جريمة منحطة حرَّمتها جميع الأديان والشرائع، وتقزز منها الذوق الآدمى والشعور الإنسانى منذ القدم وحتى اليوم، فالتحرش الخسيس الدنيء بالأطفال الأبرياء سواء فى المدارس أو خارجها إثم، وهو أيضًا جريمة مكتملة الأركان ليس فقط فى حق الضحايا من الأطفال وأسرهم، بل فى حق المجتمع بأكمله. وعن هذا أخذنا رأى علماء الدين.. اقرأ أيضًا| هل تجوز الصلاة في مساجد تضم أضرحة ؟| أمين الفتوى يُجيب يقول د. محمد عمر أبوضيف عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات جامعة الأزهر إن التحرش الجنسى بالأطفال من البلايا المستحدثة، التى جاءت مع انتكاس الفطرة، وتلوث الطباع المنقول إلينا من الحضارة الغربية، الذى ظهر مع التغريب، الذى يجبرون مجتمعاتنا عليه، ويوحلونها فيه وحلا، وهو من الفواحش المنكرة، والكبائر المستقذرة، والقبائح الأخلاقية المحرمة، وإذا وقع ذلك مع الأولاد والأقارب كان أفحش وأقبح، والتحرش من بدع العصر، ومستحدثات الناس فيما بعد الاستعمار؛ وهو من شذوذ الطباع، وانتكاس الفطر، وانحطاط الأخلاق، وهو فعل هذه القبائح، وارتكاب تلك الرذائل مع الأطفال دون البلوغ. وأكد أنه طامة وأمر يحتاج لوقفة قوية، وجهود جبارة للقضاء على هذه الانتهاكات.. وشدد على أنه محرم، مثل كلّ ريبة تكون بين رجل وامرأة غير زوجين، ومع الأطفال أشد، وعقوبة هذا الفعل التعزير، ويقدره الحاكم على ما يرى من مصادره بما يحقق السلم المجتمعي، والأمان للوطن، ولو رأى أن يضع عقوبة رادعة ولو وصلت للإعدام فهذا له؛ لأن هذا الفعل كما ذكرنا محدث لم يعرفه الأقدمون، ولم يكن ظاهرة كعصرنا هذا تهدد المجتمع، وتنسفه من أساسه، ولهذا شرعنا الشريف ترك مثل هذه المحدثات المنكرة وتقدير ضررها وعقوبتها للإمام، والحكام، وأولى الأمر، والدولة أقدر على معرفة حجم الجريمة، ومدى انتشارها، والأضرار المترتبة عليها، لذا ينبغى أن تكون العقوبات على مقدار هذا الضرر البالغ، ومن وجهة نظرى الشخصية ولا أقول إنها فتوى ولا حكم شرعى بل مجرد رأيى الشخصي: أرى أن يطبق حد الإفساد فى الأرض، وهو حد الحرابة؛ ليتوفر فيه عنصر الردع. اقرأ أيضًا| هل يوجد عذاب للقبر؟.. أمين الفتوى يجيب وتضيف د. روحية مصطفى أستاذ الفقه بجامعة الأزهر أن التحرش مشكلة مجتمعية خطيرة تهدد أمن المجتمع النفسى والاجتماعي، وتزرع الخوف فى نفوس الأسر على أبنائها وبناتها، خاصة مع تنامى صورها وتكرار وقائعها، واتساع دائرة المتضررين منها. فى الماضي، كانت حالات التحرش محدودة، تُعد شاذة عن السلوك العام، ويُنظر إليها على أنها أفعال طارئة لا تغير من طبيعة المجتمع المحافظ ولا تزعزع ثقته فى أمن أفراده ولا تنال من براءة طفولته. وأكدت أن هذه الآفة غدت ظاهرة تتجاوز حدود الفعل الفردي، وأصبحت تشمل مختلف الأعمار والفئات، ولم تقتصر على الكبار والمراهقين، بل للأسف امتدت إلى الأطفال، فى مشاهد صادمة يصعب على الوجدان تحملها. وشددت على أن الأمر يزداد خطورة حين تقع بعض هذه الحالات داخل دور العلم نفسها، وهى الأماكن التى يُفترض أن تحتضن الطفل وتحميه وتكون موطن الأمن والتعليم والتربية، ووقوع مثل هذه الجرائم فى بيئة تربوية لا يُعد جرحًا عابرًا فى جسد المجتمع، بل صدمة تهز الثقة فى المنظومة التعليمية وتدفع الأسر إلى الشك والتوجس والخوف على أبنائها حتى داخل أكثر الأماكن قداسة وأمانًا.. وأشارت إلى أن ما يُفاقم من خطورة هذه الظاهرة أن العقوبات القانونية فى بعض الحالات لا تزال عاجزة عن ردع الجناة أو منع تكرار الأفعال، خصوصًا حين يكون الضحية طفلًا، فبحسب التعريف القانونى للطفل، يُعد من لم يبلغ الثامنة عشرة قاصرًا، ولو كانت قدرته الجسدية تُمكّنه من ارتكاب الفعل الكامل، وربما الزواج والإنجاب، هذه المفارقة تستدعى إعادة النظر فى توصيف الجريمة وتشديد العقوبة، بحيث تُراعى خطورة الفعل وتأثيره على الضحية والمجتمع، لا مجرد السن القانونية للفاعل، وحين يقع الاعتداء من شخص بالغ متمتع بالأهلية الكاملة تجاه طفل بريء، فإن العقوبة ينبغى أن تكون رادعة فى أقصى درجاتها، بما يحمى الطفولة، ويصون كرامة المجتمع، ويغلق الباب أمام كل متحرش قد تُغريه العقوبات المخففة أو الثغرات القانونية. سيد عبد النبى