اعتدت يوميا ركوب ثلاث وسائل نقل، حتي أصل إلي مقر عملي، لكن إذا تأخرت في النزول من البيت، فإنني أضطر إلي ركوب الأتوبيس العام أو كما سمعت أحدهم مؤخرا يطلق عليه ليموزين الشعب! وعادة ما »أتحشر» فيه عدة محطات حتي يبدأ الناس في النزول منه، ولحظتها قد أجد كرسيا شاغرا أجلس فيه وأحمد الله، فالميزة الوحيدة في هذا الأتوبيس هو أنه يوفر لي الوقت فهو ينقلني مباشرة حتي مقر عملي دون الحاجة إلي ركوب أي نوع آخر من المواصلات. أما في طريق العودة إلي المنزل .. فأحاول ركوبه من أول الخط إذا كان الوقت مبكرا حتي أجلس علي كرسي. وفي ذلك اليوم لم أجد مقعدا شاغرا سوي الكنبة الأخيرة عند الباب الوراني بجوار الكمسري، فحمدت الله علي ما رزقني وماهي إلا محطات معدودة وإذ بالأتوبيس في حالة يصعب وصفها، فهذا الباب أصبح يشبه يوم الحشر، وكلما أقول في نفسي خلاص كده كتير أجد من تناولني كيس رقاق، فأصبح معي كيس أصفر وآخر شفاف، وإحداهن جلست تحت أقدامي تحمل شنطة ثقيلة وهناك من يسند صناديق لمبات وطبق دش علي الحديدة التي أمامي وهو يقف علي الباب وكل شوية أقول هتقع، كما ركبت مجموعة من السيدات من محطة معرفش إزاي صعدن، وسمعت إحداهن تقول حرام عليكم أنا عاملة عملية فتاء. وباب الطلوع هذا مفروض مخصص للصعود، لكنه بقدرة قادر يستخدم للنزول والهروب أيضا، فهذه سيدة مسنة حشرت نفسها وصعدت بمعجزة وقالت لي أريد أن أجلس بجانبكن فقلت لها أنت شايفة بنفسك الست اللي بجانبي نائمة وتحمل علي رجليها كيسا أسود كبيرا وما هي إلا لحظات ووجدت الأتوبيس يلف في دوران وإذ بهذه السيدة تطيح بالمرأة التي تجلس تحت قدميّ وتنزل مسرعة بعد أن طالبها الكمسري بثمن التذكرة، ونظرت خلفي لأجدها تسير بخطي واثقة وكأنها لم تفعل شيئا إطلاقا.