لم يكن ممكنا أن تغمض مصر العيون عما يجري في ليبيا بعد التدخل الأجنبي والتآمر الذي ترك البلاد تحت التدمير والحروب الأهلية، وحولها إلي مستودع لعصابات الإرهاب المدعومة من الخارج. أعلنت القاهرة منذ البداية انها مع الحل السياسي الذي ينقذ ليبيا من خطر التقسيم، ويوقف التدمير المستمر لما تبقي من مؤسساتها. وأكدت القاهرة انها ضد التدخل الأجنبي ووضعت الأمور في نصابها بكل وضوح حين قالت أنها لن تسمح بتهديد أمنها الوطني عبر ليبيا، وأن أي محاولة في هذا الشأن ستقابل بكل حزم. وأول أمس كان اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي في القاهرة، تعبيرا عن إحساس الجميع بالخطر، خاصة مع تزايد احتمالات التدخل الأجنبي مع المخاوف من انتقال الإرهاب الداعشي من سوريا والعراق إلي ليبيا بعد التطورات الأخيرة في الموقف. نتائج الاجتماع كانت تعبيرا عن توافق كبير خاصة بين مصر وتونس والجزائر، حول رفض التدخل الأجنبي وحول التمسك بوحدة ليبيا وسيادتها، وحول السعي للحل السياسي المطلوب عبر تحقيق الاتفاق بين المؤسسات الأساسية في ليبيا وهي المجلس الرئاسي برئاسة السراج والبرلمان برئاسة عقيلة صالح والجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر. ومن هنا تجيء أهمية إعلان وزير الخارجية سامح شكري عن جهود مصرية مستمرة لجمع القيادات الليبية الثلاث، وتحقيق التوافق بينها مع المطالبة برفع الحظر المفروض علي تسليح الجيش الوطني الليبي ليتمكن من الاضطلاع بمهامه في مواجهة تنظيمات إرهابية يعلم الجميع انها تتلقي السلاح وتسعي جاهدة لتقويض فرص التوافق الوطني لانقاذ ليبيا. الوضع في ليبيا قضية أساسية لأمننا الوطني ولهذا كان الملف في حوزة رئيس الأركان الفريق حجازي الذي أدار المشاورات المكثفة مع الأطراف الأساسية في ليبيا ولعل ما كشفته التحقيقات مع المتهمين في تنظيم ∩حسم∪ الإرهابي الإخواني من سعيهم للتواجد في المنطقة الغربية من مصر، ليتواصلوا مع باقي العناصر الإرهابية في ليبيا، يأتي تأكيدا علي ضرورة استمرار الجهد لتحقيق التوافق في ليبيا، وتصفية جماعات الإرهاب بها، انقاذا لوحدة واستقرار هذا القطر الشقيق، وتحقيقا لأمن دول الجوار.. وخاصة مصر والجزائر وتونس، ولعل أوروبا التي تدرك الآن حجم المخاطر القادمة من ليبيا تدرك مسئولياتها عما حدث علي يديها حين تدخلت لتسقط نظاما ثم تترك القطر الشقيق نهبا للفوضي ومستودعا للإرهاب. مهمة انقاذ ليبيا ليست سهلة. لكن اجتماع القاهرة يفتح أبوابا للأمل في أن يدرك الجميع حجم الخطر، وضرورة الانقاذ.