«العلم».. هو السلاح الذي يجب علي الرئيس القادم لجمهورية مصر العربية. أن يحمله معه في كل خطواته نحو تحقيق نهضة شاملة وحقيقية في كافة المجالات.. بل لانبالغ حينما نقول إنه من أخطر الملفات التي يجب التعامل معها بكل جدية وحزم خلال الفترة القادمة وتطبيق إستراتيجية شاملة في هذا المجال للنهوض بمصر تعتمد علي تحديد واجبات ومهام معينة للبحث العملي.. وذلك من أجل توفير القيمة المضافة للاقتصاد الوطني. لكن كيف يتحقق ذلك؟!.. وما هي الأدوات والوسائل التي ينبغي علي الرئيس السادس لمصر أن يستعملها؟!.. وما هي الصعاب التي ستواجهه وكيف يتغلب عليها؟!. ومما لا شك فيه أن التنمية البشرية هي عماد التنمية الشاملة.. وتطوير التعليم لإعداد الأجيال القادمة ضرورة استراتيجية باعتبار التعليم هو مصدر الطاقة الدافعة للتنمية الشاملة.. ولكن للأسف الشديد يعاني التعليم العالي والبحث العلمي من عدم وجود خطة قومية للبحث العلمي ولا خطة مدروسة للاحتياجات المستقبلية من التعليم العالي. هذا بالإضافة إلي ضعف مصادر التمويل للأبحاث العلمية وعدم وضوح أهداف الخطة التعليمية ومهمتها واستراتيجيتها علي المستوي الفردي والإداري والقومي وعدم وجود رقابة ومعايير جودة علي المناهج والتدريس وعلي الكتاب الجامعي..هذا بجانب تفشي سرطان الدروس الخصوصية وعقم المناهج وطرق التدريس وعدم وجود ميثاق شرف وقواعد لأخلاقيات مهنة التدريس الجامعي..ويضاف إلي ذلك أيضاً تدني الخدمات والرعاية للطلاب ولأعضاء هيئات التدريس والباحثين..وعدم وجود آليات لربط الباحثين بمراكز البحوث العالمية... وهناك عجز شديد في التعليم الفني العالي لا يتناسب مع أعداد خريجي الجامعات.. وهناك فجوة مماثلة في الحاصلين علي تعليم فوق الجامعي مثل الدبلوم والماجستير وما يعادلهما من الدراسات أو التدريب المتخصص.. والهدف الحقيقي من استراتيجية البحث العلمي التي يجب علي الرئيس القادم أن يقوم بها هو تحقيق التنمية البشرية المستمرة من خلال مبدأ التعليم حق للجميع.. لتجهيز المواطنين لسوق العمل بتوفير فرص تعليمية متكافئة مع تنويع تلك الفرص وتوسيع فرص الخيار لتساعد الشباب علي رفع مستوي معيشتهم وتطوير مهاراتهم.. وبناء قاعدة علمية متقدمة وإعادة صياغة مناهج التعليم بزيادة ميزانية البحث العلمي خمس مرات علي الأقل والتنفيذ الفوري لنص الدستور الجديد بزيادة ميزانية البحث العلمي وتوطين المعلومات وصناعة شرائح السيليكون وتقرير أولوياتنا العلمية والتكنولوجية بما يخدم الطفرة المطلوبة في الإنتاج الزراعي والصناعي ومنح الأفضلية لبحوث المياه والطاقة الشمسية والبيوتكنولوجي والنانو تكنولوجي. وهذا لن يتم كما يقول: "الدكتور هاني الناظر.. الرئيس السابق للمركز القومي للبحوث": ألا من خلال إنشاء وزارة للعلوم والتكنولوجيا" لتحل بدلا من وزارة البحث العلمي.. علي أن تكون وزارة لها كافة الصلاحيات وليست مجرد وزارة دولة.. علي أن تكلف هذه الوزارة بإعادة هيكلة مراكز البحوث في مصر وضمها تحت مظلة هذه الوزارة (في ظل وجود أكثر من 40 مركزا بحثيا موزعا علي مختلف الوزارات وبالتالي هناك تناقض في أعمالها وتتضارب) وتطوير النظم الإدارية بهذه المراكز. وبالنسبة لتمويل البحث العلمي وفي ظل ما نص عليه الدستور المصري من تخصيص ما لا يقل عن 1% من الانفاق القومي للدولة علي البحث العلمي.. فإنه يجب أن تتضمن استراتيجية الرئيس القادم لمصر برنامج عملي لزيادة هذه النسبة لتصل إلي 4% من الإنفاق القومي لمصر خلال العشرة سنوات القادمة من خلال فتح مجالات متنوعة تصب في هذا المجال.. وبالنسبة للعلماء فإنه يجب أن يعمل الرئيس القادم علي تحسين أحوال العلماء ماديا واجتماعيا والتوسع في التدريب والبعثات الخارجية والارتقاء بدخولهم. علي أن من أهم الخطوات في هذه الاستراتيجية هو(التسويق) أي تسويق الأبحاث العلمية بشكل عملي بحيث يتم الاستفادة منها وهذا لن يتم إلا من خلال إنشاء قطاع للتسويق في وزارة العلوم والتكنولوجيا.. وتعتمد الدولة هذه الاستراتيجية علي مدي عشر سنوات وتظل ثابتة ولا تتغير بتغير الحكومات أو الوزراء. أما الجزء الثاني من الاستراتيجية التي يجب علي الرئيس القادم اتباعها فهي قضية التعليم الذي يجب أن يكون له أولوية في برامجه خاصة خلال الأربع سنوات القادمة ومن الحضانة إلي جامعة..علي أن يكون هناك استراتيجية ومنظومة للتعليم ما قبل الجامعي واستراتيجية أخري للتعليم ما بعد الجامعي وفي إطار من التنسيق فيما بينهم للنهوض بالتعليم بشكل متكامل. أيضا يجب أن يتم في برنامج الرئيس القادم إعادة تفعيل دور الجامعات بشكل عملي وسليم لتساهم في إيجاد حلول لمشاكل المجتمع المحلي الذي تتواجد فيه وتغذيه بالأفكار الجديدة وتنشر الثقافة والأسلوب العلمي والتفكير المنطقي والوعي السياسي وتقود الجهود لنقل التكنولوجيا وتوطينها وتطويرها وإعداد الكفاءات والكوادر المتخصصة من خلال البحث العلمي والدراسات والتعليم والتدريب.. .. وإنشاء شبكة قومية للجامعات تحتوي علي قاعدة بيانات عن الرسائل المنشورة في جامعاتنا والتقارير الفنية والمقالات العلمية والخبراء في شتي المجالات لتكون نافذة مهمة لتبادل الخبرات والمعلومات بين الباحثين ولرفع كفاءة تبادل المعلومات بين الجامعات وأجهزة الدولة ومؤسساتها وتزويد الجامعات بأحدث وسائل الاتصالات وشبكات اتصالات الفيديو لربط الجامعات والمعاهد بمثيلاتها بالخارج بالانترنت مما يسهل الإشراف العلمي المشترك علي الرسائل العلمية والبحوث ومنح شهادات مشتركة ومتابعة المؤتمرات والندوات العلمية الكترونياً..والتوسع في برامج الدراسات العليا وبرامج المواد المتخصصة المختلفة باعتبارها أهم آليات نقل التكنولوجيا وتوليد براءات الاختراع والحقوق الفكرية وربط هذه البرامج بمشاكل الصناعة والمجتمع ككل. وعمل قاعدة معلومات الكترونية بالمشاكل التقنية التي تواجه الصناعة والحكومة ومؤسسات المجتمع التي يمكن أن تساهم الجامعات في إيجاد حلول ومقترحات ودراسات لها من خلال مشروعات الطلاب أو مشاريع بحثية لأعضاء هيئات التدريس وعمل مسابقات ومعارض سنوية لمشاريع الطلبة ونتائج البحوث لكل الجامعات والمعاهد وتكون ملتقي لرجال الصناعة والحكومة والمستثمرين والعلماء والمبتكرين وعمل مكاتب في الجامعات لمساعدة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس علي تسويق أفكارهم وتكوين الشركات وكتابة دراسات الجودة وتعريفهم بمصادر التمويل والمنح والمساعدات وطريقة التقديم لها.. وإدخال المناهج التي تجهز خريج المرحلة الجامعية ليلعب دوراً قيادياً في دفع عجلة التنمية الشاملة.