تتحمل الكثير من السيدات اليوم أعباءً مضاعفة بين مسؤوليات العمل والحياة الأسرية، وهو ما يجعلهن أكثرعرضة للإجهاد المزمن والمتلازمة المعروفة بالاحتراق الوظيفي. ورغم أن المرأة أثبتت حضورها القوي في مختلف المجالات، إلا أن هذا النجاح غالبًا ما يُبنى على مجهودات نفسية وجسدية هائلة، تجعلها بحاجة إلى دعم حقيقي وتوازن صحي يحفظ استدامة عطائها. الاحتراق الوظيفي| حكايات من دفتر الناجين من الانتحار تشير المؤشرات الحديثة إلى أن السيدات يواجهن مستويات مرتفعة من الضغط في بيئات العمل، متأثرات بعوامل متنوعة تشمل عبء المهام، توقعات الأداء العالية، والموازنة بين الأسرة والمسؤوليات المهنية. هذه الضغوطات قد تتراكم بمرور الوقت لتصل إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي، وهي حالة من الإرهاق الذهني والجسدي والعاطفي تؤثر على جودة الحياة والإنتاجية. تبدأ أعراض الاحتراق الوظيفي لدى النساء غالبًا بالشعور بالإرهاق المستمر، فقدان الحماس، اضطرابات النوم، وصعوبة التركيز، وفي كثير من الأحيان، تتجاهل النساء هذه الإشارات محاولةً الاستمرار في الأداء ذاته، مما يزيد الوضع تعقيدًا، وقد تلعب الثقافة الاجتماعية دورًا مهمًا في زيادة الضغط، إذ تتوقع من المرأة أن تكون ناجحة في جميع الأدوار دون إظهار ضعف أو طلب مساعدة. ويكشف خبراء الصحة النفسية أن النساء العاملات معرضات لهذه الحالة بنسبة أكبر مقارنة بالرجال، نتيجة طبيعة الدور الاجتماعي الذي يجمع بين العمل المهني والعمل المنزلي، إضافة إلى الضغوط العاطفية التي تتحملها المرأة للتوفيق بين الطرفين. وفي المقابل، فإن الوعي المتزايد بهذه القضية أصبح خطوة أساسية نحو إيجاد حلول عملية تحمي المرأة من الوصول إلى مرحلة الانهيار. تشمل طرق التعامل مع الاحتراق الوظيفي إعادة ترتيب الأولويات، وضع حدود واضحة في العمل، وتبني أساليب صحية للتعامل مع الضغط مثل الرياضة وممارسات الاسترخاء، كما تلعب بيئة العمل دورًا رئيسيًا في توفير دعم مناسب للمرأة، من خلال المرونة في ساعات العمل، سياسات الصحة النفسية، والتقدير الحقيقي للجهد المبذول. في النهاية، يُعد الاحتراق الوظيفي تحديًا حقيقيًا تواجهه الكثير من السيدات، لكنه ليس نهاية الطريق، فمع الوعي، والدعم، وإعادة التوازن، يمكن للمرأة أن تستعيد طاقتها وتواصل رحلتها بثبات وقوة.