ما بين مرحب ومشكك فى نوايا الحكومة البريطانية تباينت الآراء حول قرار رئيس الوزراء البريطانى «ديفيد كاميرون» بإعلانه إجراء تحقيق حول وضع جماعة الإخوان المسلمين فى بريطانيا، وهو ما أثار جدلا واسعا فى بريطانيا وخارجها وطرح معه التساؤلات عن مدى جدية بريطانيا فى حظر جماعة الإخوان المسلمين حال إدانتها. وقد أعلنت الحكومة البريطانية تشكيل لجنة لمراجعة أنشطة جماعة الإخوان المسلمين فى بريطانيا لبحث احتمالات تورطها فى أعمال إرهابية وكيفية تأثيرها على أمن بريطانيا القومى وسياستها الخارجية. وجاء هذا القرار بعد أن وافق أعضاء مجلس العموم البريطانى دون تصويت على اقتراح الحكومة بإضافة جماعة «أنصار بيت المقدس» التى تبنت العديد من الهجمات الإرهابية فى مصر خلال الأشهر الماضية و«المرابطون» التى تعود جذورها إلى لبنان وتمتد إلى شمال إفريقيا و«أنصار الشريعة» التى تعد جزءا من تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية، إلى الجماعات المحظورة بموجب قانون الإرهاب لعام 2000 وقد حظى القرار بدعم حزب العمال البريطانى وذلك استنادا للعديد من الفيديوهات التى يعلن فيها أحد أعضاء هذه الجماعات مسئوليتها عن أعمال عنف وإرهاب، وقال وزير الخارجية البريطانى ويليام هيج إنه من حق بريطانيا مراجعة موقفها تجاه أنشطة الإخوان وأن تتحرى عن هذه الجماعة وإن هذا الإجراء لا يعنى إدانة الجماعة لكنه يعنى أن بريطانيا تحافظ على أمنها واستقرار مواطنيها. ويرى محللون أن آخر دولة كان يمكن للمراقبين أن يتوقعوا استجابتها لدعوة اعتبار الإخوان جماعة إرهابية هى بريطانيا التى تتميز بأنها الملجأ الأهم للمعارضين السياسيين من كل صنف ولون وهو ما يرجع فى الأساس إلى سياسة الاستيعاب التى تمنح بريطانيا قوة ناعمة تجعلها ملاذا آمنا للكثيرين علاوة على أنه إجراء مفاجىء وغير مسبوق من قبل بريطانيا التى لم يسبق لها أن اعتبرت جماعة الإخوان منظمة إرهابية أو حتى وضعتها تحت المراقبة. وفيما يجمع مراقبون على أن التحقيق الذى أعلن عنه رئيس الوزراء البريطانى كاميرون يتعلق فى الأساس بالاستجابة لطلب مباشر من بعض دول المنطقة، يرى البعض أن قيام بريطانيا بالتحقيق حول الدور الذى تقوم به جماعة الإخوان من عنف وتطرف لا يأتى احترازيا فقط لولا أن المؤشرات أعطت إنذارات جديدة وخاصة بعد اعتبار الجماعة منظمة إرهابية صدرت من منبتها فى مصر وأن الوضع وصل إلى الاحتراز الأمنى وبناء على معلومات أمنية لا تقبل التهوين من الحدث ولا مجاملته. وقالت روز مارى هوليس أستاذة دراسات الشرق الأوسط بجامعة سيتى، إن قرار كاميرون ينطوى على شىء من الرعونة وإنه صنع لنفسه مصيدة ووقع فيها لأنه فى حال وجد تحقيقه أرضية تستدعى تصنيف الإخوان كحركة إرهابية ولم يفعل فإنه سيهمش الملايين، وإذا توصل التحقيق إلى أن قيم وفلسفة الإخوان لا تمثل مشكلة فلن يرضى البعض وسيظهر التحقيق كمهزلة. وكشفت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية أن الدكتور طارق رمضان حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين هو المستشار الدينى لرئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، وأن الأصول الإخوانية التى ينتمى إليها رمضان ستضع كاميرون فى موقف محرج حال ثبت صحة تخطيطهم لأعمال إرهابية من لندن. وأكد محللون أن الكثير من عمليات الجماعات الإرهابية انطلقت من الأراضى البريطانية مما أضر بسمعتها فى العالم فكان من الطبيعى أن تتخذ بريطانيا هذه الإجراءات لحماية أمنها. وفى المقابل، حذر النائب فى حزب المحافظين البريطانى الحاكم كريسبين بلانت حكومة بلاده من مضاعفات حظر الجماعة بأدلة قليلة أو معدومة حيث سيكون ذلك بمثابة خيانة لقيم بريطانيا وسيجعل المشكلة أكثر سوءا. واستبعدت مجلة «تايمز» على لسان مسئولين بريطانيين إدراج جماعة الإخوان ضمن قائمة المنظمات الممنوعة فى بريطانيا. يذكر أن عدة دول قد أدرجت جماعة الإخوان المسلمين ومنظمات مرتبطة بها كمنظمة إرهابية، ومن بين هذه الدول روسيا التى أدرجت الجماعة فى 28 يوليو 2006 ضمن قائمة ضمت 17 منظمة تصنفها كإرهابية، إضافة إلى دولة كازاخستان وبيلاروسيا. ومؤخرا وافق البرلمان الكندى بأغلبية ساحقة على إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قوائم الإرهاب. وفى مارس الماضى، اعتبرت المملكة العربية السعودية جماعة الإخوان إرهابية، كما أصدرت حكومة موريتانيا قرارا بحل أكبر جمعيات الإخوان فى البلاد وهى جمعية «المستقبل للدعوة والتربية والثقافة» وحظر نشاطها نهائيا بتهمة خرق القانون والقيام بأنشطة مخلة بالنظام العام . ويرى مراقبون أن الخطوة البريطانية من الممكن أن تكون لها انعكاسات كبيرة على احتمال وضع الجماعة المحظورة فى مصر على قائمة الإرهاب من قبل دول أوروبية أخرى.