تعتمد استراتيجية الإخوان على تأسيس منظمات وجمعيات تعمل تحت غطاء القانون الأوروبي الخطوة الأمريكية الأخيرة التى اتخذها الرئيس ترامب فى 24 نوفمبر الماضى وأصدر أمرا تنفيذيا يتضمن إجراءات تصنيف بعض فروع لجماعة الإخوان المسلمين «منظمات إرهابية» قد تفتح الباب سريعا لحدوث قرار كهذا فى الدول الأوروبية التى تغلغلت فيها جماعة الإخوان تحت مسميات مختلفة على رأسها العمل الخيرى. وأصبحت الجماعة الإرهابية مهددة بتقليص أنشطتها فى أوروبا ومراقبة من قبل الحكومات هناك خاصة أن الأمر التنفيذى الأمريكى سيقوم بمتابعة دقيقة لتمويلات الجماعة والتى تمر عبر أوروبا وحصرها بما يحقق تأثيرا كبيرا عليها. وتعتبر أوروبا بيئة خصبة لانتشار هذه الجماعة الإرهابية حيث استغلت الجماعة على مدى عقود النظم الديمقراطية وحقوق الإنسان لتأسيس شبكات تنظيمية ومالية واسعة بهدف التغلغل فى المجتمعات الغربية والتأثير فى دوائر صنع القرار. لم يكن هذا التغلغل وليد الصدفة بل جاء نتيجة استراتيجية ممنهجة بدأها التنظيم وركزت على الغرب كنطاق جغرافى لحماية مصالح التنظيم وتوسيع أنشطته. وتعتمد استراتيجية الإخوان على تأسيس منظمات وجمعيات تعمل تحت غطاء القانون الأوروبي. وأبرز هذه المؤسسات: الرابطة الإسلامية فى بريطانيا والمجلس الإسلامى البريطانى والتجمع الإسلامى فى ألمانيا واتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية فى إيطاليا. وتعمل هذه الكيانات كواجهة للأنشطة الإخوانية وتتحد فى بعض الأحيان تحت مظلة مجموعات ضغط على مستوى الاتحاد الأوروبى مثل «مجلس مسلمى أوروبا» (اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا سابقاً) ومقره بروكسل. ويتم تمويل هذه الشبكات عبر مصادر مختلفة بما فى ذلك التبرعات الخارجية، وفى بعض الحالات تمويل من ميزانية الاتحاد الأوروبى نفسه لمنظمات إغاثية تابعة للجماعة. كما تستغل الجماعة المساجد والمدارس والمراكز الثقافية لنشر أيديولوجيتها والتأثير على الجاليات المسلمة مع التركيز على النشاط الرقمى والتعليمي. فى السنوات الأخيرة.. بدأ الموقف الأوروبى يتغير لا سيما بعد الهجمات الإرهابية فى عام 2020، مما دفع العديد من الدول إلى مراجعة سياساتها تجاه الإسلام السياسي. اتخذت النمسا خطوات صارمة بحظر شعارات الجماعة فى يونيو 2021 وتدرس ألمانيا حالياً اتخاذ خطوات مماثلة لمكافحة التمويل الأجنبى للمنظمات المتطرفة. وبلجيكا والسويد بدأتا مراجعات أمنية لتقييم مدى التغلغل فى مؤسسات المجتمع المدني. وكشف تقرير حديث صادر فى نوفمبر الماضى عن الشبكة الواسعة للجماعة واستغلالها لأموال دافعى الضرائب مما زاد الضغط على الحكومات لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة. ويمثل تغلغل الإخوان فى أوروبا قضية معقدة ومثيرة للجدل تتطلب توازناً دقيقاً بين الحفاظ على الحريات الديمقراطية ومواجهة مخاطر التطرف الأيديولوجي. ومع تزايد الوعى والمخاوف الأمنية، يبدو أن أوروبا تتجه نحو تشديد الخناق على أنشطة الجماعة وشبكاتها المالية والتنظيمية. وتتواجد الجماعة الإرهابية بنشاط كبير فى بريطانياوفرنساوألمانيا وبلجيكا وايرلندا وإيطالياوالنمسا ويهيمنون على المساجد والجمعيات الخيرية الإسلامية، ففى المانيا قدم حزب البديل اقتراحين بحظر الإخوان ومحاصرة التمويل المشبوه بعد أن ثبت أن هذه الجماعة تمثل خطرا بالغ الأهمية يهدد الأمن المجتمعى، وتتصاعد الاتهامات فى بريطانيا تجاههم، وفى فرنسا اتخذت الحكومة قرارا بتشديد الرقابة على الجمعيات وإغلاق مواقع تتخذ سياسات معادية تجاه قيم الجمهورية الفرنسية ومراقبة التمويلات الخارجية. من المؤكد أن كثيرا من الدول بدأت تفيق من وهم أن هذه الجماعة تعمل فى الخير فقط بعد أن تبين لها أنها تمول جماعات الإرهاب من خلال شبكة مالية معقدة وأنها تستغل مناخ الحرية داخل أوروبا بشكل مسيء لهذه النظم وتأليب وتحريض الشعوب العربية ضد أنظمتها وثبت ذلك فعلا وقولا وتوقفت بعض الدول الأوروبية عن مساندة خطاب المظلومية الذى تستغله الجماعة الإرهابية لتأسيس وجودها. يبدو أن الأيام المقبلة تحمل فى جعبتها الكثير من القرارات التصحيحية من دول أوروبية ومعها كندا تحديدا لمواجهة أكاذيب الجماعة الإرهابية وربما تلجأ تركيا إلى حظر أنشطتها بفعل خطوة الرئيس ترامب التى هددت عرش إخوان الشر.