هل بدأت موجة جديدة من إرهاب المصريين باسم الدين؟! هل هى هجمة جديدة على سماحة ونُبل ورحابة الإسلام ووسطيته وجواهره الإنسانية ورحمته والادعاء عليه بما لا يمكن أن يرتكبه عارف بصحيح الدين؟! بأى حق وبأى قانون تنطلق جماعات فى بعض مدننا الصغيرة وقرانا، وفى القاهرة أحيانا تستخدم الأسلحة الآلية لترويع المواطنين وتدّعى كما يقولون أنهم حكومة البلد؟ أى بلد؟ وأى حكومة وكيف نعيد سيادة واحترام القانون وننهى كارثة أن يعطى مواطن أو مجموعة من المواطنين أو تيار أو جماعة حق أن تفرض قوانينها الخاصة وفهمها الخاص للدين وأن تلوّح بإغراق البلد فى بحور الدم؟! من المؤكد أنه توجد فى ترسانة القوانين المتوفرة عقوبات مشددة لترويع أمن المواطنين والمساس بحرياتهم الخاصة، ما دامت لا تتناقض مع المبادئ والأعراف العامة، لا مع المبادئ والأعراف الخاصة لأى جماعة من المواطنين. المشكلة أنه لا قيمة لقوانين بلا تطبيق عادل ورادع، وبما ينهى فوضى أن يصنع كل مواطن قانونه الذى يريده ويخرج على الناس شاهرا سلاحه ليفرضه عليهم بالقوة وسط أمواج متلاطمة ومتناقضة عن وقائع ما حدث فى جريمة قتل شقيقين فى أبو كبير أحدهما موسيقى! وضَعْ تحت عمله بالموسيقى عشرة خطوط.. كيف نعرف الحقيقة؟! أين غابت الأجهزة المسؤولة عن وقائع التصادم والتحرش التى يشير أبناء «أبو كبير» إلى أنها تحدث منذ شهور؟! المصيبة أن يحيل بعض العناصر المتطرفة القتل إلى الطرف الثالث الذى اخترعه المسؤولون عن إدارة مصر بعد ثورة 25 يناير لتبرير جرائم قتل الثوار.. أليس من حق جميع القتلة أن يحتموا بطرف ثالث خفىّ؟! وما حقيقة توجيه الاتهامات فى حوادث مشابهة إلى جماعات يستخدمها النظام القديم لنشر مزيد من الفوضى ومواصلة ترويع المواطنين وتشويه وجه الثورة وانتحالهم بعض المظاهر الشكلية لتيارات دينية؟! لفتنى تصريح بالغ الخطورة أدلى به الأستاذ محمد فائق الأمين العام للمجلس القومى لحقوق الإنسان، منذ أسابيع لصحيفة «الوطن» قال فيه إن رموزا وقيادات من الحزب الوطنى يبتزون مسؤولين حاليين بمستندات تدينهم وتتهمهم بالفساد لإرهابهم واستخدامهم لصالح النظام السابق وليظلوا جزءا من الثورة المضادة. ويضيف الأمين العام للمجلس القومى لحقوق الإنسان أن هذه المستندات التى يهددون ويبتزون بها شملت كشوفا بأسماء عناصر إجرامية متورطة! إذن مخططات النظام القديم وعملائه لهدم مصر وتشويه الثورة لا تتوقف ولا تستجيب لأى دعوات لالتقاط الأنفاس واستقرار بلدهم وإخماد نيران الفتن والتآمر والتخوين والتشكيك.. كل شىء مستباح من أجل تحقيق أهدافهم وبما يعنى ضرورة رفع سيف القانون بعدالة وبحزم فوق كل من يتهددونه ويروعون أبناءه بأى شكل من أشكال الترويع وقد لفتنى فى اجتماع رئيس الجمهورية بالمحافظين هذا الأسبوع دعوته إياهم إلى نشر ثقافة احترام القانون، وهو أمر بالغ الأهمية وإن كان من شروط التطبيق أن تكون الأجهزة المسؤولة قادرة على تطبيق القانون بعدالة وبلا تمييز بين جميع المواطنين، وقبلها أن يكون المحافظون يؤمنون بالنظام وبالواقع الجديد الذى أقامته الثورة.. الأيدى المرتعشة والقيادات العاجزة الخائفة، ولا أريد أن أقول المتواطئة، وتنتمى إلى النظام القديم وتريد أن تحافظ على الجذور السامة لما يطلقون عليه الدولة العميقة والفاسدة تضخم وتسرطن وتجذر هذه الدولة فى كثير من المحافظات وأنظمة المحليات. إنقاذ مصر وبناء نظام ينتمى إلى الثورة ويحافظ عليها يجب أن يبدأ باجتثاث هذه الجذور وتطهير أرض المحليات مما أصابها من عطن وفساد فى جميع أركان المؤسسات التى تتحكم فى حياة المواطنين هناك! عيد عفيفى من أبناء البراجيل مركز أوسيم بالجيزة، يحكى الأهوال عما يلاقيه الفلاحون من العاملين فى الجمعيات الزراعية وفروع بنك التنمية والائتمان الزراعى وعن عمليات الفساد التى يتم فيها تهريب مدخلات الزراعة، وفى مقدمتها الأسمدة إلى السوق السوداء! وعن كوارث تخزين القمح فى الصحراء بما يحول الأقماح التى يأكلها المصريون وقبل أن تصل إلى أمعائهم إلى مأوى للفئران ولتتوالد وتتكاثر فيها الكلاب! هل كان جمع القمامة وتقسيم المحافظات والأحياء السكنية إلى مربعات واستخدام المواد الصلبة استخداما اقتصاديا يحولها من كوارث بيئية إلى ثروة للفلاح وطاقة.. هل كان يحتاج إلى تدخل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء؟ ولا أعرف كيف جلس وماذا قال السادة المحافظون فى مثل هذا الاجتماع؟! وهل كان من مطالب الحفاظ على الدولة العميقة والفاسدة وتشويه وجه الثورة الإبقاء على هذا الوطن العظيم مثقَلا بكل هذا الفساد والتدمير والمواطن تحت طائلة وسيطرة جميع عملاء ومؤسسات النظام الذى قامت لتسقطه الثورة فقاد الثورة المضادة للتخلص منها؟ شهادة الأمين العام للمجلس القومى لحقوق الإنسان، تستوجب التحقيق بقدر ما تستوجب إنقاذ الثورة وضخ دماء جديدة وفكر ثورى وقوى وطنية وخبرات وإبداعات شابة فى شرايين المحليات والمحافظات تنهى بقاءها أوكارا وجحورا للنظام القديم يتوالد ويتكاثر فيها التآمر والفتن والتخلف والفساد والإفساد، وقد آن الأوان ليأتى ويستمر أو يذهب المحافظون بعائد الجدوى وبعائد الإنجاز وبعائد احترام مصالح المواطن وكفى أقاليم ومحافظات مصر إهمالا وتخلفا.. آن الأوان أن يكون محافظ الإقليم من أبنائه العارفين بمكامن قوته ومن المشهود لهم باتصال دائم بمحافظته وممن يملكون أرصدة ثقة واحترام وكفاءة وخبرة وأن يتقدم ببرنامج عملى وواقعى لتعظيم استثمارات وثروات المحافظة الطبيعية والبشرية، وأن يقدم مع البرنامج المدى الزمنى والمصادر المادية على المستوى المحلى والمطلوب من الدخل القومى ويحاسب عليه ويرهن بتحقيقه استمراره أو رحيله. أتمنى أن ينتهى زمن أهل الثقة ولو كانوا من أهل الفساد والإفساد والنهب والجهالة.. وأن يَئِينَ أوانُ أن يكون فى كل موقع مسؤول فى مصر أهل الكفاءة والضمير والثورة.