كل يوم يمرعلي الإنسان ينقص من عمره يوما، وبالرغم من ذلك تجده دائما ما ينسي أن العمر ينقضي ولابد أن يتخلص مما جمعه في الدنيا، حتي لا تأتي الآخرة بغتة، وهو مايزال منغمسا في ملذات الحياة . وبما أن الموت لايمهل أحدا منا، فلابد أن نستعد له في كل لحظة، فإذا كنت تمتلك مالا أوعلما أو حرفة أو غير ذلك مما أكرمك به الله، فبادر بترك وصية مفصلة للأبناء والأحفاد والأقربين ولغيرهم، أكتب فيها ما شاء لك من الوصايا الواجبة. قبل أن تحزن وأنت تشاهد.. كيف يتخلص الورثة مما ترك الأهل، فهذا رجل من رواد تخصصه العلمي ترك مكتبة عظيمة جمعها من شتي بقاع العالم وحتي آخر لحظة من عمره، فإذا بالأبناء يتركونها مهملة تنعي صاحبها الذي تركها حتي أكلتها الرطوبة والحشرات. وهذه سيدة كانت هوايتها شراء التحف والأثاث من كل البلاد التي زارتها، وبعد وفاتها تخلص منها الأحفاد لأول بائع روبابيكيا ك»خرج بيت»، فاشتراها بأبخس الأثمان، ليبيعها لصاحب محل انتيكات، ليعرضها بأسعار تفوق الخيال. وأخري جمعت المال وحرمت نفسها من أبسط متطلبات الحياة، وبعد وفاتها طمع فيه البعض من الأولاد، والبعض الآخر أخرج نصيبه من المال كصدقة جارية علي روحها لأنه رأي أنها في أشد الحاجة إليها. وعلي الجانب الآخر.. عرفت القليل ممن أوصوا بتوزيع مقتنياتهم علي الورثة بطريقة معقولة، وأجمل ما سمعت أن معلمة من حفظة القرآن كانت تدرس لمجموعة من السيدات، وجاءها المرض فجأة، فعلمت أن النهاية اقتربت، فحشدت طاقتها واختلست بعضا من عافيتها من براثن المرض الخبيث، ونظمت أوراقها وكشاكيلها وجمعت كل ماتعلمته، وأعطته إلي أنجب طالباتها، وقالت لها أنت سوف تكملين المشوار من بعدي، ونجحت الطالبة في المهمة وفازت كلتاهما بالثواب من الله.