حصاد جامعة حلوان الأسبوعى    سويلم: الحضارة المصرية رائدة في وضع تقنيات للري تعد الأقدم بالتاريخ    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد عبدالحليم محمود بالشرقية    عيار 21 يصعد الآن 75 جنيهًا.. زيادة جديدة ل سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 10-5-2024    ارتفاع طفيف في أسعار الدواجن اليوم الجمعة بالأسواق (موقع رسمي)    وزارة التموين تسلم 2.3 مليون طن قمح محلى من المزارعين حتى الآن    إزالة التعديات على أراضى أملاك الدولة والأراضى الزراعية بكفرالشيخ    البيئة تنظم الجلسة التشاورية الأولى للشراكة بين القطاعين العام والخاص في إدارة المخلفات الصلبة    سرايا القدس: سيطرنا على مسيّرة إسرائيلية في رفح    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف منطقة اللبونة في بلدة الناقورة جنوبي لبنان    "باير ليفركوزن ضد أتالانتا".. تعرف على موعد نهائي الدوري الأوروبي    نهضة بركان يعلن طرح تذاكر مباراة ذهاب نهائي الكونفدرالية أمام الزمالك    "لديه ذبذبة".. مهاجم الزمالك السابق يتحدث عن فرص الزمالك للفوز بالكونفدرالية    رحلة مبابي في باريس تنهي بمكالمة الخليفي    الحكومة تنفي انتشار عصابات لتجارة الأعضاء تستدرج الأطفال    نيران حتى الفجر.. كيف أخمدت 15 سيارة إطفاء حريق الإسكندرية للأدوية؟ - صور    وضع رجلها في صندوق القمامه.. مكالمة هاتفية وراء القبض على قاتل «سيدة النهضة»    ضبط سيدة بسوهاج لقيامهما بإدارة كيان تعليمى بدون ترخيص للنصب والاحتيال على المواطنين    "يا عزيز عيني" فانتازيا أسطورية تحكي عن إيزيس وأوزيريس بطنطا    40 صورة لنجوم الفن في حفل زفاف لينا الطهطاوي.. بينهم "تامر حسني وهنا الزاهد"    الفنانة يسرا اللوزي تشيع جنازة والدتها عقب صلاة الجمعة    إلهام شاهين: أعتز بدراستي للمسرح في أكاديمية الفنون المصرية    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    6 تخصصات.. "صحة مطروح" تطلق قافلة طبية في العلمين    ترفع الكوليسترول وتضر القلب.. 5 أطعمة احذر تناولها على الإفطار    بمكونات بسيطة.. طريقة عمل البطاطس البيوريه في المنزل    تجنب 4 أطعمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان    اليوم.. آخر فرصة للتسجيل الإلكتروني لاستمارات امتحانات الدبلومات الفنية 2024    ضبط قضايا اتجار بالنقد الأجنبي ب 15 مليون جنيه خلال 24 ساعة    وزير العمل يتابع إجراءت تنفيذ مشروع "مهني 2030" مع "اللجنة المختصة"    10 علامات ابحث عنها.. نصائح قبل شراء خروف العيد    «التنمر وأثره المدمر للفرد والمجتمع».. موضوع خطبة الجمعة اليوم بالمساجد    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    فريدة سيف النصر ضيفة عمرو الليثي في «واحد من الناس».. الإثنين    د. الخشت يترأس لجنة اختيار المرشحين لعمادة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    مصرع ضابط شرطة إثر اصطدام «ملاكي» ب«جمل» على الطريق ببني سويف    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    القسام تعلن مقتل وإصابة جنود إسرائيليين في هجوم شرق رفح الفلسطينية    سعر متر التصالح في مخالفات البناء بالمدن والقرى (صور)    نشوب حريق بمصفاة نفط روسية بعد هجوم أوكراني بالمسيرات    حماس: لن نترك الأسرى الفلسطينيين ضحية للاحتلال الإسرائيلي    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    تاو يتوج بجائزة أفضل لاعب من اتحاد دول جنوب إفريقيا    دعاء يوم الجمعة لسعة الرزق وفك الكرب.. «اللهم احفظ أبناءنا واعصمهم من الفتن»    أول مشاركة للفلاحين بندوة اتحاد القبائل الإثنين المقبل    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    رئيس الحكومة اللبنانية يبحث مع هنية جهود وقف إطلاق النار في غزة    طبق الأسبوع| مطبخ الشيف رانيا الفار تقدم طريقة عمل «البريوش»    هل قول زمزم بعد الوضوء بدعة.. الإفتاء تجيب    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوصية الواجبة «3»
نشر في اليوم السابع يوم 02 - 12 - 2014

نجح الفقهاء المصريون فى منتصف القرن العشرين فى وضع إضافة جديدة غير مسبوقة فى الفقه الإسلامى اقتضتها دواعى انتشار ظاهرة الأحفاد اليتامى المحجوبين من الإرث بسبب وجود أحد أبناء الميت، فوجد المصريون لهؤلاء الأحفاد مخرجًا شرعيًا فى عقد الوصية الذى أعادوا دراسته فى المذاهب الفقهية المختلفة، فاستطاعوا أن يجدوا الحل فيما أسموه «الوصية الواجبة».
وقد سبق بيان تعريف الوصية ومشروعيتها وحكمها التكليفى، ثم تطرقنا إلى بيان أهم ضابطين لصحة الوصية حتى لا تصير حقًا يراد به باطلا.
ثانيًا: عدم الوصية للوارث
اختلف الفقهاء فى حكم الوصية للوارث على مذهبين، كما يلى:
المذهب الأول: يرى بطلان الوصية للوارث فى الجملة، وهو مذهب جمهور الفقهاء ذهب إليه فقهاء المذاهب الأربعة المشهورة ومذهب الظاهرية، واختلفوا فى صفة هذا البطلان على قولين، ذهب أكثرهم إلى أنه بطلان نسبى لحق الورثة فهو موقوف على إجازتهم فإن أجازوها نفذت وإلا فلا، وذهب الظاهرية وقول عند المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه بطلان مطلق فهو والعدم سواء، لأن المنع من الوصية للوارث غير معلل، فإن أراد الورثة صرف مقدار الوصية لأحدهم الموصى له كان تصرفهم هذا عطية مبتدأة منهم وليس إنفاذًا للوصية، وحجة أصحاب هذا المذهب فى بطلان الوصية للوارث فى الجملة: «1» ما أخرجه أحمد وأكثر أصحاب السنن بإسناد حسن عن أبى أمامة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله قد أعطى كل ذى حق حقه فلا وصية لوارث». «2» ما أخرجه الدارقطنى والبيهقى بسند فيه مقال عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة»، كما أخرج الدارقطنى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى خطبته يوم النحر من حجة الوداع: «لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة»، «3» أن فى إيثار بعض الورثة بوصية من غير رضا الآخرين ضررًا يفضى إلى النزاع والشقاق وقطع الأرحام بين الورثة، وما يؤدى إلى الحرام يكون حرامًا.
المذهب الثانى: يرى صحة الوصية للوارث دون الحاجة إلى إذن الورثة، وهو مذهب الشيعة الإمامية والزيدية، وحجتهم: «1» عموم قوله تعالى: «كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقًا على المتقين» «البقرة:180»، وعموم قوله تعالى: «من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم» «النساء: 12»، قالوا: هكذا جاء النص القرآنى بالوصية مطلقًا دون استثناء الوارث، فلا يجوز تخصيص القرآن إلا بمثله خاصة أن الأمر بالوصية للوالدين والأقربين يفيد جوازها للوارث، لأنهم من الورثة غالبًا، وأما حديث النهى عن الوصية للوارث فيحمل على ما زاد على الثلث، وقد يكون محمولًا على نفى الوجوب للوصية على ما كان فى صدر الإسلام من وجوب الوصية للوارث فنسخ حكم الوجوب وبقى أصل الجواز، «2» قياس الوارث على غير الوارث فى صحة الوصية بجامع الأهلية فيهما.
وقد اختار المصريون مذهب الظاهرية وبعض الصحابة والتابعين ومن وافقهم من الفقهاء الذين قالوا بوجوب الوصية للأقربين غير الوارثين «وممن قال بهذا القول عبدالله بن أبى أوفى وطلحة بن مصرّف والزهرى وأبو مجلز ومسروق وطاووس وقتادة وأبو بكر عبدالعزيز الحنبلى وابن جرير الطبرى» إلا أن المصريين أدخلوا على هذا المذهب تعديلًا بالتخصيص فقصروه على الأحفاد دون غيرهم من سائر الأقربين، لقوة صلة قرابة الأحفاد بالميت، مع ضعفهم وشدة احتياجهم للتراحم عن غيرهم، وبهذا التعديل تظهر الشخصية الفقهية المصرية التى جمعت بين المذهبين فى استقلالية فريدة تؤكد إعلاء المصلحة فوق التبعية المذهبية، حيث ترك المصريون مذهب جمهور الفقهاء الذى يرى استحباب الوصية لغير الوارثين مطلقًا، فاستثنى منهم الأحفاد وأجرى عليهم مذهب المخالفين، كما ترك المصريون المذهب المقابل للجمهور القائل بوجوب الوصية للأقارب غير الوارثين مطلقًا، ثم وافقهم فى حق الأحفاد فقط، وأضاف الفقهاء المصريون مقترحًا لولى الأمر «القانون» بتقدير الوصية للأحفاد غير الوارثين بمثل ما كان يستحقه أبوهم - أو أمهم - لو كان حيًا بشرط ألا يزيد على الثلث، وألا يكون الجد - أو الجدة - قد أعطاهم مثل هذا القدر عطية أو وصية، وتقسم تلك الوصية على الأحفاد مثل قسمة الميراث، ويختص بها أهل الطبقة الأولى من أولاد البنات، وتكون لأولاد الأبناء من أولاد الظهور وإن نزلوا على ما يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره.
واختار المصريون مذهب الحنفية وبعض المالكية والشافعية والحنابلة الذين قالوا بصحة الوصية بأكثر من الثلث إلا أن الزيادة لا تنفذ إلا عند انعدام الورثة أو إجازتهم لكون المنع من الزيادة معللًا بحقهم، أما بيت المال، أو الخزانة العامة، فليس من الورثة الشرعيين وما يؤول إليه من مال ليس له صاحب فإنما يكون فيئًا وليس ميراثًا، وترك المصريون مذهب من قال ببطلان الزيادة على الثلث فى الوصية مطلقًا كما هو المشهور عند المالكية والشافعية وبعض الحنابلة ومذهب الظاهرية، لأنهم يرون بيت المال «الخزانة العامة» وارث من لا وارث له.
واختار المصريون أيضًا مذهب الشيعة الإمامية والزيدية الذين قالوا بصحة الوصية للوارث دون الحاجة إلى إذن الورثة، لقناعتهم بعموم الآيات الواردة فى الوصية وبعض الأحاديث التى لم تستثن الورثة، أما الأحاديث التى ورد فيها استثناء الورثة من الوصية فقد تكون محمولة على ما زاد على الثلث، وقد تكون محمولة على نسخ وجوب الوصية للوارث فى صدر الإسلام، ونسخ حكم الوجوب ليس نسخًا لأصل المشروعية، وترك المصريون مذهب جمهور الفقهاء الذى عليه المذاهب الأربعة المشهورة ومذهب الظاهرية الذين قالوا بمنع الوصية للوارث، لكونه مع كثرة القائلين به لا يعدو أن يكون كمذهب الشيعة الإمامية والزيدية صوابًا يحتمل الخطأ أو خطأ يحتمل الصواب، فليس أحد المذهبين أولى بالعمل من الآخر إلا بحسب قناعة المتلقى وتقديره للمصلحة، لأن العبرة فى التقويم الفقهى بالقول وليس بالقائل.
وانتهى فقه المصريين للوصية بصدور القانون رقم «71» لسنة 1946م الذى ينص فى مادته «37» على أنه: «تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره وتنفذ من غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث ولا تنفذ الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصى وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه، وتنفذ وصية من لا دين عليه ولا وارث له بكل ما له أو بعضه من غير توقف على إجازة الخزانة العامة».
كما ينص قانون الوصية المصرى فى مادته «76» على أنه: «إذا لم يوص الميت لفرع ولده الذى مات فى حياته أو مات معه ولو حكمًا بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثًا فى تركته أو كان حيًا عند موته وجبت للفرع فى التركة وصية بقدر هذا النصيب فى حدود الثلث بشرط أن يكون غير وارث وألا يكون الميت قد أعطاه بغير عوض من طريق تصرف آخر قدر ما يجب له وإن كان ما أعطاه أقل منه وجبت له وصية بقدر ما يكمله».
وتكون هذه الوصية لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات ولأولاد الأبناء من أولاد الظهور وإن نزلوا على ما يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره وأن يقسم نصيب كل أصل على فرعه وإن نزل قسمة الميراث كما لو كان أصله أو أصوله الذين يدلى بهم إلى الميت ماتوا بعده وكان موتهم مرتبًا كترتيب الطبقات.
ويلاحظ أن اختيار القانون المصرى للوصية الواجبة فى حق الأحفاد غير الوارثين قد ترتب عليه ارتفاع نصيب غير الوارث بتلك الوصية عن نصيب الوارث منهم فى بعض الصور مثل من يموت ويترك: «بنت وبنت بنت وأب»، فلبنت البنت وصية واجبة مقدارها ثلث التركة، أما من يموت ويترك: «بنت وبنت ابن وأب» فإن لبنت الابن السدس ميراثًا وليس لها وصية واجبة مما يجعلها تتمنى أن تكون بنت بنت وليست بنت ابن، لذلك فإنه من العدل أن يقع تعديل فى نص الوصية الواجبة ليكمل نصيب الحفيد الوارث حتى يصل إلى ميراث أبيه لو كان حيًا بشرط ألا يزيد على الثلث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.