بريطانيا تقف علي أطراف أصابعها.. التهديدات القادمة إليها من التنظيم الدولي للإخوان، بنقل الإرهاب إلي أراضيها باتت واضحة، بعد تصريحات إبراهيم منير، أحد أبرز قادة الجماعة في المملكة المتحدة، للإعلام الإنجليزي تعقيباً علي قرار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بفتح تحقيق واسع حول الإخوان وأنشطتهم ومدي تورط الجماعة في أعمال العنف، مما دفع عدداً من الدول الأوروبية لاتخاذ مثل هذه الخطوة، فيما أدرج البرلمان الكندي التنظيم في قائمة المنظمات الإرهابية.. مما أثار عدة تساؤلات داخل الأوساط السياسية العالمية، حول الأسباب التي جعلت الحكومة البريطانية ونظيراتها الأوروبية التخلي عن دعم ومساندة الإخوان بعد أن كانت الملاذ الآمن لهم؟ بالأمس القريب كان الإخوان أصدقاء لأوروبا بعد أن أتيح لهم إقامة مشروعهم الإسلامي بالشرق الأوسط ومن ثم تحقيق أطماع ومخطط الدول الغربية في المنطقة، لكنهم باتوا مكمن قلق وكابوساً يؤرق الجميع عقب إعلان مصر والسعودية والإمارات الجماعة «تنظيماً إرهابياً». ولم يكن أحد يتوقع أن تعلن بريطانيا، الملاذ الآمن للحركات الإسلامية وإحدي أقوي الدول علاقة بالجماعة منذ نشأتها عام 1928 التحقيق رسمياً في فكر وانتماءات وفلسفة الإخوان وطبيعة وجودهم في المملكة المتحدة، ومدي تورط شخصيات إخوانية وجهادية تتخذ من عاصمة الضباب مقرا لها في التحريض علي العنف والإرهاب في ظل وجود دلائل تشير إلي ضلوع الإخوان في الهجوم علي الحافلة السياحية في سيناء في فبراير الماضي، الذي أسفر عن مقتل 3 سائحين كوريين يحملون الجنسية البريطانية، مما دعاها لمراجعة التسهيلات المقدمة للإخوان وتنظيمهم الدولي علي أراضيها، لمعرفة ما إن كانت الشخصيات الإخوانية المقيمة لديها تمثل خطراً داهماً عليها أم لا. وبحسب صحيفة «التايمز» فإن أجهزة الاستخبارات البريطانية كلفت بجمع المعلومات عن الإخوان في الخارج والداخل، خاصة عددا من الأعضاء الذين فروا إلي عاصمة الضباب بعد عزل محمد مرسي. وأشارت الصحيفة إلي وجود المكتب الإعلامي الرئيسي للجماعة بحي «كريكلوود» شمال غرب العاصمة البريطانية لندن، منذ عام 1993 ولم تكتف الحكومة البريطانية بالتحقيق في أنشطة الإخوان بل كما أدرجت 3 حركات متطرفة، من بينها جماعة أنصار بيت المقدس، علي قائمة المنظمات المحظورة بوصفها منظمات إرهابية. ووافق أعضاء مجلس العموم البريطاني دون تصويت علي اقتراح الحكومة، بإضافة «أنصار بيت المقدس» و»المرابطون» و»أنصار الشريعة» إلي الجماعات المحظورة بموجب قانون الإرهاب لعام 2000 كما أوضح وزير الداخلية «جيمس بروكنشاير» الجرائم التي ارتكبتها هذه المنظمات خلال الجلسة. ويأتي ذلك بالتزامن مع تزايد المخاوف في بريطانيا من ارتفاع عدد المتطرفين في البلاد، والخوف من احتمال شن هجمات إرهابية في المستقبل. وبالفعل تمتلك بريطانيا صلات قوية بالإخوان المسلمين التي بدأت في تمويلها قبل عام 1942، بهدف إبقاء دول الشرق الأوسط في صراعات دائمة واستغلال موارد هذه الدول من النفط وتحقيق أهدافها في السياسية الخارجية. ومن ناحية أخري، تري صحيفة « فايننشيال تايمز» لندن عاصمة تجذب الإسلام السياسي ونشطاءه وقياداته الملاحقين قضائياً وأمنياً نظراً لعدم وجود اتفاقية لتسليم المطلوبين مع بعض الدول العربية مثل مصر، كما أن القوانين البريطانية لا تفرض قيودا علي حرية التعبير ويسمح بإنشاء المحطات التليفزيونية والصحف، ومن ثم تحولها إلي أهم مركز دولي داعم لتنظيم الإخوان. ولم تكن لندن وحدها مركز جذب لقيادات المحظورة الهاربين، بل تنضم إليها قطروتركيا اللتان ترعيان العديد من الإخوان، حيث كانت تنوي الدوحة منحهم الجنسية القطرية، لكن الضغوط الخليجية فرضت عليها البحث عن أماكن إقامة لهؤلاء سواء في أنقرة أو لندن. وقال مراقبون إن اتخاذ الحكومة البريطانية قرارا بحظر التنظيم علي أراضيها سيغلق جميع أبواب اللجوء أمام قياداته. وأضافوا أن الدولة الوحيدة التي ستكون أبوابها مفتوحة أمامهم هي تركيا، طالما أن حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان لايزال في السلطة. ووفقاً لشبكة «بي بي سي» فإن أردوغان أجري اتصالاً مع راشد الغنوشي، عضو مكتب الإرشاد العالمي زعيم حركة النهضة التونسية، بحثا خلاله نقل قيادات الإخوان من لندن إلي تونس، وتوفير تركيا دعماً مادياً لإقامتهم. ومن أبرز القيادات الإخوانية التي تأخذ من لندن مقراً لها، «محمد غانم» الممثل الرسمي للجماعة في المملكة المتحدة، الذي علق علي قرار كاميرون قائلاً إنهم يشاركون الإخوان أفكارهم لذا عندما يترك قياداتهم مصر يجب مساعدتهم وتقديم تسهيلات لهم. كما شن هجوماً حاداً علي مصر وشعبها مطلع هذا العام من خلال قناة «برس تي في» الإيرانية، وأكد أنهم سينجحون في إنهاء حكم النظام الحالي وسيعودون للسلطة مرة أخري. ووصف الحكومة الحالية بأنها تحتجز الشعب كرهائن منذ عزل مرسي. هذا بالإضافة إلي «جمعة أمين» الذي تم تنصيبه المرشد الجديد للجماعة بعد اعتقال محمد بديع في أغسطس الماضي. وبحسب تقرير لصحيفة «الديلي تليجراف» البريطانية فإن أمين البالغ من العمر 79 عاماً يختبئ في لندن استطاع الإفلات من الاعتقال بعد عزل مرسي من منصبه بأسابيع، بحجة تلقي العلاج. وأوضحت الصحيفة أنه يقوم بتنظيم تحركات الإخوان لخلق أجواء من الفوضي بمصر. أما إبراهيم منير، عضو مكتب الإرشاد والأمين العام للتنظيم الدولي في الغرب، الذي لم يتردد في استخدام التهديد والوعيد بنقل الإرهاب إلي العاصمة البريطانية لندن، حال حظر نشاط التنظيم. وقال لصحيفة التايمز إنه إذا وقع الحظر، فإن هذا سيدفع كثيرين في مجتمعات مسلمة إلي الاعتقاد بأن قيم الإخوان السلمية لم تنجح، وأنهم يوصفون بأنهم جماعة إرهابية، ما يفتح الباب أمام جميع الاحتمالات، الحظر سيخلق مزيداً من المشاكل، أكثر مما توقعناه علي الإطلاق. منير البالغ من العمر 78 عاماً، يقيم في لندن منذ أكثرمن عقدين، ويستغل صلاته بأجهزة الإعلام وكبريات الصحف البريطانية لإظهار الإخوان في صورة الضحايا والحملان ليمحوا عنهم الجرائم الإرهابية التي يرتكبونها. وتشير بعض التحليلات إلي أن فتح التحقيق بشأن الإخوان في بريطانيا أثار ضجة كبيرة داخل الأوساط السياسية حول العالم، حيث كشف قلقاً متصاعدا داخل حكومة كاميرون من انقلاب السحر علي الساحر، وأن رعاية لندن للإخوان حالياً ربما تنقلب عليها مستقبلاً في صورة أعمال إرهابية. إلا أن بعض المحللين أرجعوا هذا القرار إلي المصالح الاقتصادية التي تجمع بريطانيا بالإمارات والسعودية. فالأخيرة لها استثمارات قد تضر بالاقتصاد البريطاني إذا ما تم سحبها كرد فعل علي عدم التحرك ضد الإخوان لمنع اتخاذ لندن مقراً لاجتماعات التنظيم الدولي لبحث إثارة الفتنة في مصر والسعودية ودول المنطقة. ويري المحللون أن اتخاذ بريطانيا قرارات تتعلق بالإخوان المسلمين سيدفع بقية دول الاتحاد الأوروبي إلي تبني قرارات مماثلة مثل انجلترا ، استناداً علي اتفاقيات الأمن والدفاع المشترك بين دول الاتحاد، حتي وإن لم تكن بريطانيا مكتملة العضوية في الاتحاد، غير أن قضايا الأمن عادة ما تشهد تنسيقاً مشتركاً بين تلك الدول. ومن ناحية أخري، أدرجت كندا جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً يحظر نشاطه علي أراضيها. ويقول مراقبون إن موافقة البرلمان الكندي علي إدراج الإخوان في قوائم الإرهاب يعتبر تطوراً لافتاً قد يلفت انتباه دول غربية أخري ما تزال مترددة لاتخاذ نفس القرار.