شبكة مصالحها الحيوية وقواعدها العسكرية واستثماراتها من منطقة الشرق الأوسط إلي منطقة جنوب شرق آسيا، وبناء علي الرؤية الأمريكية الجديدة، فإنه يجب تقسيم النفوذ في المنطقة بين طهران، باعتبارها زعيمة الشيعة، وتركيا باعتبارها زعيمة السنة، وذلك برعاية أمريكية، علي أن تُعمق واشنطن علاقاتها التجارية والعسكرية مع أنقرة، وترفع ومعها دول حلف شمال الأطلنطي، العقوبات عن طهران، وأن تتدفق الاستثمارات الغربية علي الجمهورية الإسلامية. وكان موقع ديبكا الإسرائيلي الناطق بالإنجليزية والمعروف عنه صلته الوثيقة بأجهزة المخابرات العبرية، نقل عن مصادر رفيعة، لم يسمها، أن تركيا، ولكي تثبت حسن النوايا لإيران، قام مدير مخابراتها العامة حاقان فيداني بإبلاغ قاسمي سليماني رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، عن 10جواسيس إسرائيليين يعملون في طهران، وكان الجواسيس العشرة يلتقون ضباط مخابرات إسرائيليين في منازل آمنة بمناطق متفرقة بتركيا، وكانت تحركاتهم ومقابلاتهم تتم بعلم أنقره وفي إطار تعاون وتبادل معلومات مع تل أبيب، ولكن حينما باتت المصلحة تحتم التقارب مع إيران، لم يتردد الأتراك في الغدر بأصدقائهم القدامي. الموقع الإسرائيلي ألمح كذلك بمسئولية إيران عن الهجمات التي تشنها جماعات إرهابية علي جنود الجيش المصري في سيناء، وأكد الموقع الاستخباراتي أن السيارات المفخخة التي باتت تُستخدم مؤخراً في الهجمات الإرهابية بمصر، أسلوب تدربت عليه حركات فلسطينية (أبرزها حماس و الجهاد) علي يد المخابرات الإيرانية، وطبقاً لصحيفة الجارديان البريطانية، فإن لقاءً سرياً، جري بالقاهرة في مطلع العام 2013 أي في عهد المعزول مرسي، جمع قاسمي سليماني رئيس فيلق القدسالإيراني بقيادات من مكتب الإرشاد، وتحديداً خيرت الشاطر، ومحمد بديع، ومحمود عزت، من أجل مساعدة الجماعة في تنفيذ سيناريو المذابح التي ارتكبها الخميني في إيران عام 1979في حق قيادات في الجيش والشرطة والقضاء والمجتمع بعد ما أصدر فتاوي بتكفيرهم جميعاً واستحلال دمائهم، وفي هذا السياق يمكن أن نفهم تصريحات البلتاجي التي قال فيها سيتوقف ما يحدث في سيناء في نفس اللحظة التي يعود فيها الرئيس محمد مرسي للحكم. وإذا كانت ثورة 30 يونيو أفسدت علي الإخوان مخططاتهم في نقل المذابح الإيرانية من طهران للقاهرة، وأطاحت بحلم الخلافة الوهمي الذي غرق فيه أردوغان حتي أذنيه، فإن السؤال المنطقي الآن هو: كيف ستواجه مصر كماشة تركية إيرانية تتحين أي فرصة للإجهاز عليها؟